تحتفل مصر الحبيبة بأقباطها ومسلميها في اليوم الرابع والعشرين من شهر بشنس الموافق الأول من يونيو بذكري دخول السيد المسيح إلي مصر وهو طفل عمره سنتان، كما ذكر الكتاب المقدس في أنجيل متي 2-31 إن ملاك الرب ظهر ليوسف النجار في حلم قائلا »قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلي مصر وكن هناك حتي اقول لك لان هيرودس الملك مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه«، وكان ذلك لعدة أسباب أهمها: 1 ليبارك شعب مصر بوجوده بينهم قرابة الأربعة أعوام. 2 لتتم بنوة النبي اشعياء 91-1 »هو ذا الرب راكب علي سحابة سريعة وقادم إلي مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها«. 3 لإعلان بوادر الفداء الإلهي وإثماره لمصر وللعالم كله. 4 حيث كان الهروب حكمة وبرا وفيه قدم السيد المسيح مثالا فعليا لتواضعه وهو القوي. ويذكر التاريخ أن العائلة المقدسة المكونة من المسيح الطفل ووالدته العذراء ويوسف النجار وسالومي مرت علي منطقة »بسطا« حيث شربوا من عين ماء فصار ماؤها شافيا لكل مرض ثم توجهوا إلي سمنود وعبروا النيل إلي الجهة الغربية، ويذكر المؤرخون ان السيد المسيح وضع قدمه علي حجر فظهر فيه آثر قدمه فسمي هذا المكان »كعب يسوع« واجتازت العائلة غربا تجاه وادي النطرون حيث باركته العذراء وصار يضم العديد من الأديرة القبطية »السريان- الأنبا بيشوي- البراموس- أبومقار« ووصلت العائلة إلي الاشمونيين واقاموا أياما قليلة ثم انتهوا إلي جبل قسقام حيث شيد هناك دير المحرق. وبعد موت هيرودس الملك عاود الملاك الظهور ليوسف في حلم قائلا متي 2 -02 »قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلي أرض إسرائيل لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي« وبدأت رحلة العودة حيث نزلت العائلة في مغارة بمصر القديمة وهي كنيسة أبي سرجة اليوم وواصلوا إلي المطرية واغتسلوا من عين ماء صارت مباركة ومقدسة ونمت بجوارها شجرة البلسم المباركة التي يصنع منها الميرون المقدس لتكريس الاواني والكنائس والأديرة وسارت العائلة إلي المحمة »مسطرد« عائدة إلي أرض اسرائيل وكانت الأوثان تتحطم عند دخول العائلة المقدسة إلي أرض مصر. وهنا يظهر التساؤل: لماذا اختار الرب مصر دون دول العالم في القارات الثلاث ليأتي إليها السيد المسيح؟ ولماذا لم تستقر العائلة الهاربة في مكان واحد بأرض مصر لتحتمي به؟ وتتبين الإجابة في ما يلي: 1 اختار الرب مصر بالذات لتكون الملجأ الحصين الذي شاءت السماء ان يكون واحة السلام والأمان علي الدوام وملتقي الأديان السماوية. 2 انتقلت العائلة في كل أنحاء مصر شمالها وجنوبها وشرقها وغربها لتبارك كل أرضها وشعبها، ومن هنا احتضنت مصر كل أنبياء الله وكانت رمزا لوحدة الأديان علي مر الزمان. 3 اتسم شعب مصر علي طول التاريخ بالحب والتسامح والود والكرم وكل المشاعر النبيلة التي تميز بها دون شعوب العالم. إن رسالة مصر إلي العالم كله اليوم ومنذ بداية التاريخ انها موطن الأديان وعبق الماضي وأمان الحاضر والمستقبل ومنبع الوحدة الوطنية علي مدي الأجيال.