عودة خدمات "إنستاباي" بكامل كفاءته بعد تأثره بشكل مؤقت بسبب التحديثات    زلزال مدمر بقوة 7.5 درجة يضرب "ممر دريك" بين أمريكا اللاتينية والقطب الجنوبي    اشتباكات عنيفة بالسليمانية في العراق    نتائج مباريات أمس الخميس في الدوري المصري الممتاز    طعنات قاتلة.. مصرع شاب في مشاجرة بالبياضية في الأقصر    مش بالأغاني بس، موقف وطني من علي الحجار خلال حفله بمهرجان القلعة    «مخضوض وواخد على خاطره».. رضا عبدالعال يقيم شيكو بانزا    الجيزة: قطع المياه 6 ساعات اليوم الجمعة حتى غد السبت عن هذه المناطق    درجة الحرارة تصل 42 .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    كامل الوزير: الانتهاء من إنتاج جميع أنواع حافلات وسيارات النصر في عيد العمال المقبل    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    تكريم حفظة القرآن والموهوبين من الأطفال ضمن البرنامج الصيفي بدمياط    إعلام أمريكي: إيران تجري أكبر تجاربها الصاروخية خلال ساعات    جرائم قتل غامضة تهز فرنسا.. العثور على 4 جثث مشوهة بنهر السين    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    وائل الفشني يكشف موقفا محرجا تعرض له: «أنبوبة بوتاجاز أنقذتني من بلطجي»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    نجوى فؤاد: أطالب بمعاش يكفي احتياجاتي وعلاجي    نجاح أول حالة غسيل كلوي طوارئ للأطفال بمستشفى دسوق العام    مصر والسعودية علاقات ممتدة وآمال معقودة    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    حادث مأساوى..تصادم عدد من السيارات على طريق مطروح ومصرع وإصابة 20 شخصا    غرق طالب فيومي يدرس الطب بروسيا خلال إجازته الصيفية في مطروح    أونروا تحذر: عمليات الاحتلال في غزة تنذر ب"تسونامي إنساني" غير مسبوق    ترامب: سأشارك في دوريات مع الجيش والشرطة بواشنطن    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    نصر وشاكر ضمن قائمة أقوى قيادات البنية التحتية الرقمية في إفريقيا    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    ياسر ريان يشيد بأداء المصري: هو المنافس الحقيقي للأهلي على لقب الدوري    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    قناة «هي» تعلن عن برنامج سياسي جديد بعنوان «السياسة أسرار»    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    طريقة عمل السينابون بالقرفة بسهولة في المنزل    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    منتدى المنظمات الأهلية ب"القومى للمرأة" يعقد اجتماعه الدورى    علي الحجار يتألق بأجمل أغانى تترات مسلسلات الصعيد بمهرجان القلعة    علي الحجار ممازحا جمهور مهرجان القلعة: هغني 10 أغاني علشان تلحقوا تروحوا (فيديو)    السولية: الإسماعيلي صاحب الفضل الأول فى صناعة اسمى وراض عن فترتى مع الأهلي    عيار 21 الآن يواصل الانخفاض.. سعر الذهب اليوم الجمعة 22 أغسطس في الصاغة    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سحر الأسبوع

كلما تصدر صحيفة جديدة أحس بفرح حقيقى.. أشعر أن كلمتى ستطبع على ورقة جديدة.. تتلقفهاعيون لم ترها من قبل.. تسمعها آذان صافية.. أدبُّ بقدمى على أرض الصحيفة، أتجول فى حجراتها، أدقق النظر فى الوجوه.. فى الثياب.. فى الحماس.. فى اللغة المجنونة التى ينطق بها هؤلاء الشباب الجدد والتى يجمعونها من أفواههم، ويضعونها على الورق ويحملها الكمبيوتر ويضع لها الروج والبودرة والألوان ويصمم لها الثياب الجميلة.. ويطبع على ثغرها أغنية.. أو كلمة جريئة أو ناقوسا يدق ليوقظ النائمين.. فالنواقيس خافتة فى هذه الأيام والكلمات الجريئة تضيع فى الحوارى والأزقة وتسقط آخر المطاف على رصيف الشارع فتتكسر الى قطع تذروها الرياح.
قبل صدور «الأسبوع» كنت حزينا منذ وقت طويل لم تصدر فيه صحف جديدة، ولا أقلام جديدة.. ولا أصوات جديدة.. وكنت أشعر أننى سجين فى جرائد مترهلة.. عجوز، شاخت قبل الأوان، وكان الناس بحاجة إلى أن يمسكوا بصحيفة تدق قلوبهم وهم يقرأونها، وتلتهب عقولهم وهم يتجولون بين صفحاتها.. صحيفة لا تخضع لحزب أو تباع لتيار سياسى، أو تركع لإمبراطورية الإعلانات.. أو يحكمها بائع كبدة أو تاجر سيراميك بلاط بلدى، أو أفاق يبيع أعمدة الجريدة لمن يدفع أكثر .
وقد قيل: إن الديمقراطية فى مصر محدودة أو مضروبة.. وأن وسائل الإعلام الرئيسية كالتليفزيون والإذاعة تملكها الدولة وان الناس لا وجود لهم فى هذه الوسائل ،وكان من الصعب أن تطالب هذه الوسائل بأن تفتح صدرها للناس وأصحاب الكلمة من صحفيين وكتاب سجناء.. سجناء أنفسهم وتقاليدهم ونفوذهم ومصالحهم حتى أصبح عدد من رؤساء تحرير الصحف أعضاء فى مجالس إدارة شركات ومؤسسات مدانة من صحفهم نفسها.. متهمة باهدار المال العام.. ومن قبل الكافة لا الخاصة.. كيف بالله يقود هؤلاء الحملة لشق طريق وسط وسائل الاعلام الرسمية لتتسع للناس وممثليهم.. ؟ أو كيف يسمحون بأن تدار معركة فى صحفهم تستهدف ديمقراطية أوسع.. وتعبيرا أصدق.. ؟
رغم حزنى كانت الكتابة بالنسبة لى لعبة مرحة كالتى يمارسها الاطفال.. وكان بودى أن أجد مكانا أكثر نظافة أتنفس فيه هواء نقيا وألتقى بشباب لم تلوثه المضاربات أو الصفقات أو تحرفه الأغراض.. فمن هذا الشباب يمكن أن تتكون الكتيبة الجديدة التى تحمل أغصان شجرة الزيتون دون أن تغفل عن الكلاشينكوف.. وان أرى رجالا وشيوخا لم يخبُ البريق فى عيونهم.. تفيض احاديثهم بالسحر والهوس والجنون.. هذا هو الجديد فى «الأسبوع».
كنت كصياد يرقد على هضبة وينتظر البحر أن يجود اليه بالسمك، ألقيت شباكى.. فعادت إلى فارغة.. فقلت لابد من التغيير أو الثورة.. فى عصر لم يعد للثورات وجود .
لم أعد أطيق الجلوس على مائدة واحدة مع السياسيين الكذابين لابد أن أخلع منهم أقنعتهم التى عاشوا بها طويلا.. فقد كان هؤلاء يتحدثون عن الشعب وهم يسيرون بمراسم الطبقة العليا المتفسخة.. ما أسرع هروبهم من المواجهة.. وما أشجعهم وأسرعهم فى الفرار من الواجب.. ولكنهم – فى الوقت المناسب – يغرسون رؤوسهم ويدفنونها فى صحف يصنعونها لانفسهم ومصالحهم وأقاربهم.. فيبدون بفضل المكياج والكذب بوجوه مقبولة لكنها فى الحقيقة شائهة وهزيلة.. !
سقطت الصحف فى هذا المستنقع – القومية والحزبية على السواء – بعضها أخل وبعضها مازال يرسف فى أغلال العبودية.. ومن هنا كان على الصحفيين والكتاب أن ينشدوا التغيير فى صحف جديدة.. يكتبون على أوراق جديدة ونظيفة ليس انطلاقا – فقط – من ادانة احد أو اتهام احد.. ولكن بدافع الخروج الى دنيا أوسع.. وأرحب.. فى «الأسبوع» تعثر على فكر الآخر، اختلاف الرأى مطلوب ومحترم.. التيارات تتصارع وتتضارب لكن كل فى مكانه، كل يعبر عما فى نفسه وما يعكس الواقع والحياة.. تجد أخانا العظيم د. يحى الجمل والشاب الصاعد أحمد فرغلى.. تجد محمد عبدالقدوس والى جانبه اختنا الأديبة المتمرسة فوزية مهران.. تقرأ للدكتور سليم العوا.. ثم تقرأ لأسامه عفيفى وتستمتع بأحاديث سناء السعيد الشيقة والمثيرة وخرافات إبراهيم مسعود وسخريات الفنان حمدى أحمد.. وتجذبك مقالة الأخ محمد مستجاب بأسلوبه السهل الممتنع.. ويرأس فريق الشباب فى « الأسبوع « صاحب الذكاء المتقد محمود بكرى فى مكتب واحد مع عمرو ناصف ولا اريد أن أقول شيئا عن الصديق الأديب جمال الغيطانى ولا عن ولدى فنان الكاريكاتير عمرو الذى اختار «الأسبوع» منذ أن كانت فكرة فى رأس المايسترو الأخ مصطفى بكرى الذى يتمتع بطيش الشباب وحكمة الشيوخ.. ولا أريد أن أذكر الأخ عبدالفتاح طلعت مدير التحرير وعشرات من الأسماء التى تعمل فى سكرتارية التحرير والكمبيوتر.. والتى تجرى هنا وهناك تلتقط الأخبار.. المهم أن هؤلاء الشباب والشيوخ مجانين بمعنى الكلمة.. لا مكان لجيل الوسط.. ولا لأفكار الوسط.. ولا لتردد الوسط.. « الوسطية « لا وجود لها فى « الأسبوع « هل يستطيع هؤلاء المجانين أن يصمدوا للعاصفة التى تريد إغراقهم.. بعض الناس.. بعض الأشياء تستعصى على التصفية كشجرة راسخة فى الأرض، تمر بها الأعاصير وتعجز عن اقتلاعها وتهب الريح عليها وتفشل فى تجفيفها وقتل الحياة فيها.. جذورها هناك فى أحشاء الثرى.. لأن جذور هؤلاء عميقة فى أرض هذا البلد . .
بعبارة أحدث رغم قدمها لأنها من عصر على بن أبى طالب ألا نكون ممن يقول فى الدنيا الزاهدين، ويعمل عمل الراغبين، فان أعطى منها لم يشبع، وأن منع عنها لم يقنع – يعجز عن شكر ما أوتى ويبتغى الزيادة فيما بقى، وينتهى الناس ولا ينتهى، ويأمر بما لا يأتى.. يحب الصالحين ولا يعمل بعملهم ويبغض الطالحين وهو منهم .
لكننا تخطينا كل هذا.. فنحن الزاهدون ونحن الراغبون.
.......................................
نشر فى مارس 1997


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.