فى مثل هذا اليوم 7 ديسمبر عام 43 ق . م، توفى الخطيب والمحامى والفيلسوف اليونانى، ماركوس توليوس شيشرو – شيشرون – وهو واحد من أعظم خطباء روما والملقب ب "خطيب روما المفوه" الذى كان له تأثير قوى فى فن الخطابة والسياسة والأدب اللاتيني. ولد شيشرون 3 يناير سنة 106 ق.م، فى أسرة ثرية، من طبقة الفرسان بمدينة أربينم بإيطاليا، حرص والده على تعليمه الفلسفة والمنطق والبلاغة والأدب وتعلم الخطابة على يد الخطيب "الرودسي مولو" منذ صغره بمدارس روما، وكان طالب شديد الذكاء والنباهة وكان يحب القراءة والدراسة، ثم درس القانون الرومانى على يد "آيليوس ستيلو برايكونينوس" أول عالم وفقيه روماني، وتأثر ب أرسطو طاليس وأفلاطون. كان شيشرون يفتخر بُخطبة ويعتبر أنها تهيئ السبيل للأدب الرومانى، فكتب رسائل طويلة فى فن الخطابة، ولخص تاريخ الأدب الروماني، وتُعد مقالاته الفلسفية والدينية من أكثر الكتب تأثيرًا في الأدب اللاتيني، إذ قام بترجمة أفكار ومصطلحات علمية من اللغة اليونانية إلى اللغة اللاتينية، وطور بذلك اللغة اللاتينية حتى أصبحت تُستخدم كلُغة عالمية للاتصال الفكري على مدى قرون عديدة. ويعتمد أسلوب شيشرون الخطابى على الحيل وحماسة الجماهير وإلقاء الفكاهات وإثارة كبرياء ووطنية وعواطف الجماهير، وكان شيشرون يستخدم ألفاظ حادة جدًا لخصومه بخطاباته فكان يصفهم ب "الخنازير" و"الجزارين". تكشف لنا خطب شيشرون عن أخلاقة السياسية، فيعتمد فكره القانونى على أن "جوبيتر" الاله اللاتينى هو المحور لهذا الكون فهو أساس القانون وجميع الناس ملتزمون بذلك، وأى قانون مخالف لذلك لا يسمى قانون، ولا يجوز حتى تعطيل هذا القانون بتشريعات بشرية، وأى دولة تريد البقاء فعليها الإلتزام بتلك القوانين وأنه يجب أن يكون هناك دستور عادل واحد صالح لكل زمان ومكان. ويعتبر شيشرون أب الفلسفة وخطيبها المميز، فإن آراءه هي آراء الارستقراطيين، أما أسلوبه الخطابى جعله يصل بسهولة الى قلوب الشعب؛ ومن أجل هذا تراه يبذل جهده لكي يكون هذا الأسلوب واضحًا لا غموض فيه وقد أثارت شخصيته جدل كبير فى الجانب السياسى فيعتبره البعض مثقف في وسط سيء، والبعض يراه ثري إيطالي صاعد في روما، والبعض يراه إنتهازي متملق. أحب شيشرون الفلسفة، وألف فيها، واعتبر التبشير بها هدف نبيل وقيمة عظيمة من أجل خدمة وطنة، لأنها تثقف العقل وتهذب النفس وتحمى المرء من الضلال، وكان يرى مفكرو اليونان، شيشرون مفكر واسع الأطلاع، متزن العقل يحسن عرض آرأه بطرق خطابية قوية ويجيد تصنيفها، ولاكن لا يعتبر عبقرى فى هذا المجال مقارنتًا بفلاسفة روما واليونان.