كتب: جمال عبد المجيد، بسمات السعيد، محمد ربيع، أحمد الأنصاري، وسام حسين يحتفل مرضى نزيف الدم "الهيموفيليا" اليوم 17 أبريل بيومهم العالمي، وسط معاناة وألم شديدين؛ أكثر من 22 ألف مريض يكابدون ارتفاع الأسعار، وقلة مراكز العلاج، والأساليب الخاطئة داخل المستشفيات، لكن معاناة مرضى الأقاليم أشد وأقسى. مرض الهيموفيليا يعد خللا وراثيا في المادة التي تمنع الدم من التخثر "التجلط"، ما يتسبب لأصحابه في نزيف بمناطق مختلفة من الجسم، تحت الجلد أو في المفاصل أو تحت العضلات، عند التعرض لأي إصابة أو جرح بسيط، وقد يحدث النزيف أيضا بشكل تلقائي في الحالات الشديدة، التي يكون فيها العامل رقم 8 في الجسم أقل من 1 %. عبير مصطفى والدة طفل يبلغ من العمر 6 سنوات مريض بالهيموفيليا، قالت: "اكتشفت مرض ابني بعد الولادة أثناء عملية الطهارة؛ فنزف ابني كميات دم كثيرة، وبعد عمل التحليلات اللازمة، وجدنا أنه حامل مرض الهيموفيليا، ولابد من أخذ حقن الفاكتور مباشرة لإيقاف النزيف"، مضيفة: "للأسف، وضع مرضى نزيف الدم في بلدنا سيئ للغاية، خاصة من يعالجون على نفقة الدولة، حيث إن قيمة القرار لا تكفى مرة نزف واحدة مع ارتفاع سعر الفاكتور، فيضطرون إلى اللجوء للبديل الأرخص وغير الآمن، وهو مشتقات الدم، التي تتسبب في نقل الفيروسات، مثل بي وسي والإيذر". "أساليب العلاج الخاطئة أصابت ابني الطفل بالإدمان".. هذا ما أكده والد الطفل فيلوباتير إبراهيم، 11 سنة مريض هيموفيليا، مضيفا: "بعدما امتنعت مستشفى أطفال مصر التابعة للتأمين الصحي بالقاهرة، عن إعطاء نجلي العلاج، وتم إعطاؤه علاجا آخر يحتوي على مواد مخدرة (نافلون) ومدرج جدول المخدرات، لتسكين الألم فقط، حتى أدمنها طفلي، وتم حجزه في مصحة لسحب المادة المخدرة"، متابعا: "حررت بلاغا في النيابة الإدارية ضد مدير قسم أمراض الدم ن. ش؛ لرفضها إعطاء الدواء للأطفال ومنهم نجلي، وأنا حاليا أتسول فلوس حتى استطيع شراء الحقن". عبده حمزة، أحد المرضى بمدينة بسيون بالغربية، قال إن وزارة الصحة تناست دورها المجتمعي في تقديم الخدمات الطبية من علاج لمرضى الهيموفيليا، واعتمدت على المنح والمعونات الدوائية الخارجية، التي لا تكفي المرضى شهرا واحدا. وقال الدكتور علي سليمان، عضو المركز المصري للحق في الدواء، إن أوضاع مرضى الهيموفيليا سيئة للغاية في مصر؛ إذ يعانون من نقص عقار "فاكتور" المعالج للمرض؛ بسبب ارتفاع أسعار الدولار، وعدم تصنيع الدواء محليا، مؤكدا أن التأمين الصحي لا يتحمل أكثر من 30% فقط من علاج المرضى، والباقون يدخلون في نظام العلاج على نفقة الدولة. وكشف سليمان ل"البديل" عن كارثة حقيقية تتمثل في طريقة العلاج بالمستشفيات الحكومية، من خلال نقل الدم والبلازما للمرضى، والتي أسفرت عن إصابة الكثيرين منهم بفيروس سي، ما تسبب في سوء حالتهم بشكل أكبر، مطالبا وزير الصحة بتوفير عقار أكثر أمانا لهم وضرورة عمل هيئة التأمين الصحي حصرا دقيقا لأعداد المرضى، وتنظيم قوافل طبية بجميع المحافظات لتوعية الأطباء بالتشخيص الدقيق مبكرا. الدكتورة إيناس عرفة الزمراني، أستاذ أمراض الدم بمستشفى طنطا الجامعي، قالت إن المرض له أشكال متعددة أخطرها نوع "أ" الذي يسببه نقص العامل الثامن لمادة التجلط، ويمثل 85% من إجمالي حالات المصابين بمصر، وأعراضه تكون عبارة عن نزيف ذاتي متكرر بعد الكدمات أو الضربات البسيطة التي يتعرض لها المصاب. وأشارت الزمراني إلى أن مرض الهيموفيليا، يتم اكتشافه في عملية الختان أو عند الحقن أو عند سحب عينة من الدم؛ حيث يحدث نزيف تحت الجلد يمكن التعرف عليه من خلال بقع زرقاء، ويطول وقت النزيف ولا يتوقف كما يحصل عند الأطفال حديثى الولادة، بينما يتم اكتشاف المرض فى الكبر بملاحظة انتفاخ في المفاصل بسبب تراكم الدم، مما يسبب إعاقة حركية، مطالبة بضرورة تعميم العلاج الوقائي للمرض وتوفير مراكز علاج بالمحافظات. الدكتور سامى إبراهيم الكوراني، أستاذ أمراض الدم وزرع النخاع، استنكر نقص حقنة "فاكتور9″ بشكل ملحوظ، كما تخطى ثمنها 4 آلاف جنيه، ما تسبب في إصابة عدد كبير من المرضى ببتر أقدامهم بعد فشلهم في الحصول عليها لنقصها في المستشفيات والصيدليات، موضحا أن المادة الموجودة في حقن فاكتور عبارة عن أنواع من البروتينات اللازمة لتخثر الدم في الإنسان الطبيعي، تكون ناقصة من دم المريض المصاب بالهيموفيليا، سواء كان نقص بروتين 8 أو بروتين 9. وأضاف الكوراني ل"البديل" أن مرضى الهيموفيليا بالآلاف في محافظات مصر، بمعدل حالة إصابة بالمرض لكل 10 آلاف مواطن تقريبا، وعلاج الحالة الواحدة يتجاوز 100 ألف جنيه سنويا، في الوقت الذي لا تقدم فيه الدولة سوى 5% من تكلفة العلاج للمرضى. وأوضح محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، إن المركز تحدث مع لجان التأمين الصحي التي كانت تضع القانون الجديد، وقريبا ستنتهي أهم المشاكل الخاصة بتدبير التمويل، مؤكدا أن عدد الحقن لا يكفي المرضى، ويوجد مرضى كثر في بعض المحافظات، ويعانون من سوء توزيع الحقن لعدم توافر قاعدة البيانات، مضيفا أن مشكلة المرضى حاليا تنقسم إلى جزئين، الأول، نقص عقار "الكرايو" الذي يدخل في علاج المرض، والثاني، تخصيص أقسام في المستشفيات الجامعية وتجهيزها بأطباء متخصصين لعلاج المرض. وطالب الدكتور أحمد فوزي قاسم، نقيب أطباء سوهاج، وزارة الصحة بسرعة الاهتمام بمرضى الهيموفيليا، سواء ببناء مستشفيات ومراكز متخصصة أو توفير العلاج اللازم لهم بأسعار مخفضة عن طريق دعم العلاج، خاصة أن أسعار الأدوية الخاصة بعلاج المرض مرتفعة جداً، لأنها من مشتقات الدم، مستنكرا غياب الدور الحكومي تجاه المرض، بالمقارنة بالحملات التي تنظمها بعض المؤسسات الاجتماعية عن كيفية اكتشاف المرض مبكراً، وكيفية تعامل الأسرة مع الشخص المصاب به.