هيكل الأسطورة الصحفية التي يتعلم منها الأجيال, عاصر الأحداث الهامة في التي مرت بمصرنا الحبيب منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وحتي وقتنا هذا. ولد 'الأستاذ' كما يلقبه محبوه وتلاميذه في 23 سبتمبر عام 1923 في قرية باسوس احدي قري محافظة القليوبية, وهيكل يعتبر أبرز الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين, وربما يكون من الصحفيين العرب القلائل الذين شهدوا وشاركوا في صياغة السياسة العربية، خصوصاً في مصر. في العام 1942 بدأ الأستاذ هيكل عمله في مهنة الصحافة, وفي عام 1951 صدر له أول كتاب : إيران فوق البركان، بعد رحلة إلي إيران استغرقت شهرا كاملاً. ومنذ عام 1952 استطاع ملازمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والحياة بالقرب منه ومتابعته علي المسرح ووراء كواليسه بغير انقطاع، وسنوات حوار لم يتوقف معه في كل مكان وفي كل شيء, وفي عام 1957دخل 'الأستاذ' صحيفة الأهرام لأول مرة، في صباح يوم الأربعاء 31 يوليو لكي يتولي إصدار عدد اليوم التالي، الخميس أول أغسطس. ويعتبر الأستاذ هيكل أول من أطلق لفظ ' الناصرية '، وذلك بمقال له في جريدة الأهرام في 14/1/1972م. وقد واجه الأستاذ هيكل العديد من الصعاب والمحن, وكان بدايتها عام 1974 حيث أصدر الرئيس السادات قراراً نشر في كل الصحف صباح يوم السبت 2 فبراير بأن ينتقل الأستاذ هيكل من صحيفة الأهرام إلي قصر عابدين مستشارا لرئيس الجمهورية، واعتذر الأستاذ وقتها, بل وخرج من جريدة الأهرام لآخر مرة يوم السبت 2 فبراير مجيباً علي سؤال لوكالات الأنباء العالمية : ' إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي. وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي.. وفقط ' !. ولقد لخص الأستاذ هيكل موقفه في تصريح نشرته صحيفة 'الصنداي تيمس' في عددها الصادر يوم السبت 9 فبراير قائلاً : ' إنني استعملت حقي في التعبير عن رأيي، ثم أن الرئيس السادات استعمل سلطته. وسلطة الرئيس قد تخول له أن يقول لي اترك الأهرام, ولكن هذه السلطة لا تخول له أن يحدد أين اذهب بعد ذلك فالقرار الأول يملكه وحده.. والقرار الثاني أملكه وحدي!. كما وجد الأستاذ هيكل نفسه وراء قضبان سجون طرة في سبتمبر عام 81 مع كثيرين غيره لم يجدوا مفراً أمامهم عند نقطة فاصلة من تاريخ مصر - غير حمل السلاح، بالموقف والقلم والكلمة - والدخول إلي ساحة المعركة. مر الأستاذ في مراحل عمله بتطورات هامة منها سنة 1956م/ 1957م عرض عليه مجلس إدارة الأهرام رئاسة مجلسها ورئاسة تحريرها معاً، اعتذر في المرة الأولي، وقبل في المرة الثانية، وظل رئيساً لتحرير جريدة الأهرام 17 سنة، وفي تلك الفترة وصلت الأهرام إلي أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولي في العالم. ظهر أول مقال له في جريدة الأهرام تحت عنوان بصراحة يوم 10 أغسطس 1957 بعنوان السر الحقيقي في مشكلة عُمان. كان آخر مقال له يوم 1 فبراير 1974 بعنوان الظلال.. والبريق. كما رأس محمد حسنين هيكل مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم'الجريدة والمؤسسة الصحفية' ومجلة روز اليوسف كذلك في مرحلة الستينات. كما أنشأ هيكل مجموعة المراكز المتخصصة للأهرام: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية مركز الدراسات الصحفية مركز توثيق تاريخ مصر المعاصر. وفي عام 1970 م عين وزيراً للإرشاد القومي، ولأن الرئيس جمال عبد الناصر وقد ربطت بينه وبين هيكل صداقة نادرة في التاريخ بين رجل دولة وبين صحفي يعرف تمسكه بمهنة الصحافة، فإن المرسوم الذي عينه وزيراً للإرشاد القومي نص في نفس الوقت علي استمراره في عمله الصحفي كرئيس لتحرير الأهرام.