من المؤكد أن هناك صفقة سرية كانت وراء قرار السماح بسفر أعضاء المنظمات الامريكية هروبا من محاكمتهم في قضية التمويل الاجنبي والتي كانت تنظرها محكمة الاستئناف الي وقت قريب قبل تنحي الدائرة التي كانت تنظرها.. - ومن المؤكد أنها صفقة هايفة لأن المبلغ المدفوع لخزينة الدولة لايتناسب مع حجم الحدث ولا مع كرامة بلد ، هل يعقل أن نمد أيدينا لثلاثين مليون جنيه ثمنا لكرامتنا.. ومن يقبل علي نفسه من المصريين هذه الاهانة حتي ولو كنا نعيش في بلاد القوقاز.. - إن الذي حدث كان صدمة لقضاة مصر الشرفاء في أن يفلت المتهمون الامريكيون من المثول أمام القضاء لأن واقعة سفرهم بهذه الطريقة أحدثت شرخا في القضاء المصري حتي أعلن أنه لن يسكت علي هذه التجاوزات ولن يتنازل رجاله عن التحقيق مع الدائرة التي نظرت القضية.. ولذلك قام رجال القضاء الشرفاء بتجميع التوقيعات لعقد جمعية عمومية لاستئناف القاهرة لسحب الاختصاصات من القائمين علي هذه القضية.. .. إن هذه القضية لم تعد تخص محكمة الاستئناف وحدها.. ولكنها تخص الشعب المصري كله.. وهنا أسأل لماذا يتعامل المسئولون عن إدارة شئون البلاد في ظل غياب الدستور بنفس السيناريو الذي كان يعاملنا به النظام السابق عندما كان رموزه يعقدون الصفقات السرية مع الدول الاجنبية والمنظمات الصهيونية بعد تهميش القوي الوطنية مع أن المفروض بعد سقوط النظام ان يسقط معه هذا السيناريو ويصبح كل شيء علي المكشوف.. - ماالذي كان يضيرهم في الاعلان عن الضغوط الامريكية التي تعرضوا لها ، بدلا من الحوارات السرية.. كان عليهم أن يعلنوا للطرف الآخر.. أن الشعب المصري قد بلغ سن الرشد ومن حقه أن يكون علي علم بهذه الحوارات و بالاسباب الخفية التي كانت وراء زيارة " ماكين " الي مصر لأن زيارته لم تكن حبا في مصر أو لأن " مستر ماكين " اشتاق لنيلها.. ونحن لانعرف بقائمة المطالب التي كان يحملها والتي لم يعلن عنها.. - من الواضح أن رئيس حكومتنا كان مهمشا في حوارات " مستر ماكين " وإلآ ما كان قد خرج علينا بالتهديدات يوم أن لّمحوا بقطع المعونة عنا ، لقد كان رد الفعل عند الدكتور الجنزوري.. أن مصر لن تركع لأحد.. ويومها أحسسنا بقيمتنا كمصريين ولأول مرة يعلن الشارع المصري عن رفضه للمعونة المشروطة مع أن ما تدفعه أمريكا في هذه المعونة هو حق مشروع وليس صدقة ، لأنهم شريك أساسي في إتفاقية كامب ديفيد وقد تعهدوا لكل من مصر واسرائيل بهذا الحق.. وكون أن أمريكا تعتبره حقا لإسرائيل وإعانة لمصر فهذا هو مايرفضه المصريون وكون أن النظام السابق كان يقبل أي مسمي حتي ولو كان فيه إهدار لكرامتنا فقد كان من الطبيعي أن يدفع ثمن إهانته لنا برحيله.. - مصر لاتتمسك بالمتهمين الامريكان.. لكنها تتمسك بكبريائها وكرامة أبنائها ، وقد كان في مقدور الذي اتخذ قرار السماح بسفر هؤلاء المتهمين أن يشرك القوي الوطنية والاحزاب السياسية ويطلعهم عن ماهو في داخل جعبته من تنازلات مقابل التهديدات التي طالتنا في الحوارات المغلقة.. وقد كان من المفروض أن نضع شروطنا.. علي الاقل نقدم لهم قائمة بمطالبنا وماالمانع من أن تكون الصفقة علنية وليست سرية كما حدث في صفقة الافراج عن الجاسوس الاسرائيلي الأمريكي " جرابيل ".. لقد أفرجنا عنه مقابل 25 سجينا مصريا كانوا في السجون الاسرائيلية.. ونحن نعرف أن سجنه في السجون المصرية لاقيمة له عندنا ، لكن عند الامريكان كان صعبا وقد عملت أمريكا المستحيل ولأول مرة كنا نتعامل معها في هذه القضية وجها لوجه ورأسا برأس حتي استسلموا لمطالبنا.. - لقد كان في مقدورنا أن نضع شروطنا ونرسل لهم قائمة بطلباتنا قبل السماح بسفر ال 19 إياهم.. الذين أخرجوا ألسنتهم للمصريين في مطار القاهرة وهم يودعون الأجهزة الامنية التي رافقتهم حتي الطائرة الامريكية.. .. الذي يدهشك أن الأمريكان دخلوا المجال الجوي بإحدي طائراتهم التي انطلقت من إحدي قواعدهم في قبرص قاصدة مطار القاهرة دون الحصول علي إذن مسبق.. وعلي الرغم من ذلك هبطت وسمحت إدارة المطار بدخول طياريها الاربعة.. ويافرحتي أنهم دفعوا لنا 50 ألف دولار مقابل أن " داسوا " علي سيادتنا.. هل تستطيع طارئة مصرية أن تدخل المجال الجوي الامريكي قبل أن تحصل علي إذن.. أو تهبط في أي مطار أمريكي رغم أنف السلطات الامريكية.. عجبي.. أن يتعامل معنا الامريكان بالعضلات ، يخترقون المجال الجوي ، ويهبطون علي اراضينا ، ويجبروننا علي سفر المتهمين المطلوبين للمثول أمام قضائنا.. ثم يتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الانسان وهم أول الناس الذين يهدرون حق البشر كما حدث في مبادرة الشيخ حسان.. التي أعلنها الرجل للاستغناء عن المعونة الامريكية.. لقد نجح الأمريكان في إخمادها وأصبحت لم تكن.. والدليل أننا لم نسمع عنها أخبارا من بعيد أو قريب.