سؤال يطرحه الكثيرون من المصريين، والإجابة عليه تشهد انقساما...فأنصار (لا) يرون أن النتيجة ستكون رفض الاستفتاء مستندين -في وجهة نظرهم هذه - إلى حسابات بالورقة والقلم تعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية، وبالتالي فقد افترضوا أن كل من صوت للفريق أحمد شفيق والأستاذ حمدين صباحي والسيد عمرو موسى والدكتور أبو الفتوح سوف يصوتوا بلا... وبالتالي نحن بصدد –وفق هذا الرأي- تصويت ما يقرب من 19 مليون بلا مقابل 6 مليون بنعم، هذا فضلا عن حزب الكنبة الذي بدأ يشارك بفاعلية. في حين يرى أنصار (نعم) للدستور بأن غالبية الشعب المصري ستصوت لصالح الشريعة ورفعة الإسلام، وبالتالي لا يهتمون بهذه الحسابات، معتمدين أن غالبية الناس سوف يصوتون بنعم. والغريبة هو إصرار السلطة الحاكمة في المضي قدما في عملية يشوبها عدم الدستورية منذ البداية سواء في آليه اختيار اللجنة التأسيسية من مجلس شعب أغلبيته من التيار الإسلامي وهو ما انعكس على تشكيل اللجنة وعلى المنتج النهائي وهو الدستور، وهي اللجنة التي حُكم ببطلانها وكان منتظرا الحكم ببطلانها للمرة الثانية لنشهد تشكيل ثالثة تعكس التوافق الوطني. والحقيقة أن التيار الإسلامي لم يترك شيئا إلا وحاول تطبيقه حتى نصل إلى الاستفتاء، فقد كانت البداية تحصين الرئيس للجنة بالإعلان الدستوري المكمل في 21 نوفمبر ليحول دون حلها من قبل المحكمة الدستورية العليا، التي تم حصارها من قبل انصار التيار الإسلامي لمنعها من الانعقاد، ورغم موجة الغضب التي أظهرتها المؤسسة العسكرية ورفضها الإعلان الدستوري المكمل ورفضها انقضاض السلطة التنفيذية على القضائية، ووصل الأمر إلى تعليق أغلب القضاه العمل بالمحاكم، إلا أن السلطة التنفيذية استمرت على موقفها ولولا ضغط الشارع ووقوع ضحايا وقدرة المعارضة على إثبات وجودها في الشارع لما انقلبت الموازين. فقد أدى ذلك إلى إلغاء الإعلان الدستوري المكمل بإعلان آخر أبقى على أثاره التي ترتبت عليه، مما يعني أن السلطة التنفيذية أرادت تهدئة الشارع ولكنها لم تستطع، وفي أثناء كل هذه الأحداث تم التصويت على الدستور والإصرار على طرحه للاستفتاء. وقد جاء يوم الاستفتاء بالفعل بدون إشراف قضائي كامل رغم ما أعلن عن وجود حوالي 7000 قاضي، تبين أن هناك حوالي 4000 مراقب ليسوا قضاة ولكن من مهن مختلفة سواء من موظفي اللسطة القضائية والمدرسين وغيرهم، كذلك ظهور العديد من المخالفات منها تأخر القضاة عن موعد اللجان وبالتالي ترك الناس لساعات حتى يعودوا إلى منازلهم وهناك لجان اغلقت في وجه الناس وخاصة في المناطق المتوقع تصويتها بلا ومنع تصويت المسيحيين في بعض اللجان، كما وجدت صناديق مغلقة وممتلئة بالبطاقات الانتخابية المسودة، وذكر البعض الآخر أن الصناديق الانتخابية غير محكمة الغلق مما يشكك في إمكانية وضع استمارات اضافية، كما حدث عنف وطلق ناري في اللجان المتوقع تصويتها بلا...وغيرها من الاختراقات. كل ذلك، دفع المحللين إلى القول بأن المحاولات الكبيرة للتزوير تعني أن هناك خوفا من الرافضين للمسودة، وبالتالي هناك محاولات مستميته للتزوير ليس للتصويت بنعم ولكن على الأقل تقليل النسبة بين المؤيدين والرافضين لمسودة الدستور، لاستخدامها في الانتخابات القادمة ودخول الإخوان في اي انتخابات بنسبة حتى لو اقل من 50% بالاضافة إلى النسب الباقية للتيارات الإسلامية ليكون لهم الغلبة أيضا، ويعضد هذا التوجه ما تردد عن السعي إلى تعيين باقي أعضاء مجلس الشورى مما يعني أن الانتخابات التشريعية لن تحدث حاليا، كإجراء احترازي واستعدادا لرفض الدستور وهذا يفس أسباب تحصين الاعلان الدستوري المكمل له. القادر الوحيد على التحكم في نتيجة الاستفتاء هم الناس انفسهم، الذين يرون أنه رغم الدماء التي سالت بسبب دستور قسم الشعب المصري إلا أنه كان هناك إصرارا على طرحه للاستفتاء، والقادر على التحقق من عدم صدق الدعوات السابقة في استفتاء مارس 2011 والتي ركزت بأن التصويت بنعم سوف يعني الدخول للجنة أو تحقيق الاستقرار أو غيرها، كل ذلك يعني أن التقليل من قدرة الشعب على فهم ما يحدث حوله لم يعد مجديا، وكذلك محاولة قلة تتمثل في التيارات الإٍسلامية في فرض رؤيتها واقصاء الآخر لتحقيق مصالحها الخاصة ولتعيد انتاج دولة يوليو التي نكلت بها ولكن هذه المرة بالتحالف مع العسكر وسيطرتهم على السلطة مع تكرار سيناريو التنكيل والاستبداد الذي مارسته دولة يوليو معهم على مدار 60 عاما ولكن مع الشعب المصري برمته، كل ذلك لن يكون مجديا مع هذا الشعب. لا استطيع أن أنكر رفضي القاطع لمسودة دستور غير دستوري يقنن لدولة مستبدة ورئيس مطلق الصلاحيات ويفتقر للفصل بين السلطات مما يعني عدم التوازن بينها وعدم استقلال السلطة القضائية ويغيب رقابة السلطة التشريعية، فضلا عن غياب الحق في التعليم والعمل والصحة والحريات مما يبعدنا عن دولة الإسلام بمراحل، ومع ذلك ما من سبيل إلا المشاركة، وأيا كانت النتيجة فإن الشارع قادر على التعامل مع كل سيناريو على حدة ومازلت أقول أن التطورات التي تحدث في الساحة المصرية تعمل على إنضاج شعبها ولفظ السيء منه وتقليل تأثيره. مصر دولة قوية وقادرة على الثبات وفرض نفسها رغم ما قاسته من سنوات الاقصاء والتهميش إلا أن مصر المستقبل سوف يصنعها شبابها، والدستور المصري ليس بالدستور الجامد الذي يصعب تعديله حتى لو تمت الموافقة عليه، لا يجب أن نستبعد رفض الدستور لأن المؤشرات تؤكد عليه ولعل محاولات التزوير تثبت ذلك، ولكن علينا الاستعداد للخطوة التالية لما بعد الاستفتاء من الآن.. دعونا ننظم صفوفنا.. ونبحث عن البديل...وطرق جديدة للتعاطي مع الواقع القادم سواء على مستوى المستقبل القريب أو البعيد. Comment *