قلنا وأكدنا في أكثر من مقال سابق أن الوعود بالمساعدات لمصر الثورة لا يمكن أن تكون لسواد العيون.. وإنما هي مرهونة دائما بمصالح أصحابها خاصة.. السياسية. نعم كان هناك انبهار بثورتنا التي بدأت سلمية وبيضاء وتحقق وتأكد نجاحها بدعم قواتنا المسلحة . هذه الانجازات مهدت الطريق أمام إرساء دولة الحرية والديمقراطية. ولكن نتيجة السماح بتفشي واستمرار الفوضي والانفلات الأمني والبلطجة والممارسات غير المسئولة أدت الي تعطيل الانتاج وعجلة الحياة . لقد أتاحت هذه الاوضاع المتعمدة والمصنوعة.. الفرصة كي تتسيد بعض التيارات الساحة السياسية. أدي ذلك الي التراجع عن كل وعود المساعدات بأبداء الحجج والمبررات التي لا تحمل أي معني. هذه الاوضاع المقلقة كانت دافعا للجنوح الي الانتظار والترقب لما سوف يحدث فيما يتعلق بالأمن والاستقرار السياسي قبل تقديم أي مساعدات. انعكست مواقف هذه الدول وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالامريكية علي اداء المنظمات الدولية لواجباتها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث خضعت لتعليمات وتلميحات هذه الدول أصحاب الاجندات والمصالح، ولا أقول جديدا ان بعض التنظيمات والتيارات السياسية كان لها دور فعال مدفوع في آثارة هذا المناخ غير المستقر والمرسوم بتعليمات من الذين يقومون بتمويلها. تم ذلك في اطار سباق محموم يستهدف في المقام الاول تدمير ارادة الدولة المصرية بما يتيح الفرصة للتدخل والهيمنة والسيطرة وتجريدها من مكانتها وكل امكانيات التأثير السياسي والاقتصادي عربيا واقليميا. لاحتواء اخطار هذه الحالة من الضياع، والتي أصبح ضحيتها بالطبع.. الشعب المصري ومصالحه الوطنية.. جاءت دعوة الدكتور كمال الجنزوري الي حوار مع جميع الاطياف بمصر من اجل الاتفاق علي كلمة سواء لتحقيق عملية الانقاذ من المصير المظلم. طالب بأن يساهم كل الشرفاء في العمل علي توفير الأمن والاستقرار اللذين بدونهما لا يمكن ان يتحقق أي هدف طالبت به الثورة. قال إن هذا الحوار لابد ان ينتهي الي التوافق من اجل الخروج من مأزق التشرذم. أكد علي أهمية وضرورة اختفاء كل مظاهر العنف والممارسات التي تؤدي الي تعطيل مسيرة الاصلاح. تحدث رئيس الوزراء المصري وهو في حالة اكتئاب واحباط.. ان عملية التقاعس عن مساعدة مصر اقتصاديا سواء كانت عربية أو دولية والتي انهمرت عليها بعد ثورة 52 يناير تحولت للأسف بعد أسابيع الي فوضي وعنف وعدم استقرار. قال انه لم يظهر أي أثر ل 53 مليار دولار بالنسبة لمصر والتي كان قد وعدت بها مجموعة الثمانية الكبار لكل من مصر وتونس.. وكذلك ال01 مليارات ونصف المليار دولار التي سبقت ووعدت بتقديمها لمصر الدول العربية الشقيقة كمساعدات وقروض ميسرة لم تتلق الخزانة المصرية منها سوي مليار دولار فقط ! حدث كل هذا في الوقت الذي هربت من مصر في الشهور الاخيرة استثمارات تقدر ب9 مليارات دولار بينما لم تتلق الساحة الاقتصادية المصرية دولارا واحدا في نفس الوقت التي تزايدت فيها الاعباء الماليه . لا جدال ان الذين دفعوا بمصر من خلال سلوكياتهم وممارساتهم غير البريئة الي هذا المأزق لا يشعرون بمعاناتها وآلامها. انهم يستمتعون بالراحة والسعادة لنجاحهم في استثمار الثورة والانحراف بها لخدمة مصالحهم وهو ما تمثل فيما تلقوه من تمويل ودعم مادي ومكتسبات مختلفة. كان طبيعيا ان يشاركهم هذا الفرح المأساوي الذي تُذبح فيه مصر.. كل العناصر الحاقدة التي سلبتها الثورة الجاه والنفوذ وفرصة الفساد والاستغلال. إن الشرفاء في مصر وهم غالبية ابناء شعبها عليهم ان يتخلوا عن صمتهم وسلبيتهم ويتحركوا بايجابية في مواجهة هذا المخطط الشيطاني مدافعين عن الاماني والاحلام والمستقبل. ان الحفاظ علي مصر.. الوطن والتاريخ والحضارة مسئوليتنا جميعا، وهو ما يتطلب المشاركة الايجابية الفعالة في التصدي للمتآمرين والكارهين والحاقدين.