رغم امتلاكها تراثا ثقافيا عريقا، سواء من حيث التأثير أو من حيث عدد من قدمتهم من رموز الفكر والثقافة والإبداع، تعاني محافظة البحيرة، منذ سنوات، من تراجع ملحوظ في الفعل الثقافي، ولا تمتلك المحافظة التي تجاوز عدد سكانها 6 ملايين مواطن سوى 38 موقعا ثقافيا بينها 4 قصور للثقافة فقط، ولا يتجاوز دعم الدولة لكل الأنشطة الثقافية بها سوى 400 ألف جنيه سنويا. مشكلات كثيرة من أبرزها ضعف الموارد وقلة المنشآت الثقافية والخلل الإداري في توزيع العاملين بالمواقع المختلفة، تحدث عنها ل"البديل" محمد البسيوني، مدير فرع ثقافة البحيرة، الذي تولى المسؤولية منذ أشهر قليلة، وكان يشغل لسنوات طويلة مدير إدارة الثقافة العامة بالفرع. هل تعانى البحيرة من قلة عدد المنشآت الثقافية؟ بالفعل لم تشهد محافظة البحيرة إقامة أي منشآت ثقافية منذ 4 عقود على الأقل، والمحافظة بها حاليا 38 موقعا ما بين بيوت ثقافة ومكتبات ثقافية، إضافة إلى 4 قصور ثقافة، حتى إن دمنهور لم يكن لها في يوم من الأيام قصر للثقافة، إلى أن بدأ التعامل جديا مع تلك الأزمة، وبالفعل تم البدء في إنشاء قصر للثقافة بدمنهور بتكلفة 45 مليون جنيه، كما يجري العمل على إنشاء قصر ثقافة في وادي النطرون على مساحة 400 متر، وسوف يتم الانتهاء من إنشائهما نهاية العام الحالي، إضافة إلى قرار بتخصيص 1200 متر لإنشاء قصر ثقافة أبو المطامير، وتخصيص 550 مترا لإنشاء قصر ثقافة في الرحمانية، وتمت مخاطبة وزارة الآثار من جانب الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة لتخصيص أحد البيوت الأثرية برشيد كقصر للثقافة. كل هذه الخطوات تمت خلال العام الماضي فقط، ونسعى لاستكمال الإنشاءات وترميم المنشآت القائمة، وبالفعل سيتم ترميم قصر ثقافة كفر الدوار الذي يعاني من تصدعات جسيمة، كما نحاول التغلب على أزمة الإنشاءات بإقامة فعاليات ثقافية خارج أسوار المباني من خلال المدارس ومراكز الشباب، إضافة إلى القوافل الثقافية في القرى المحرومة من الخدمة الثقافية. هل يمكن اعتبار ميزانية الثقافة مؤشرا على مدى اهتمام الدولة؟ أعتقد أن هناك مزيدا من اهتمام الدولة بالثقافة، وميزانية الثقافة ليست ضعيفة، لكن نصيب الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتى تعتبر أكبر هيئات الوزارة، قليل جدا، والبحيرة ميزانيتها فى العام 400 ألف جنيه تشمل كل الأنشطة الفنية والإدارية، وهذا يعني أن نصيب الأنشطة لا يذكر، فلا يعقل أن تكون مكافأة مدرب فريق الموسيقى العربية 400 جنيه في الشهر والعازف مكافأتة 10 جنيهات في البروفة ومثلها في العرض؟. إلى جانب ذلك، هناك خلل كبير في توزيع الميزانيات على المحافظات، حيث تتساوى محافظات كبيرة مثل الغربيةوالبحيرة وغيرها مع محافظات أصغر بكثير من حيث عدد السكان والمواقع الثقافية القائمة، ولذلك فإننا نضطر لإقامة أنشطة بأقل التكاليف، كما أن محافظ البحيرة يدعم الثقافة وفقا للموارد المتاحة. وماذا عن القيادات الثقافية ومستوى تأهيلها؟ نجحنا مؤخرا في تجديد الدماء، فقد تولى المواقع الثقافية بالبحيرة عناصر شابة، مثل قصر ثقافة رشيد وإدكو وكفر بولين، ولكن نعاني من وجود خلل كبير في توزيع العاملين بالمواقع الثقافية، حيث توجد كثافة زائدة جدا ببعضها وعجز صارخ في بعضها الآخر، وتقف اللوائح الروتين عائقا أمام أي مدير لفرع البحيرة عند محاولة إعادة توزيع العاملين. وما حقيقة ما يتردد من أن فرع ثقافة البحيرة تسيطر عليه "شلة" تعتمد سياسة الإقصاء؟ ليس صحيحا على الإطلاق. ثقافة البحيرة مفتوحة أمام الجميع وتحتوي كل الأطياف والفنون ولا يتم استبعاد أحد، وكافة الأنشطة الفنية والثقافية يديرها أصحابها من الفنانين والأدباء، وكل دور مسؤولى الأفرع هو الجانب الإداري والمالي فقط. لماذا لا تخلد البحيرة ذكرى أبنائها من المبدعين والأدباء على كثرتهم؟ بالفعل يوجد تقصير كبير في هذا الصدد، ونستعد لإصدار معجم لأدباء البحيرة، وسوف يتم اطلاق اسماء عدد من رواد الثقافة على قاعات مبنى قصر الثقافة الذي يتم إنشاؤه الآن، ولا نتردد في تكريم الأحياء من الرواد في كل المناسبات والفاعليات. ما آخر استعدادات الدورة الثانية لمعرض دمنهور للكتاب وما أهم الفعاليات؟ بدأنا بالفعل الاستعداد لمعرض دمنهور للكتابفي دورته الثانية، والتي تعقد في الفترة من 9 حتى 11 مارس المقبل، ويقام في مكتبة مصر العامة بدمنهور، وعقدنا عدة اجتماعات مع فريق العمل الذي يضم شعراء وإعلاميين ومثقفين، وبالتنسيق مع المحافظة، ونحن الآن بصدد الانتهاء من برنامج المعرض الذى يتضمن فعاليات فكرية وفنية وأدبية متنوعة، وسوف يستضيف المعرض عددا كبيرا من رموز الإبداع والثقافة والرياضة والإعلام في مصر. وفي إطار استعداداتنا، فنحن نسعى للاستفادة من تجربة العام الماضي التي كان بها بعض جوانب القصور، ومن أهمها عدم تنظيم الوقت في ظل برنامج مكثف ومزدحم جدا، ولكن كان مجرد وجود معرض للكتاب بهذا الحجم والقوة في محافظة البحيرة ونجاحه الكبير العام الماضي بمثابة إعادة الروح للثقافة مرة أخرى في محافظة تميزت لفترات طويله بالحركة الثقافية والفنية الواعدة.