عادت الضحكة الغائبة.. ارتسمت البسمة على الشفاه.. عاد المصريون لطبيعتهم الأولى.. خفة الدم.. الروح الوثابة.. التفاؤل بالمستقبل. بدا المصريون منذ مساء الأربعاء 3 يوليو، وكأن صخرة سوداء أزيحت من فوق صدورهم، زال الهم، والغم، والغضب، والكمد.. وتنسموا أخيرًا عطر الحرية الحقيقى. عادت قلوب المصريين بيضاء.. نقية .. صافية.. وكأنها غسلت بنبع من الجنة. تشابهت الملامح.. وتبددت الجفوات فى النفوس.. واقترب المصريون من بعضهم فى الشوارع، والميادين، والمساكن، وفى المواصلات العامة، والخاصة.. يهنئون بعضهم بعودة الروح التى فقدوها منذ نحو عام مضى.. يوم أن وقعت «مصر العظيمة» أسيرة لحكم «البوم والغربان». حتى ساعات قليلة.. كان المصريون غير مصدقين لما جرى.. وكأنهم يعيشون حلمًا تاريخيًا.. منذ يوم الثلاثين من يونية.. يوم خرج ثلاثة وثلاثون مليونًا.. ينشدون هتاف «عشق مصر» ويقدمون أرواحهم، فداء للوطن الذى وقع فى أسر جماعة من الجهلة والمتخلفين. مصر الحرة.. تتنسم عبير الحياة من جديد.. تملأ الدنيا بهجة وسعادة.. تضيء بوهجها مصابيح الكون.. وترسم أسطورة جديدة، لشعب عظيم، أذهل العالم، حين خرج للمرة الثانية، خلال أقل من ثلاث سنوات، ليستكمل ثورته، التى حادت عن طريقها، وضلت بوصلتها، وليبهر بهذا الإخلاص غير المسبوق العالم بأسره، والذى دفع ملايين البشر على وجه البسيطة لأن يتمنوا أن يكونوا مصريين. حين انتصر المصريون لإرادتهم، وحين حققوا المستحيل، وحين طهروا قلوبهم، وعقولهم من «الدنس» .. بدأت بشائر الخير تهل على البلاد. لقد اعتدنا طيلة الفترة الماضية، أن نقرأ ما هو «سيئ» من «أخبار كئيبة» كانت تصيبنا بالهم والضجر.. كانت البورصة المصرية.. مقياس الاقتصاد الوطنى، تغلق تداولها مرارًا، وتكرارًا .. لأن التداول عليها، كان فى النازل على الدوام، ولكنها المرة الأولى، تلك التى يوقف فيها التداول لارتفاع حجم التداول عليها، كان صبيحة الخميس الماض ى، أى بعد ساعات قليلة من انتصار الثورة المصرية فى موجتها الثانية، وإسقاط حكم الإخوان. أقبل المستثمرون من كل اتجاه، ودفعوا بأسهمهم، وأموالهم فى سوق التداول.. وكانت المحصلة أن حققت البورصة أكبر ارتفاع فى تاريخها، وهو (22.7) مليار جنيه، وهو تطور بعث الطمأنينة فى النفوس، ومنح الثقة فى استقرار النظام السياسى فى مصر، وبداية النهوض الاقتصادى الحقيقى، وبما سيعود بالخير على كل المصريين. وكان من ملامح تلاحم المصريين، وابتهاجهم بثورتهم، وانتصارهم العظيم، هذه الروح التى تجسدت فيما تردد على ألسنة العشرات من المستثمرين المصريين، والأثرياء، والقادرين، والذين أبدوا استعدادهم لتقديم كل الدعم، لكى تنهض مصرنا العظيمة، وتجتاز كبوتها، وتخرج من أزمتها. وبسقوط نظام «البوم والغربان».. تفتحت أبواب الخير العربية، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية، وعلى لسان الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن المملكة ستدعم مصر، وبكل ما تملك، بينما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، والتى تعرض حكامها، وشعبها لسخافات الإخوان ورموزهم، أنها ستقدم كل المعونات البترولية، وغيرها، حتى تعبر مصر محنتها، وقالت إن طابورًا من السفن الداعمة لمصر، سوف يمتد من ميناء «دبي» حتى «قناة السويس» وهو أمر يعكس ترجمة أبناء الشيخ زايد بن سلطان الراحل لوصية والدهم العظيم فى الوفاء لمصر، ودعم شعبها فى كل المجالات، تمامًا، كما كان دأبه، رحمة لله عليه. نعم .. من حقنا اليوم أن نبتسم.. لحاضرنا.. ولمستقبلنا.. للغد الآتى.. والمحمل بالخير.. كل الخير.. لأن مصر العظيمة، التى تحررت من «قبضة الكهنوت» قادرة بعون لله على دحر ألاعيب الصغار، ومحاولات زرع الفتنة، وتأجيج الحرب الأهلية فى البلاد.. وإنا لمنتصرون