كنا قبل الثورة السورية وقبل أن تنتشر الميلشيات المسلحة والفصائل المتناحرة وتنظيم داعش الإرهابي لا نعرف كثيرا عن المدن السورية الهامة كالزبداني وعين العرب كوباني ولكننا كنا نعرف العاصمة دمشق ومدينة حلب ودرعا، فمدينة الزبداني تعتبر من أقدم المدن والمصايف العربية والتي تتبع محافظة ريف دمشق وتقع علي مسافة 45 كم شمال العاصمة السورية وتمتد علي سفوح جبال لبنان وتشرف علي سهل الزبداني الرائع بخضرته ومحاصيله من فواكه وأشجار وثمار مزهرة وحياة مليئة بالخير والازدهار، وهي تقع علي يمين الطريق الدولي الذي يربط دمشق ببيروت وتقع في سلسلة جبال سوريا يتوسطها بساط أخضر يشكل سهل الزبداني، ويحيط تلك المدينة السورية الكثير من البلدات والقري المليئة بالينابيع حيث ينبع منها نهر بردة، وأصل الكلمة أرامي وسرياني وتغيرت عبر العصور إلي الكلمة العربية الزبداني ومفردها زبد ومعناه اللب أي لب الخير وخلاصته، وهي مدينة موغلة في القدم كمدينة دمشق، وخلال حركة الاجتياح الشعبية في سوريا عام 2011، 2012 ضد نظام الرئيس بشار الأسد تعرضت المدينة لهجمات متكررة من الحركات المعارضة والجيش المسمي بالحر وغيرها من التنظيمات الإرهابية حتي تم اقتحامها من قبل الجيش السوري الحر عام 2011 وظل الجيش السوري النظامي من حينها يسعي للسيطرة عليها مرة أخري بمساعدة ميلشيا حزب الله اللبناني من خلال القيام بعمليات وطلعات جوية وبرية لاستعادة المدينة الملاصقة لجنوب منطقة القلمون الحدودية مع بلدة عرسال اللبنانية وتشكل تلك المدينة للرئيس بشار الأسد وحزب الله منطقة إستراتيجية هامة يسعي من خلال الجيش السوري لاستعادتها من قبضة المعارضة لأنها تعتبر آخر معقل للجيش الحر وجبهة النصرة في القلمون من أجل أن تقوم قوات النظام بقطع طرق الإمداد عن الميلشيات المسلحة ومنع تدفق الأسلحة عبر الأنفاق والجبال والتي تخضع منذ فترة طويلة لعمليات مسلحة تشهد الكر والفر بين الطرفين تسعي المعارضة السورية من خلال المعركة في تلك المنطقة الهامة لإنهاك الجيش السوري عبر قصف مستمر وحرب عصابات ونصب الكمائن وتفخيخ الأرض لإيقاع أكبر الخسائر بالجيش السوري بمساعدة دولية حتي تتمكن من الدخول إلي دمشق وقلب وتغيير النظام بالقوة الأمر الذي يشكل منطقة قتال قوية تؤثر علي الجيش السوري مع الكثير من جبهات الاقتتال الكثيرة بالمناطق السورية مع داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية ولهذا تشهد منطقة الزبداني الآن توقيع هدنة بين أطراف النزاع لمدة 72 ساعة توقفت فيها العمليات العسكرية من أجل إجلاء الجرحي والمصابين وإدخال المساعدات الإنسانية لخدمة الجيش السوري النظامي والفصائل المسلحة المعارضة بشمال مدينة حلب، ويصر الرئيس بشار الأسد مع حزب الله علي الصمود واستعادة مدينة الزبداني ومحيطها المجاور للحدود اللبنانية لأنه يدرك أن حسم تلك المعركة يمكن أن يؤدي إلي تغيير خريطة الحرب الميدانية لصالحه وصالح حلفائه لأنها ستشكل ضربة فاصلة للمجموعات المسلحة والقوي الدولية والإقليمية التي تساعد تلك التنظيمات، وتشهد الأيام الأخيرة طلعات جوية وبرية قوية من جانب القوات السورية النظامية لتضييق الخناق علي مسلحي الزبداني في منطقة القلمون الجنوبي الغربي لتأمين الشريط الحدودي كاملا مع ضمان تأمين الطريقين الدوليين بين دمشق وحمص، ودمشق وبيروت وعزل مسلحي القلمون عن مسلحي الغوطة الشرقية من أجل السيطرة علي الحي الغربي للمدينة والتقدم لاستعادتها كاملا بعد أن عمها الخراب الذي قضي علي كل جميل فيها وأدي إلي نزوح وتهجير سكانها وانعدام الحياة فيها مما يشكل خسارة كبيرة لتلك المدينة الصامدة والتي تعتبر رمز للألم يضاف إلي مآسي المدن والبلدان العربية التي لاقت وتلاقي نفس المصير.