لا أصدق نهائياً أن المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح هو المرشح السري لجماعة الإخوان - التي اكتفت بمرشح مرسي واحد -، كذلك لا أصدق تلك الآراء التي تهاجمه بحجةتلونه، وعدم ثباته رغبة في جمع أكبر عدد ممكن من مختلف التيارات الليبرالية واليسارية والإسلامية وأشدها تطرفاً، وأكثرها انفتاحا. لكني أدرك تماماً أن الطبيب المرشح قد ترك الجماعة على أثر اختلاف في الأمور التنظيمية، وعدم رغبة الجماعة حينئذ في تقديم مرشح للرئاسة، ورغبته الشخصية في خوض المنافسة، وهو لم يتم فصله سوى للصراع العنيف بينه وبين خيرت الشاطر على زعامة الجماعة، صاحبة المرشد الانتقالي الضعيف، وبالتالي - وبناء على تصريحاته - مازال أبو الفتوح مؤمناً بكل تقاليد الجماعة، وأعرافها ومبادئها. ولأن عبد المنعم أبو الفتوح أو حسن البنا الثاني كما يطلق عليه من حضر إعادة البعث، وإعادة الروح للجماعة التي قضى عليها ناصر في نهاية الستينيات، ليعيد أبو الفتوح تنشيطها مرة أخرى وإعادتها للحياة، مع سماح السادات للتيارات الدينية بالعودة للحياة في منتصف السبعينيات، فسيتبعه الكثيرون إيمانا بقدراته الخاصة على تحقيق حلم الجماعة، بعيداً عن شيوخها الذين سيقصيهم، لحرصه على حلم البنا. ولكن بعد تأييد العديد من الجهات السلفية شديدة الراديكالية، وصاحبة المشروع الإسلاموهابي للدكتور أبو الفتوح، ومساندته حتى باب القصر كما قال نادر بكار، وبعد ما أظهرته الفترة الماضية في البرلمان من حرص تلك الجماعات على العودة بأقصى سرعة ممكنة لعصور الظلام، حرصاً على فرض قيود أكثر على المرأة والإبداع والتعليم، وانشغالهم العنيف بمشاكل نصفهم الأسفل، يظهر سؤال هام جداً في الأفق: الرجل صاحب المرجعية الإسلامية، الذي شارك عن إيمان في الجهاد في أفغانستان، عندما تطلب منه كتلة برلمانية أمراً يخص تطبيق بعد الأمور الدينية على المجتمع طبقاً لمفهومه الخاص عن الدين، هل سيرفض، هل سيقاوم بسلطاته كرئيس، أم سيلقى هذا هوى بداخله، خاصة وهو يتوافق مع تربي الرجل عليه لأكثر من 40 عاما؟. هل سيهتم المرشح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المنتمي فكرياً للجماعة الليبرالية الفكر اقتصاديا بالحد الأدنى للأجور ب- بعيداً عن الهوى الديني هذه المرة -؟ هل سيرفض أبو الفتوح قطع يد السارق - بالمناسبة وضع الإسلام 18 شرطاً لتطبيق هذا الحد يستحيل توافرها -، هل سيرفض تطبيق حد الحرابة؟ هل وهل وهل وألف علامة استفهام تجعلني أتأكد أن كل دعاة التفتح، والليبراليين واليساريين، والمبدعين والوسطيين الذين ينتخبون أبو الفتوح اليوم، سيعضون أصابع الندم عندما يلتقي التيار الشرقي بالخلفية الإسلاميةالإخوانية، ليقودا مصر إلى بحر الظلمات مع تحيات المجلس العسكري الذي ينتظر النداء للعودة إلى السفينة منقذاً ومخلصاً. Comment *