الخطاب الإسرائيلي الرسمي بشأن الرؤية لمستقبل فلسطين وإسرائيل، صلب ونهائي وغير قابل للنقاش، وعلى النقيض، فإن وجهة النظر الفلسطينية في بعض الأحيان مشوشة وقد تدمر نفسها، فالأكثر وضوحا في رسائل فتح وحماس، أن كل من الحركتين تريد تهميش الأخرى وسحقها، وهو أمر يبدو أكثر أهمية من الاحتلال الإسرائيلي. كما تحاول السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس في رام الله، الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الوضع الراهن، والانخراط في معركة مكلفة لمحاربة الاحتلال العسكري، وبالتالي ليس من المستغرب أن يكون الخطاب الإسرائيلي نفسه أكثر جمودا وتطرفا في ظل قيادة عباس منذ عام 2005، واتضح ذلك بشكل كبير خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن. وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب: يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على كامل المنطقة غرب نهر الأردن، والتصريح يقوض إعلان قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. ويتعمد خطاب الهيمنة الإسرائيلي على الفصل الكامل بين الفلسطينيين وحقوقهم، لكن في نفس الوقت، الخطاب الفلسطيني مر بعدة مراحل، من بينها الخطاب العربي الثوري والقومي في بعض الأحيان، إلا أن الإسرائيلي ظل ثابتا إلى حد كبير منذ عام 1948، حتى التغييرات التي طرأت على اللغة الرسمية الإسرائيلية، كانت خلال فترة عملية السلام، وفي الغالب كانت تكتيكية، وغير واضحة بشكل كامل. ومنذ تأسيسها، لجأت إسرائيل إلى ثلاث استراتيجيات رئيسية لقمع المطالب الفلسطينية المتعلقة بالعدالة وحقوق الإنسان، بما فيها عودة اللاجئين، فهي تحاول إعادة كتابة التاريخ سعيا لتشتيت الحقائق الوحشية الحالية، وتستخدم إسرائيل آلة الدعاية الخاصة بها لمحاولة قلب الحقائق، خاصة فيما يتعلق بالغزو العسكري لفلسطين والتطهير العرقي لسكانها. حاول أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، مع مجموعة من اليهود الإسرائيليين، تطوير الأحداث في الفترة 1947 -1948، وتغيرها لصالح إسرائيل، حيث تأسيس الدولة وتدمير فلسطين، وأراد نشر نسخة من التاريخ تتفق مع الموقف السياسي لإسرائيل، لكنه كان يحتاج إلى الأدلة لدعم موقفه، وأصبحت الأدلة في نهاية المطاف تاريخا، ولذلك عين الباحثين في الخدمة المدنية بغرض وضع تاريخ بديل، والذي لا يزال يسيطر على التفكير الإسرائيلي حتى يومنا. تشتيت التاريخ أو الواقع الراهن للاحتلال المروع لفلسطين، بدأ منذ 70 عاما، حيث بداية من الروايات الإسرائيلية القديمة التي تقول إن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وصولا إلى ادعاءات أن إسرائيل هي رمز التكنولوجيا والحضارة والديمقراطية والتي تحيط بها الحضارة العربية والإسلامية، ومنذ ذلك الحين تستمر تشوهات المسؤولين الإسرائيليين للتاريخ. منذ عام 1967، زادت غطرسة إسرائيل بجانب كرهها للقانون الدولي المتمثل في الازدراء المستر للعالم والتفاخر والتسلط الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وتعمل وسائل الإعلام الصهيونية على تبديل الحقائق، حيث قالت صحيفة جيروزاليم بوست، في افتتاحيتها، إن الدعاية الفلسطينية المنتشرة الآن تحاول إقناع العالم بوجود كلمة "لاجئ". ويرفض العديد من وسائل الإعلام الصهيونية استخدام كلمة "نكبة فلسطينية"، كما أنها ترفض مناقشة الصراع في فلسطين وحرب 1967، وتستخدم مصطلح "الصهاينة المتقدمين" الذين يستبعدون أي إمكانية لحل الدولتين. وتتوافق بعض الآراء اليهودية مع حق الفلسطينيين في العودة، ولسنوات كانت إسرائيل حذرة من مثل هذه الحركات المتنامية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وغيرهم في أنحاء العالم من أجل تحقيق دفعة نوعية لفهم جذور الصراع في فلسطين. يبدو أنه بعد 70 عاما من النكبة، لا يزال الماضي يلوح في الأفق، ولحسن الحظ لا يزال هناك أصوات فلسطينية تحارب الرواية الإسرائيلية الرسمية، كما أنها الآن مرتبطة بعدد متزايد من الأصوات اليهودية. ومن خلال سرد مشترك جديد يمكن التوصل إلى فهم حقيقي للماضي، من خلال الأمل والسلام بدلا من الهيمنة العسكرية وعدم المساواة. المصدر