لن نقبل أن نساق كالبهائم مثلما فعل بنا مبارك ونظامه. لن نسكت علي ظلم أو تدليس أو تلفيق أو إهدار كرامتنا وكرامة قضاء مصر الذي هو حامينا وإلا فإن التطهير لكل من تلوثوا من نظام فاسد حتي ولو كان رئيس جمهورية جديداً وليس مجرد قاض. والسماح بسفر المتهمين في قضية التمويل الأجنبي بعد تنحي دائرة المستشار محمود شكري عن نظر القضية ورفضه تنفيذ تعليمات رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبدالمعز إبراهيم بإلغاء قرار المنع للأمريكيين هو العار بعينه .. عار علي مصر الثورة وكرامتها .. عار علي الثوار وعلي أسر الشهداء وعلي شهدائنا الذين ضحوا بحياتهم من أجل الكرامة والحرية أن تهدر كرامة مصر وقضاؤها بهذه الطريقة الرخيصة التي ستجعلنا أضحوكة العالم بأسره .. ذلك العالم الذي عاد ينظر إلينا باحترام لا لشئ إلا لأننا احترمنا القضاء وكلمته حتي ولو كان علي حساب معونة مشبوهة من إدارة أمريكية مشبوهة .. فقدنا ذلك الاحترام فجأة بقرار من قاض ودائرة جديدة وفي لحظات مما يدل علي أن الأمر كان معداً مسبقاً قبل وصول الطائرة الأمريكية الخاصة إلي مطار القاهرة لنقل المتهمين..لن نقبل أن تطالعنا من المستشار عبدالمعز إبراهيم مبررات واهية ووهمية .. ودون سرد للحقائق كاملة أمام الرأي العام .. الاعتذار مطلوب عن التدخل في شأن قاض ينظر قضية واجباره علي التنحي وعلي القاضي أن يحدد أي ضغوط تعرض لها هو كرئيس لمحكمة الاستئناف حتي يتحول مسار القضية وعليه أن يكشف عن الجهة التي كانت وراء تدخله وما هي الأسباب الموضوعية وراء ذلك وما هي أسرار التحول الرهيب في موقف القضاء حتي لا نفقد الثقة في كل شئ حتي القضاء..ومن غير المقبول شعبياً أو سياسياً أو منطقياً أن نتعامل مع القضايا الكبيرة التي تمس سمعة البلاد بنفس الطريقة والمنهج الذي كان يتعامل به مبارك وأعوانه ومن غير المقبول أيضاً أنه كلما تقدمنا خطوة نحو تغيير حقيقي في المجتمع إلي الأفضل نعود خطوات للخلف ضاربين بالقضاء واستقلاله عرض الحائط وكأن ما حدث علي مدار الأسبوعين الماضيين من شد وجذب وزيارات مسئولين أمريكيين كان مجرد سيناريو أعد في البيت الأبيض ونفذه المسئولون المصريون داخل محكمة بالقاهرة..والسؤال إذا كانت مسئولية التشريع قد أصبحت واضحة بانتهاء انتخابات البرلمان "شعب وشوري" فإن عدم التدخل في الشئون القضائية والأمنية لن تتحقق إلا بانتخابات الرئيس .. مرفوض تماماً أن يخرج تصريح من أي مسئول ليقول لنا إنه لم يتدخل في القضية ومرفوض تماماً أن يعلن هذا المسئول أن الطائرة الأمريكية الخاصة التي هبطت في مطار القاهرة لم يكن لدي أحد علم بها ومرفوض تماماً أن نسمع أن أحداً لم يتدخل في القضية ومرفوض أن يعلن أن ذلك تم بسبب الظروف الاقتصادية وحاجة مصر إلي المعونة ومرفوض أيضاً أن يقول إننا لن نتحمل الضغط الدولي والأمريكي علينا. ننتظر أن تعلن الحكومة أن هناك منظمات مجتمع مدني ذات صيغة دينية تلقت تمويلاً من دول عربية وخليجية تحديداً وأن الأوضاع غير المستقرة سياسياً وأمنياً وسيطرة الإسلاميين علي البرلمان جعلت من الصعب توجيه الاتهامات والقبض علي هؤلاء وبالتالي يصبح من العدالة أن يترك الأمريكيون ليغادروا البلاد مثلما تركنا الإسلاميين باعتبار ان مصر أصبحت "سداح مداح" لكل من يريد أن ينفذ أجندة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية داخل أراضيها وليس هناك حاكم يواجه كل تلك المهاترات التي نراها ونسمعها ونعيشها يومياً بسبب ضعف إدارة وعدم خبرة من يتولون زمام الأمور. عشنا اليوم الذي نشاهد الباطل يرتدي ثوب الحق .. اليوم الذي إذا سرق فيه الفقير فقط أقمنا عليه الحد .. عشنا اليوم الذي نستحي فيه من أنفسنا لأننا ضيعنا ما تبقي من كرامة كنا قد بدأنا استعادتها لكن المشهد السياسي يؤكد أننا مازلنا في مرحلة التخبط والتوهان التي نرجو أن تفارقنا إلي غير رجعة.