عشرة شهور مرت علي الثورة وانفضاض الثوار عن سائر بر مصر، خلال هذه الشهور قيل الكثير عمن استشهدوا، علقت اللافتات تحمل صور الورد الذي فتح في جناين مصر، وربما نظمت أشعار وأنشدت أغان، وهذا كله رائع، الشعب لا ينسي الذين ضحوا من أجله، لكن ماذا عن أجهزة الدولة التي من المفروض أنها تعرف دبيب النمل في جحوره؟ حتي الآن لم يقدم قاتل واحد للثوار إلي المحاكمة الحقيقية. ولم نسمع بتوقيع عقوبة حقيقية، أما محاكمة الرئيس السابق وكبار قادة الداخلية فمسرحية سخيفة قلتها أفضل، المهم. ان الدولة المصرية بكل تاريخها وباعتبارها الأقدم عجزت حتي الآن عن تقديم القتلة والتعريف بهم، وجاء نفي علي لسان وزير الداخلية يؤكد عدم وجود بنادق موجهة بالليزر في مباحث أمن الدولة (السابق). في معرض استانبول للكتاب وفي الجناح المصري الذي أقام جناحا خاصا للصور الملتقطة في التحرير، وهي من أنبل صور الثورات في العالم، ثورة كان الأهالي يصحبون أطفالهم إلي دائرة القتل، كل منها يصلح ملصقا، في أنقرة تم تخصيص حديقة تتوسط ميدانا سيطلق عليه ميدان التحرير، في هذا المعرض الخارج عن الهيئة العامة للكتاب رأيت صورة لأحد القتلة وأصلها موجود في مصر. ضابط يرتدي ملابس سوداء، طويل القامة، ويقف في شرفة مبني مطلة علي التحرير، الملابس ربما تشير إلي الأمن المركزي، واضح انه رتبة، إلي جواره شرطي سري قوي البنية، يرتدي الملابس المدنية، الضابط يضع كمامة مضادة للغاز، يوجه بندقية أمريكية الصنع، حديثة جدا، لم أر مثلها في يد أي ضابط بوليس مصري من قبل، ومن الواضح انه يصوب لقتل المتظاهرين، لقد سمعت عن فرق القتل السرية التي شكلها النظام شبه السابق، ولم يكن وجودها سرا، لذلك أدعو إلي تشكيل محكمة شعبية لفحص الصور المشابهة واعلان اسماء القتلة مادامت الحكومة العاجزة تصرعلي حمايتهم حتي الآن ولكن يأبي الحق إلا أن يظهر، الصورة موجودة في الهيئة العامة للكتاب، والقاتل صورته في استانبول، والأصل في مصر!!