قال عباس محمود العقاد : تجتمع المثل العليا كلها في الكرامة، ولقد فتشت عن مثل أعلي يحقق لصاحبه السعادة كما تحققها الكرامة فلم أجد. وفي رحاب الكرامة يختار الشجاع حسن الذكر علي البقاء، و يختار الجبان البقاء علي حسن الذكر، ويتمني الانسان الموت واقفا علي قدميه علي أن يعيش جاثيا علي ركبتيه. وبالحق نقول ان الكرامة يجب ان تكون من مسوغات تعيين الوزراء والمحافظين والقيادات العليا في الدولة في هذا التوقيت، ويتعين التدقيق في مراجعة صحيفة الحالة الجنائية والوظيفية والسيرة الذاتية للمرشحين لتولي المناصب العامة، والنظر لكيفية وطريقة تعاملهم مع القيادات التي عملوا معها وقياس درجة توافقهم مع الانظمة الفاسدة وكيفية مناقشة تنفيذه لاوامر رؤسائه واسلوب اعتراضه علي الاوامر والقرارات الخاطئة. القيادة التي تملك قدرا مقبولا من الكرامة لاتقبل الرشوة والتلاعب بالمصلحة العامة وتؤدي عملها بالصدق والامانة وتقف بشجاعة ضد الفساد ورموزه الكبيرة والصغيرة وتستطيع قول كلمة لا بدون تردد في مواجهة محاولات خصخصة حقوق الشعب. ونتوقف الان ونحن نتحدث عن الكرامة التي نؤمن بانها لاتموت داخل النفس البشرية الطيبة أو الخبيثة وتسبب جروحا ليس لها علاج والحكمة التي تقول " كلمة واحدة رقيقة أسمعها وأنا حي خير عندي من صفحة كاملة في جريدة كبري حينما اكون قد مت ودفنت " ونطرح السؤال الصعب هل يملك رموز الفساد الذين يخضعون الان للتحقيقات والمحاكمات القدرة علي الاعتراف بإرادة صحيحة وإدراك كامل أمام الراي العام بما ارتكبوه من جرائم في حق هذا الوطن وحقيقة فسادهم السياسي الذي يردده العامة والخاصة والتنازل عن الممتلكات غير المشروعة التي حصلوا عليها والاعلان عن معاونيهم ومساعديهم الذين يسعون في المرحلة القادمة للصعود الي قمة المرافق الادارية والادلاء بمعلومات واضحة مشفوعة بأدلة دامغة عن رجال الاعمال الذين تعاملوا معهم داخل المكاتب المغلقة ومنحوهم الاراضي الزراعية والصناعية والصحراوية، وقرارات التخصيص المشبوهة ويدعون الان انهم ضحية النظام الفاسد وانهم اجبروا علي التعامل مع الحكومات السابقة وتحملوا مالايطيقه بشر بهدف عدم تشريد عمال مصانعهم وشركاتهم. ولسنا في حاجة الي القول بان الاعتراف بالخطأ الذي يعد فضيلة عظيمة يجب أن يصدر عن المتهم في الوقائع النسوبة اليه أمام جهات التحقيق والمحكمة المختصة بالفاظ وعبارات واضحة لاتحتمل التأويل بعيدا عن الظروف والاعتبارات والضغوط التي تعرض لها وعدم علمه بالصفقات التي تمت خلف مكتبه ولغة الاستعطاف التي تجعله يقترب من الوضع القانوني لحالة " المجني عليه "، والنتيجة الحتمية المترتبة علي سلوك هذا السبيل الاعفاء من العقوبة في بعض الحالات، واحترام الرأي العام الذي يقدر شجاعة اي مسؤل يعترف بجرائمة ويقدم مالديه من براهين لخدمة العدالة، والاهم من ذلك هدوء النفس والسكينة وراحة الضمير.