الأزمة التى يشهدها قطاع الدواء حاليا بين ثلاثة أطراف هى وزارة الصحة وشركات الادوية ونقابة الصيادلة، هى أزمة سينجم عنها فى نهاية الامر زيادة أسعار الدواء وهو القرار الذي تضغط بشأنه الشركات، لتكون هذه الزيادة هى الزيادة الثانية خلال ستة أشهر، حيث صدر فى شهر مايو الماضي قرار من وزير الصحة بزيادة أسعار الادوية التى يقل سعرها عن 30جنيها بنسبة 20 ٪، وهو القرار الذى وصفه وقتها بانه «جاء لمصلحة المريض لضمان توفير الادوية ذات السعر المنخفض فى مقابل عدم اللجوء الى البديل المستورد». الزيادة الجديدة التى تمت بموجب الاتفاق بين وزير الصحة ومنتجي الدواء والمقرر تفعيلها بعد موافقة مجلس الوزراء عليها تتضمن زيادة 15 ٪ من الادوية المحلية 20 ٪من الادوية المستوردة، غير ان نقابة الصيادلة اعترضت على هذه الزيادات وأرسلت خطابا لرئيس الجمهورية وطالبته بمنع زيادة اسعار الدواء وتشكيل لجنة خاصة تحت اشرافه تقدم دراسات حول امكانية تحريك السعر للمرة الثانية خلال عام واحد. ما يحدث فى سوق الدواء من صراعات لن يدفع ثمنها فى المقام الأول سوى المريض الذى تتوقف حياته على جرعة وصفها له الطبيب، يبحث عنها فلا يجدها، او يجدها بعد عناء، الحكايات التى تدور حول البحث عن علبة دواء كثيرة ومرعبة، فأصحاب الأمراض المزمنة الذين يتناولون جرعات معتادة من الادوية، قد يضطرون الى الانقطاع لفترة عن تعاطي دوائهم اذا لم يجدوه متوافرا فى الصيدليات، حكت لى مريضة سكر أنها لا تجد حقن الانسولين الا بعد طول عناء وتضطر احيانا الى شراء المستورد منه على الرغم من ارتفاع سعره. هناك ايضا نوعيات من الادوية لامراض القلب قد يعاني المرضى كثيرا فى سبيل العثور على شريط واحد منها، ولكنها غير متوفرة ويضطر المرضى وذووهم الى التنقل عبر عدة مناطق للبحث فى الصيدليات عن الدواء، الذى يبدو انهم يقومون بتخزينه انتظارا للزيادة المتوقعة. أما عن غياب الضمير فحدث ولا حرج، حيث تقوم بعض الصيدليات ببيع أدوية منتهية الصلاحية، دون الوضع فى الاعتبار مدى تأثير ذلك على المريض، وحتى على حياته، وهو ما حدث معي شخصيا، وفى صيدلية باحد الاماكن الحيوية والهامة، ولولا اننى اعتدت على التأكد من تاريخ الصلاحية قبل تناول الدواء، ما كنت سأكتشف الامر مثل الكثيرين ممن يعتمدون على «البركة»، لم يقل الصيدلي لنفسه، ماذا لو تناول الدواء المنتهي مريض بسيط لا يعلم عن الثقافة الصحية شيئا، بالطبع فان هواجس الطمع والجشع والربح السريع تعمي القلوب والابصار، ولا يهم اذا كان ذلك سيتسبب فى كارثة صحية لمريض، او تكلفه حياته. سوق الدواء يحتاج حزما وحسما ولا يجب ان تترك صحة المرضى فى ايدى من لا يعرفون غير لغة الربح، فالانسان يمكن ان يقتصد فى طعامه وفى ملبسه وفى كل شىء يمكن ان يبحث عن البديل الأرخص الا فى الدواء، فهو قضية حياة او موت..ارحموا المرضي ..يكفيهم أنين الألم.. إن كنتم تعلمون..