انتشرت في الآونة الاخيرة مسألة الانشقاقات عن الأحزاب، وهو ما حدث من قبل في حزب مصر القوية الذي أسسه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ومنذ عدة أسابيع تكرر الأمر داخل حزب النور السلفي، حيث انفصل 150 عضوًا من أعضائه، وقاموا بعمل تحالف سياسي جديد يقوده الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل. أما الأزمة الراهنة فهي من نصيب حزب الدستور الذي أسسه الدكتور محمد البرادعي، وأعلن مؤسسوه مؤخرًا عن وجود بعض الخلافات في وجهات النظر، وترددت أنباء عن بعض الانقسامات التي من المنتظر أن تحدث. قال محمد عكاشة نائب رئيس حزب الغد للشئون السياسية إن الخلافات التي تدور داخل حزب الدستور من المتوقع أن تنتهي في أقرب وقت ولن تستمر؛ لأنها لا ترقى لحد الانشقاقات أو الانقسامات السياسية، كما أن الحزب تأسس على رؤية وهدف واحد وهو أن يكون جبهة قوية للقوى الشعبية وهو ما يدفعه إلى التروي وتجاوز أي خلاف سياسي أو فكري من شأنه أن يعرقل مسيرة الحزب. وأكد عكاشة أن القائمين على الحزب لا بد أن يتحدوا من أجل مصلحة مصر، ودعاهم إلى التوصل إلى نقطة للاتفاق، وأن يتنازلوا عن الريادات، وطالبهم بسرعة التخلص من حب الزعامة؛ حتى لا يؤدي إلى هلاك جبهة قوية من المعارضة، خصوصًا وأن الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وتتطلب استعدادًا قويًّا من كافة الأحزاب؛ حتى لا نبكي استحواذ الإخوان على جميع المقاعد في البرلمان، وهو أمر غير مقبول بالمرة، مشيرًا إلى ضرورة حصد أكبر عدد من المقاعد لصالح الجبهة الوطنية؛ حتى تتمكن من إحداث تغير حقيقي في الدولة المصرية. وأضاف عكاشة أن أعضاء الحزب يتمتعون بوعي وفهم ورؤية، ولديهم كل المقومات التي تساهم في نجاح هذا الكيان، لافتًا إلى أن الوضع لا يستدعي القلق؛ فحدوث اختلافات أيدولوجية أمر طبيعي جدًّا، ومرحلة مرت بها معظم الأحزاب المصرية، ولكن وضع البلد لا يحتمل أي خلاف أو تفرُّق. ومن جانبه قال الدكتور جمال عبد الجواد، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن ما يتردد بشأن حزب الدستور هو "نذير شؤم"؛ لأن الأحزاب المدنية تكونت بالكاد، ولا نضمن أن تُنشأ أحزاب أخرى قوية، وتستطيع أن تفرض نفسها على الساحة السياسية. واستطرد عبد الجواد أنه من السيئ أن تحدث أي انشقاقات في هذه المرحلة، ولذلك يجب عليهم أن يعلوا فوق ذواتهم ويغلبوا المصلحة العامة ولا يكون حل الخلافات هو الانشقاقات، كما ينبغي أن تُدار هذه الخلافات بشكل أكثر حكمة؛ حتى لا تؤدي إلى تدمير المؤسسة، ويظل التيار المدني مفتتًا وضعيفًا، ويسهل إسقاطه وإقصاؤه من المشهد السياسي. وأضاف عبد الجواد أن الفرق بين القوى المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين هو وحدة الهدف وحل الخلافات والنزاعات الداخلية بقدر من الحكمة، مشيرًا إلى أن هذا هو ما يميز الإخوان ويمكنهم من تحقيق أهدافهم السياسية، منوهًا إلى أنه على كل الأحزاب السياسية أن تدرك هذا الاختلاف لتحقيق أهداف عامة، ولا يسعى أفرادها إلى التعبير عن الذات، ويتعلموا أسس العمل الجماعي والتعامل مع المختلفين في وجهات النظر والأيدولوجيات طالما اتفقوا في الهدف الرئيسي، وذلك ما نحتاجه لنعادل كفتي الميزان بين القوى الوطنية وتيار الإسلام السياسي؛ حتى لا تطغى قوة على أخرى. وفي السياق ذاته أكدت الناشطة السياسية عفاف السيد أن مشكلة الدستور تتلخص في اختلاف الأيدولوجيات الفكرية، واتفاق واحد هو أنهم جميعًا ضد جماعة الإخوان المسلمين، أو تيار الإسلام السياسي كما يطلقون عليه، ولذلك بدأت الخلافات في الظهور، مع العلم أنه أمر طبيعي ومناخ صحي. وأشارت إلى أن هذا الجامع الوحيد بين أعضاء ومؤسسي الحزب وهو اختلافهم مع الإخوان، سوف يساهم في أن تذوب الخلافات وتتنحى جانبًا؛ استعدادًا للانتخابات البرلمانية المقبلة، التي تعد الفرصة الأخيرة للمعارضة، وهي الفيصل بين الإخوان وباقي الأحزاب. وناشدت السيد جميع من يلجؤون للانشقاق عن الأحزاب كحل للخلافات بأن يتحدوا ويكرثوا كل الجهود لاجتياز اختبار الانتخابات، وأضافت أن الحزب لن يضعف ولن ينهار، ولكنهم سيبحثون عن المشتركات بينهم ويتوحدوا، ومن يصعب عليه الاتفاق مع المجموع هو من ينشق، وستنتهي هذه الصراعات قريبًا، كما أن التحالفات والاندماجات مع الأحزاب الأخرى ستساهم في حل الأزمة التي يمر بها الحزب، والأمر معلن ومعروف لدى الجميع، ولم يلجأوا إلى السرية والتكتم مثلما يفعل أعضاء حزب الحرية والعدالة في معالجة المشكلات التي تواجههم. أخبار مصر – تقارير - البديل Comment *