كأن هناك ارتباطًا ما يجب علينا أن نرصده أو على الأقل أن نتأمله.. حدثتنى صحفيتان من جريدتين عربيتين ومذيعة من أمريكا، يسألون ببراءة شديدة أو خبيثة «لك الاختيار بين الكلمتين»، عن العلاقة بين ثورات «الربيع العربى» وأغانى «المهرجانات»؟!.. على أساس أن الثانية - أى الأغانى - هى نتاج طبيعى ومتزامن مع الأولى - أى الثورات - فهذه الأخيرة أصابت الشارع بالفوضى الصاخبة والعنيفة، والأخرى فعلت الشىء نفسه على المسرح، وفى الحفلات، والتكاتك! انطلق تعبير «الربيع العربى» من عند الأوروبيين وأمريكا، فى وصف حالة الثورة الشعبية فى تونس ومصر وليبيا ثم سوريا، من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية، ثم «تحور» مع الوقت إلى معنى أقرب إلى السخرية، أو أصبح كذلك مع صعود الإخوان والتيارات الإسلامية «بمساعدة أوروبية أمريكية»، إلى رغبة فى اقتناص الفرصة لتحقيق أهدافها فى السيطرة على العالم العربى ليصبح منطقة «الخلافة» التى كانت فى زمن العثمانيين الذى اندثر تاريخيًا. وهنا ظهرت عبقرية الشعب المصرى فى رفض هذا العبث، فى 30 يونيو 2013، ومازال تصحيح المسار مستمرًا بثمن باهظ، ليعود تعبير «الربيع العربى» حقيقيًا وصادقًا، وليس أضحوكة ساخرة فى الإعلام العالمى! هذا عن الربيع العربى.. فماذا عن أغانى المهرجانات؟! ظهر هذا اللون الغنائى، ربما قبل يناير 2011، لإحياء الأفراح فى الأحياء الفقيرة، كرد «شعبى» صاخب على أفراح الأثرياء التى تتكلف آلاف الجنيهات فى أفخر الفنادق، ويحييها كبار المطربين والراقصات، ويحضرها الوزراء ورجال الأعمال.. وفى البداية كان يحييها المطربون الشعبيون أمثال شعبان عبدالرحيم، وسعد الصغير، ولكن الإعلام تلقف هؤلاء، فأصبح لهم سعر، بل تم جذبهم لأفراح الأثرياء!.. وأدركت ذلك سينما «السبكى»، فجعلت لهم مساحة فى الأفلام ليراهم أكبر عدد من الناس! وكما لعب الكمبيوتر والفيس بوك دورًا فى ثورة الربيع العربى، ظهر على المستوى الشعبى «تصنيع» موسيقى أطلق عليها «المهرجانات» من خلال الكمبيوتر أيضًا، وأصبح هناك من يجيد صنعها، وانتشرت هذه الموسيقى فى الأفراح الشعبية، واستعان بهم «السبكى» أيضًا كبديل للمطربين الشعبيين، فبدأنا نسمع عن أوكا وأورتيجا، وسادات، وفيفتى، وغيرهم! وفى فيلم «قلب الأسد» بالتحديد، ارتبطت هذه الأغانى باستخدام السنج والمطاوى من خلال بطل الفيلم محمد رمضان، ولم يعد الصخب وحده هو عنوان هذه الأغانى.. وأدرك مطربو المهرجانات أن «السبكى» يستغلهم من أجل الربح، فكان القرار بأن تكون لهم أفلامهم الخاصة، وظهر فيلم «%8» لأوكا وأورتيجا، ثم «المهرجان» لسادات وفيفتى.. وهنا حدث أمران: الأول أن أفلام المهرجانات لم تحقق أى نجاح يذكر.. والثانى هو حملة الطبقة المتوسطة على هذه الأغانى من خلال الفيس بوك.. والمعنى فى النهاية أن هذا اللون الغنائى كان مجرد ظاهرة، إن لم تتطور فسوف تختفى سريعًا. نعود للسؤال: هل هناك علاقة بين ثورات الربيع وأغانى المهرجانات؟ كانت إجابتى للمحررتين والمذيعة أنه لا علاقة!.. إنما هى حالة من الفوضى السياسية والغنائية والفيلمية أيضًا!.. فما رأيك أنت؟!