جلال عارف منهم لله الذين وضعونا في هذا الموقف.. حيث يبدأ سباق الرئاسة ويتقدم المرشحون بأوراقهم وتبدأ المعركة الرسمية لانتخاب رئيس مصر القادم، ونحن لا نعرف (والمرشحون أيضا مثلنا) ما اختصاصات هذا الرئيس، وهل سيكون رئيسا كامل الصلاحيات، أم يكون رئيسا شرفيا يكتفي باستقبال السفراء وحضور المناسبات الرسمية ويترك الحكم لرئيس الوزراء اذا اخترنا العمل بالنظام البرلماني الكامل في الدستور الجديد الذي لا يعرف أحد متي سيتم ولا أي نظام سيختار للبلاد؟! منهم لله الذين وضعونا في هذا الموقف الذي نعرف فيه موعد انتخاب الرئيس، ولكننا لا نعرف متي تنتهي عملية صياغة الدستور الجديد، بل حتي لا نعرف متي تبدأ (!!) فحتي الآن تبدو الآراء متضاربة حول الخطوة الاولي وهي طريقة اختيار اعضاء اللجنة التأسيسية التي تضع الدستور، وكم سيكون من داخل البرلمان وكم من خارجه، وكيف سيتم تمثيل كل الاتجاهات والطوائف والتيارات والمصالح الاقتصادية. ثم.. إذا تم التوافق (أو قل الاتفاق بعد ان ساءت سمعة كلمة التوافق!) علي الخطوة الاولي، فكيف يمضي الأمر بعد ذلك؟.. أنا شخصيا وأطلب من كل من أصادفه من رجال السياسة أو الدستور أن يدلني علي الطريقة السحرية التي يمكن بها اعداد الدستور الذي يتطلب أكبر قدر من الاتفاق بين الاتجاهات المختلفة، وسط لهيب معركة الرئاسة بكل تعقيداتها وصراعاتها؟.. وبالطبع لا أتلقي أي إجابة لأن الجميع ينتظرون المجهول!! كيف ستتم مناقشة حقيقية لمواد الدستور بينما مصر كلها مشغولة في انتخابات الرئاسة؟ أم أن هذا هو المقصود (!!).. أن ينشغل الرأي العام بالانتخابات، بينما يتم »سلق« الدستور في الكواليس، دون مشاركة حقيقية من المجتمع بكل طوائفه وتياراته؟! إذا لم يكن ذلك هو المطلوب، فإن البديل كما كنا هو إعطاء أنفسنا الفرصة الكافية لنصنع الدستور الذي يليق بمصر، والقابل للحياة لعشرات السنين.. وشرط أن يكون الرئيس الذي بدأت معركة انتخابه رئيسا مؤقتا لحين الانتهاء من صياغة الدستور، وكذلك البرلمان الذي ستتغير أوضاعه وقواعد تشكيله بالتأكيد في الدستور الجديد. وقلنا ان هذا الوضع المؤقت (الذي تمر تونس الآن بوضع مثيل له) ينبغي ان ينتهي في الذكري الثالثة للثورة. إذا كان لديك رأي آخر فلتطرحه علي الناس، ولكن لا تقل لنا »اللي شبكنا.. يخلصنا«.. فالذي »شبكنا« اكتفي بما فعل، والذي يمكن أن »يخلصنا« لم يظهر في الأفق السياسي حتي الآن!!