اعلنت المنظمة العربية للحوار والتعاون الدولي نتائج دراستها حول "اثر وسائل الإعلام في تشكيل اتجاهات الجمهور المصري نحو قضايا الفساد"، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد في التاسع من ديسمبر من كل عام. وصرحت د.حنان يوسف رئيس المنظمة ورئيسة الفريق البحثي للدراسة بأن فكرة الدراسة جاءت من قوة تأثير تفشي الفساد كأحد العوامل الرئيسية التي أدت إلي التحولات السياسية الجذرية التي شهدتها عدد من بلدان المنطقة العربية ومصر علي وجه التحديد حيث تشير تقارير مختلفة للأداء الاقتصادي إلي خسائر تقدر بمئات المليارات من الجنيهات في مختلف قطاعات الدولة تتكبدها مصر من تفشي ظاهرة الفساد وعد م السيطرة عليها في ظل انعدام نظم أمينة للمحاسبية والحكم الرشيد، كما يعد الإعلام مؤثرا مباشرا على أفراد المجتمع مما يجعله يواجه خطورة الفساد في الجانب الاجتماعي لذلك فإن الإعلام عليه أن يلعب دوراً مهماً في عملية ازدراء الفساد والمفسدين اجتماعيًا وإشاعة ثقافة المقاومة لهذه الظاهرة وان المجتمع يمتلك قوة الردع لها إذا استخدم الوسائل المناسبة التي يمتلكها. واضافت إلي أن الدراسة طرحت تساؤلات حول مدي قدرة وسائل الاعلام المصرية في ظل التطور الكبير الذي تشهده من حرية تعبير غير مسبوقة في تشكيل اتجاهات الرأي العام المصري تجاه قضايا الفساد بل واختراق دوامات الصمت المتعارف عليها بين الرأي العام المصري في قضايا الفساد الجدلية لأسباب امنية او ثقافية واجتماعية او غيرها او لمخاوف من العزلة الاجتماعية. وأشار تقرير الباحثين الذين عكفوا علي إنتاج الدراسة إلي أن هذه الدراسة تبحث دور وسائل الاعلام المصرية في تشكيل اتجاهات الرأي العام تجاه قضايا الفساد المختلفة من اختبار وتطبيق فروض نظرية دوامة الصمت واثر ذلك في تشكيل اتجاه متوافق لدي الرأي العام المصري حول قضايا الفساد وكسر حاجز الخوف من المشاركة في تبني اتجاهات ضد الفساد والتعبير عنها علانية، وذلك من خلال دراسة مسحية ميدانية علي عينة قوامها (420 ) مفردة من الجمهور المصري من المهتمين والمنخرطين في مجالات الفساد المختلفة (السياسي الاقتصادي الاجتماعي- الإعلامي والثقافي) لقياس أهمية وإثر وسائل الإعلام في مصر في تشكيل اتجاهات الرأي العام المصري تجاه قضايا الفساد. وأضافت د.حنان يوسف استاذ الاعلام بجامعة عين شمس الي ان الدراسة تكشفت عن عدد من النتائج البحثية المثيرة للجدل وفي مقدمتها ارتفاع نسبة المهتمين بقضايا الفساد بين جمهور الدراسة وكذلك حظيت متابعة قضايا الفساد في وسائل الإعلام المصرية باهتمام كبير من جمهور الدراسة ويمكن تفسير ذلك ايضا في ضوء الشواهد من اوضاع الحراك السياسي في مصر وارتفاع درجة الديمقراطية والتعبير عن الرأي مما يمثل ارتفاع معدلات التظاهر والاعتصامات والاحتجاجات للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة داخل مصر. كما جاء الاعلام المرئي في مقدمة ترتيب افضل الوسائل الاعلامية التي قدمت اتجاها سائدا لقضايا الفساد بنسبة 90.7%، وهو ما تمثل بقوة في سيطرة قالب البرامج الحوارية او ما عرف اصطلاحا التوك شو talj show علي المواطن المصري وقدرة هذا القالب البرامجي في تشكيل اتجاهات وإدراك الجماهير تجاه العديد من القضايا الجدلية المثارة في المجتمع الان ، وكان من المقبول ان يأتي الاعلام الالكتروني في المقدمة ايضا بنسبة 75.2%بقوة تأثيره وبصفة خاصة الاعلام الجديد او مواقع التواصل الاجتماعي وهي نتيجة تتفق مع دراسات سابقة اكدت قدرة وسائل الاعلام الالكتروني الجديد علي احداث التغيير داخل المجتمع . وفيما يتعلق بقضايا الفساد: جاء الفساد السياسي في مقدمة مجالات الفساد الاكثر ظهورا في الاتجاه السائد في وسائل الاعلام المصرية يليه الفساد الاقتصادي ثم الفساد القيمي والاجتماعي واخيرا جاء في الترتيب الرابع الفساد الاعلامي والثقافي. واتضح من نتائج الدراسة ايضا الي ان الاتجاه السائد في الاعلام لتناول قضايا الفساد قد ساهم في كسر حاجز الخوف عند المصريين من التعبير عن ارائهم علانية ويمكن ان يعتبر ذلك من الملاحظات الايجابية التي احدثها الاعلام المصري في تناوله لقضايا الفساد المختلفة هو في انه قد كسر حاجز الخوف لدي المبحوثين من التعبير عن ارائهم علانية في الاتجاه السائد للتناول الاعلامي لقضايا الفساد ، وهو ما يعطي مؤشرا قويا الي ضرورة رفع مستوي الوعي لدي الرأي العام المصري والقدرة علي التعبير العلني المنظم والناجز عن الرأي من اجل احداث تغيير حقيقي مساهم في احداث الاصلاح السياسي والمجتمعي المأمول. واوصت الدراسة بفتح الباب الباب لمصفوفة جديدة من الدراسات تتناول تأثيرات وسائل الاعلام المصرية في القضايا التي حظيت بإرث جدلي كبير وحساسية في التناول اثر علي درجة الشفافية والنزاهة المأمولة وفي مقدمتها قضايا الفساد والرشوة والمحسوبية وقدرة الاعلام علي اختراق هذه النوعية من القضايا السياسية المعقدة. وتؤكد نتائج الدراسة انه رغم الحرية المشتركة الواسعة التي منحت لكل من وسائل الاعلام من جهة في تناولها لقضايا شائكة وفي مقدمتها قضايا الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ومن جهة اخري تلك الحرية التي منحت للمواطن المصري في التعبير العلني عن ارائه ، فان الحاجة ماسة الي وضع اليات مهنية واضحة بقيم شرف اعلامي يراعي المواءمة الوطنية ما بين الحرية والمسئولية الاجتماعية من اجل اعلام حر ومسئول قادر علي القيام بواجبه في التنوير ورفع الوعي لدي المواطن المصري والرأي العام لدعم مسيرة الاصلاح والديمقراطية . يذكر بان المنظمة العربية للحوار والتعاون الدولي هي عضو مؤسس في التحالف الدولي لمنظمات المجتمع المدني لمكافحة الفساد التابع للامم المتحدة ومنظمة الشفافية الدولية ، ومؤسس في التحالف المصري لمكافحة الفساد ومشارك رئيسي في مؤتمرات اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد فضلا عن مشاركتها في الاجتماعات التاسيسية للمنظمة العربية لمكافحة الفساد في بيروت .