فى الفترة الأخيرة تعددت القضايا المثارة مجتمعيًا، وكثرت النقاشات حولها سواء المباشرة أو عبر شبكات التواصل الاجتماعى. ولاحظت أن البعض يعبر عن رأيه بشكل خاص، ويحجم عن إعلانه أمام آخرين خوفا من مخالفته لما هو سائد!! وتذكرت نظرية دوامة الصمت، وهى من النظريات الإعلامية المهتمة بكيفية تكوين الرأى العام، وقد ظهرت عام 1973 خلال حقبة سيطرة وسائل الإعلام التقليدية (الصحافة والإذاعة والتليفزيون) على تشكيل الرأى العام، وتنسب للباحثة الألمانية اليزابيث نيومان. وتشير باختصار إلى أن هناك عوامل نفسية واجتماعية وثقافية وسياسية عديدة تؤثر فى عملية تكوين الرأى العام، بالإضافة إلى تأثير وسائل الإعلام فى تحديد الاتجاه السائد حول مختلف القضايا. وتفترض أن وسائل الإعلام حين تتبنى رأيًا أو تتخذ موقفا بصدد أحد الموضوعات، فإن معظم الأفراد سيؤيدون الرأى ذاته بحثًا عن التوافق الاجتماعى، أما من يعتنق رأيا مخالفا فإنه يلجأ للصمت حاجبا رأيه الشخصى لظنه أنه لن يحظى بتأييد الآخرين، وهو ما يمكن تسميته بالخوف من العزلة الاجتماعية، حيث يعتقد البعض أن آراءهم تخالف الاتجاه السائد الذى تؤيده وسائل الإعلام، فيشعروا بالقلق وعدم التوافق الاجتماعى مع تخوف من وضعهم فى خانة الأقلية، حيث يعتقدون أن ما تعرضه وسائل الإعلام يعبر حقا عن الرأى العام!! أى أن دوامة الصمت مصطلح يعبر عن التوتر الذى يشعر به الفرد وخوفه من تصنيفه ضمن الأقلية المخالفة للاتجاه السائد الذى يعلنه الإعلام، مما يدفعه للصمت بدلا من إبداء رأيه. وترى نيومان أن الرأى العام هو تعبير الأشخاص عن رأى تجاه موقف بشكل لا يعرضهم للعزلة عن المجتمع. ومن ثم يمكن القول إن ما تعرضه وسائل الإعلام ليس بالضرورة هو الرأى الحقيقى للجمهور، وانما هو الرأى الذى يحاول الاعلام إظهاره على هذا النحو!! والسؤال، ألم يقض الإعلام الجديد الناتج عن تطور تكنولوجيا الاتصال، وظهور بدائل للتأثير فى تشكيل الرأى العام والتعبير عنه أيضًا مثل شبكات التواصل الاجتماعي، وما أتاحته من حرية التعبير عن الرأى بوسائل شتى على مخاوف العزلة؟! هل مازال الإعلام قادرًا على صنع رأى عام غير حقيقى؟!