«زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة 22-8-2025 بعد ارتفاعه في 7 بنوك    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 22 أغسطس    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    اشتباكات عنيفة بالسليمانية في العراق    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    «مخضوض وواخد على خاطره».. رضا عبدالعال يقيم شيكو بانزا    درجة الحرارة تصل 42 .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    الجيزة: قطع المياه 6 ساعات اليوم الجمعة حتى غد السبت عن هذه المناطق    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    مصرع طفل وطفلة شقيقين من الدقهلية غرقًا في شاطئ بمرسى مطروح    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    عاصي الحلاني ينتقد فكرة ظهور المعجبات على المسرح.. ماذا قال؟    علي الحجار ينسج حكايات الشجن.. وهاني حسن يرقص للحياة على أنغام السيمفوني في محكي القلعة    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    انفجار مقاتلة أمريكية فى مطار ماليزيا    إعلام أمريكي: إيران تجري أكبر تجاربها الصاروخية خلال ساعات    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    بعد فوز الزمالك.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    وائل الفشني يكشف موقفا محرجا تعرض له: «أنبوبة بوتاجاز أنقذتني من بلطجي»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بدعوة البعثة الأممية لتشكيل حكومة موحدة جديدة    نجوى فؤاد: أطالب بمعاش يكفي احتياجاتي وعلاجي    نجاح أول حالة غسيل كلوي طوارئ للأطفال بمستشفى دسوق العام    مصر والسعودية علاقات ممتدة وآمال معقودة    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    حادث مأساوى..تصادم عدد من السيارات على طريق مطروح ومصرع وإصابة 20 شخصا    اختيار رئيس المصرية للاتصالات وأورانج ضمن أقوى 20 قائدا للبنية التحتية الرقمية في إفريقيا    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    تصدر المصري والقطبين "يوم فوق ويوم تحت"، ترتيب الدوري المصري بعد الجولة الثالثة    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    ياسر ريان يشيد بأداء المصري: هو المنافس الحقيقي للأهلي على لقب الدوري    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    ليلة استثنائية في مهرجان القلعة.. علي الحجار يُغني المشاعر وهاني حسن يُبدع بالسيمفوني| صور    التعادل الثالث.. سموحة وزد يتقاسمان النقاط بأمر تقنية الفيديو    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    ترامب: سأشارك في دوريات مع الجيش والشرطة بواشنطن    أونروا تحذر: عمليات الاحتلال في غزة تنذر ب"تسونامي إنساني" غير مسبوق    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'الاسبوع' تنشر الحوار الفائز بجائزة الصحافة العربية
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 13 - 05 - 2015

اخلع نعليك علي بابها.. فترابها من رفات شهداء الوطن.. إنها الأرض المقدسة، أرض سيناء.. ما بين الحزن والألم، وفجيعة الفقد، وفرض حالة الطوارئ، وصولاً للإجراءات الاستثنائية وإخلاء الشريط الحدودي.. تعيش 'أرض الفيروز' علي أعتاب التوتر والترقب الوجوه يشوبها حذر من نوع خاص، حذر ينتظر الموت ولا يأتي، وقد يأتي فجأة في ذات اللحظة التي لم تتوقعه فيها أبداً.
جنود يركبون مدرعاتهم في مواجهة 'شجاعة' مع الموت الذي ربما يأتي فيطريق 'مفخخ' أو هجمة إرهابية.. الأهالي يعيشون الانتظار بكل تفاصيله.. ماذا ستفعلين بنا يا أرض سيناء أكثر مما عانيناه معك وقد كانت نفوسنا 'حُبلي' بأحلامنا المشروعة منذ عشرات السنين.. لكنها لم تأتِ أبداً إلا علي هيئة كوابيس وحشية لم تنتهِ حتي اليوم؟ 'الوطن' في الأرض المقدسة.. ترصد، تكشف، تقدم التعازي لأرواح شهدائنا في مداد الحبر، تتعلق بحلم الأمن والأمان ككل المصريين، المُنتظر من بين براثن 'كتلة نار مشتعلة بيد الإرهاب الأسود' استطاع أن يُلبس المصريين أكفاناً منتقلة من سيناء إلي طول مصر وعرضها.. ويقيم الحزن في قلوب بنصف حياة، كزائر شبه دائم منذ ثورة 30 يونيو.. هناك في تلك البقعة الدامية، في سلسلة حوارات متصلة، يحارب 'القلم' الرصاصة ويحاول أن يقاوم 'الكفر' بالحبر.
الحديث في الظروف الاستثنائية التي تعيشها سيناء منذ إعلان حالة الطوارئ في أعقاب حادث 'كرم القواديس' الإرهابي، الذي راح ضحيته العشرات من جنودنا، ليس بالسهولة التي يتخيلها الكثيرون.. أن تجد من يتحدث دون خوف أمر نادر، فالكل بلا مبالغة قد يكون مستهدفاً من الجماعات الإرهابية، خاصة أن الوضع معقد للغاية من جميع النواحي. 'الوطن' تمكنت من إجراء حوار مفصل هو الأول من نوعه مع الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في شمال سيناء نقيب أطباء العريش، يكشف فيه عن العديد من تفاصيل الشأن السيناوي.. 'كيف ومتي بدأ الإرهاب ينشر أذرعه المخضبة بدماء شهدائنا في ربوع سيناء؟ عملية إخلاء الشريط الحدودي من السكان لتأمين المنطقة وملاحقة البؤر الإرهابية، وما صاحبها من قصور شديد في أداء الأجهزة التنفيذية بشمال سيناء، ماذا يدور في خلد وعقل المواطن السيناوي منذ سنوات طويلة وصولاً إلي إعلان حالة الطوارئ مؤخراً؟'.. وإلي نص الحوار:
■ كيف يمكن أن تصف الوضع في سيناء بعد مذبحة 'كرم القواديس'؟
- مما لا شك فيه أنه حادث كبير وأثر في نفوسنا جميعاً، وكما ترون مدينة العريش حزينة وكئيبة والقلوب يعتصرها الألم، لكنه بكل أسف ليس الحادث الأول، ومن المثير للانتباه أن هذا الحادث تم في منطقة تبعد حوالي 12 كيلومتراً عن مدينة العريش، وهي منطقة يطبَّق فيها حظر التجوال منذ ما يزيد علي العام ونصف العام، والمفروض أن الكمائن تغلق من الثالثة ظهراً وحظر التجوال يبدأ من الخامسة مساء، والحادث نُفذ في وضح النهار بعد صلاة الجمعة مباشرة، وعلي طريق دولي، وهذا ما يضع أكثر من علامة استفهام.
■ ماذا عن قرار ضم العريش إلي المناطق التي يطبَّق فيها حظر التجوال مع إعلان حالة الطوارئ؟
- ضم العريش إلي قرار حظر التجوال وفيها كل هذه الكتلة السكنية التي تصل إلي 250 ألف نسمة، فيه تضييق شديد علي كل مصادر الرزق لطبقة عريضة من الناس، مع الأخذ في الاعتبار أن الأمن القومي خط أحمر، لكن الطرق مغلقة وشبكات الاتصالات منقطعة، الكمائن يقف عليها الناس بالساعات، المعدية يقف الناس عليها أيضاً ساعات، وربما أياماً، وهذا كله يؤثر علي الحالة المعيشية للناس وأرزاقهم، فإذا كنا نريد أن نصنع خطوات تنمية لهذا الجزء العزيز من الوطن فهذا سيكون مستحيلاً في هذه الأجواء، لكن إذا كان هذا الوضع استثنائياً فيمكن تحمله، لكن لا يجب أن يكون دائماً، ومعروف تماماً ما يمكن أن يؤدي إليه 'الكبت'، ونحن لا نريد أن نصل إلي هذه المرحلة مع أهالي العريش.
■ هل تعتقد أن هذا التضييق علي أهالي العريش قد يأتي بنتائج سلبية تصل إلي تحول موقفهم ل'التعاطف' مع الإرهابيين؟
- لن تصل أبداً إلي حالة التعاطف، فيد الإرهاب طالت أهالي العريش وشيوخ القبائل في شمال سيناء أيضاً، ولقد اتصل بي الكثير من أهالي العريش وقالوا لي: 'يا دكتور إحنا راضيين بأي حاجة بس خففوا ساعات الحظر، علشان مصالحنا وشغلنا وأكل عيشنا، لقد رضينا بإغلاق كوبري السلام والوقوف علي المعديات ساعات طويلة دون مبرر'، وهذا أمر أنا أتفق معه.
■ ماذا تقصد بعبارة 'أتفق معه'؟
- أتفهم أن يغلَق كوبري السلام لاعتبارات أمنية، لكن لا أتفهم أن يقف الناس علي المعديات لساعات طويلة تصل لأيام، لماذا لا تزيد عدد المعديات بين بورفؤاد وبورسعيد إلي 8 معديات بين 'حي ومدينة'، فيما بين سيناء بالكامل وجمهورية مصر العربية 4 معديات، منها 2 فقط تعملان 24 ساعة و2 تعملان 12 ساعة؟ هل هذا يعقل؟ وأنت تريد أن تحدث تنمية وتتشدق بالتنمية.
■ لماذا لا يمكن اعتبار أن هذا العدد القليل من المعديات مع ساعات العمل المحددة أمر له علاقة بالنواحي الأمنية؟
- أريد أن أقول شيئاً لا علاقة له بالعنصر الأمني: هل تعلمون أن رئيس الوزراء أصدر قراراً مؤخراً بإعطاء 'بدل' للأطباء العاملين بالمناطق النائية، والغردقة أعلي أجراً من رفح؟ وهذه كارثة، فهل هذه سياسة لتنمية سيناء؟ بل الأدهي أنه عندما أصدر وزير الصحة القرار التنفيذي قال لي: 'الذين من أبناء سيناء لا يحصلون علي البدل، أما المغتربون فقط فهم من يحصلون عليه'. ولقد جلست مع الوزير وقلت له إن هذا القرار خاطئ، وضد مبدأ المواطنة والدستور، هل يعقل أن زميلي الذي يعمل معي في نفس المستشفي مثلا ويحمل نفس المؤهل والمهارات لمدة تزيد علي 25 سنة فجأة يزيد راتبه 3 آلاف جنيه وأنا 'لا' لمجرد أني وُلدت في سيناء؟! هذا عقاب علي الهوية! إذا ما وصفته حقوقياً فهو 'تفرقة'، وأي تفرقة؟ والقارئ سيعرف ماذا تعني 'التفرقة' هنا.
■ كم تمثل نسبة الكادر الطبي من أبناء سيناء؟
- المغتربون يشكلون 80% من الكادر الطبي في سيناء، وأبناء المدينة يمثلون 20% فقط، إذن لا يمثلون عبئاً علي الدولة من الناحية المادية إذا تم تعميم هذه المميزات عليهم أيضاً، فالدولة لا تعاملهم علي أنهم مصريون، وهم يشعرون بالظلم، والظلم في الوطن غربة، كما أن الفقر في الوطن غربة.
■ هل تعتبر المواطن السيناوي مظلوماً؟
- نعم مظلوم، لأنك لا تملِّكه بيته، مظلوم لأنك لا تعامله مثل زميله في العمل، لأنك لا تعطيه حقه في التحرك، ولا تعطيه الفرصة لشرب مياه النيل مثل أخيه الذي يعيش في غرب القناة، مظلوم لأن 'بقالك 40 سنة ترقص وتغني بسينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد' وأنا لا أري عيداً. يضاف إلي ذلك عدم قبول أبناء المدينة في كليات الحربية والشرطة، وهذا خلل في التفكير الأمني، فإذا أردت أن تؤمّن سيناء فعليك بأبنائها، مع البحث في الأصول أولاً واجعلهم هم من يحمون سيناء، المنطق والعقل يقولان ذلك، لكن الذي يحدث هو عقاب جماعي ضد أهل سيناء.
■ متي بدأت فصول هذا العقاب الجماعي الذي تتحدث عنه؟
- منذ عام 2000، من خلال تنظيم التوحيد والجهاد، وقائد التنظيم كان وقتها طبيب الأسنان خالد المساعد، ثم اتصاله بعد ذلك ب'أنصار بيت المقدس' وليس 'حماس'، بل إن 'حماس' ضيّقت علي 'أنصار بيت المقدس' وطردتهم من غزة في أعقاب أحداث مسجد 'ابن تيمية' وهرب عناصر التنظيم واستوطنوا سيناء، وهنا لا بد من الإشارة إلي أن ليس كل الفلسطينيين 'حماس وخونة'، دي اسمها 'زيطة'، وهو ما يحدث الآن مع مواطني سيناء. وفي 2004 حينما حدث تفجير طابا تم اعتقال أكثر من 4 آلاف مواطن سيناوي تعرضوا للتعذيب، في حين أن منفذي الهجوم كانوا 4 أو 5 أشخاص فقط، وكانت القضايا تلفَّق بلا حدود لبدو سيناء، خاصة قضايا المخدرات، واكتشفت الجهات الأمنية بعد ذلك أن الضابط الذي كان يلفق تلك القضايا هو نفسه تاجر مخدرات وتم القبض عليه ومحاكمته قبل الثورة بشهور قليلة.
■ هل هذه الأحداث تعد مبرراً كافياً لكي تتحول شمال سيناء إلي بؤرة إرهابية فيما بعد؟
- ماذا تنتظرون من أشخاص حُكم عليهم أحكام غيابية وصلت إلي 80 سنة في بعض الأحكام، وأصبحوا 'مطاريد' في الجبال واستقبلهم تنظيم 'أنصار بيت المقدس' وغيره من الجماعات التكفيرية، وفي فترة 'السيولة الأمنية' بعد ثورة 25 يناير جاءهم أيضاً إرهابيون من سوريا وليبيا، واستقطبوهم، وكل من يريد أن ينشئ تنظيماً أو ينفذ عملاً إرهابياً سيجد هؤلاء المطاريد، لأن هذه هي البذرة التي نبتت في 2004 وما تلاها من سنوات، وأثمرت اليوم بحوراً من الدم والسلاح لم يأتِ فقط من الأنفاق، بل كان يعبر بعرض مصر من ليبيا وعلي شواطئ البحر المتوسط عبر سفن صغيرة تنقل السلاح ثم يتم تحميله علي سيارات لعمق سيناء؟ والنتيجة أننا كمصريين ندفع الثمن بلا استثناء، وفي مقدمتنا الضباط والعساكر والمواطنون الأبرياء الذين يُقتلون بلا ذنب.
■ يبدو أنك تحاول إيجاد مبرر للإرهاب؟
- يجب أن نفرق ونعرف من الجاني الحقيقي، من الإرهابي الحقيقي، لدينا خلل إعلامي كبير لا يقل خطورة عما يحدث الآن، فإعلامنا كما استعدي الناس علي الفلسطينيين باعتبار أن كلهم 'حماس وخونة'، أصبح اليوم يستعدي المصريين علي أهالي سيناء باعتبار أن كلهم إرهابيون، 'إذن ماذا بعد؟ هل هذا يعني أن الانفجار الذي وقع في روكسي ضد الروكسيين؟ هل الانفجار الذي وقع في مديرية أمن القاهرة ضد ساكني منطقة 'عابدين'؟ وهل الانفجار الذي وقع في الدقهلية ضد 'المنصوريين'؟ وهذا يعيدنا إلي نقطة مهمة وهي أن الأمن لا يتحقق فقط من خلال عقول أمنية، بل يتحقق أيضاً بعقول تنموية، فهناك أيضاً أمن بالتنمية.
■ لكن معروف تماماً أن بعض المناطق في سيناء أصبحت بؤراً ومعاقل للإرهاب وامتدت أعمالها إلي كل ربوع مصر؟
- دعيني أسأل: 'لو تخيلنا أن اتفاقية كامب ديفيد لم تُفرغ المنطقة 'ج' التي كان يحرسها 700 عسكري فقط، لو كان فيها قوات هل كان من الممكن أن يتجمع فيها كل الخارجين عن القانون وكل الجماعات المتطرفة من كل حدب وصوب مثلما يحدث اليوم؟'، الاجابة بالطبع 'مستحيل'، إذن الخلل يأتي من أين؟ 'مش أنا اللي حضرت العفريت يا ابن سيناء، اللي حضر العفريت يصرفه! اللي ساب المنطقة فاضية واللي سمح بالأنفاق مش اللي عمل الأنفاق'.
■ لكن 'مبارك' هو من سمح بالأنفاق في البداية وكانت نواياه 'طيبة' تجاه شعب غزة في إيصال المعونات الغذائية كجانب إنساني؟
- نعم قد تكون نواياه طيبة بالفعل، ولكن 'الطريق إلي الجحيم مليء بالنوايا الحسنة' كما يقولون، نعم هو أراد أن تصل المعونات الغذائية وخلافه لتخفيف الخناق والتضييق علي شعب غزة من الناحية الإنسانية، وأذكر أنني حضرت اجتماعاً عام 2007 في مبني المخابرات الحربية مع شيوخ القبائل في سيناء، وقلنا لهم وقتها: 'يا جماعة ما يحدث مش الصح'، وقالوا: 'الأنفاق خطر ثم خطر ثم خطر'، والنهارده هدخل 'أكل' بكرة هدخل 'بلاوي زرقا' بالنص. واقترحت وقتها أن يكون هناك سوق تجارية حرة فوق الأرض مسافة 'كيلو في كيلو' علي الحدود، يكون فيها 500 محل تجاري وبوابتان تحت إشراف المخابرات الحربية، وتدخل من خلالها كل السلع غير المدعمة حتي لا يحصلوا علي قوت المواطن المصري، في محاولة لمنع عمليات التهريب التي اغتني منها المرتزقة وأصبحوا اليوم تجار الموت والدم، ولم يستمع لنا أحد.
■ 'أنفاق الشر'.. إلي من تذهب في الجانب الآخر؟ وهل لا تتحمل 'حماس' مسئولية ما يحدث في سيناء؟
- علي السلطة الوطنية الفلسطينية ألا تبيع لنا كلاماً، نريد منها أن تبسط نفوذها علي الحدود مع مصر وتتخذ إجراءات تثبت حسن النوايا لتفريغ المنطقة علي امتداد 500 متر إلي كيلو من الإرهاب والأنفاق وتفجيرها أيضاً مثلما تفعل مصر.
■ كيف تفعل ذلك وقطاع غزة تحكمه 'حماس'؟
- أليس هناك الآن حكومة وحدة وطنية؟! نريد أن نري تفعيلاً لهذه الحكومة علي الأرض فيما يخص الأمن القومي المصري، وإذا لم تستطع حكومة الوحدة الوطنية والسلطة الفلسطينية فعل ذلك فهذا يعني أن قطاع غزة ما زال في قبضة 'حماس'، وما زال الخطر داهماً؟ و'حماس' نفسها تنفي أن تكون لها علاقة بأي مما يحدث في سيناء من خلال تصريحات براقة، لكننا نسمع ضجيجاً ونري 'طحناً' ولا نري دقيقاً. نريد أن نسمع أصوات انفجارات للأنفاق علي الجانب الآخر عند 'حماس' حتي نصدق ما يقولون.
■ ألا تعتقد أن ما تطلبه هو مطلب 'حالم'، خاصة أن الاقتصاد الحمساوي قائم علي تجارة الأنفاق؟
- إذا كانت مصر عقدت مؤتمراً عالمياً ل'إعمار غزة' واستطاعت أن تجمع لهم 5 مليارات دولار، وتقوم بإرسال المعونات الغذائية والطبية لهم عبر منفذ رفح، فأولي بهم أن يقدموا لمصر 1% تجاه ما تفعله لهم، أو بمعني أدق 'يرموا بياضهم'، وإذا كانوا يقولون إنهم مع استقرار مصر وإنهم شركاؤنا في الدم الطاهر الذي أُريق في كل الحروب ضد العدوان الإسرائيلي، فاعطونا دليلاً.
■ إذا لم تدمر 'حماس' أنفاقها في 'رفح الفلسطينية' فهل هذا سيكون مبرراً واضحاً لكل الاتهامات التي تطالهم في الضلوع بما يحدث في سيناء؟
- نعم، فهذا سيعني وقتها أن كل ما يطال مصر من خراب، ليس فقط في سيناء، هو من صناعة 'حماس' وعناصرها وقياداتها هم المسئولون عنه، ولا نستثني منهم أحداً.
■ هل زاد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي من الرئاسة 'فاتورة الدم المصري'؟
- عزل 'مرسي' زاد البنزين علي النار، لكن النار كانت موجودة من قبل، ولم يكن الإخوان يريدون إطفاءها لكي يستخدموها في الوقت المناسب ضد من يفكر أن يزاحمهم في الحكم.
■ تتداول بعض وسائل الإعلام منذ بدء إخلاء المنازل الواقعة علي الشريط الحدودي العديد من الروايات حول 'انتهاكات حقوق الإنسان'؟
- حينما يتعرض الأمن القومي للخطر فلا تحدثني عن حقوق الإنسان، وهذا ليس اختراعاً بل حدث في إنجلترا من قبل، وقال هذه الجملة رئيس وزراء بريطانيا يوماً ما، وليس معني أني عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن أدافع عن حقوق الإنسان 'عمال علي بطال'، لكن كل ما قلته إذا كانت هناك ضرورة قصوي لذلك، فليكن بالتعويض المناسب لهؤلاء المواطنين مع إعطاء المهلة اللازمة لعمليات الإخلاء وهذا نصاً ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي لاحقاً.
■ هل تلقيتم بلاغات من عائلات جري القبض علي أحد أفرادها وفقاً لقانون الطوارئ؟
- تلقيت بلاغاً بحالة واحدة، لكني لا أستطيع التحرك إلا بعد انقضاء 48 ساعة من لحظة القبض عليه، لأنه من الممكن جداً أن يتم إخلاء سبيله إذا ثبت أنه غير مطلوب أمنياً أو أن يتم توجيه له اتهام مباشر ويُحال للنيابة.
■ هل حققتم في مقتل أي من المواطنين السيناويين ال12 علي يد 'تنظيم قاطعي الرؤوس' الإرهابي علي خلفية تعاونهم مع الأجهزة الأمنية المصرية؟
- نعم، وأصدرنا بيان استنكار شديد اللهجة ضد ما حدث وكل ما يحدث في سيناء من انتهاكات علي يد الإرهابيين، كما أصدرنا مذكرة ستصدر في الدورية الدولية الشاملة المعنية بحقوق الإنسان في مصر وسيتم مناقشتها يوم الأحد المقبل في جنيف بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان.
■ تتوقع أن تصدر توصيات من المجلس الدولي لحقوق الإنسان علي خلفية التقرير الذي سيناقش أوضاع سيناء؟
- نعم، أتوقع أن تصدر توصيات لأن كل دول العالم أدانت الحادث الإرهابي الأخير في 'كرم القواديس'، وتبين للعالم أن هناك إرهاباً يمارس ضد الدولة المصرية والقوات المسلحة والمواطنين.
■ ما أهم النقاط التي سيستعرضها هذا التقرير؟
- التقرير تناول سيناء من زاوية أنه لا يوجد إرهاب فقط ضد القوات المسلحة، بل هناك إرهاب أيضاً ضد المواطنين المصريين وامتد إلي باقي أنحاء مصر.
■ هل تعتبر أن إحالة من يتعدي علي المنشآت العامة للمحاكمات العسكرية يتعارض مع حقوق الإنسان؟
- إن من يتعدي علي المنشآت العامة لا يستحق فقط أن يحال للمحاكمة العسكرية، أقول هنا إنه يستحق 'الذبح' أيضاً، فهذه المنشآت نحن من ندفع ثمنها من الضرائب، بل إنني أطالب بإحالة طالب الجامعة الذي يمارس أعمال عنف أو تخريب إلي التجنيد فوراً، حتي يتعلم 'الأدب والانضباط وقيمة البلد'.
■ إلي أي مدي كانت فترة حكم محمد مرسي 'وبالاً أسود' علي سيناء؟
- من فضل الله علينا أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي في الوقت المناسب، فلقد كنت أنتظر منذ الإعلان الدستوري الذي أصدره 'مرسي' وهو الإعلان 'الظالم المتخلف' الذي لا يوجد مثله أبداً في كل دساتير العالم، ثم أعقبته الدعوة التي وجهها وقتها الفريق أول عبد الفتاح السيسي لكل القوي الوطنية للجلوس مع القوات المسلحة لرأب الصدع، ووافقت قوي المعارضة والرئيس محمد مرسي وقتها علي تلبية الدعوة، ثم علي آخر لحظة سحبت الرئاسة موافقتها وألغت الاجتماع بإيعاز من مكتب إرشاد الإخوان، في هذا اليوم أيقنت أنه لا بد من خروج رجل من صفوف القوات المسلحة ليعيد إلي مصر كرامتها، فهذا السيناريو تكرر تماماً في الفترة ما بين 1952 - 1954 في أعقاب ثورة 23 يوليو، حينما حاول الإخوان الاستيلاء علي الحكم استغلالاً لطيبة الرئيس الراحل محمد نجيب، فنحي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر 'نجيب' جانباً واعتقل الإخوان وسار بالوطن إلي بر الأمان، وهذا ما فعله الرئيس السيسي بعد أن وقف في صفه 'الشعب' واستطاع دحر الإخوان من سدة السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.