قالت أكاديمية أمريكية ان بلادها بدأت الحرب علي العراق قبل عشرين عاماً وليس ابان غزوها في العام 2003، وذلك عندما فرضت هيمنتها علي مجلس الأمن وفرضت العقوبات الاقتصادية المشددة علي العراق، ما أدي الي تدمير بنيته التحتية وتحويله من دولة بمستوي معيشي متقدم الي دولة ما قبل صناعية. وألقت الكاتبة جوي غوردن باللائمة علي الولاياتالمتحدةالأمريكية فيما آال اليه مصير العراق علي مختلف الصعد، محذرة في كل ذلك من تفرد أي دولة بالقرار الدولي علي نمط ما حدث مع أمريكا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة وفرض أمريكا سيطرتها علي الأممالمتحدة وتقريرها في مصير الدول الأخري. جاء ذلك خلال حديثها في ندوة دعا اليها مجلس التفاهم العربي البريطاني 'كابو' مساء الأربعاء وحضرها العشرات في احدي قاعات مجلس العموم. واستعرضت غوردن خلال الندوة أبرز ما جاء في كتابها الجديد الذي حمل عنوان: 'حرب خفية: عقوبات الاممالمتحدة علي العراق' والذي صدر هذا العام. وقالت غوردن انها اعتمدت في تأليف كتابها علي مراجع ومصادر مهمة حصلت عليها من سجلات الاممالمتحدة ووثائقها بالغة الحساسية التي لا يسمح للعامة بالوصول اليها، كما أنها أجرت مقابلات مطولة مع موظفي الخارجية الأمريكية خلال حقبة العقوبات التي تم فرضها علي العراق من الأعوام 1990 وحتي العام 2003. وأعادت غوردن تذكير الحاضرين بأهوال ومآسي العقوبات الاقتصادية وما خلفته من أضرار مدمرة قضت علي البنية التحتية وتسببت في موت نصف مليون طفل عراقي علي الأقل حسب أكثر الاحصاءات نزاهةً ودقة. كما ذَكرت بالنماذج المهولة التي طالتهاالعقوبات في مختلف المجالات حيث تم حرمان شعب العراق من الكثير من أساسيات الحياة بزعم منع الحكومة العراقية من تطوير الأسلحة وتهديد جيرانها، ما أدي الي فرض حظر علي استيراد العراق للمضادات الحيوية ولقاحات الأطفال وخراطيم المياه والبيض وأقلام الرصاص وغيرها الكثير من المواد التي كانت محل أدني شك بامكان استخدامها في تصنيع الاسلحة. ولفتت الي أن العراق بقي طيلة الشهور الثمانية الأولي من الحصار محروماً من استيراد الطعام وهو ما أثر بقوة علي العراقيين الذين كانوا يستوردون ثلثي حاجتهم من الطعام، مشيرةً الي أن رفع الحظر عن استيراد الأطعمة لم يمنع من تدمير البنية التحتية للعراق علي مدي سنوات العقوبات التي كانت تزداد تشديداً مع الوقت. وأعربت غوردن عن أسفها لأن الدمار الذي لحق بالعراق حتي قبل احتلاله تم بأيدٍ أمريكية بالدرجة الأولي وأن المآسي الانسانية التي شهدها العراق طيلة نحو 13 عاماً من العقوبات لم تثر الكثير من التعاطف لدي المسؤولين الامريكيين في حينه. وقالت غوردن التي تدرس الفلسفة في احدي الجامعات الأمريكية ان تدمير البنية التحتية للعراق من خلال العقوبات لم يكن قائماً علي أساس الكراهية للشعب العراقي ولكنه كان بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين مجرد وظيفة يؤدونها باطمئنان ورتابة طالما أن لديهم القدرة علي ايجاد الأسباب وراء قرارات حظر الاستيراد التي يصدرونها، لافتة الي أن هؤلاء المسؤولين لم يكونوا قادرين علي رؤية الأمور مثلما يراها الآخرون وأنه كان يكفيهم ايجاد أي سبب مهما كان واهياً للاستمرار في تأدية الوظيفة المطلوبة منهم. وعن الكيفية التي تمكنت من خلالها الولاياتالمتحدةالامريكية فرض رؤيتها المدمرة للعقوبات الاقتصادية علي العراق طيلة نحو 13 عاماً عبر الأممالمتحدة، قالت غوردن ان اتخاذ قرارات تطبيق العقوبات كان موكلاً الي لجنة خاصة اسمهااللجنة 661 وأن أسلوب اتخاذ القرارات في هذه اللجنة كان يتم علي قاعدة الاجماع الأمر الذي مكن أمريكا من تعطيل الكثير من طلبات تخفيف العقوبات والسماح باستيراد بعض المواد لأسباب انسانية لأنها كانت ترفض الموافقة علي هذه الطلبات، مشيرة الي أن أمريكا مسؤولة عن تعطيل أكثر من نصف طلبات الاستيراد لأغراض انسانية. وحذرت غوردن من أن الحصار المفروض علي غزة يسير باتجاه موازٍ لما كان عليه الحال في العراق، واعتبرت في الوقت نفسه أن العقوبات المفروضة علي ايران حالياً مغايرة نوعاً ما حيث لم يصل تأثيرها الي البنية التحتية رغم انقضاء سنوات عليها. وعن موقفها من فرض عقوبات علي اسرائيل، قالت انها تدرك أن هذا قد يكون مستحيلاً في الوقت الراهن ولكنها مع فرض حظر علي استيراد اسرائيل للبلدوزرات لأنه سيحد من نشاطها الاستيطاني واعتدائها علي ممتلكات وبيوت الآخرين.