يموج الشارع المصرى هذه الأيام بصراعات حادة بين كافة التيارات السياسية مما ينذر بحالة من الفوضى والاضطرابات التي لم تعرفها مصر من قبل وهذا ما دفع العقلاء علي النداء بقليل من الثقة بيننا كى نعبر هذه المرحلة بسلام فتجاوز مثل هذه الاختلافات السياسية والحزبية لن يتأتى إلا ببناء الثقة والحوار ولا سبيل للعبور لمستقبل آمن إلا بذلك وإلا ستكون الفوضى والخراب الذى سيطال الكل فقيرا وغنيا ، سياسيا وغير ذلك .. وفى هذا الخضم من الشد والجذب تظهر نداءات المصالحة والحوار للوصول لنقطة تفاهم وحلول ترضى جميع الأطراف المتصارعة بقدر الإمكان وهنا يأتى دور مجلس الوزراء ليرتب وينسق لمثل تلك الحوارات .. فما تاريخ المجلس فى التمهيد والإعداد لمثل تلك الحوارات فى التاريخ الحديث هذا ما نستعرضه فى هذا التقرير . بداية كان الداعى الى الحوار أمس هو وزير الدفاع ذلك في إطار أن الجيش يملك حس سياسى ووطنى ومن منطلق حرصه على عدم انزلاق مصر الى حافة خطرة تنذر بحرب أهلية فقد كان سباقا للدعوة الى حوار وطنى تحضره كافه القوى الوطنية لبحث كيفية الخروج من هذه الأزمة وجدير بالذكر أن هناك احتجاجات عنيفة بالقاهرة ومدن اخرى منذ 22 نوفمبر تشرين الثاني عندما اصدر مرسي مرسوما منحه سلطات كاسحة وضعته فوق القانون وقام وزير الدفاع بدعوة الرئيس محمد مرسى لحضور الاجتماع، حتى يتم التباحث والتشاور فيما وصفه بحوار "لم الشمل" وقد بادر بتلبية النداء كل من الدكتور محمد البرادعى والدكتور محمد أبو الغار لبحث الأزمة السياسية الراهنة ومحاولة إيجاد مخرج، وأوضح البرادعى أنه سيطرح فكرة تأجيل الاستفتاء على الدستور، لحين التوافق على المواد الخلافية وعلى الجانب الآخرقال منتصر الزيات، رئيس منتدي الوسطية للفكر والثقافة بمصر والمتحدث الرسمي باسمها، إن دعوة القوات المسلحة لعدد من قيادات العمل الوطني السياسي لاجتماع اليوم بالقرية الأوليمبية، خلط للأوراق يضر بحاضر مصر ومستقبلها، خاصة أنها تفتح الباب أمام جدل كبير حول الدور السياسي وللأسف لم يحضر اليوم الشخصيات التى كان وزير الدفاع يأمل حضورها لتأثيرها القوى على القوى السياسية فتم تأجيل الاجتماع وكان من المقرر حضور رئيس الوزراء قنديل ولكن بالقرية الأولمبية بالتجمع الخامس وللأسف خابت توقعات وأمل رجل الشارع ثانية النخبة السياسيه وكان الرئيس مرسى قد دعا القوى السياسية أيضا عقب الجدل الذى دار إبان إصداره الإعلان الدستورى الذى حصن فيه مجلس الشورى وقرارات الرئيس ,وقد طالب الدكتور د. هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، القوى السياسية كافة بالاستجابة لدعوة الرئيس محمد مرسي للحوار آنذاك محذرًا من التأثير السلبي على الاقتصاد الوطني، الناتج عن استمرار الوضع الراهن. وقد انعقدت تلك الجلسة بقصر الاتحادية وقد حضر رئيس الوزراء أيضا ولكن الدعوات التى وجهت للحضور خرجت من الرئاسة ومن أسف أنها أيضا لم تسفر عن نتائج ترضى أيا من الأطراف فظل الوضع على ما هو عليه . ويذكر أن الاضطرابات في اكبر الدول العربية سكانا بعد سقوط حسني مبارك العام الماضي تثير قلق الغرب ولاسيما الولاياتالمتحدة التي تمنح مصر مساعدات عسكرية ومعونات اخرى تبلغ قيمتها مليارات الدولارات منذ توصل مصر لسلام مع اسرائيل عام 1979 وكان رئيس الوزراء السابق د. عصام شرف قد دعا الى حوار وطنى لجمع القوى الوطنية على رأى واحد بقدر الإمكان وبرئاسة الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس وزراء مصر الأسبق، ودارت الجلسات على مدار ثلاثة أيام ، دارت خلالها حوارات موسعة بين المتخصصين واساتذة الجامعات والشخصيات العامة وأعضاء المجتمع المدنى وشباب الثورة حول خمسة محاور أساسية هي الديمقراطية وحقوق الانسان، التنمية البشرية والاجتماعية، التنمية الاقتصادية والمالية، الثقافة وحوار الاديان والاعلام، وسياسة مصر الخارجية بعد الثورة. وفي الجلسة الختامية أجمع رؤساء إدارة المحاور الخمسة على أن الحوار بدأ ولم ينته بعد وخلافا لما كان متوقعا لم تصدر عن المؤتمر أية توصيات وانما تم الاتفاق علي عدد من النقاط التوافقية الاساسية، تمهيدا لاستكمال الحوار حولها وصولا لتوصيات نهائية. وأكد الدكتور عبد العزيز حجازى، رئيس لجنة الحوار الوطنى، أن الحوار كان مثمرا ولم يكن مجرد "مكلمة" أو جلسات دردشة ، وأشار إلى أن الحوار سوف يتم فى الفترة المقبلة على مستوى المحافظات، حتى نخرج فى النهاية بآليات واضحة ومحددة من أجل خدمة المواطن الفقير والفئات الكادحة.وأكد د. أحمد جلال الخبير الاقتصادى بالبنك الدولى استحاله قيام تنمية أو نمو فى ظل غياب الأمن بالشارع المصري. كما أكد في احدي جلسات الحوار أن الأزمة الاقتصادية فى مصر مستحكمة، لكن ليس لدرجة "اللطم" والندم على قيام الثورة. وكان د. شرف قد دعا أيضا الى الحوار الوطني.. بمقر مجلس الوزراء: طرح القوانين في حوار مجتمعي..قبل إقرارها فى 30- 03 – 2011 ورغبة حكومة الدكتور عصام شرف على التعرف على الرؤى الوطنية التى تشمل جميع أطياف المجتمع بما ينير الطريق أمام خطوات العمل الوطنى المستقبلية ، عن طريق الحوار الوطنى الذى لايستبعد أى فصيل أو تيار من قوى المجتمع المصرى ، وقد حضر فعاليات الحوار عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك ووزراء السياحة والثقافة والتنمية المحلية والتربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. اكد د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء ان الحوار الوطني هو بمثابة قص الشريط لصناعة المستقبل لهذه الأمة وطلب تواجداً اكثر للشباب وللقوي الوطنية في الحوارات القادمة وحوار لا رقابة أو حدود عليه. واضاف ان الحكومة شكلت لجنة تشريعية تعد القوانين ومناقشتها في مجلس الوزراء وعرضها في حوار مجتمعي قبل اقرارها. ولكن لم يحدث شيئا من ذلك حتى الآن وكان د. عصام العريان أشار إلي أن ثورة 25 يناير قامت من أجل اسقاط النظام لهذا في النظام القديم يجب أن ينتهي وطالب بالتصويت الإليكتروني في العمليات الانتخابية منعا للتزوير اسوة بما يحدث في الهند ونأمل أن يتم تنفيذ ذلك المطلب فى الاستفتاء على الدستور السبت القادم. وفى 4/10/ 2012 عبرقنديل فى افتتاح بدء الحوار المجتمعي مع كافة طبقات وفئات المجتمع المدني، بحضور وزراء المالية التخطيط والتعاون الدولى الاستثمار الصناعة والتجارة الخارجية، أمين مجلس الوزراء وممثلي جمعيات رجال العمال، واتحاد الصناعات والغرف التجارية وجمعية شباب رجال الأعمال والجمعية المصرية لتطوير الأعمال واتحاد المستمرين والغرف السياحية عن أمله فى بدء حوار مجتمعي مثمر مع كافة الأطراف، حيث مرت بمصر بمرحلة انتقالية فى غاية الصعوبة من الناحية الأمنية والاقتصادية، مشيراً إلى أننا اليوم نبحث عن رؤية للتنمية الشاملة فى كافة المجالات والتى تمكنا من تحقيق أهداف ثورة 25 يناير المجيدة وهى عيش حرية عدالة اجتماعية . وأكد أن الهدف الرئيسي من الحوار المجتمعي هو تقديم رؤية مستقبلية شاملة لكل ما تريده وتحتاجه مصر خلال السنوات العشر القادمة، والحصول على مقترحات وآراء توافقية، حتى تكون خطة الإصلاح هى خطة شعب ثم تعرض بعد ذلك فى صورتها النهائية على رئيس الجمهورية، والبدء في إجراءات تنفيذها. وشدد قنديل علي حرص الحكومة على وضع كافة الخطط بتوافق الجميع موضحاً أن مصر تتمتع بموارد طبيعية وإمكانيات بشرية هائلة تفتقدها كثير من الدول المتقدمة، و أن العدالة الاجتماعية لا تقتصر على إعادة توزيع الثروات وإنما تمتد لتشمل ضمان وصول الثروة والحياة الكريمة إلى محدودى الدخل والفئات المهمشة ورفع مستوى معيشة الشعب المصري . وقد غابت أحزاب «الوفد والتجمع والناصرى» عن المشاركة عن هذا الحوار وقام المشاركون فى الاجتماع الذى عقد بمقر مجلس الوزراء بعرض مقترحات شملت تحسين مناخ الاستثمار بهدف زيادة معدلات النمو والتشغيل مع التأكيد على أهمية تدعيم العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى إتباع السياسات المالية والنقدية المحفزة للاستثمار بما فيها زيادة سرعة وجرأة الأجهزة الحكومية فى اتخاذ القرار، وسياسات الأجور وأوضاع سوق العمل. كما تم مناقشة موضوعات الأمن والانضباط، وسياسات ترشيد دعم الطاقة والسياسات الضريبية وإدارة أصول الدولة وإجراءات ضبط الأسواق وحماية المستهلك والتنمية السياحية، بالإضافة إلى تحسين مشاكل المرور وتحسين خدمة المواصلات العامة والمرافق للمواطنين. وأشار إلى أنه لا يوجد ما يسمى بمنتج معد ولا دستور معد، ولجنة الوفاق الوطني التي سيتم الاتفاق عليها هي التي ستضع مشروع الدستور، وأن الفترة الزمنية هي فترة انتخابية ولن نستطيع تجاوزها وأيضا شيء من هذا لم يحدث . وفى الختام فقد دعا الرئيس مرسى الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل للتشاور معه والإسترشاد بخبرته لتجاوز الأزمة التى تعصف بالدولة وكان ذلك قبيل جلسه الحوار التى ألغيت اليوم وقد قال محمد أنه شعر بالاطمئنان بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس محمد مرسي اليوم في قصر الاتحادية ، وأضاف أنه تأكد من أن الرئيس متابع جيد للموقف ومدرك للصورة الكاملة كما هي موجودة ، وأضاف هيكل أن اللقاء مع الرئيس استغرق ساعة ونصف الساعة ، تكلم الرئيس في بدايتها ثم تكلم هيكل ثم انتهى اللقاء بحوار حول مختلف القضايا التي تشغل مصر والمنطقة . وعندما اقترب اللقاء من نهايته، طرح الرئيس خياراته للخروج من الأزمة، وعرض الأستاذ الخيارات التى يراها ويقتنع بصحتها، فى ضوء الصورة التى قدمها، وقال للرئيس: هذا هو ما أراه، ولك أن تتصرف كما تشاء فى ضوء قناعاتك. وفى الختام نأمل أن تعبر مصر هذا الخضم الرهيب من الصراعات وأزمة عدم الثقة بين كافة الأطياف السياسية قريبا قبل أن تشتعل الخلافات ونصل للأسوأ . البديل-تقارير Comment *