تزايدت العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة بأوروبا بمعدل غير مسبوق، ومؤخرًا شهدت فرنسا عدة حوادث إرهابية كان لها صدى واسع داخل الأوساط الفرنسية، حيث أحبطت الشرطة الفرنسية هجوما إرهابيا على مدخل اللوفر في وقت تستعد فيه البلاد للانتخابات الرئاسية، ويقول خبراء ان المستفيد الأول من هذا الهجوم الذي قوبل بتغطية إعلامية واسعة ومكثفة من وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية هى ماري لوبان، زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف، التي تسعى للفوز برئاسة البلاد، والتي تدعو لمنع دخول اللاجئين والمسلمين إلى فرنسا مقتدية بذلك بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب . وهاجم رجل، صباح الجمعة، دورية عسكرية بالساطور بالقرب من متحف اللوفر، هاتفا "الله أكبر"، قبل أن يصاب بجروح خطيرة عندما أطلق جندي النار عليه، في اعتداء وصفه برنار كازنوف، رئيس الوزراء الفرنسي بال"إرهابي". محمد حامد، المتخصص في الشؤون الدولية، قال ل"البديل" إن فرنسا منذ عامين تعاني من عمليات إرهابية متتابعة ومتسارعة ومتناسخة، من شارل إيبدو حتى حادثة اللوفر، مؤكدًا أن هذا سيؤثر على رأي الناخب الفرنسي الحائر بين مرشحي اليسار، واليمين، واليمين المتطرف. وأكد أن هذه العمليات ستعزز فرص التيار اليميني بشكل عام واليمين المتطرف بشكل خاص، والذي ينادي بجعل الاهتمام بفرنسا أولا ومراجعة سياسيات اللجوء التي أقرتها الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة مع صعود الأزمات في المنطقة العربية والإفريقية في سوريا والعراق وليبيا والصومال. وأضاف أن هذا التحول في التوجه العام بفرنسا بدأ يجد صدى لدى المواطن الفرنسي والحكومة الفرنسية أيضًا، التي فككت مخيم «كاليه»، والذي كان يضم في غالبيته عددًا من اللاجئين الأفارقة والمقام منذ التسعينات من القرن الماضي، مشيرًا إلى الاستفادة من هذه الأحداث عبر أخذ ثقة الناخب الفرنسي باليمين المتطرف المتمثل في المرشحة الفرنسية مارين لوبان، والتي تنادي بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وشبهتها بعض الصحف الفرنسية بأنها «ترامب» الثاني. وأوضح حامد، أن لوبان ترى أن فرنسا طبعت علاقتها مع جماعات متشددة في المرحلة الأخيرة في سوريا والعراق وليبيا، وهو ما نتج عنه في النهاية وصول عمليات إرهابية إلى الداخل الفرنسي نتيجة كل هذه السياسات الخاطئة، كما ترى أن بعض دول الخليج لعبت دورا في تشجيع الإرهاب. واختتم بالتأكيد على أن العملية الأخيرة سترفع حظوظ لوبين في الانتخابات الفرنسية التي أصبحت مرشحة وبقوة لخوض جولة الإعادة، مؤكدًا أن اليمين المتطرف أصبح قريبا لقصر الإليزيه أكثر من أي وقت مضى. من ناحية أخرى، ترى الأوساط الإعلامية الفرنسية أن اختيار متحف اللوفر له مغزى سياسي، حيث تحمل تنفيذ هذه العمليات الإرهابية داخل المناطق التاريخية والإثارية بفرنسا رسالة تدعي أن الإسلام ضد الثقافة والتحضر كما يحاول اليمينيون الغربيون دائما تصويره واستغلاله لانتزاع قرارات تقييد المسلمين. وتوجت صدى النداءات اليمينية المتطرفة بتقييد المسلمين في أوروبا بتفكير الحكومة الفرنسية، في يوليو الماضي، باعتماد قرار تجميد تمويل بناء المساجد في فرنسا من الخارج، والدعوة إلى تكوين الأئمة الفرنسيين في فرنسا، بدلًا من استيرادهم من الخارج، وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد صادق، أوائل يوليو الماضي، على تقرير يطالب بوضع حد لتمويل دول أجنبية، ومنها المغرب والجزائر وتركيا، وتقييد بناء مساجد في فرنسا، بسبب ارتفاع مستوى الإرهاب، وربط تقرير لمجلس الشيوخ التطرف بالتمويل الأجنبي للمساجد، بعد ضغط اللوبي اليميني المتطرف، الذي يلعب على وتر الأمن والاستقرار بعد الاعتداءات الإرهابية في فرنسا.