ليس خافيا ان الدول والمنظمات الاقتصادية الدولية التي اطلقت الوعود بعد اندلاع ثورة 25 يناير ونجاحها قد اختارت ان تكون في حالة ترقب . انها تنتظر ما سوف تسفر عنه الاوضاع السياسية والداخلية خاصة علي ضوء حالة الفوضي والانفلات التي تسود الساحة المصرية حتي الان. ويبدو انهم أجلوا وعود تقديم المساعدات الاقتصادية الي ما بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية والاطمئنان الي شكل النظام السياسي وتوافر فرص عودة الامن والاستقرار. ومن واقع تصريحاته بعد اللقاءات التي اجراها مع رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي ثم الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء وبعدهما محمد مرسي رئيس حزب الاخوان المسلمين »الحرية والعدالة« الفائز بأغلبية انتخابات المرحلة الاولي .. تحدث المبعوث الأمريكي جون كيري وبشكل واضح عن الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني المصري. قال ان هناك حاجة ماسة الي مساعدة مصر اقتصاديا للخروج من هذا المأزق. ووفقا لما نشرته بعض الصحف فإن وزير الخارجية محمد كامل عمرو قد حث المبعوث الامريكي علي تقديم هذه المساعدات. وفي ادراك من جانب التيار الاسلامي المنتصر في انتخابات المرحلة الاولي بخطورة الأوضاع فقد صدرت عنهم تصريحات معتدلة .. قالوا فيها أنهم علي استعداد للتعاون والائتلاف مع كل الاطراف للخروج من أزمة الضغوط الاقتصادية معّبرين بذلك عن فهمهم للحاجة الي طمأنة الداخل والخارج. من ناحية اخري فقد كان طبيعيا ان يمتد موقف الدول القادرة علي تقديم المساعدة الاقتصادية الي دور المنظمات الاقتصادية والمالية. فيما يتعلق بالتعامل مع مصر . هذا السلوك يؤكد خضوع هذه المنظمات لهيمنة هذه الدول التي تتطلع لأن يكون لها موقع قدم في توجهات مصر السياسية وغير السياسية. في هذا الاطار دعت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي الي اطلاق تصريحات تتسم بالتشاؤم تجاه الاوضاع في دول الربيع العربي خاصة مصر. اشارت الي الرياح العاتية التي تواجهها هذه الدول نتيجة التباطؤ الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والتوترات الاجتماعية المتزايدة. وقبل لاجارد قال العديد من المسئولين الاقتصاديين في الدول الاوروبية انهم في حالة ترقب للاوضاع في مصر. انعكست هذه التصريحات علي حماس هذه الدول في تقديم المساعدة لمواجهة الصعوبات الاقتصادية. أن جانبا من هذه الاوضاع السلبية تمثل في انحسار كبير للتدفقات الاستثمارية التي وصلت الي الصفر عام 1102. كل هذه المظاهر كانت دافعا للهبوط بمرتبة مصر الاقتصادية من خلال المؤسسات المالية الدولية وهو ما سوف يؤثر علي تعاملاتها المالية الدولية. إن تخطي هذه المحنة التي تمر بها مصر والتي تزيد من الاعباء التي تتحملها حكومة الدكتور الجنزوري تتطلب قدرا من الحس السياسي الوطني من جانب كل القوي ادراكا لحجم الاخطار التي تحيق بمصر. ان علي الجميع أن يفهموا معني تآكل أرصدة البنك المركزي من العملات الاجنبية والتي انخفضت خلال الشهور الماضية من 53 مليار دولار الي 02 مليار دولار. هذه الارقام تشير الي ان استمرار هذا الحال سوف يجعلنا نكتشف أنه لن يكون لدينا ما يكفي من عملات لتغطية استيراد احتياجاتنا المعيشية. ليس امامنا من وسيلة لمواجهة هذه الحالة العصيبة سوي العمل والانتاج والتحرك السريع والحاسم لعودة الاستقرار وانهاء الفوضي والتسيب والانفلات الامني.. لا أمل في مواجهة الضغوط والتدخلات الدولية وتحقيق متطلبات مواصلة الحياة إلا بالتوافق الوطني والتصدي لكل مظاهر التطرف والسلوك غير المسئول الذي يثير الانزعاج والقلق في الشارع المصري وعلي المستوي الدولي.