عبّر خبراء الاقتصاد، عن ترحيبهم بمبادرة الحكومة في التصالح مع رجال الأعمال الهاربين، وعودتهم رسميًا، بعد إنهاء إجراءات التصالح، معتبرين أن ذلك سيعيد الاستثمارات الأجنبية الهاربة مرة أخري، وزيادة فرص العمالة، نظرًا للتوسع في حجم الاستثمار، مطالبين بضرورة وجود إطار تشريعي لحماية اقتصاد الدولة من تكرار تلك الانحرافات مرة أخري. وقال الدكتور أسامة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس،أن الحكومة إذا كانت جادة في تعاملها مع ملف التصالح مع رجال الأعمال الهاربين، فينبغي تقسيم المستثمرين الهاربين إلي نوعين، أولها المرتكبون لجرائم مالية، وبالتالي يمكن التصالح معهم، واسترداد الأموال المنهوبة، وفرض التعويضات المستحقة علي ما سببوه من أضرار بالاقتصاد المصري، بشرط الإفصاح عن حجم إعمالهم ومكتساباتهم. ولفت عبد الخالق إلي أن النوع الثاني من رجال يتمثل في مرتكبي جرائم مالية وجنائية كالتلاعب بالبورصة، أو جرائم قتل وغيرها، وبالتالي لا يمكن التصالح معهم ومحاكمتهم قضائيًا عما سببوه من فساد. وأشار عبد الخالق إلي أن التقديرات الأولية لقيمة الاستثمارات التي ستوفرها أموال رجال الأعمال الهاربين نحو 150مليار جنيه،لافتًا إلي أنها ستساعد الموازنة العامة في زيادة حجم الاستثمارات المحلية، والتي خصص لها بالموازنة 2013/2014 نحو 55مليار جنيه، وهو يعتبر مبلغ ضئيل جدًا،مشيرًا إلي أن تلك الأموال ستمول مشروعات البنية التحتية. وطالب عبد الخالق بضرورة الانتقال إلي منظومة الاقتصاد الرقمي بدلًا من التقليدي، خاصة وأنه سيوفر نحو 10أضعاف من الموارد السيادية للدولة ،مشيرًا إلي أن الاستثمار المحلي يتوقف حاليًا علي الأموال المنهوبة والمهربة للخارج. واقترح عبد الخالق بضرورة أن يكون هناك نصًا تشريعيًا ينص صراحة علي تشديد العقوبة علي رجل الأعمال الذي يكرر فساده المالي مرة أخري، إلي جانب إسقاط صفتي الشرف والأمانة عنه بما يجعله غير قادر علي مباشرة حقوقه السياسية كأحد الحلول الرادعة لتلك الانحرافات. وأشار إلي أن فكرة طي صفحة الماضي بالنسبة لرجال الأعمال والتصالح معهم ستؤدي جذب الاستثمارات الأجنبية الهاربة علي غرار تجربة جنوب إفريقيا في التصالح مع رجال الأعمال. ولفت إلي أن التصالح مع رجال الأعمال سيكون مفيدًا للبلاد إذا كانت هناك مبادرات حقيقية، ونوايا صادقة لدي الحكومة مع وجود عقوبات رادعة منعًا لتكرار الانحرافات المالية. وعلي نفس السياق شدد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي، علي ضرورة التصالح مع رجال الأعمال المتهمين في جرائم مالية دون جرائم ذات الشق الجنائي كعمليات غسيل الأموال، مشيرًا إلي أن الحكومة ينبغي عليها تحديد حجم الخسائر التي سببها رجل الأعمال، أو المستثمر علي مدي سنوات سابقة للاقتصاد المصري، وبالتالي يمكن رد المبالغ التي نهبها عن طريق رد الشئ لأصله ودفع تعويضات عليه، أو إجراء التسوية علي بعض الاستثمارات التي اقتطعها من الدولة كدفع القيمة الحقيقية للأرض التي استولي عليها. وأشار عبد العظيم إلي أن قانون الاستثمار بعد إجراء التعديلات عليه يسمع بالمصالحة مع رجال الأعمال حتي وأن كانت القضية محجوزة للحكم، لافتاً إلي أن الخطوة التي تنتجها الحكومة ايجابية وستوفر مزيد من فرص العمل و دفع حركة النشاط الاقتصادي، نظرًا لقيام عدد من رجال الأعمال بالتوسع ف حجم استثماراتهم إلي جانب عودة الاستثمارات الأجنبية والهاربة مرة أخري للبلاد. وأضاف أن قيام بعض رجال الأعمال بتسوية خلافاتهم مع الحكومة من الخارج يعد شئ جيد خاصة وأن الاتفاق مع هؤلاء المستثمرين يتم عن طريق تحويل رؤوس أموالهم إلي البنك المركزي المصري، أو التصرف في بعض الأصول الموجودة في الخارج بالبيع ورد ثمنها لدي خزانة الدولة، إلي جانب اشتراط الدولة عند مصالحتها معهم الإفصاح عن حجم أموالهم وثرواتهم سيغلق المجال أمام أي فرصة للانفلات، خاصة وأنه عند صدور أصول أو ممتلكات غير محصورة سيتم مصادرتها بالإضافة إلي إلغاء التصالح. وأشار إلي رئاسة الوزراء سبق وأن أعلنت عنها أنها حصلت علي نحو 20مليار دولار من الأموال المهربة إلي الخارج خلال بداية العام2013، لافتًا إلي أن إعلان حسين سالم رجل الأعمال عن رد نحو 14.5مليار جنيه لخزانة الدولة، شئ جيد لأن الدولة بحاجة لتلك الأموال. ولفت إلي أن كلًا من علاء وجمال مبارك، المتهمان بقضايا التلاعب بالبورصة يمكنهما التصالح في تلك القضية شرط رد المبالغ التي تقاضوها، لافتًا إلي أنه ينفي أن يقوما بذلك الإجراء مادامت علي ذمة قضايا أخري لم تبرأ ساحتهما منها بعد، مشيرًا إلي أن بعض رجال الأعمال لا يتصالحون في تلك الحالة ويفضلون السجن. وتخوف عبد العظيم مما ما قامت به وزارة الاستثمار من تقديم مقترحات تعديل قانوني حوافز الاستثمار و المناقصات، والمزايدات لتسهيل عمليات التسوية مع رجال الأعمال، لافتاً إلي أن ذلك من الممكن أن يفتح مجالًا للحصول علي الصفقات بالأمر المباشر ودون الدخول للمناقصة، وفقًا لقواعد المنافسة، معتبرًا إلي أن ذلك سيؤدي لمزيد من الفساد ودون محاسبة رجل الأعمال أو المستثمر خاصة وأن ذلك مقنن. وأعنت الاستثمار منذ أيام، عن قبول رئاسة مجلس الوزراء لمقترحاتها بتعديل قانوني المناقصات والمزايدات، و حوافز الاستثمار، لافتة إلي أن ذلك سيساعد الحكومة علي إجراءات التسوية مع رجال الأعمال، وبما يمكن وكلاءهم من التصالح مع الحكومة وبما يبعث روح الطمأنينة لديهم.