الدكتور إسماعيل صبري عبد الله، هو واحد من أهم الرواد الاقتصاديين في مصر، ويعد رائد مدرسة في التفكير الاقتصادي. ترى هذه المدرسة المواءمة بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع لتحقيق التنمية الاقتصادية والعمران البشري، اعتمادا على الذات والقدرات والموارد الوطنية تجنبا لكل أنواع التبعية. وقد اهتمت دراساته بالفقراء والنهوض بهم مصريا وإفريقياً، وفي هذا السياق فقد رأس منتدى العالم الثالث، ومنه خرجت أهم الدراسات عن المجتمع المصري في شتى مجالاته، وكذلك رأس مجموعة من خيرة الباحثين والمفكرين المصريين لوضع تصور علمي لمصر سنة 2020، وهو المشروع الذي يبحث في التصورات المستقبلية لمصر وكيفية مواجهة التحديات مصريا وعربيا. ولد الدكتور إسماعيل صبري عبد الله في عام 1925، لأسرة ذات أصول صعيدية ترجع إلى مركز ملوي في المنيا، هو وشقيقه الراحل الدكتور عز الدين عبد الله، عميد كلية حقوق جامعة عين شمس الأسبق، ابنان لواحد من أعيان الصعيد، وسليل عائلة من عائلات صعيد مصر المعروفة بالصلابة والثبات على المبدأ والدفاع عن الحق. بدأ رحلته نحو اختياراته السياسية الماركسية منذ عام 1946، حيث سافر إلي فرنسا لدراسة الدكتوراه بعد أن حصل على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول "القاهرة حالياً"، وفي باريس عرف الأفكار الشيوعية في بيئة مغايرة ولم يكتف باعتناقها وإنما انخرط في تنظيماتها "الباريسية". عاد من رحلته الباريسية عام 1951 حاملاً رسالة الدكتوراه والتحق بجامعة الإسكندرية أستاذاً للاقتصاد وانضم لصفوف الحزب الشيوعي المصري، واتخذ هو ورفيق عمره الراحل الدكتور فؤاد مرسي من الجامعة مسرحاً لنشاطه الشيوعي السري، حتى تم اعتقاله في حملة ضد الشيوعيين عام 1955، وقدم للمحاكمة وتم فصله من الجامعة. تعرض للسجن في عهد عبد الناصر مرتين، قضى في الثانية نحو خمس سنوات من عام 1959 إلى 1964، تعرض خلالها للتعذيب، ومع ذلك ظل على موضوعيته في النظر إلى التجربة الناصرية. جمع بين المعرفة الأكاديمية، والموسوعية، الاقتصادية والسياسية والثقافية والإبداعية، وبين النضال السياسي في رحلة عطاء نادرة المثال وحافلة بالتضحيات. تبني فكرة مشروع مصر2020، وهو في الواحدة والسبعين من عمره، فكان ينظر إلي المستقبل ويستشرف آفاقه. عكف في سنواته الأخيرة على مشروع بحثي جبار يستشرف أحوال مصر عام 2020 من خلال منتدى العالم الثالث. أبرز منجزات منتدى العالم الثالث، مشروع المستقبلات العربية البديلة، وصدر عنه في السنوات 1981 1986 خمسة عشر كتابا أهمها قياس التبعية في الوطن العربي، كما كان مشروع مصر2020 من أبرز منجزات المنتدى في السنوات 1997 2006، حيث بلغت إصداراته 24 كتابا فضلا عن عدد من الأوراق والكتيبات المهمة، وقد حشد للمشروع خبرات أكثر من ثلاثمائة باحث مصري وعربي من مختلف الأجيال، بالإضافة إلى ما يزيد على مشاركة أكثر من سبعمائة باحث ومفكر وناشط سياسي وصحفي في ندواته. ثنائية النبوغ في الفكر والحركة عنده، كانت هي محط الإعجاب من معارضيه ومؤيديه في آن واحد، حيث اشتهر بموسوعيته المعرفية في مجالات الاقتصاد والسياسة والأدب والعلوم، فمزج بين فصاحة ونبوغ العالم المفكر وتمرد الإنسان الذي رأي في الماركسية الخلاص من القهر والعبودية للشعوب فقرر الانتماء إليها حركة وفكراً منذ شبابه المبكر.
تولي الدكتور إسماعيل صبري عبد الله مناصب كثيرة، أهمها: مستشار الرئيس عبدالناصر للشؤون الاقتصادية والمالية وزيرا للدولة للتخطيط فوزيرا للتخطيط في وزارة عزيز صدقي التي أعدت مصر لحرب أكتوبر بعد إقصاءه من الجامعة تولى في ديسمبر 1965 رئاسة شركة تابعة للقطاع العام تم تعيينه عضوا في مجلس الأمة "البرلمان المصري" في يناير 1969 عين رئيسا للبنك الصناعي في فبراير 1971 عين عضوا في مجلس إدارة البنك المركزي في سبتمبر 1971 عين أستاذاً غير متفرغ في جامعة الإسكندرية في ديسمبر 1974 توالت كتاباته في مجلة الطليعة ودراساته العلمية في النقود والبنوك والعلاقات الاقتصادية الدولية والتنمية الاقتصادية والتخطيط في مجالات المالية والتجارة الخارجية. رئيس تحرير دار المعارف "1965 – 1969" مدير معهد التخطيط القومي "1969 – 1977" نائب رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي الذي ساهم في تأسيسه عام 1976 حتى عام 2003. واعتذر عن الترشيح لرئاسته، بعد أن تخلى زعيمه التاريخي خالد محيي الدين عن الرئاسة. رئيس منتدى العالم الثالث التابع للأمم المتحدة توفي إسماعيل صبري عبد الله في 6 نوفمبر عام 2006 .