من المفارقات العبثية أن فشل فيلم 8% الذي حاول أن يستغل نجومية أوكا واورتيجا، والذي سبق وأن قدمه المخرج حسام الجوهري في موسم العيد، لم يمنعه من إعادة الكرة مع منافسيهما سادات وفيفتي بالأسلوب الساذج نفسه، والركاكة الفنية نفسها، بل ودون أي غضاضة في مهاجمة أوكا وأورتيجا داخل التجربة الجديدة، بتصويرهما مجرد شابين متسلقين تعلما غناء المهرجانات على يد عمرو حاحا، ثم تنكرا له، وادعيا أنهما مبتكري المهرجانات. الفشل المقصود في التجربتين هو أن صناعهما لم يتمكنوا من الوصول إلى الجمهور المستهدف، من سائقي التكاتك والميكروباصات، الذين يمثلون القطاع العريض من محبي المهرجانات، ولا استطاعوا أن يقدموا تركيبة سينمائية تستقطب شرائح أخرى ممن تبحث عن التسلية أو قضاء الوقت. هذا الفشل يرجع إلى أن هذه التجارب تصنع بأفق محدود في تعامله مع مبدأ منتهي الصلاحية، وهو أن جمهور المطرب يدخل الفيلم ليشاهده فقط أي دون أن يهتم ببقية عناصر السيناريو والتمثيل والإخراج. هذا المبدأ أثبت فشله عشرات المرات منذ سينما الأبيض والأسود وحتى شعبان عبد الرحيم، ولم يستثن منه إلا تجارب قليلة، إلا أن السينما المصرية تصر على تسليع المطرب، حتى ولو لم يملك أي مقومات شكلية أو أسلوبية تؤهله للظهور على الشاشة، بل إن بعض المطربين يعاني من مشاكل في التخاطب ونطق الحروف، وهي أبسط أدوات المؤدي، ولن نقول الممثل. الغريب أن الفيلم يحاول أن يبدو جادًا في التعامل مع قصة صعود الثلاثي الخطير، فيصبح أكثر هزلية مما لو أنه قدم في إطار كوميدي خفيف، فنحن لا نعرف هل وجود سادات وفيفتي بأسمائهما وأغانيهما يعني أن هذه هي قصتهما الحقيقة (أحدهم يتاجر في المخدرات والآخر صايع)، وبالتالي يصبح وجود رامي غيط في أدائه لشخصية عمرو حاحا (الهاكر)، وهو شخصية حقيقة، غريبًا على التوليفة! أم هي محاولة للدفاع عن هؤلاء "الفنانين" الشباب الذين أنقذتهم المهرجانات من الضياع! هل يدرك صناع الفيلم أن الدراما تحتاج إلى ترابط عضوي في السرد، وليس إلى مشاهد مففكة يمكن الاستغناء عنها أو طمسها مونتاجيًا، دون أن تؤثر على السياقين العام أو الخاص للعمل، لمجرد أن المخرج يريد استغلال تفصيلة عن الشخصية، أو إفيه ما، سواء اتسق مع تراتب الأحداث أو لم يتسق، كأن نجد سادات يدخل في منافسة برقصه الغريب مع شابين هكذا دون أي مقدمات، ويقهرهما بفجاجة، رغم أن السيناريو اهتم بتأصيل كونه تاجر مخدرات، وليس شابًا يهوى الفن ذا سمعة في الحي الذي يقيم فيه، وهو تقريبا نفس ما فعله مع عمرو حاحا وفيفتي. وبالمناسبة فإن الفيلم التسجيلي "إلكترو شعبي" للمخرجة هند مضب الذي قدم حياة الشبان الثلاثة بدا أكثر درامية من"المهرجان"، لأنه باختصار أدرك الفرق بين الدراما ولعب العيال. الأزمة أن تشاهد عملا لا يعرف صناعه ماذا يريدون من ورائه بالتحديد! فهل هو استغلال النجومية؟ أم "الشرشحة" لآخرين يرونهم أقل مستوى ولا يستحقون ما وصلوا إليه! هل هو دفاع عن أغاني المهرجانات من خلال مشهد رديء لبرنامج توك شو يهاجم شخص -من المفترض أنه ملحن معروف- هذا اللون؟ أم هو مجرد فبركة مشاهد تصلح أن تكون فواصلا لأغاني المهرجانات في الأفراح الشعبية وفي حفلات الفنادق، على اعتبار أن جمهور المهرجانات لن يفرق بين الفيلم والكليب. وتبقى الإشارة إلى أن كليب "الشارع زحمة" الذي اختتم به الفيلم هو أزمة الفيلم ذاته، فهو لا ينتمي إلى لون المهرجانات، ولكن إلى خليط من الراب والهيب هوب، حيث ظن السادات وفيفتي أن أصواتهما تصلح لهذا بعيدا عن المؤثر المعدني لتيمات المهرجانات، فبدا الكليب برمته خليطًا شاذًا ومنفرًا، خاصة مع رقص المتلويات من حولهما، إنه انتزاع شيء من بيئته الطبيعية ومحاولة زرعه في بيئة مغايرة لن تمنحه حياة طويلة، بل سريعا ما ستلفظه، وربما تقضي عليه تماما وهو نفس القياس بالنسبة لوجود هؤلاء الشباب على الشاشة في تجربة أطلق عليها مجازا فيلم سينمائي.