على الرغم من حالة القبول والإشادة بين الأطباء والخبراء بقرار وزارة الصحة فتح باب تلقي الوصايا الموثقة من الشهر العقاري لمن يرغب في التبرع بالأعضاء من المتوفين حديثًا، فقد أثار القرار عددا من التساؤلات حول مدى جاهزية المستشفيات المصرية لتخزين الأعضاء، وما إذا كانت مصر تمتلك بنوكا للأعضاء البشرية. الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أكد أن القرار إيجابي ولكنه يحتاج أن يُتبع سريعا بخطوات محددة لإنشاء السبل القانونية لتنظيم عملية التبرع بالأعضاء من المتوفين حتى لا يكون هناك فوضى. وأوضح ل"البديل" أن وزارة الصحة تسعى من خلال القرار بكسر حاجز الخوف من التبرع بالأعضاء في حالة الوفاة، ولكن القرار يحتاج إلى تنظيم جيد، وأن تكون هناك لجنة عليا لتنسيق التبرع تشرف على نقل الأعضاء من شخص لآخر سواء بين الأحياء أو من الموتى للأحياء، ويكون معروفا أسباب محددة للوفاة، وأن تشكل اللجنة من أطباء متخصصين سواء باطني أو كلى أو غيرها، وأن تمنح صلاحيات لتكون مسؤولة عن الإشراف على بنوك الأعضاء وحفظ الدفاتر، ووضع اللوائح المطلوبة للتأكد من سلامة الإجراءات، إلى جانب الرقابة والتفتيش، فالتبرع بالأعضاء أمر هام ولكن يحتاج إلى منظومة كاملة، على حد قوله. وأضاف أن وزارة الصحة لا تمتلك بنوكا لحفظ الأعضاء حتى الآن، مشيرا إلى أن عملية نقل الأعضاء معقدة وتحتاج إلى تراخيص وإجراءات طويلة، وقال: من خلال عملي كمشرف على بنك للأعضاء في مارسيليا بفرنسا لعدة سنوات، فالتبرع له إجراءات معقدة تحتاج إلى تنظيم شديد، حيث تكون الأعضاء معروفة المصدر بعناية حتى لا تحدث سرقة من الموتى، والتسجيل في هذه البنوك يشبه إلى حد كبير البنوك المصرفية، حيث يأخذ المتبرع رقما للإيداع، ويتم نقل الأعضاء في صناديق مخصصة، وهناك أعضاء تستخدم طازجة مثل الكلى والقرنية وهذه تحتاج إلى النقل الفوري بعد الوفاة، وهناك أعضاء تصلح للتخزين لفترات طويلة من خلال التجميد في درجة حرارة سالب 70 باستخدام النيتروجين السائل، وهذا يحتاج بالضرورة إلى بنوك متخصصة. وأشار سمير، إلى أن هناك دولا تصدر الأعضاء مثل إيران والصين والولايات المتحدةالأمريكية، وأي متوفى يتبرع لهذه البنوك يقوم بالتوقيع الموثق مسبقا على الأوراق وخاصة من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، كما يصدرون الأعضاء الزائدة عن الحاجة والتي يمكن أن تفسد بطول بقائها لأن الأعضاء لها أيضا تاريخ صلاحية. وقال علاء غنام، مسؤول ملف الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن القرار خطوة هامة في مشوار إقناع المجتمع بفكرة التبرع بالأعضاء، وفي ذات الوقت التأكيد على أنه لا يوجد حل للقضاء على تجارة الأعضاء بالبشر سوى التبرع من حديث الوفاة. وأكد غنام ل"البديل" أن القوانين والقرارات الوزارية مهمة ولكن تبقى ثقافة المجتمع وخوفها من التجربة، مطالبا رموز المجتمع كالفنانين ورجال الدين بلعب دور في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لدى أفراد المجتمع، لتشجيعهم على ممارستها. وأوضح أن الكلى والقرنية والكبد من أكثر الأعضاء البشرية احتياجا في مصر، مشيرا إلى نجاح الأطباء بالمستشفيات الجامعية في تحقيق نتائج إيجابية في عمليات زرع ونقل أعضاء منذ الثمانينيات، وأن مصر تستطيع الاستفادة من تجارب دول تشبه الشريحة الاجتماعية لها فى إنشاء بنوك الأعضاء البشرية مثل دول؛ المكسيك، جنوب افريقيا، البرازيل والهند. جدير بالذكر أن مصلحة الشهر العقاري وثقت أمس، أول وصية للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة تقدم بها المهندس يوسف حنا، 26 سنة، من محافظة سوهاج إلى اللجنة العليا لزراعة ونقل الأعضاء البشرية بوزارة الصحة. وجاء بنص الوثيقة: أوافق على التبرع بأعضائي بعد ثبوت وفاتي يقينا يستحيل بعده العودة إلى الحياة بأي عضو يمكن نقله مثل الكبد والكلى والقلب والبنكرياس والأمعاء، أو أي نسيج مثل الجلد وصمامات القلب والأوعية الدموية، وكذلك العظام وأي عضو آخر أو جزء منه أو نسيج يمكن نقلة مستقبلا، وفقا للتقدم العلمي، للاستفادة منه إلى جسم أي إنسان آخر، للمحافظة على حياته، أو علاجه من مرض جسيم، أو استكمال نقص حيوى في جسده طبقا للقواعد والقوانين المتبعة، وهذا القبول دون أي مقابل مادي أو عيني لأقاربي أو لأي شخص آخر بسبب النقل أو بمناسبته، حيث إن التبرع ناتج عن إرادة حرة وقوية. كان الدكتور علي محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص وعضو اللجنة العليا لزراعة ونقل الأعضاء بوزارة الصحة، قد أعلن أن القانون يسمح بالتبرع بأعضاء المتوفين حديثا شرط وجود وصية موثقة في الشهر العقاري، على أن تقوم اللجنة العليا بالحصول على أعضائه بعد الوفاة وحفظها وتوفيرها بالمجان لمن يرغب في نقل الأعضاء وحالته المرضية تستدعي ذلك.