عاد الحديث عن الإسلاموفبيا مجددا بعد تفجيرات العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الحالى، ليتجدد ظهور ذلك الشبح الذى كلما وقع حادث إرهابى كبير بدول أوروبية تشير إليه أصابع الجميع ليدفع وحدهم مسلمو أوروبا الثمن. ويعرف الخبراء "الإسلاموفوبيا" بأنها الخوف المرضى من المسلمين لدى الشعوب الغربية والتى تجعلهم يصفون المسلمين والعرب بأنهم إرهابيون يجب الحذر منهم ويصبح هذا الخوف مبررًا للكثير من حوادث الاعتداء على المسلمين ودور عبادتهم، فضلاً عن التضييق المبالغ فيه عليهم من قبل شعوب وحكومات تلك الدول. مطالبات بخروج المسلمين من أوروبا أثارت هجمات باريس ردود فعل عنيفة لدى بعض الأوروبيين والذين طالبوا بإخراج المسلمين من المدن الأوروبية، كما حصل فى مدينة "ليل" الفرنسية، بالإضافة إلى الاعتداء على دور العبادة فى إسبانيا وهولندا. فيما شهدت السويد يوم الأحد انفجارا خارج منشأة كانت تعد لاستقبال اللاجئين، ما أدى لتحطم نوافذ وواجهة المبنى دون وقوع إصابات بشرية. كما تعرضت 10 أماكن كان يستخدمها طالبو اللجوء للسويد، للحرق، وكان آخرها حرق مدرسة مهجورة كان من المخطط أن تتسع لنحو 80 لاجئا جنوبالسويد، وقالت الشرطة: "إن الحريق متعمد". وأكد تقرير أصدرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية واللجنة الأوروبية، أن المهاجرين العرب والمسلمين فى أوروبا يشكلون هدفا لعمليات إرهابية من أهالى الدول الغربية الذين لا يرغبون فى وجودهم، وفى نفس الوقت يشكلون مناخا خصبا لتفريخ إرهابيين من داخلهم، نتيجة حصارهم ما بين التعامل السيئ فى دول المهجر والظروف الاقتصادية والسياسية الطاردة فى مواطنهم الأصلية. وأضاف التقرير أن المهاجرين يتعرضون للتمييز بسبب انحدارهم من الهجرة، وهى نتيجة مسجلة فى جميع الدول الأوروبية، حيث إن شخصا من بين خمسة أشخاص منحدرين من أصول مهاجرة أكد تعرضه للتمييز فى الشغل، وعدم تمتعه بحقه فى المساواة فى الفرصة، كما تؤكد العديد من الشهادات أنه أحيانا يتم تمييز الأوروبى عن ذوى الأصول المهاجرة حتى وإن كان المهاجر يتمتع بكفاءات أعلى. السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق توقع أن يتم التضييق على المسلمين المتواجدين فى فرنسا ومعظم المدن الأوروبية من قبل بعض الجماعات المتطرفة، مستبعدا أن تقوم الحكومات بهذا التضييق، مشيرا إلى أن فرنسا والدول الأوروبية دول قانون وتحترم الدستور والقانون. وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه سيتم التضييق فى إجراءات الدخول إلى فرنسا والدول الأوروبية على الزائرين العرب والمسلمين لفرنسا عن طريق التدقيق على هويتهم وأسباب الوصول وتفتيش أمتعتهم داخل المطارات. وأشار هريدى إلى أنه سيكون هناك تضييق على كل من يرتدى الحجاب فى فرنسا والدول الأوروبية وكل من ثبت انتماؤه لبلد عربى أو إسلامى من قبل الجماعات المتطرفة فقط وأبرزها تيار اليمين وليس الحكومة الفرنسية نفسها التى ستعاملهم كمواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات التى يتمتع بها المواطن الفرنسي. وتابع أنه سيكون هناك هجمات تتعرض لها المراكز الإسلامية الموجودة فى فرنسا من قبل بعض المتطرفين ضد الدين الإسلامى، مثلما حدث بعد الهجمات المسلحة على صحيفة شارلى إيبدو الفرنسية. وطالب هريدى الدولة الفرنسية والأوروبية بحماية المسلمين داخل مجتمعها، بالإضافة إلى طمأنة هؤلاء المسلمين لأنهم فى حالة تخوف من ردود الأفعال ضدهم بعد الاعتداءات الأخيرة التى طالتهم وطالت دور عبادتهم، معتبرا أنه عليهم فى المقابل أخذ الحذر واستنكار العمليات الإرهابية وإدانتها لأن الدين الإسلامى لا يقبل بهذه الأعمال الإرهابية أبدا. ومن جانبه، قال السفير عزت سعد، سفير مصر الأسبق فى روسيا، إن قوة التيار اليمينى فى فرنسا وتطرفه ضد الجاليات الإسلامية هناك يعزز من احتمالية زيادة التدقيق والتضييق على تلك الجاليات، مشيرا إلى أن تلك الجاليات تعانى من التعسف فى التعامل معها من قبل وقوع العمليات إرهابية، على حسب قوله. وأضاف سعد، أن فرض الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ فى أعقاب العملية الإرهابية الأخيرة يتيح للسلطات الفرنسية إمكانية الاحتجاز والقبض والاعتقال لكل من تشك السلطات فى تورطه فى تلك العملية الإرهابية، إضافة إلى الاقتحامات التى قد تتعرض لها المؤسسات والمراكز الإسلامية. فيما قال المدير العام لاتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا عبد الكبير قطبى، إن المسلمين الذين يعتبرون جزءًا من المجتمع الفرنسى فى ردة فعل أولية تبرأوا من هذه الاعتداءات الإرهابية ونددوا بها. وأشار قطبى إلى أنه فى المقابل كانت هناك ردود أفعال سلبية بعد العمليات الإرهابية، خاصة عند بعض المغرضين والرافضين للوجود الإسلامى فى أوروبا، فعملوا على استغلال الفرصة، وقاموا بعمليات عدائية وتخريب على بعض أماكن العبادة، حيث تم الاعتداء على خمسة مساجد فى فرنسا. ولفت إلى أن هناك أيضًا بعض النساء المسلمات ممن يرتدين الحجاب تعرضن لاعتداءات، حيث تمّت شتمهن بألفاظ نابية ومشينة. وأشار إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الدول الأوروبية تنمو وتزداد حاليا، مشيرا إلى أن البعض يقومون بردة فعل سلبية ضد المسلمين. فيما أعرب الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية عن تخوفه، من أن تؤثر هذه الأحداث على أوضاع المسلمين بأوروبا والعالم كله، قائلاً: "هذه المجزرة هى بمثابة 11 سبتمبر جديدة من حيث التداعيات، حيث ستؤدى إلى عودة ظاهرة الإسلاموفوبيا مرة أخرى إلى أوروبا". وأضاف فى تصريحات تليفزيونية: إذا تتبعنا التاريخ سنجد أن العرب والمسلمين هم دائما أول من يدفعون ثمن العمليات الإرهابية التى تحدث فى أى دولة بالعالم، مشيرا إلى إضرام النيران بمسجد بإسبانيا ومخيمات للاجئين بشمال فرنسا والتفكير فى التوقف عن قبول اللاجئين بدول الاتحاد الأوروبي.