4 أحداث في أوروبا تشير بوضوح إلى تصاعد أمواج اليمين المتطرف في كل مكان داخل القارة، حيث يقترب ممثلوه من الوصول إلى السلطة في عديد من الدول الأوروبية، مطالبين بتقييد حركة المسلمين وتنفيذ سياسات من شأنها الإضرار بشكل الإسلام في المجتمع الأوروبي، استغلالًا لكثرة العمليات الإرهابية، فبدءًا من دراسة فرنسا لوقف التمويل الأجنبي لبناء المساجد ومطالبة نواب برلمانيون في باريس بإغلاق أماكن العبادة، مرورًا بمطالبة حزب دنماركي بمنع دخول اللاجئين المسلمين، وصولًا إلى اكتشاف جريمة تلفيق الشرطة الكندية لزوجين مسلمين قضية تتعلق بالإرهاب. وتزايدت العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة بأوروبا بمعدل غير مسبوق، حيث شهدت فرنساوألمانيا عدة حوادث إرهابية في أقل من شهر كان لهم صدى واسع داخل الأوساط الفرنسية والألمانية، ففي 15 من شهر يوليو شهدت مدينة نيس عملية دهس قتل على إثرها 83 شخصًا وإصابة المئات، ولم تمر سوى أيام وشهدت ميونخ حادثًا إرهابيًّا أسفر عن مقتل العشرات، كما شهدت ألمانيا حوادث أخرى في الأيام القليلة الماضية، إلَّا أن ما برز أيضًا هو الاعتداء الأخير على إحدى كنائس ضاحية «نورماندى» القابعة في منطقة روان بشمالي فرنسا، وذبح كاهنها، التي أسفرت عن ردود أفعال عده تشير إلى أنها ستصبح نقطة انطلاقة اليمين المتطرف، وتزايد وتيرة الإسلاموفوبيا في هذه المجتمعات، حيث حذر التيار اليميني المتطرف في بعض الدول الأوروبية بلهجة شديدة، من خطورة الحوادث الأخيرة، خاصة على كنيسة «روان»، الأمر الذي وصل لحد التهديد بالانتقام من تلك العمليات باستهداف المساجد، هذا التهديد دعا على أثره عميد المسجد الكبير في باريس «دليل بوبكر» رؤساء دول أوروبا لتعزيز الإجراءات الأمنية حول أماكن العبادة في القارة ولكن يبدو أن صعود اليمين المتطرف صداه أقوى من تلك الاستغاثات. فرنسا تدرس تجميد تمويل بناء المساجد وتتوج صدى النداءات اليمينية المتطرفة بتقييد المسلمين في أوروبا بتفكير الحكومة الفرنسية، باعتماد قرار تجميد تمويل بناء المساجد في فرنسا من الخارج، والدعوة إلى تكوين الأئمة الفرنسيين في فرنسا، بدلًا من استيرادهم من الخارج، ويأتي القرار الذي يمكن تطبيقه بحسب الحكومة الفرنسية؛ بسبب ارتفاع مستوى الإرهاب وتقرير لمجلس الشيوخ ربط بين هذا التطرف بالتمويل الأجنبي للمساجد. وقال رئيس الحكومة مانويل فالس في حوار مع جريدة «لوموند» الفرنسية، نشرته في موقعها الرقمي الجمعة: الوضع في فرنسا يتطلب التفكير في علاقة جديدة بتسيير الشأن الإسلامي في البلاد، مشيرًا إلى عمل وزارة الداخلية في هذا الاتجاه، وأبرز رغبته في تطبيق إجراءين، الأول تكوين الأئمة في فرنسا، ثم تجميد مؤقت للتمويل الأجنبي لبناء المساجد. وتأتي تصريحات المسؤول الفرنسي تحت ضغط اللوبي اليميني المتطرف، الذي يلعب على وتر الأمن والاستقرار بعد الاعتداءات الإرهابية في فرنسا، والتي أودت بحياة المئات، ومن ضمن الموضوعات التي يتم التركيز عليها استقلالية تسيير الشأن الديني الإسلامي في فرنسا نحو ما يسميه البعض «إسلام فرنسا» بعيدًا عن تأثيرات دول أخرى ومنها المغاربية داخل المجتمع الفرنسي. وكان مجلس الشيوخ الفرنسي صادق أوائل يوليو على تقرير يطالب بوضع حد لتمويل دول أجنبية، ومنها المغرب والجزائر وتركيا وبناء مساجد في فرنسا، ويؤكد التقرير حساسية العلاقة بين فرنسا والإسلام، الذي هو الديانة الثانية في هذا البلد الأوروبي، ومن ضمن عناوين هذه الحساسية أن الدولة الفرنسية تتدخل في الشأن الديني، لكنها ترغب في احترام قانون العلمانية الذي صدق عليه سنة 1905. البرلمان الفرنسي يناقش غلق أماكن دور العبادة من جانبه طلب البرلمان المحلي في جزيرة كورسيكا السلطات الفرنسية بغلق أماكن العبادة التي اعتبروها بحسبهم وبإيعاز من القوى اليمينية، تشكل بؤر تطرف إسلامي، وتم تبني القرار في شبه إجماع، حيث صوت لصالحه نواب الأغلبية القومية الذين وأضيف إليهم زملاؤهم من اليمين واليسار، وطالب القرار ب«الغلق الفوري» في كورسيكا «لأماكن العبادة أو الاجتماعات الإسلامية التي بحسبهم تشكل بؤر تطرف، أو التي تلقى فيها خطابات تخلق مناخا مواتيًا للعنف». حزب دنماركي يطالب بمنع المسلمين من دخول أوروبا وفي الإطار ذاته، طالب نائب زعيم حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف المناهض للهجرة، «سورين إسبريسان» الحكومة بمنع دخول اللاجئين المسلمين إلى البلاد لمدة 6 سنوات، وحمل إسبريسان في تصريحاته لصحيفة «برلينسكي» الدنماركية، المسلمين مسؤولية الهجمات الأخيرة في أوروبا، قائلًا: «إن الدنمارك بحاجة لمهلة، وعليها أن تمنع دخول اللاجئين إلى أوروبا لمدة 6 سنوات». وفي تصريحات أخرى لوكالة «ريتزاو» الإخبارية الدنماركية، قال إسبريسان: «إن التهديد الإرهابي مصدره الجالية الإسلامية، وهذا لا يعني أنَّ كل المسلمين إرهابيون». من جانبه أشار المتحدث باسم الحزب، مارتن هينريكسان، إلى أنهم لا يريدون قانونًا يستهدف المسلمين على وجه التحديد، قائلًا: «لا نريد ممارسة ضغط تجاه اللاجئين المسلمين، لو أمكننا وقف تدفق اللاجئين سيكون الوضع أفضل جدًّا». الشرطة الكندية تلفق قضية لزوجين مسلمين في حادثة توضح الترصد للمسلمين ومحاولة تشويهم، لفقت الشرطة السرية الكندية للزوجين جزم نوتال وأماندا كورودي جريمة، بأنهما كانا يحاولان زرع عبوات ناسفة لتفجير المجلس التشريعي في تورونتو في يوم الاحتفال بالعيد الوطني الكندي، لكن برأت المحكمة العليا الكندية بمقاطعة بريتيش كولومبيا، الجمعة الزوجين الكديين المسلمين وأصدرت حكمًا بإطلاق سراحهما. وقالت القاضية كاترين بروس في حكمها الذي وصفته وسائل الإعلام الكندية بأنه «حكم تاريخي» ،وقالت: إن العالم لديه ما يكفي من الإرهابيين، ونحن لسنا بحاجة لأن تخلقم الشرطة المزيد من المهمشين». وأضافت أن ضباط الشرطة الكندية تجاوزوا صلاحياتهم في هذه القضية خلال أشهر طويلة، ووصفت أفعالهم بأنها كانت شنيعة، وقالت: «لم يكن هناك أي تهديد من الزوجين للجمهور، وكانا مجرد ساذجين».