بدأ الظهور الحقيقي ل 'زينب الغزالي' مع تنظيم 1965 المعروف بتنظيم 'سيد قطب'.. كان قطب يقضي عقوبة السجن 15 سنة في قضية اغتيال عبد الناصر عام 1954.. وكان الرجل يعامل معاملة خاصة فلم يسجن يوما واحدا، ولم يدخل زنزانته.. وانما قضي مدة السجن كلها في مستشفي سجن ليمان طرة.. وخرج بعفو خاص قبل اتمام العقوبة ب 5 سنوات.. وفي مستشفي السجن كان يسمح له بالقراءة والكتابة، وكانت ترد إليه المراجع التي يريدها.. وقد أتم كتابه الهام 'في ظلال القرآن' داخل حجرته بالمستشفي.. وفي عام 1961 وقبل الافراج عنه بعدة سنوات بلور أفكاره الجديدة الخاصة بتكفير المجتمع في طبعة جديدة من الظلال.. وبدأ يكتب فصولا تحمل آراءه ويسربها للإخوان من كافة السجون عندما يرحلون للمستشفي للعلاج.. ثم نشطت أخته حميدة قطب فحملت نسخا من تلك الفصول وكانت تسلمها إلي زينب الغزالي التي قامت بعرضها علي المرشد الهضيبي المفرج عنه عام 1955 لمراجعتها فأعجب بها.. وأثني علي سيد قطب.. وطبعت بعد ذلك في كتاب شهير 'معالم في الطريق'.. كان بعض الإخوان في السجن لا يقرون الآراء الجديدة لسيد قطب وعقدت اجتماعات في السجون.. وكان الرأي العام بينهم عدم اتساق الأفكار من الناحية الفقهية.. إلي جانب أنها سوف تتسبب في التباسات شديدة.. وخلافات قد تؤدي إلي انشقاقات.. وفي أوائل سنة 1960 بدأ بعض الإخوان في مزاولة نشاطهم كجهد فردي.. كان محمد عبد الفتاح رزق الشريف يشغل وظيفة وكيل إدارة نزع الملكية بطنطا، وقد أتاحت له وظيفته فرص الانتقال الرسمي بين بعض عواصم مديريات 'محافظات' الوجه البحري.. فبدأ يتصل خلال تنقلاته ببعض أفراد الجماعة المنحلة في دمنهور وطنطا والمنصورة والزقازيق والاسكندرية متحدثا معهم حول ضرورة العمل لاعادة الجماعة وتكتيل أعضائها وتوثيق الصلات بينهم.. وكان أهم من اتصل بهم عبد الفتاح عبده اسماعيل في الدقهلية وكان يقوم بنفس الدور وعلي عشماوي الذي كان يكتل مجموعات الشباب ثم يمر عليهم في منازلهم ومعه شنطة بها قنبلة يدوية ومسدس لتدريبهم علي استخدام السلاح.. وبين عامي 1961، 1962 بدأت قيادات هذه المجموعات تنتظم في اجتماعات دورية.. ثم اتصل عبد الفتاح اسماعيل بالسيدة زينب الغزالي لسؤال المرشد الهضيبي حول رأيه في العودة فأخبرتهم بعد فترة أنه وافق علي استئناف العمل وقيام التنظيم من جديد.. وبدأ التوسع في الاتصالات.. وتنظيم الاتصال بالإخوان الهاربين في السعودية لامداد التنظيم بما يحتاجه من أموال وأسلحة.. وفي عام 1964 تحدث هؤلاء فيمن يقود التنظيم نظرا لأن الهضيبي مراقب بالطبع ومن الصعب الاتصال به بسهولة.. وطرح اسم عبد العزيز علي وزير سابق ويكتب أحيانا في مجلة الشبان المسملين.. واستطلعت زينب الغزالي رأي المرشد الهضيبي فوافق عليه.. وفي منزل زينب الغزالي التقي عبد العزيز علي بعبد الفتاح اسماعيل 'محور التنظيم 41 سنة، قباني ومقيم بكفر البطيخ وتم التفاوض والاتفاق.. ثم جرت عدة اجتماعات في منزل زينب الغزالي أيضا حضرها علي عشماوي 28 سنة كاتب حسابات ومقيم بروض الفرج، وصبري عرفة 35 سنة مدرس علوم بدار المعلمين بالمنصورة، أحمد عبد المجيد عبد السميع 32 سنة موظف بإدارة كاتم أسرار بوزارة الحربية ومقيم بالعباسية، مجدي عبد العزيز 28 سنة مدير انتاج بشركة النصر لصناعة الأقلام ومقيم بالعجوزة.. واتفق علي أن يتولي عبد الفتاح اسماعيل وعلي عشماوي توفير الأسلحة والتدريب.. في هذه الفترة كانت حميدة قطب شقيقة سيد قطب تتردد علي منزل زينب الغزالي والتقت بعدد من قيادات التنظيم الجديد.. وطلبوا منها ابلاغ شقيقها بما يجري ورغبتهم في أن يقوم بتوجيههم وتولي مهمة التربية الفكرية للتنظيم.. وقد سعد سيد قطب بذلك ورحب وأعد برنامجا حاشدا لتربية الأعضاء.. كما كان يرسل لهم نشرات يكتبها لهم تتضمن أفكاره ورؤاه الفكرية والسياسية حيث تتسلمها زينب الغزالي ويتم بعدها النسخ والتوزيع.. وقد جمعت تلك النشرات أو الفصول ككتاب بعد ذلك 'معالم في الطريق' كما تقدم.. وقد لاحظ أعضاء التنظيم إعراضا من قدامي الإخوان.. ومعارضة شديدة بلغت في بعض الأحيان تحذير أعضاء الجماعة المنحلة من عبد الفتاح اسماعيل ومجموعته.. وتنفير الإخوان القدامي منه.. وهو ما دفعه ومجموعته إلي الاتجاه لتجنيد نوعية من الشباب لم تكن لها علاقة سابقة بالإخوان.. وتمكنوا من تجنيد عدد كبير من شباب الجامعات معيدين أو طلاب في السنوات النهائية وركزوا علي الكليات العملية.. وكان من بين من تم تجنيدهم في تلك الأثناء محمد بديع وكان معيدا بكلية الطب البيطري ومحمود عزت وكان طالبا في نهائي طب عين شمس وعدد كبير من شباب الباحثين بمؤسسة الطاقة النووية وكليات الهندسة والمركز القومي للبحوث.. وكان منزل زينب الغزالي.. الملتقي الدائم.. والمفرخة التي يتم بداخلها الاتفاق، والتجنيد وإعداد الشباب لعضوية التنظيم.. خاصة بعد أن تم الإفراج عن سيد قطب بعفو صحي وقبل انتهاء مدة العقوبة.. وبدأ العمل بوتيرة أسرع فسافر عبد الفتاح اسماعيل إلي السعودية وقابل سعيد رمضان ومصطفي العالم وعشماوي سليمان واتفق علي امدادات المال والسلاح.. وعن طريق بعض الطيارين من أعضاء التنظيم نظم علي عشماوي مع الإخوان الهاربين إلي جدة والخرطوم أسلوب الإمداد بالمال والسلاح.. وكانت التكليفات تصدر من زينب الغزالي وعبد الفتاح اسماعيل.. إلي من يتصل بالإخوان في بلدان الدنيا الواسعة.. وإثر تكليف زينب الغزالي لصبري عرفة بالسفر إلي السعودية.. وفتحي الرفاعي المدرس المعار للجزائر.. ويوسف ندا بليبيا.. بدأت الأموال تصل متخفية في حقائب لا تلفت النظر، وعلب حلوي تسلم لزينب الغزالي.. ولأن المبالغ الواردة كانت متعددة المصادر.. وكثيرة.. فقد جرت خلافات.. وتقولات.. واتهامات مضمرة وعلنية.. ومازلنا مع.. زينب الغزالي