«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



05 مليار جنيه منهوبة.. في الطريق للاسترداد
التصالح مع رجال الأعمال إنقاذ للاقتصاد أم تحايل علي القانون


اقتصاديون:
ينعش خزينة الدولة
الاقتصاد المصري يمر بأزمة حقيقية وتوفير السيولة أصبح هاجسأ يؤرق جميع المسئولين بالوزارات المختلفة ولم يكن امام الحكومة سوي اللجوء للبنك الدولي للاقتراض منه. ولكن خلال الأيام الماضية طرح السياسيون والخبراء أكثر من مبادرة تطالب الحكومة بتبني اتجاه للتصالح مع رجال الأعمال الذين لهم قضايا تنظر الآن أمام القضاء، وذلك كحل بديل لقرض صندوق النقد الدولي وإجراءات ترشيد الطاقة، ويبدو أن الحكومة اقتنعت بهذه المبادرات، حيث كشفت العديد من وسائل الإعلام عن أن الحكومة بدأت بالفعل في تنفيذ خطة للتصالح مع عدد من رجال الأعمال سواء المحبوسين حاليا أو المتورطين في قضايا مالية، مقابل دفع مبالغ كبيرة للتسوية، وتُجري الأن مفاوضات بين الحكومة وبين رجل الأعمال المحبوس أحمد عز، ومالكي شركة بشاي للصلب في قضية حصولهما علي رخصتين لإنتاج الحديد مجاناً، ومن المتوقع أن تسترد الحكومة من هذه التسوية 1.28 مليار جنيه. وفي الوقت نفسه تم تشكيل لجنة وزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، وبحثت هذه اللجنة تسوية النزاع مع الشركة المصرية الكويتية التي حصلت علي أراضٍ بالعياط لغرض الاستثمار الزراعي وحولتها لنشاط عقاري، وهي التسوية التي تطالب فيها الحكومة بالحصول علي 44.5 مليار جنيه فروق تسعير الأراضي. وفي وقت سابق أعلنت النيابة العامة في بيان لها عن قائمة بأسماء العشرات من رجال الأعمال الذين سددوا غرامات لخزينة الدولة، تقدر ب 9 مليارات و653 مليونا جنيه، و477 مليونا و702 ألف دولار أمريكي، وتواصل النيابة العامة حالياً تحصيل أكثر من 50 مليار جنيه في قضايا فساد أخري. ورغم حاجة الدولة الماسة للأموال التي تستردها من التصالح مع رجال الاعمال إلا أن هذا الأمر مازال يجد معارضة سياسية واقتصادية من بعض القوي السياسية.. فأيهما أفضل لمصر أن تستمر محاولات التصالح مع رجال الأعمال المتورطين في قضايا مالية أم تستمر في إجراءات التقشف ومفاوضات القرض الدولي؟.. أم تستمر في الطريقين معاً في محاولة لإنعاش الاقتصاد المصري من جديد.. التفاصيل في هذا التحقيق.
سياسيون:
يجوز ولگن بشروط
في البداية يري د. محمود حسين الامين العام لجماعة الإخوان المسلمين أنه لا مانع من التصالح مع رجال الاعمال المتورطين في قضايا فساد مالي، بشرط أن تكون جرائمهم مالية فقط خالية من الاعتداء علي الارواح. أما إذا اقترنت هذه الجرائم بالاشتراك في قتل المتظاهرين والاعتداء علي أرواح الأبرياء، فلا يجوز التصالح معهم بأي حال من الأحوال، حتي لو أعادوا للدولة مليارات الجنيهات، فهؤلاء يجب معاقبتهم علي هذه الجرائم.
قانونيون:
مطلوب تشريع عاجل
ويقول د. حسين: بلاشك أن التصالح مع رجال الأعمال الذين قاموا بارتكاب مخالفات مالية مقابل رد الأموال المنهوبة أفضل لمصر من الاستدانة من خلال الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي، ويجب علي المشرع أن يضع قوانين تسمح بإجراء مفاوضات التصالح، وتحدد شروط وضوابط هذا التصالح، علي أن تكون هذه الشروط رادعة تمنع أي رجل أعمال من ارتكاب جرائم فساد أخري، وحتي لا تكون مصر تحت رحمة هؤلاء الاشخاص.
الاستغناء عن المساعدات الأجنبية
ويؤيد د. كريم السيد استاذ العلوم السياسية والشئون البرلمانية بجامعة القاهرة فكرة التصالح مع رجال الاعمال، مؤكدا أن هذا الأمر سيجعلنا لا نحتاج الي اي مساعدات أجنبية، ولا نحتاج أيضا الي قرض صندوق النقد الدولي، مشيرا إلي أن قانون الضمانات والحوافز الذي صدر في العام الماضي يسمح بالتصالح مع رجال الاعمال، موضحا أن مصر الآن في حاجة ماسة إلي كل مبادرة تقوي اقتصادها المنهار، وتعمل علي تزويد الخزينة العامة بمبالغ ضخمة حتي تستطيع أن تحقق ما نادت به الثورة من اهداف وشعارات.
ويضيف د. كريم: مصر في أشد الحاجة إلي هذه الأموال التي من الممكن أن تساهم بشكل فعال في تنفيذ المشروعات القومية التي تنهض بمصر، الأمر الذي سوف يعود علي الشعب نفسه بالنماء والرخاء، ولاشك أن استرداد الاموال المنهوبة من قبل رجال الأعمال يعد من أهم القضايا الملحة نظراً لحجم هذه الأموال الطائلة، والتي سوف تساعد في تحسين الاقتصاد القومي، ومن ثم من الممكن النظر إلي مسألة التصالح مع هؤلاء لرد هذه الأموال، بشرط أن يكون هذا التصالح في القضايا المالية، أما فيما يتعلق بالقضايا الجنائية فلابد أن تكون هناك محاسبة رادعة لمعاقبة من ساهم في إزهاق الارواح البريئة التي أهدر دمها وسال علي جميع بقاع أرض مصر، ومن ثم لابد من أخذ حقها ومعاقبة الجناة والمتسببين في ذلك. ويشدد د. كريم علي ضرورة وضع شروط لعملية التصالح مع رجال الاعمال المتورطين في قضايا مالية تحدد الفترة الزمنية التي سوف تنفذ فيها، وتضع عقوبة لمن يتقدم ببيانات كاذبة علي أن تكون العقوبة مضاعفة وأيضا يتم مضاعفة الاموال المستردة منهم، مشيرا إلي أن النظام السابق هو الذي سمح لرجال الأعمال بأن يستغلوا مناصبهم، وأن يقترفوا هذه المخالفات المالية، ومن ثم لا مانع من التصالح معهم مقابل رد الأموال التي استولوا عليها بالباطل دون وجه حق.
تصالح مالي فقط
ومن ناحية أخري يؤكد د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن هناك فرقا كبيرا بين التصالح مع رجال الأعمال المدانين ماليا فقط، وبين التصالح مع رجال الأعمال المدانين جنائيا، فالتصالح في شقه الأول يجوز ولا بأس به إذا ما رد هؤلاء الأموال التي نهبوها. أما التصالح في شقه الثاني، فلا يجوز ولا يمكن السماح به بأي حال من الأحوال، مشيرا إلي أن التصالح في الجرائم المالية مقابل رد الأموال يعالج الوضع الاقتصادي المتأزم في مصر الآن، وهو أفضل ألف مرة من الاستدانة من الخارج عبر قرض صندوق النقد الدولي، ولاسيما أن الحكومة من المؤكد أنها ستحصل عن طريق التصالح مع رجال الأعمال علي مبالغ أكبر بكثير من قيمة صندوق النقد الدولي.
ويقول د. السعيد: من الأفضل أن يكون الباب مفتوحا أمام التفاوض في قضايا الفساد المالي، خاصة أن التصالح في هذه الحالة فقط يمكن أن يكون فرصة عظيمة للتكفير عن ذنوب المستثمرين ورجال الاعمال المتورطين في قضايا فساد مالي، خاصة في ظل ظروف استثنائية صعبة تمر بها البلاد، وتؤثر بشكل كبير علي الاقتصاد القومي، كما أن التصالح سوف يعمل علي دعم الاقتصاد بجذب المستثمرين الأجانب، وسرعة رد المبالغ التي يحتاجها الاقتصاد لتعويض الفاقد ودفع عجلة الإنتاج إلي الأمام، ولكن في الوقت نفسه لابد من التأكيد علي أن التصالح مع رجال الأعمال المدانين ماليا يحتاج الي تشريع قانوني عاجل حتي يتم التصالح بناء علي أسس وشروط قانونية سليمة واجبة التنفيذ.
لا .. للتصالح
ومن جانبه يختلف د. أيمن نور رئيس حزب غد الثورة عن جميع الآراء السابقة ويؤكد رفضه القاطع لفكرة التصالح مع رجال الأعمال الذين يعتبرون من رموز النظام السابق سواء في القضايا المالية أو الجنائية، مؤكدا أن الكثيرين من هؤلاء ارتكبوا جرائم أكبر من الاستيلاء علي المال العام، حيث تسببوا من خلال ممارستهم الفاسدة في إفساد البلاد بشكل كبير، مشددا في الوقت نفسه علي أن التصالح مع هؤلاء في بعض القضايا الخاصة بالاستيلاء علي الأموال العامة يجب أن يتم في إطار لا ينفصل عن الدستور والقانون.
ويقول رئيس حزب غد الثورة: عند مناقشة قضية التصالح مع رجال الأعمال يجب علينا أن نفرق بين من ارتكبوا جرائم فساد في حق الوطن، ومن ارتكبوا بعض التجاوزات في حق إجراءات وقواعد وقوانين التجارة والاستثمار، فعلي سبيل المثال هناك بعض المستثمرين خالفوا بنود العقود في البيع والشراء، وهي تجاوزات يسهل تسويتها طالما أعادوا للدولة حقوقها وأموالها، أي أن التسوية هنا لابد أن تحفظ حقوق الدولة، أما من ارتكبوا جرائم ونهبوا المال العام وتورطوا في قضايا جنائية لصالح النظام السابق، فلا يمكن التصالح معهم، ولابد من الاستمرار في محاكمتهم لينالوا القصاص علي ما ارتكبوه من جرائم في حق الوطن والشعب.
وبرؤية أخري تري د. مني مكرم عبيد استاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن التصالح مع رجال الأعمال مقابل رد الأموال المنهوبة من أهم وسائل وطرق استرداد جميع الأموال المهربة التي نهبت من الشعب المصري في العقود السابقة، مشددة علي ضرورة استرداد هذه الأموال بمختلف الطرق الوسائل حتي تسهم في بناء النهضة التي ينتظرها الشعب المصري، مشيرة إلي إمكانية الاستفادة من تجربة جنوب افريقيا التي انتهجها نيلسون مانديلا، والتي تعد تجربة رائدة علي مستوي العالم، ويمكن أن نحتذي بها في التعامل مع رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد مالي.
وتقول د. مني: من الضروري أن يحدث في مصر مصالحة اجتماعية حقيقية بين جميع اطياف الشعب المصري، وليست مجرد شعارات وهتافات، بشرط أن تكون مصلحة الوطن نصب أعين الجميع، وفي هذا الاطار لابد من أن نناقش ونفكر كثيرا في مبادرات وعمليات التصالح مع رجال الأعمال مقابل رد الاموال التي استولوا عليها بدون وجه حق، ونحدد ما هو أفضل لمصر ونلتزم به ونعمل علي تنفيذه، وفي المقابل لابد من عدم التهاون في محاسبة من يثبت تورطه في قضايا جنائية سواء قتلا أو تعذيبا أو اهمالا أدي إلي سقوط شهداء أبرياء، الأمر الذي يساهم في ترسيخ دولة القانون.
الاقتصاد المنهار
ومن وجهة نظر اقتصادية يعرب د. أحمد غنيم استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة عن موافقته علي فكرة التصالح مع رجال الأعمال مقابل رد الأموال المنهوبة، خاصة أن الكثير منهم لم يرتكبوا جرائم جنائية، مؤكدا أن هذا التصالح يصب في مصلحة مصر، في ضوء نقص الاحتياطي النقدي وارتفاع عجز الموازنة، مشددا علي أنه من المصلحة العامة البدء في هذا الأمر، حيث إن إسترداد هذه الأموال سوف ينعش الموازنة العامة للدولة، وسوف يدفع عجلة الاقتصاد القومي إلي الأمام مما يخرج مصر من كبوتها الاقتصادية الراهنة.
ويوضح د. غنيم أن مصر تحتاج من 20 إلي 25 مليار دولار حتي تستطيع أن تقف علي قدميها من جديد، وتستطيع أن تعيد بناء اقتصاد ناجح وقوي، مؤكدا أن هذا المبلغ من الممكن الحصول عليه من خلال التصالح مع رجال الأعمال المتهمين في قضايا مالية، فلو أخذنا من كبار رجال الأعمال نصف مليار دولار مقابل التصالح معه، فسوف نستطيع أن نجمع أكثر من 25 مليار دولار، الأمر الذي ينعش مصر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، مؤكدا أن عملية التصالح مع رجال الأعمال تحتاج إلي حكومة قوية بأياد غير مرتعشة.
ومن ناحية أخري يؤكد خبير الاقتصاد الإسلامي د. يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي أن التصالح مع رجال الأعمال مسألة مجدية اقتصاديا، ولكنها غير مجدية أخلاقيا، مشيرا إلي أنه ليس من الصواب أن نترك المفسد يفلت من العقوبة مهما كانت المبررات والحجج، مشددا علي ضرورة أن يعاقب كل مفسد علي عقوبته، وأن يتم استرداد الأموال المنهوبة بالقانون دون الاتجاه للتصالح مقابل الإفلات من العقوبة.
ويقول د. يوسف: أنا أوافق علي فكرة التصالح مع الرئيس المخلوع مبارك وحده مقابل أن يرد للدولة مبلغا قيمته 100 مليار دولار. أما غيره من رموز نظامه أو رجال الأعمال، فلا يجب التصالح معهم بأي حال من الأحوال، وكون أن مصر الآن بحاجة إلي أموال لبناء اقتصادها المنهار لا يبرر التصالح مع هؤلاء الفاسدين، فمن الممكن أن نتجاوز هذه الظروف بالعمل والإنتاج، ولا نعتمد فقط علي الأموال التي قد نستردها وقد لا نستردها من هؤلاء الفاسدين.
أما رجال القانون فكانت لهم وجهة نظر مختلفة ولكنهم اتفقوا علي ضرورة وجود تشريع للتصالح ويقول د.نبيل مدحت استاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس: تعبير التصالح في القضايا يعد سببا من اسباب انقضاء الدعوي الجنائية، ويجب ان يصدر بشأنه قانون يجيز التصالح في جريمة او جرائم معينة، كما يجب ان يعدل قانون الاجراءات الجنائية بما يسمح باعتبار التصالح في هذه الجرائم سببا لانقضاء الدعوي الجنائية، وهذا ما ينطبق علي التصالح مع رجال الأعمال في الجرائم المثارة حاليا، مع العلم أن قانون العقوبات الحالي به مادة تجيز التصالح واسترداد الأموال وعائدها، وهي المادة (118) فقرة (ب).
ويشير د. نبيل إلي أن الاموال التي سيتم استردادها وفقا لهذا التصالح مع رجال الأعمال تغني عن القرض المزمع الحصول عليه من صندوق النقد الدولي، مؤكدا ان التصالح في هذه الجرائم يحتاج الي وقت طويل واجراءات قضائية عديدة، وربما لا تسمح الحالة الاقتصادية المتردية في البلاد في هذا الوقت بهذا الأمر مما يتطلب التفكير في سن تشريع قانوني جديد ينظم هذه المسألة بشكل سريع، مؤكدا أنه لا احد يعلم حتي الآن حجم الاموال التي يمكن استردادها وحتي متي يمكن للاقتصاد المصري المنهار أن ينتظر استرداد هذه الاموال حتي يتعافي من النكسات والضربات القاتلة التي وجهت اليه مؤخرا.
ويري المستشار جمال رمضان رئيس محكمة أن فكرة التصالح مع رجال الأعمال مقابل استرداد الاموال المنهوبة مقبولة قانونيا الي حد ما موضحا أن القضاء وحده هو المختص بهذه العملية، حيث يقوم القاضي بعملية التصالح بموجب المادة 17 من قانون الاجراءات الجنائية والتي تعطيه الحق في أن يحفف العقوبة او يزيلها تماما، مشيرا إلي أنه بموجب فكرة التصالح يتيح القانون للقاضي بأن يزيل العقوبه الي الدرجة الادني، ويقضي بايقاف التنفيذ مؤكدا أن هذا الامر مباح جوازا للقاضي وليس وجوبا، فمن الممكن أن يستعيد هذه الاموال، ولكن هذا لا يمنع من الحكم علي جريمة وقعت بالفعل، ويؤكد أن القضاء لا يشجع ارتكاب هذه الجرائم ومن يرتكبها يعاقب.
ويقول: مصر الآن تمر بظروف اقتصادية صعبة، وتكاد تصل إلي مرحلة الانهيار الاقتصادي لذا أرحب بأن يتم التصالح مع رجال الأعمال بدلا من الاستدانة من الخارج، فليس من مصلحة مصر الآن أن تحصل علي قرض من صندوق النقد الدولي، حيث من الممكن أن تتراكم عليها فوائد كبيرة ولا تستطيع مصر سدادها، فضلا عن أن القروض الخارجية عادة ما تكون مرهونة بأهداف سياسية، ومن ثم فنحن الان أمام خيارين اما أن نتصالح مع رجال الأعمال ونسترد الأموال التي استولوا عليها دون وجه حق، واما أن نستدين من الخارج، وهذا مرفوض تماما، فيجب علينا أن نعيد بناء مصر علي أسس سليمة حتي لا نعطي الفرصة لاحد لأن يتدخل في شئوننا الداخلية.
ويقول المستشار فريد نصر نائب رئيس محكمة النقض: يجب أن نكون حريصين علي مصلحة البلد، وحريصين علي تحقيق الأهداف التي من أجلها قامت ثورة 25 يناير، ومن ثم علينا أن نتصالح مع رجال الاعمال المحكوم عليهم ونسترد منهم الاموال المهربة الي الخارج والاستفادة منها بدلا من الاستدانة من الخارج والحصول علي قرض دولي بفوائد كبيرة، مع العلم أن سجن هؤلاء لن يفيد البلد في شيء خاصة ان معظمهم في نهاية العمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.