إيران تطلب من الإسرائيليين مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة " لإنقاذ حياتهم "    وزير الشباب يقترح إضافة مادة جديدة على تعديلات قانون الرياضة    ليعود في أسرع وقت.. الخطيب يوجه بتوفير الرعاية الكاملة لإمام عاشور    السيطرة على حريق بمولد كهربائي داخل ثلاجة خضار بسوق العبور    وزير الثقافة يفتتح الدورة 45 للمعرض العام بمشاركة 326 فنانًا    عزاء نجل الموسيقار صلاح الشرنوبى فى مسجد الشرطة بالشيخ زايد.. الثلاثاء    قبل عرض 7Dogs.. كيف روج تركي آل الشيخ للفيلم؟    عضو بالبرلمان التونسي: «الإخوان» اخترقوا قافلة الصمود وحولوها لمنصة تهاجم مصر وليبيا    محافظ جنوب سيناء وسفير الهند يبحثان سبل تعزيز التعاون السياحي وإنشاء مدرسة دولية متخصصة في رياضة اليوجا بسانت كاترين    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    «الشروق» تكشف موقف بن شرقي بعد الغياب عن مباراة إنتر ميامي    رحلة إلى الحياة الأخرى.. متحف شرم الشيخ يطلق برنامجه الصيفي لتعريف الأطفال بالحضارة المصرية القديمة    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    بعد تصدره «التريند».. الحسن عادل: «أغنياتي نابعة من إحساسي وبتعبر عن مشاعري»    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    رسمياً.. جينارو جاتوزو مديراً فنياً لمنتخب إيطاليا    عائلة تطرح جزيرة في اسكتلندا للبيع بسعر أقل من 8 مليون دولار    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    ماراثون الثانوية العامة بدأ.. طلاب الأقصر يتوافدون على اللجان لأداء أول يوم امتحانات    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان .. قصة سراب (7)
نشر في البديل يوم 05 - 09 - 2013


الفصل الخامس: السياسة الداخلية لإردوغان:
حينما نتكلم عن بلد ما فإننا نهتم عادة بما يخصنا من الأمر أي سياساته الخارجية فقط دون غيرها لكن بحكم أن "النموذج التركي" يطاردنا بكل محتوياته فقد بات لزاماً علينا أن نتكلم كذلك عن الشق الخاص بالسياسات الداخلية لحكومات السيد إردوغان كإستكمال للحديث عن سراب النموذج كله.
بالحديث عن السياسات الداخلية فإننا لزاماً علينا تناول :
(أ) الجيش التركي و إردوغان.
(ب) الحريات بعهد حكومات إردوغان.
(ج) أزمة حديقي غيزي.
(أ) الجيش التركي و إردوغان.
حتى تكتمل الصورة فإننا سوف نتناول الأمر من جوانب ثلاث:
-1- الجيش التركي قبل عصر الانقلابات.
-2- الجيش التركي في عصر الانقلابات.
-3- الجيش التركي و حكومة إردوغان.
-1- الجيش التركي قبل عصر الانقلابات.
كان يوم الثلاثين من أكتوبر بالعام 1918 أسوأ يوم فى تاريخ الأتراك و بقايا الجيش العثمانى فى أنحاء الامبراطوريه مترامية الاطراف؛فى ذلك اليوم أعلن السلطان (وحيد الدين) الإستسلام للدول الحليفه فى جزيرة مودروس موقعاً على نص الاستسلام و الذل للأمه التركيه كلها..لم يكن الأمر فقط قاصراً على ضرر الأتراك من وقوعهم تحت نير الفرنسيين و الايطاليين و الانجليز و همجية اليونانيين الساعين للإنتقام من قرون عده قضوها تحت السلطه العثمانيه؛بل إمتد الذل للجيش بأمر تسريح أغلب قواته و قادته و إعتقال بعضهم بيد الحلفاء..فى تلك الظروف مر آخر شهرين فى العام 1918 ليأتى عام جديد تظهر معه بوادر أمل..جنرال عثمانى يسمى( مصطفى على رضا) توجه بأمر سلطانى تم الغاؤه اليوم التالى مباشرةً الى الأناضول كمفتش على الجيش هناك ليعصى بعدها أمر عودته و ينظم بالأناضول بالتعاون مع قاده آخرين حركه سياسيه تهدف لنصرة الأمه التركيه على الاحتلال..سرعان ما تجمعت أجزاء من بقايا الجيش العثمانى و متطوعين أناضوليين و تم تأسيس جيش للمقاومه بقيادة نفس الجنرال الذى أسس الحركه السياسيه المعارضه مؤسساً مع رفيقه الوفى (عصمت )جمعيات سريه محليه للمقاومه فى الأناضول و غيرها..مع العام 1920 كانت القوى الفرنسيه و الايطاليه تحت ضغط هزائم قواتها بتركيا و ظروف ما بعد الحرب بداخلها و فى مستعمراتها الأخرى تعلن هدنه أكدتها بالعام 1921 ثم إنسحبت بالعام 1922..و فى نفس الأثناء كان كفاح بقايا الجيش العثمانى يمتد للدفاع عن التراب الوطنى ضد الجيش اليونانى المتقدم بعد فشل الفرنسيين و الايطاليين بإيعاز من حكومة المملكه المتحده و الذى لم يكن يعانى من إضطرابات داخليه فى بلاده و لم يشارك بالحرب العالميه الأولى و ليست له مستعمرات أخرى تشغله عن ميراث الدم مع العثمانيين..تقابل الجيشان فى مواقع عده و اجبرهم الأتراك على الهروب فى سبتمبر 1922 بعد هزائم منكره متتاليه..فى 1923 إنسحبت الجيوش اليونانيه من ال10% التى تبقت فيها بعد العام 1922 و تولى الجنرال التركى رئاسة البلاد ومعه تولى صنع جديد للدوله و مؤسساتها و منها الجيش بطبيعة الحال..
*هنا كانت لحظات ما قبل التكوين للجيش التركى الذى نعرفه اليوم حيث تأسس من بقايا الجيش العثمانى الذى تم تسريحه و خاض عبر عامين النضال المسلح ليحرر90%من أراضى الوطن..بالتالى كانت نواة الجيش التركى الحالى و قبل البدايه الرسميه له فى 1923 كان هو نفسه صاحب الإنجاز فى تحرير البلاد مما شكل له هيبه كبيره و حالة فخر مطلقه تسرى بينه كما تسرى بين ضلوع كل تركى مخلص..فكانت قوات الجيش التركى النظاميه المؤسسه فى 1923 كجزء من مؤسسات الجمهوريه التركيه كالحكومه و المجلس الوطنى هى نفسها تلك القوات العثمانيه العائده من الشام و أوروبا منهكه مهزومه ثم متمرده فمحرره للتراب الوطنى التركى.
* كان عهد( مصطفى كمال أتاتورك )من زاوية البناء أفضل عهد مر على الأتراك منذ عقود طويله..فبعيداً عن السياسه التى تميزت بالاستبداد و حكم الحزب الواحد (حزب الشعب) و الديكتاتوريه القادره كان عهد نمو و إزدهار فى مؤسسات الدوله و فى القاعدتين الزراعيه و الصناعيه..بطبيعة الحال كان الجيش واحد من المؤسسات التى إهتم بها (مصطفى كمال) بل لعلى لا أكون مبالغاً إن ذكرت أنه إهتم بالجيش أكثر من إهتمامه بأى مؤسسه فى البلاد..بحيث كانت تتحكم فيه و هو ناظر للجيش خبراته الممتلئه بالمراره عبر هزائم رآها فى حرب البلقان الأولى ثم حرب الشام و حرب القوقاز إبان الحرب العالميه الأولى بسبب ضعف تسليح و تدريب الجيش العثمانى..تمثل إهتمامه بالجيش من خلال وضع تسليحه الحديث و زيادة أعداد الجيش على الرغم من إعتراض الكثير من الأوروبيين و تدريب قواته قدر الإمكان بحيث يكونوا قادرين على حماية النظام من أى تمرد مسلح (تحققت مخاوفه من خلال تمرد مسلح لأكراد تركيا ممول من إنجلترا فى الأعوام 1925و1930)..أو لحماية البلاد من المحتلين المحتملين هنا لا بد من توضيح نقطتين ؛ الأولى هى ماذا كانت المبادئ التى أدار بها (مصطفى كمال أتاتورك) الجيش و الدوله ثم ماذا كانت طبيعة التبعيه بين الجيش و أتاتورك..هنا لا بد من توضيح الآتى فى نقطتين أو مبدأين من وضعه الخاص؛كانت مبادئ أتاتورك فى تسيير الجيش مبدأين:
-1-سلام فى الداخل و سلام فى العالم.
-2-لا تدخل للجيش فى السياسه و لا تدخل للسياسه فى شئون الجيش.
من المبدأين نجد أن الجيش تركزت مهمته على حماية الجمهوريه العلمانيه القوميه و حماية أراضيها من اخطار الداخل و الخارج..مع الإحتفاظ بمبدأ سلام فى العالم بحيث لا يجوز للجيش بالمره التدخل العسكرى فى شئون البلاد الأخرى إلا فى حدود ضيقه جداً و ظروف دقيقه جداً(تمثل هذا فى الوجود التركى بقبرص لحماية الأقليه التركيه بالجزيره و فى كوريا تحت لواء الأمم المتحده كورقه للإنضمام للناتو للمزيد من التسليح و التدريب الممتاز بالجيش) مع بيان هام:
كانت هناك نصوص بالدستور التركى الذى وضعه (مصطفى كمال) بنفسه أهمها نص:
(الجيش هو الؤتمن على سلامة البلاد الداخليه و الخارجيه).
لذا فإن النقطه الأولى التى توضح مبادئ الجيش و تسييره فى عهد (أتاتورك) قد وضحناها..
ثانياً بالنسبه لطبيعة تبعية الجيش فقد كان ( أتاتورك) بطبيعة الحال كمؤسس لجيش المقاومه و زعيم له إبان حرب التحرير ثم رئاسته لتركيا و إعادة تأسيس الجيش على يديه ، كان بوضوح قائد للجيش و تبعيته له بل كان الولاء المطلق له و لم يشهد أى جمعيه أو تنظيم سرى ضد (أتاتورك) بل كان الجيش هو قلب الدوله التى أسسها و أدارها لذا فقد كانت مسألة ولاء الجيش للدوله مفهومه و مسألة تبعية الجيش لقيادة ( أتاتورك) محسومه و بالتالى لم يكن الجيش التركى فى الفتره من (1923/1938)رقيب على الدوله بل مؤسسه من مؤسساتها لا تمارس أى رقابه على العمليه السياسيه و تتلقى الأوامر و التعليمات من الرئيس و حكومته التى يعينها ، كذلك كان (أتاتورك) برتبة ماريشال و هى أكبر رتبه فى الجيش مطلقاً لذا فمن الناحيه النظريه و العمليه كان هو قائد الجيش و الجيش تابع له فى إطار دوره قبل التأسيس للجمهوريه و بعدها..
-2- الجيش التركي في عصر الانقلابات.
اللحظات المفصليه:كيف إستقل الجيش عن القياده السياسيه:
أتصور أن لحظة موت (مصطفى كمال أتاتورك) كانت أكثر اللحظات العصيبه التى مرت على تركيا..من الجلى بقراءة كتب التاريخ أن الاستبداد حين ينتهى بوفاة الديكتاتور القوى فإن الأمور تتدهور و تتمزق أواصر النظام بفعل التنازعات التى تلى إنتهاء مركز القوه..لكن الحال فى تركيا كان مختلفاً إذ كانت كافة مؤسسات الدوله قد إنتقلت الى يد (عصمت إينونو) فى اليوم التالى لوفاة (أتاتورك) مباشرةً و لم تحدث أى إضطرابات بفعل أن (عصمت إينونو) كان هو المسيطر الفعلى عليها إبان مرض (أتاتورك) الأخير و بالتالى فقد كان من السهل جداً نقل الحكم و تسليمه بلا اضطرابات ..و لكن وسط هذا كان وضع الجيش غامضاً على النحو التالى:
-1- كان (عصمت) له رتبة جنرال فقط أما قائد الجيش(فوزى قاشماش)له رتبة ماريشال و هى أعلى رتبه بالجيش و هى نفسها رتبة القائد المؤسس للدوله و للجيش معاً (أتاتورك).
-2- كان (فوزى) هو القائد المتحكم فى الجيش بطبيعة الحال بينما (عصمت) منذ 1923 بعيد عنه و منشغل بالسياسه.
-3- لم يحدد الدستور التركى الذى وضعه (مصطفى كمال) وضعية الجيش بالنسبه للدوله و بالتالى كانت إستقلالية الجيش عن مؤسسات الدوله أو تبعيته للدوله ككأى مؤسسه ، كانا خيارين قلقين منذ لحظة وفاة (أتاتورك)..
*من هذا تكونت اللحظه الفاصله حيث تمتع الجيش بمرور الأيام وسط صمت من (عصمت) بإستقلاليه عن الدوله و لم يكن يتلقى تعليماته الا من (فوزى) كما أسلفت..و بالتالى فمع غموض توصيف الجيش و تحديد وضعه بالدستور ووسط صمت (عصمت) و نفوذ ( فوزى) تمتع الجيش بوضوح بإستقلاليه فى الإداره و تقلص الإداره فى رأس الجيش لا فى رأس الدوله السياسى كما كان الحال إبان (أتاتورك) و لعلى أتفهم أن الجيش كان يتبع القائد كأى مؤسسه بالدوله لكن مع وفاته بدأ يتميز عن غيره من المؤسسات بفعل تاريخ الجيش البطولى و دوره فى الحفاظ على مبادئ المؤسس (أتاتورك) و الأهم ألا و هو تجاهل (عصمت) للأمر بحكم صداقته القويه ب (فوزى قاشماق) و بالتالى لم يكن هناك صراع بل تسيير عادى للأمور بلا منافسه فكلاهما مخلص (لأتاتورك) و مبادئه..(يُذكر هنا أنه و بعد تقاعد ( فوزى) المعروف بتدينه الشديد ترأس شرفياً الحزب الوطنى الذى يدعو لإسلامية تركيا فى تغيير ملفت للنظر لأفكاره و نظرته للدوله إبان الأربيعينيات 1946 فى فترة حكم (إينونو) !!!)..و على كل حال فقد إستقر الأمر كالتالى:
-1- الدوله و مؤسساتها و حزب الشعب يديرها (إينونو) بصفته رئيس الدوله.
-2- الجيش له وضعه الخاص تحت قيادة الماريشال (فوزى) و لا يتبع (عصمت) لأن الدستور لا يوضح هذا و لأن (عصمت) بعيد عن الجيش منذ 16سنه قبل وفاة (أتاتورك) .
-3- كل المؤسسات و الجيش مسخران لتنفيذ مبادئ المؤسس و تعاليمه فى نشأة الدوله.
*نخلص مما سبق الى أن وفاة (مصطفى كمال أتاتورك) كانت لحظه فاصله مفصليه أدت لإستقلالية وضع الجيش تحت ظروف غموض تبعيته للقياده السياسيه بالدستور و تحت ظروف نفوذ (فوزى) و تفاهماته مع (عصمت) و عدم وجود صراع بينهما فلكل منهما دور يؤديه..و هكذا بوفاة (أتاتورك) تمتع الجيش و لأول مره فى تاريخ تركيا بالاستقلاليه الكامله عن القياده السياسيه بالدوله..
*الإنقلاب الأول:إنقلاب الدم (سبق شرحه بفصل سابق):
فى ليلة السابع و العشرين من مايو للعام 1960قامت قوات الجيش التركى بقيادة مجموعة من الضباط الشبان بدون قائد كبير برتبة جنرال يقود الانقلاب بإحتلال مبنى الإذاعه و كل المؤسسات الحكوميه مُلقيةً القبض على رئيس الدوله ( جلال بايار ) و رئيس الوزراء (عدنان مندريس ) و قائد الجيش و كبار قادة الحزب الجمهورى ليحققوا نجاح جزئي إضطرهم خوفاً من تدخل وحدات الجيش الاخرى ضدهم للإستعانة بالجنرال (جمال جورسيل) ليكون مختاراً منهم لقيادة الانقلاب لشعبيته و حب الجيش و الشعب التركي له..و ينتهى الأمر بدستور جديد يقنن إستقلالية الجيش عن مؤسسات الدوله و القياده السياسيه و يؤكد رقابة الجيش على الدوله فى يوليو 1960 و احكام بالاعدام وصلت الى 15 حكم نجح (جمال جورسيل) في الغاء 12 منهم و كاد أن ينجح في جهوده مع (عصمت اينونو) في الغاء عقوبة (عدنان مندريس) لولا خدعة الادعاء العام و بعض الضباط الذين منعوا الاتصالات بين أنقرة و الجزيرة التي يُسجن فيها (عدنان مندريس) و أعدموه بالمخالفة للقانون دون موافقة (جمال جورسيل) أو أي أحد من القيادة وسط مساعي حميمة من (عصمت إينونو) و (جمال جورسيل) لإيقاف التنفيذ ..فكيف حدث هذا ؟ و لماذا ؟...
*كانت نتائج إنتخابات 1950 مفاجئه بالنسبه للجيش و علامه ديموقراطيه مؤسسه فى تاريخ تركيا..فلأول مره يخرج حزب الشعب القائم على الظام الكمالى من الحكم تماماً و يحل محله حزب جديد يترأسه صديق ( أتاتورك) و رفيقه المخلص بحرب الاستقلال و أحد أبطالها (جلال بايار)..إلا أن الجيش لم يعترض أو ينقلب على النتائج بل ظل لمدة 10 سنوات بعدها يراقب ما يحدث حتى جاء يوم الإنقلاب..
تميز عهد( مندريس ) فى الحكم بعد إنتخابات 1950و 1954 بإنجازات و أخطاء كلاهما هائل..فنعدد إنجازاته:
-1-حافظ ( مندريس ) على طبيعة النظام الكمالى و مبادئ الدوله العلمانيه دون أى تغيير.
-2-إنضم ( مندريس ) بتركيا فى حلف شمال الأطلنطى18فبراير1952.
-3-تطوير الوضع الزراعى كثيراً بإدخاله المزيد من التكنولوجيا الزراعيه و إقامة السدود الحديثه مما زاد من رقعة الارض الزراعيه و زادت حركة التصدير الى اوروبا.
-3-صناعة حركه صناعيه كبرى فى تركيا أدت لنمو صناعى تفوق كثيراً على ما سبقه بحيث تحولت رسمياً تركيا لبلد صناعى متطور.
*على ذلك كانت هناك أخطاء عده أدت لتذمر الجيش و جزء كبير من الشعب بعد إنتخابات 1957 و التى خسر فيها الحزب جزء كبير من قوته بالبرلمان :
-1-على الرغم من تأكيد( مندريس )على علمانية الدوله إلا أن حسابات الانتخابات جعلته يتساهل فى كثير من القرارات السياسيه التى مست الجانب الدينى مما تسبب فى ظهور تيار دينى سياسى معادى لمبادئ الدوله الكماليه.
-2-نما التيار الدينى المعادى لمبائ (أتاتورك) و لم يتصدى له ( مندريس) لحسابات الانتخابات مما زاد من حفيظة الجيش ضده.
-3-تحويل البلاد من الفكر الإقتصادى الإشتراكى القائم على أسس دور الدوله الذى أرساه (أتاتورك) الى نظام ليبرالى إقتصادى أدى لظهور طبقه إقطاعيه و برجوازيه صناعيه أثارت جنون الجيش الذى رأى الفقر يزداد و الاقطاع كذلك فى حين أرسى (أتاتورك) مبادئ الاشتراكيه و حق الفلاح على حساب الاقطاعى.
-4-حدوث تضخم مالى قاتل بسبب النمو السريع و أخطاء إقتصاديه كبيره وصل الى 60% و رفع أسعار السلع بجنون فإزداد الفقر .
-5-إنتشار الفساد بسبب الصفقات بين قاده بالحزب الحاكم الجمهورى و بين كبار الإقطاعيين الذين نشأوا فى عهد ( مندريس ) و كذلك كبار رجال الصناعه و كثرة خروقات القانون.
-6-تحول ( مندريس ) الى إستبدادى كبير فضيق الحريات الصحفيه و ضيق على الأحزاب السياسيه و بالذات حزب الشعب و حظر الاشتغال بالسياسه فى الجامعه.
-7-أصدر قانون صادر فيه كافة مقار حزب الشعب بحجة انها من اموال الدوله و أصدر قانون بات فيه من حقه طرد أى موظف بالدوله دون إبداء أسباب مما أعطاه القوه لإضطهاد كل الموظفين غير الموالين لحزبه.
-8-منع الأحزاب نهائياً بإستثناء حزبه من إستخدام جرائد أو إذاعة الدوله و أصدر قانون لحبس أى صحفى يهاجمه او يهاجم الحكومه أو الحزب.
-9-التصنت على الهواتف و الرسائل و منع (إينونو) من دخول البرلمان و إهانة ذكرى (اتاتورك).
*كانت تلك الأسباب تتراكم و الجيش على وشك الإنفجار حتى حدثت كارثه أو فلنقل كارثتين متتاليتين شكلتا القشه التى قضمت ظهر البعير..
*1* فى أثناء جوله إنتخابيه لإينونو فى البلاد تم منعه من دخول مدينة قيصرى بأمر من مندريس و حبسه بالقطار..إلا أنه غادره بالقوه و سار بين جماهير احتشدت له و تطوع 3 ضباط للدفاع عنه فأصدر ( مندريس ) أمر بإعتقالهم مما شكل قنبلة داخل الجيش ف( عصمت إينونو ) رمز للدوله و الجيش و قائد من أكبر قادة حرب الاستقلال لا يجوز إهانته فما بالكم بما حدث له ؟!!
*2* كذلك فى البرلمان تطاول بعض النواب على ذكرى (أتاتورك) و (إينونو) من حزب الديموقراطيين و إتهموهم بالاجرام و طلبوا محاكمتهم!!!
بالتالى كانت النتيجه أن أعلن الجنرال المحبوب ( جمال جورسيل ) المرشح المحتمل لقيادة الأركان إستقالته إحتجاجاً و عاد معتكفاً الى أزمير...
هنا تم تدبير خطه للإنقلاب لم يعلم بها مطلقاً (جمال جورسيل) حتى مساء يوم الإنقلاب حين ذهب اليه قادة الإنقلاب سراً و أقنعوه بقيادة الإنقلاب بعد أن هدد قائد الجيش الثالث بالاستيلاء على الحكم إن لم يؤيد و يقود الانقلاب جنرال كبير بأربع نجوم ليتم الأمر و يقبل القيادة لإنقلاب لم يشارك في التخطيط أو لتنفيذ له و ينتج عنه الآتى:
-1-القبض على قائد الأركان الجديد و رئيس الدوله و رئيس الوزراء و كبار قادة الحزب الديموقراطى و رجال الاعمال و الاقطاعيين و نواب الحزب بالبرلمان و أساتذة جامعات موالين للحزب.
-2-أحكام بالاعدام لرئيس الدوله و رئيس الوزراء ووزير الخارجيه و الماليه تم تنفيذ 3 منها فقط بضغوط من (جمال جورسيل) الذي عفا عن 12 من المحكومين و العفو عن رئيس الدوله الذى تم تعديل الحكم بحبسه 25 عاماً و الافراج عنه لاحقاً.
-3-حملة تطهير شملت اقصاء آلاف الضباط من الموالين ( لمندريس ) و أساتذة الجامعات .
ل من يمت للحزب الديموقراطى بصله.
-4-دستور جديد أكد على إستقلالية الجيش و رقابته على الدوله و الملكيه العامه مع السماح بالقطاع الخاص تحت رقابة الدوله.
-5-إتاحة كل الحريات و رفع حظر الصفحف و اعادة فتح الصحف المغلقة و الانتخابات النزيهه و الغاء التصنت و رفع كل الاحكام العرفيه و إعادة الديموقراطيه و الحريات كلها و تم تنفيذ هذا بالكامل تحت إشراف الجيش فى إعادة لكل مظاهر الديموقراطيه بالكامل فى تركيا بل أفضل مما كانت قبل أى إنتخابات.
-6-إجراء أنتخابات نيابيه حره و نزيهه فى أكتوبر 1961أدت لحكومه مكونه من الشعب و العداله.
-7-إنتخاب ( جمال جورسيل ) رئيساً للدوله
*الإنقلاب الثانى:الجيش يجهض الإنقلاب:
فى مايو بالعام 1963 قام ( طلعت ايديمير ) رئيس الكليه الحربيه بمحاولة انقلاب فاشله بسبب التناحر السياسى بين حزب الشعب و حزب الفلاحين الجمهورى و قد فشل الإنقلاب بسبب قصف سلاح الطيران لقوات الانقلاب..
و تم إعدامه فى يوليو1964
*مع إنتخابات أكتوبر 1961 تشكلت حكومه إشتلافيه من حزب الشعب الكمالى و حزب العداله و كانت الحكومه برئاسة ( عصمت إينونو ) الذى ظل يحاول تسييرها بين تناقض الحزبين و صراعهما إلا أنه قد فشل فقدم إستقالته للرئيس ( جمال جورسيل ) فى مايو 1962 و كلفه الرئيس ثانيةً بتشكيل الحكومه ، فألفها بالإشتراك مع حزب الفلاحين الجمهورى الذى يعد وريث الحزب الوطنى المتدين و ظلت المظاهرات تجوب تركيا بين معارض و مؤيد لنظام ووسط مطالبات بالافراج عن محكومى إنقلاب 1960 الذين حُكم عليهم بالسجن على الرغم من أن (إينونو) قد أفرج عن (جلال بايار) مما شكل دافعاً لدى( طلعت إيديمير ) لمحاولة الانقلاب بسبب التناحر السياسى إلا أن الجيش أحبط الانقلاب فوراً بقصف كل قوات الإنقلاب على الأرض بواسطة سلاح الطيران منقذاً الحكومه على الرغم من عدم رضا الجيش فى الواقع عنها..و تمت محاكمة قائد المحاوله ( طلعت إيديمير ) و الحكم عليه بالإعدام فى يوليو 1964.
*الإنقلاب الثالث:حتى لا يتسلل اليسار:
فى مارس 1971 حدث إنقلاب بلا دبابات..حيث أعلن الجيش الأحكام العرفيه فى أغلب أنحاء البلادمقيلاً الحكومه و حكم البلاد بحكومه شكلها بنفسه حتى الانتخابات التى أُجريت فى أكتوبر 1973..
*فى إنتخابات 1969 حصل حزب العداله على 46.8%من الأصوات و بالتالى شكل الحكومه برئاسة ( سليمان ديميريل ) و بعض الأحزاب الضئيله..و كالمعتاد مع حزب العداله إنتشرت أعمال الإضرابات أنقره و إسطنبول للمطالبه بالاصلاح و القضاء على الفساد وزادت حدة الإشتباكات بين الفلاحين و الإقطاع وسط مظاهرات كادت تطيح بالنظام كله فى تسلل واضح للتيارات اليساريه و الفكر الشيوعى فى تلك الأوساط..
لم يصبر الجيش أكثر من عامين حتى انذر الحكومه فى مارس 1971 مطالباً إياها بضرورة السيطره على الأوضاع بقوات الشرطه لأن الدوله فى مهب الريح..إلا أن رئيس الحكومه ( سليمان ديميريل ) رفض الإنذار فاعلن الجيش إقالة الحكومه و رئيسها و تشكيل حكومه جديده من مدنيين و إستمر الحال مع الأحكام العرفيه حتى العام 1973 حين أُجريت إنتخابات شهر أكتوبر و كانت هذه هى النتائج:
-1- حصل حزب الشعب على أغلبية مقاعد و يليه حزب العداله.
-2- تشكلت حكومه من حزب الشعب و السلامه( أربكان ) فى يناير 1974 إلا أن رئيس حزب الشعب ( بولنت أجاويد ) قدم إستقالة الحكومه فى سبتمبر 1974 بعد فشله فى إدارتها لإستحالة إدارة حكومة اطرافها متصارعه.
-3-تشكلت حكومه جديده من أحزاب السلامه الإسلامى و العمل القومى المتطرف الطورانى و العداله برئاسة ( سليمان ديميريل ) مما وضع البلاد فى حالة إضطرابات حتى إنتخابات مبكره فى يونيو 1977.
*الإنقلاب الرابع:من أجلك أتاتورك:
فى الحادى عشر من سبتمبر 1980 قام الجيش برئاسة الجنرال ( كنعان إيفيرين ) بإنقلاب أدى لإسقاط الحكومه و إعلان الأحكام العرفيه بالبلاد كلها و حل البرلمان و حل الدستور و إسقاطه ليتم إعلان حكم عسكرى إمتد الى العام 1983 حين تم البدء فى تفعيل الدستور الجديد الذى أسسه الإنقلابيون مرسخاً سطوة الجيش على الدوله كلها و علمانية الدوله و تضييق عنيف ضد كل النشاطات الإسلاميه و تُجرى إنتخابات جديده يفوز فيها حزب الوطن الأم من يمين الوسط..
* من مايو 1977 حتى سبتمبر1980 تتالت أربعة حكومات فشلت فى صناعة حكومه واحده تفى بوعودها كما سبقت فى الأعلى بشرح نتائج الإنتخابات من 1973 حتى 1977ووصل الامر الى الآتى:
-1-فشلت كل الحكومات فى صناعة أى إنجاز حقيقى وسط تردى مزرى للبلاد إقتصادياً.
-2- من العام 1977حتى1980 كان معدل القتلى من الاشتباكات اليوميه بين اليمين و اليسار و الاضطرابات العرقيه يصل الى 20 قتيلاً فى بعض الاحيان بالاضافه .
-3-كانت الإضطرابات الكبرى الإقتصاديه و إنتشار الفساد و النفوذ شيوعى و الدينى السياسى قوى جداً و منتشر فى حالة أثارت قلق الجيش خصوصاً مع التحالف مع الغرب الذى لا يرضى بالتوسع اليسارى فى البلاد من جانب و التمدد الإسلامى من جانب آخر الذى لا يرضى الجيش و يخيف أوروبا.
لذا وفى ديسمبر 1979 وجه ( كنعان ايفيرين ) قائد الجيش انذارالى كل الأحزاب السياسيه و منها احزاب حكومة ( سليمان ديميريل )ألائتلافيه حزب العداله مع حزب السلامه الدينى و العمل القومى الذين تولوا الحكم من سبتمبر 1979 بعد استقالة ( بولنت اجاويد ) اثر هزيمه فرعيه لحزب الشعب فى انتخابات اكتوبر1979 لوقف التناحر السياسى و التقاتل الداخلى و أعمال الارهاب المسلح بينهم الا انه لم يوقف هذا شئ بينما رفض رئيس حزب الشعب هذا الانذار معتبره تدخل فى الشئون السياسيه.
تتالت الأحداث التى سبقت الإنقلاب ممثلةً سلسله من الكوارث:
-1- استمرار اعمال القتل و السلب و الإرهاب شغر منصب رئيس البلاد فى ابريل1980 و عجز البرلمان على انتخاب رئيس لخمسة اشهر حتى سبتمبر 1980 وسط احداث دمويه بالغة العنف بالشوارع .
-2-أعلن والى مدينة فاتس على البحر الاسود الانفصال فى كيان شيوعى عن الحكومه المركزيه.
-3-إمتداد أعمال القتل لبعض ضباط الجيش برتية جنرال.
-4-أعلن( نجم الدين أربكان) فى مؤتمر صوفى حاشد ضم 50 الف فى قونيه فى سبتمبر 1980 أنهم ينوون الغاء علمنة الدوله و العوده لنظام الشريعه فى تركيا.
*هنا بلغ السيل الزبى و لم يعد الجيش يتحمل بالمره إنفجار الأوضاع بالجامعات و التهديد اليسارى و التهديد الإسلامى فوضع الجنرال ( كنعان إيفيرين ) خطه كان الجيش قدمها له بالعام 1979 للإنقلاب إلا أنه وقتها رفضها لأن رئيس حزب الشعب إستقال مما جعله يتصور إمكانية حل المشكلات بدون إنقلاب يسئ لشكل تركيا أمام العالم..و تم التطبيق فى يوم 11/9/1980 بصوره بيضاء لا دمويه حين استولى الجيش على كل المؤسسات و أقال الحكومه و حل البرلمان و الدستور ليعيد كتابة دستور جديد و يجرى إنتخابات فى إطاره الذى يجعل له سلطة الإنقلاب فى حالة مخالفة الحكومه لمبادئ (أتاتورك) لتُجرى الإنتخابات فى أكتوبر 1983 و يفوز حزب الوطن الأم من يمين الوسط التركى الجديد برئاسة ( توجرت أوزال ) .
*الإنقلاب الخامس:ضد كل الإسلاميين:
يُمثل الإنقلاب الأبض شبه النظرى حله غريبه من الإنقلابات و آخرها فى تركيا..إذ إكتفى الجيش بتحريك محدود للدبابات وسط العاصمه ليجبر رئيس الوزراء الإسلامى ( نجم الدين أربكان ) على الإستقاله..
*فى إنتخابات 1996 نجح حزب الرفاه التركى فى إنتخابات حره كأى إنتخابات فى تركيا ليشكل مع حزب الطريق القويم (يمين الوسط) حكومه ناجحه تحظى بشعبيه كبيره فى يونيو1996..و قد حرص على إنفتاح عالمى إسلامى عن طريق:
-1- تشكيل مجموعات إسلاميه محليه مرتبطه بالخارج.
-2- تفعيل العلاقات مع منظمة المؤتمر الإسلامى (تركيا عضو مؤسس فى عهد ( سليمان ديميريل ).
-3- تشكيل مجموعة إسلاميه دوليه بإسم مجموعة الثمانى.
-4-دعا الى نصرة قضايا الملسمين فى الشيشان و فلسطين و غيرها.
*من زاويه أخرى حرص على تجنب الصدام القاتل مع الجيش الذى كان هو أحد أسبابه بالعام 1980 حين دعا لإسقاط علمانية تركيا و إعادة الشريعه للحكم عن طريق :
-1-التزم حرفياً بالمسار الإقتصادى الرأسمالى الذى أسس له (توجرت أوزال).
-2-التزم بإتفاقيات مدنيه و عسكريه مع إسرائيل.
-3-نفذ مناورات عسكريه مع أمريكا و أخرى مع إسرائيل شملت تدريب طيارين إسرائيليين فى تركيا ( هنا لا بد من الإشاره لأنه فعلياً لم يعترض لكنه حتى لو إعترض فلا فائده لأن الجيش وحده هو من يمنع أو يسمح على غرار منع اشتراك إسرائيل فى مناورات آخر العام 2009 الذى نسبه البعض لحزب العداله فى حين أن المسئول الوحيد عنه هو الجيش فقط).
-4-أكد على أن الدوله ملتزمه بمبادئ دستور1983.
*قدم الجيش ما يُعرف بإسم إختبار ثقه لحكومته إذ أثار قلقهم زيارته لليبيا 1996 فقدموا له مجموعة طلبات لمنع الإنتشار الدينى السياسى من جوانب العبادات و التعليم فى البلاد إلا أنه رفضها مما شكل مبرر لإنقلاب أبيض غريب..إذ قام الجيش بنشر دباباته فى شوارع العاصمه فى 30/6/1997 مما دفع (أربكان) للإستقاله و ترتب الآتى على الإنقلاب:
-1-تولى ( مسعود يلمظ ) رئاسة الوزراء.
-2-فى 1998 تمت محاكمة ( أربكان ) و منعه القضاء ن مزاولة السياسه لخمس سنوات.
-3-أصدر القضاء سلسه من الأحكام القاسيه على المتدينيين من نماذجها منع الحجاب نهائيا بمؤسسات الدوله كلها و إعتباره جريمه إذا تواجد مع إحدى النساء الرسميات كعضوات البرلمان.
-4- حصار الإسلاميين سياسياً بسلسله من العقاب و السجن و منع مزاولة العمل السياسى تماماً لأقل الأسباب .
-3- الجيش التركي و حكومة إردوغان:
بوضوح لم يعد الجيش التركى اليوم هو نفسه ذلك الجيش الذى تمرس على ضبط إيقاع الحياه السياسيه فى تركي لأسباب عده ادت فى مجمله الى أن تقل سطوة الجيش فى تركيا منذ وصول حزب العداله و التنميه للحكم..و لعل أذكر أهم الأسباب فى الآتى:
-1- إنتهاء الحرب البارده و سقوط الإتحاد السوفييتى أدى لإنخفاض مستوى الحماس لأى إنقلاب على المستوى الغربى الذى كان يؤيد الإنقلابات خوفاً على نظام الحكم التركى إبان الحرب البارده.
-2- كان وضع الجيش مستقراً بلا ضغوط حقيقيه من الخارج لوقف الإنقلابات الغير مبرره حتى بدأ الحديث عن ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي في قمة هلسنكي نهاية العام 1998 هناك فقط وجد الجيش نفسه أمام ضرورة وضع تنازلات عده و تقييد حركته فى سبيل الحلم الأوروبى مما أضعفه سياسياً.
-2- الحزب الحاكم فى تركيا( العداله و التنميه ) حزب ليبرالى و إن سمى نفسه إسلامى فهو متوافق مع الإتجاه الغربى 100% حيث أرسل قواته لأفغانستان بعد الاحتلال الأمريكى فى إطار الناتو و كذلك يحافظ على الأجنده الرأسماليه فى إطار التعاقد مع صندوق النقد الدولى و تعليماته ، أيضاً كافة سياساته قائمه على أسس المصلحه دون أى تطرف دينى أو حتى إقتراب من الأسس العلمانيه للدوله ، إنضمامه لحزب الشعب الأوروبى فى تسليم واضح بإرتباطه بالغرب سياسياً على المستوى الحزبى ، أسباب أخرى عديده ألخصها فى جملة ( أربكان): هم ليسوا إسلاميين مثلنا..أبداً.
-3- إستطاع حزب العداله ضم العديد من أقطاب الصناعه الى صفوفه للإستفاده من كونه حزب حاكم مما أعطى زخم مالى و إعلامى أو إصدار قوانين قيدت الاعلام المعارض و بالتالى توفر غطاء إعلامى و مالى للحزب و حماية بنفس الوقت.
-4- فشل الحزاب القوميه و حزب الشعب فى تشكيل منافس قوى للعداله و التنميه مما إنعكس ضعفاً على موقف الجيش الذى وجد الأحزاب التى ترفع مبادئ الكماليه تتراجع شعبتها بسرعه.
-5- لم يعد الإنقلاب مجدياً ضد العداله و التنميه بسبب إلتزام الحزب كافة مبادئ المؤسس (أتاتورك ) بحيث أنه بالعام 2008 كان حكم الدستوريه العليا ضد الحزب مجرد إنذار بعدما تبين له أن الحزب لم يقلل أو يؤذى مبادئ المؤسس بل شكلت تصرفاته شبهه فقط مما يحول دون حظره مما دفع المحكمه –مضطره-لإنذاره فقط.
-6- لم يقترب الحزب من ملفى البارود الأكراد و أسلمة تركيا بشكل حقيقي الخطورة إلى الآن ، حتى مع توجه الحزب لتغيير سياسات ( أتاتورك ) تجاههم لم يقدم على خطوه حقيقيه يرفضها الجيش أو حتى يعترض عليها بالعام 2009 بل حرص على موافقته الكامله قبل مجرد طرح الملف..فى حين لم يفكر فى أى مشروع مستند للدين بالمره إلا فى حالة طرح قانون للسماح للمحجبات بدخول الجامعات و كان بعد هجوم مرير من حزب السعاده و ( نجم الدين أربكان ) ضدهم و بالتالى لم يقوموا بعمل واحد من الممكن ان يؤدى لأسلمة تركيا.
-7- حافظ الحزب على العلاقات أمام الغرب مما أضعف موقف الجيش من الحزب حيث سارع الى الموافقه دون إعتراض على إرسال قوات لأفغانستان و توجه (أردوغان) بنفسه لأفغانستان مؤيداً للتوجه العسكرى التركى.
-8- إستطاع الحزب توجيه ضربه موجعه للجيش حين غير تركيبة مجلس الأمن القومى ليكون مدنيوه أكثر من عسكرييه و بالتالى تضاءلت قدرة الجيش على ضبط العمليه السياسية.
*إدعاءات الإنقلابات العسكرية:
بعد تولي حزب العدالة و التنمية بدأت سلسلة ملاحقات غير رسمية لضباط الجيش الكبار و قد تمحورت الاتهامات حول قضيتين الاولى "إرجينكون" و هي قضية مبنية على أدلة ظرفية و شهادة مجرم سابق و أدلة ما دية بلا دليل و بكل أسف تم غتهام عدد كبير من ضباط الجيش القوميين ممن يشكلون خطر على حكومة إردوغان و رفض للسياسات الامريكية بالمنطقة ، القضية الثانية هي قضية المطرقة و قائمة على أساس مقال بجريدة عن أوراق تعود لعام 2003 تتعلق بقيام الجيش بتفجيرات تؤدي إلى مبرر لقلب نظام الحكم و تم التحقيق في عام 2010 بلا ادلة و بفبركة واضحة دفعت أكثر المراقبين إلى الجزم بكونها غير واقعية و ملفقة من فرط غرابتها ، القضية الثالثة و الاكثر كوميدية هي اتهام الجنرال باشبوغ قائد أركان الجيش السابق بالتخطيط لقلب نظام الحكم عن طريق تأسيس موقع الكتروني مسئ لإردوغان و دعوة الضباط للمتابعة -!!- المدهش أن إردوغان يحاكم كل هؤلاء و المعارضين و الصحفيين ليس بالقضاء العادي بل بالمحاكم الخاصة البديلة عن محاكم امن الدولة فلا حيدة و لا عدالة و لا ضمان للحقوق بشكل دفع الحزب لمحاولة اغلاق هذه المحاكم بيونيو 2012 و لكن لم تغلق الى الان مع ان الاتحاد الاوروبي شجب بشدة هذه المحاكم الغير قانونية.
يمكننا فهم سياسة إردوغان مع الجيش التركي عبر فهم موقف الولايات المتحدة فبعد سقوط السوفييت لم يعد للجيش أهمية حقيقية لإنتهاء الحرب الباردة خاصة مع عدوانيته الواضحة ضد المخططات الامريكية بالمنطقة و تعنته مع مشروعات امريكا بوسط آسيا و حرب الخليج الثانية 1991 ثم موقفه الرافض بشكل عام لحرب الخليج الثالثة 2003 ، لهذا كانت الولايات المتحدة مشجعة للإطاحة بهم ، إردوغان كان يدعم حكمه و يصفي حسابات خاصة قديمة مع الجيش فعملياً تلاقت مصلحة الولايات المتحدة مع مصلحة إردوغان بالاضافة لرفض الاتحاد الاوروبي الإنقلابات مما حسم المسألة في النهاية.
إضافة : هل الجيش التركي حارث لميراث دولة اتاتورك فعلاً؟
كثير من الأساطير تتناقلها الألسن عبر سلسلة من المقالات و الكتب و المراجع عن تركيا منذ خلع حكم السلطان عبد الحميد الثاني إلي اليوم مروراً بتركيا أتاتورك و تطورات حكمها ، من أشهر ما نتداوله بغير سلامة تاريخية أن أتاتورك منع الحجاب و هدم المساجد و منع الآذان و أعطى للجيش حق التدخل في السياسة بينما كل ما سبق غير حقيقي لا يمت للتاريخ بصلة ، من أشهر ما نتداوله كذلك أن الجيش التركي حارس على ميراث أتاتورك و سياساته و الحقيقة أن الجيش حطم ميراث أتاتورك فلم يبق منه إلا أقل القليل و قبل أن ترتسم علامات الدهشة و تبدأ الأيدي في كتابة الاستنكار فإنني أوضح لكم ان هذه النتيجة المنطقية مبنية على دراسة ملامح دولة اتاتورك و ما مر على الدولة فيما بعد وفاته و إنني من واقع دراستي الدقيقة لتلك الفترة أوضح لكم ملامح هذه النتيجة :
-1- النظام الإقتصادي التركي في عهد أتاتورك و موقف الجيش التركي :
يقسم الاقتصاد التركي في عهد أتاتورك الى قسمين الأول من 1923/1929 و الثاني في الأعوام من 1929/1938 و في القسم الاول كانت البلاد ترتبط ببعض الإجراءات الاقتصادية من معاهدة لوزان عام 1923 و كانت بمقتضاها السياسات الاقتصادية ليبرالية بعض الشئ و من نماذج هذا عدم وضع تعريفات جمركية مثلاً و استمر الوضع على هذا المنوال وسط اجراءات نقيمها بالاشتراكية مثل تتريك المصرف العثماني و مؤسسات اخرى و دعم الدولة المالي و العيني للفلاحين الأتراك مع اصلاحات اتاتورك المعروفة بنهجها الاشتراكي مثل تأميم زراعة التبغ و صناعته و القطن حتى الازمة العالمية 1929 حين بدأ مصطلح ( الدولنة) و فيه تسمح الدولة بالرأس مال الخاص و تشجعه مع تدخل الدولة في توجيهه و تخطط الدولة بنفسها الخطة الاقتصادية التركية الحكومية و بالتالي الاقتصاد التركي محكوم بالدولة مع السماح بالمشروعات الخاصة و إن إستمرت الخطة الخمسية (1929-1934) بملامحها المستمدة من مثيلتتها السوفيتية موجودة و أبرز ما تم مثلاً إنشاء البنك المركزي و السيطرة على سعر الصرف و تقييد التعاملات المالية و قد كان (جلال بايار) منفذ كرئيس للوزراء بصورة ممتازة لتلك السياسات و في 1929 تم ضع الخطة الخمسية الخاصة باصلاح الاقتصاد و فيها :
*دعم انشاء شركات و مصانع حكومية و خاصة باشراف حكومي(جلال بايار في الثلاثينيات) *مع استمرار دور الدولة في الرقابة الاقتصادية.
*فرض ضرائب زائدة على المستوردين لتعويض مسألة الرسوم الجمركية.
بالتالي كان نظامه يضمن صالح فقراء الدولة و هم الغالبية من سكان تركيا و كانت نتائج هذا جيدة فتطورت الزراعة و نشأت الصناعة بحيث مات اتاتورك و البلاد في تقدم مستمر و سريع ، مع العام 1960 كان اول إنقلاب ضد حكومة مندريس و دولة جلال بايار مهندس النهضة الصناعية و احد أبطال حرب الإستقلال التركية و كان من أسباب الانقلاب تغييرات في النظام الإقتصادي أدت لأضرار أصابت الفلاحين و العمال بشدة ، مع إنقلاب 1980 كان الجيش يؤسس لدولة جديدة صنعت نظام رأسمالي جديد بديلاً عن نظام أتاتورك سحق كل مبادئ الدولة الاشتراكية على يد توجرت اوزال و بمباركة الجيش و تحت شعار دولة اتاتورك بينما نظام اتاتورك الإشتراكي تم نسفه و تأسس نظام جديد عكس كل مبادئ حقوق المواطن التركي ليستمر الأمر لليوم تحت رعاية حكومة أردوغان و تحت إشراف أجندة صندوق النقد الدولي و سيل الخصخصة الجارف الذي يماثل ما يحدث في مصر و كل بلد يتبع أجندة الصندوق بينما الجيش هادئ لا يعبأ بأنه أشرف على سحق نظام أتاتورك.
سؤال: أين دولة و ميراث اتاتورك الذي يرعاه الجيش ؟..الإجابة ان الجيش يرعى مصالحة و اجندته الوطنية حسب رؤيته و يجعل اتاتورك شعار لا أكثر عبر نظام رأسمالي أسس له منذ إنقلاب 1980 و ضرب بنظام اتاتورك عرض الحائط على عكس إنقلاب 1960 الذي دعم رؤية اتاتورك الاقتصادية.
-2- الحجاب و الجيش:
بصورة عجيبة نصر على ترديد شئ ليس حقيقياً بالمرة و هو أن مصطفى كمال أتاتورك منع إرتداء الحجاب بينما الواقع أن أتاتورك لم يصدر في حياته قانون واحد لمنع أو لتقييد إرتداء الحجاب في أي مكان و حين نتابع قوانين أتاتورك المتعلقة بالملبس فهي ثلاثة قوانين :
الأول عام 1925 منع فيه إرتداء الطربوش فقط دون حديث عن الحجاب بخلاف تصريحه ان غطاء الرأس "الشعر" لا يتناقض مع التقاليد التركية و الآمال المستقبلية للشعب التركي.
الثاني عام 1926 و فيه عبر ما يسمى بقانون القيافة شرع إرتداء الملابس الغربية للرجل و المرأة (المرأة بنص القانون ملابسها شرعية من جونلة طويلة مثل ملابس الأوروبيات و قميص طويل) دون أن يتحدث بالمرة عن تغطية الشعر.
الثالث عام 1934 نظم إرتداء الملابس الدينية للأئمة داخل المساجد باعتبارها ملابس وظيفية و منع إرتداء اليشمك التركي و ليس الحجاب الذي ظلت كل نساء تركيا تقريباً و في حضرته يرتدينه بالتالي فإن كل قوانين أتاتورك لم تمنع أو تقيد تغطية الشعر.
فمتى تم تقييد إرتداء الحجاب؟
بدأ الحديث عن تغطية الشعر حين بدأت بعض طالبات كلية الشريعة و العلوم الدينية إرتداء الحجاب في العام 1966 فوجهت إدارة الكلية تحذيرات لهن دون أن يمنعهن من التعليم و ظل الأمر في إطار التحذيرات فقط ثم إنتشر الحجاب في الجامعات كلها مدنية و دينية عبر الستينات ثم السبعينيات حتى مجئ العام 1980 .
في إنقلاب العام 1980 أصدر الجيش سلسلة من قرارات تقييد إرتداء للحجاب جزئياً في مؤسسات الدولة و منها الجامعات و عبر العقد هذا تم إصدار سلسلة أخرى من القوانين عبر حكومة توجرت أوزال لتستكمل منع الحجاب في مؤسسات الدولة الرسمية و التعليمية ليجئ العام 1997.
في العام 1997 تم إنقلاب جديد تلته عبر نفس العام و العام 1998 أعنف أحكام قضائية و دستورية بمنع مطلق للحجاب في مؤسسات الدولة و قمع المحجبات في كل مؤسسة حكومية.
في العام 1999 تم منع النائبة مروة قاوقجي من عضوية البرلمان لحجابها عبر أمر صارم من قائد الجيش أوغلو و رئيس الوزراء بولنت أجاويد و رئيس الدولة سليمان ديميريل ، وقفت مروة لتتحدى الكل ان يأتوا بقانون لكمال اتاتورك يمنع فيه الحجاب فعجزوا جميعاً ليتم التحجج بقانون القبعة ثم القيافة و بعد فشلهم أعلنوا صراحةً أنهم حماة الدولة و الأحرار في تصريفها.
سؤال: لو كان أتاتورك أصدر أي قانون لمنع الحجاب فلم لم يتم تطبيقه بالعام 1966 أو 1980 و لم تم الإحتياج لإصدار قوانين جديدة بينما المؤسس أصدر قانون بهذا المعنى أو قريب منه؟..الإجابة أن الجيش يحتمي باسم أتاتورك فقط و يتحجج به لا أكثر لتمرير موقف لم يقره اتاتورك بقانون أبداً.
-3- التدخل في السياسة بعهد أتاتورك و الجيش:
وضع أتاتورك نص مقدس إستمده من ميراث الإنقلابات العسكرية التابعة للإتحاد و الترقي يقول (سلام في الداخل) ، هذا النص يعني لا لتدخل الجيش في السياسة بأي شكل إلا في حالة الإنقلابات او محاولة الانفصال مثل محاولة سعيد بيران 1925 و كذلك يحرم على ضباط الجيش مجرد الحديث في السياسة بالمرة لدرجة ان اتاتورك طرد ضباط الجيش أثناء حرب الإستقلال لعملهم بالسياسة ووصل الأمر لإعدام بعضهم ثم أجبر كل الضباط من نواب البرلمان على الإستقالة عام 1925 من البرلمان و فصل من رفض منهم هذا ، لكن الجيش حطم هذه القاعدة المقدسة تماماً فمع إنقلاب 1960 رسخ تدخله في السياسة عبر مجلس الأمن القومي ليعود في إنقلا 1980 ليرسخ هذا عبر دستور 1982 المعمول به من 1983 بسلطات مطلقة في شئون السياسة و الحكم تماماً و الشعار حماية نظام اتاتورك بينما هذا أساساً نسف لميراث أتاتورك الذي يمنع بالمرة أي رأي سياسي مجرد كلمة من ضابط في الجيش ممنوعة.
سؤال : هل هذا شئ ينتمي لميراث أتاتورك أو رؤيته؟..الإجابة لا بل هو تحطيم لتعاليمه التي تمنع الجيش من السياسة لكن إسم أتاتورك مجرد حجة لإبتزاز الشعب لا أكثر.
-4- التدخل في شئون الخارج بعهد أتاتورك و الجيش:
حين وصل أتاتورك للحكم في 1923 كان ميراث الدم التركي المهدر في كل مكان بالأرض عبء نفسي هائل عليه فهو عاصر دم رفاقه المهدر على أيدي العرب و الإيطاليين و الانجليز و البلغاريين و الصرب و اليونانيين و الفرنسيين ليصير نافراً من مجرد فكرة ان يخرج جندي تركي ببندقيته خارج أرض الجمهورية مما دفعه لوضع مبدأ (سلام في العالم) بحيث يكمل مبدأ (سلام في الداخل) فالجيش لا يتدخل في السياسة و لا يتدخل فيما لا يعنيه من شئون العالم فالجيش لا يهاجم بالمرة بل يدافع فقط عن الشعب التركي في الداخل و الخارج و قد طبق الرئيس عصمت إينونو هذا بفاعلية في عام 1940 حين رفض عرض من تشرشل بالحرب ضد المانيا و كرر الرفض في 1942 بناء على تعاليم أتاتورك ، لكن بكل أسف رسخ الجيش تدمير هذا المبدأ بدء من عهد عدنان مندريس حين أرسل قواته للحرب الكورية مدخلاً الجيش فيما لا يعنيه ثم إنضم للحلف الطلسي ليرسل قواته دورياً لكل مكان بالعالم في مخالفة صريحة لموقف اتاتورك من خروج الجيش من تركيا حيث وظيفته دفاعية لا هجومية.
السؤال: هل هذا موقف من الجيش يحافظ فيه على مبدأ من أهم مبادئ اتاتورك المؤسسة للجمهورية؟..الإجابة لا فالجيش تعمد تحطيم قاعدة تركية تصرفات الجيش و بات يرسل قواته في كل مكان من كوريا لإفريقيا و أفغانستان و غيرها لكن يبتز مشاعر الأتراك فقط باسم ميراث اتاتورك لا أكثر.
بعد هذا أترك لكم الحكم في تلك الأكذوبة التي يبتز بها بعض قادة الجيش مشاعر الأتراك برفع إسم محرر تركيا و صانعها حتى يتجنبوا أي حوار او تساؤل و حتى يكتسبوا حق ليس مقرراً و أسس لحماية انفسهم ، لكن إن قلنا انه يحمي ميراثاً ما فما هو ذلك الميراث؟
أجيب أنه ميراثه هو فالجيش التركي لا يحمي ميراث أتاتورك بل يحمي ميراثه الخاص المتكون عبر الإنقلابات العسكرية من 1960 إلى 1997 و سلسلة القوانين التي يفرضها دون أن يكون اتاتورك قد فرضها و يرفعون شعار أتاتورك حتى يبتزون الأتراك و مشاعرهم بينما الأمر الجلي أنه لم يقر للجيش ما يفعل بل منعه و لم يعط لأحد حق التحدث باسمه بعد موته فالجيش يمارس سلطات ليست له بناء على تعاليم أتاتورك و يحمي نفسه من المحاسبة و المحاكمة على ما يفعل أو يقوم به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.