تمتد صحراء مصر على جانبي نهر النيل لمساحة تقدر ب905 ألف كيلو مترات، أي ما يمثل ما يقرب من 92 % من إجمالي مساحة مصر المقدرة بمليون كيلو متر، وعلى الرغم من توافر تلك المساحات الشاسعة من الأراضي الصحراوية التي تعد بيئة مناسبة لرعي الإبل، إلا أنها لا تمثل أكثر من 5% من إجمالي حجم الثروة الحيوانية. وفي ظل الأزمات التي يعاني منها الإنتاج الحيوانى نتيجة انتشار الأمراض الوبائية في الأبقار والدواجن، وارتفاع أسعار الأعلاف، وجب التوجه لبدائل لسد الفجوة الغذائية من البروتين الحيواني، وعلى رأسها لحوم الإبل ذات المناعة العالية، والتي تتغذى على النباتات الصحراوية، واستغلال لحومها في إنتاج مصنعات غذائية كالبسطرمة واللانشون. ووفقًا لآخر إحصائية لوزارة الزراعة عام 2012، فإن مصر تملك 130 ألف رأس إبل، أي ما يقدر بنحو 0.63% من إجمالي الإبل في العالم، وتحتل محافظة الوادي الجديد المرتبة الأولى في تربية الإبل، تليها مرسى مطروح، وتعد سوق شلاتين مصدرًا لذكور الإبل التي يتم طرحها على هيئة لحوم، كما أن سوق برقاش في الجيزة أكبر سوق للإبل، وخط غرب النيل تباع فيه الإناث، وتعد الشرقية المحافظة الأكثر استهلاكًا للإبل. أكد الدكتورأحمد علي، خبير الإنتاج الحيواني، أنه من الممكن أن تساهم الإبل في حل مشكلة نقص اللحوم الحمراء، بعد مرور مصر بعدة أزمات في مجال الإنتاج الحيواني، أدت إلى انخفاض أعداد الحيوانات المجترة (أبقار وأغنام وماعز)، ومع تزايد السكان ستتسع الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك للبروتين الحيواني عامة واللحوم الحمراء خاصة، مما يتطلب إعادة النظر في أولوية الاعتماد على الإبل داخل منظومة إنتاج اللحوم الحمراء، حيث تشكل الصحراء ما يقرب من 92 % من مساحة مصر، فتمثل الأبقار والجاموس نحو (87 %) من إنتاج اللحوم الحمراء في مصر، بينما تمثل الأغنام والماعز نحو (8 %)، ثم تأتي الإبل بنحو (5 %) فقط. وأوضح علي أن الدراسات أثبتت مضاهاة لحم الإبل للحوم الأبقار والجاموس، وأنه يتميز بقيمته الغذائية، وانخفاض نسبة الدهن والكولسترول إذا ما ذُبح عند نفس العمر، مما يوفر لحومًا ذات جودة عالية، خاصة أن أهميته الاقتصادية تظهر جليًّا لكونه حيوانًا يعيش وينتج تحت ظروف المناطق الجافة والحارة، وهي الموطن الأصلي الذي يعيش فيه ويتأقلم معه، لافتًا إلى أن تغذية الإبل على ( 15 – 20 كجم) من التبن ومخلفات قصب السكر والشعير (بحيث لا تزيد نسبة الشعير على 10- 15%) تجعل الإبل تزيد بمعدل (0,95 – 1,4 كجم) يوميًّا مقابل 0,11 كجم للأبقار (التي غُذيت على نفس التركيبة العلفية، مما يوضح كفاءة الإبل العالية في تحويل العلف الفقير في محتوياته الغذائية إلى لحوم، كما أن تجربة رعي الإبل على متبقيات مزارع الخضراوات والمحاصيل بعد الحصاد وجمع الثمار أثبتت نجاحها في الأراضي الجديدة، من خلال إنتاج السيلاج من المخلفات الخضراء لهذه المزارع، ويمكن الاعتماد على مخلفات أسواق الخضراوات والفاكهة الكبرى في مصر، وتحويلها إلى لحوم إبل رخيصة الثمن، بما يدعم التنمية المستدامة. ومن جانبه قال الدكتور خالد البحراوي، أستاذ فسيولوجيا التناسل شعبة الإنتاج الحيواني بمركز بحوث الصحراء: وفقًا للأبحاث والدراسات العلمية فإن العمر الإنتاجي للإبل يتخطى العشرين عامًا، تنتج خلالها الناقة حوالي 12 مولودًا بمتوسط ولادتين كل ثلاث سنوات، فمدة حمل الناقة تصل إلى 13 شهرًا، بالإضافة إلى موسمية التناسل، فالذكر لا يرغب في التزاوج إلا 3 أشهر فقط في السنة من آخر ديسمبر إلى منتصف مارس، وهي بالمقارنة بالأبقار إنتاجها أقل؛ مما تسبب في العزوف عن تربيتها. وأكد البحراوي أن لحوم الإبل ذات طعم مستساغ، يشبه طعم اللحم البقري، خاصة في الجمال صغيرة السن، إلا أنها تتميز عنها بانخفاض نسبة الدهن بما لايتجاوز 5%، مع خلوها من الكولسترول، كما أن تغذية الإبل على المراعي الطبيعية تجعل لحومها خالية من المواد الكيميائية والمضادات الحيوية؛ مما يجعلها من اللحوم الصحية، ويجب الوضع في الاعتبار أن إنتاج الجمال من اللحوم يتم تحت ظروف بيئية شديدة الصعوبة، يصعب على الحيوانات المزرعية الأخرى إنتاج اللحم فيها.