ارواح البشر لاتملك في المجمل الا ثلاثة نفوس:المطمئنة واللوامة والامارة بالسوء، الا الروح المصرية فتملك اربع، اذا أضفنا الروح المقارنة الي ما تقدم ، وهي الروح التي لاتكف عن المقارنة بين ما تملك وما يملك الاخرون.تملكتني هذه الروح خلال زيارة للصين استمرت 12 يوما. ربما يكون سبب الدعوة للزيارة وراءها فقد جاءت دعوتي من اذاعة الصين الدولية التي تبث ارسالها الي جميع ارجاء الكون ب61 لغة مختلفة جعلتها الوحيدة في العالم التي تذيع بهذا العدد الضخم من اللغات، حيث تتبني الاذاعة الدعوة للترويج للصين سياحيا لانهم مؤمنون ان بلادهم التي اكتسحت العالم صناعيا وتجاريا واصبحت مصنع العالم، لم تستطع ان تحقق ذلك في مجال جذب السائحين حتي الان. لمعت في ذهني فكرة المقارنة بين الدور التنموي الذي تقوم به وسائل الاعلام هناك، والدور التخريبي الذي يلعبه الاعلام المصري لتشويه البلد وتلطيخ صورته، وكان اوضح مثال علي ذلك ما قامت به احدي الفضائيات المصرية - للاسف - علي مدي 30 حلقة في رمضان من الدعاية المجانية للسياحة في تركيا ونسب كل قبيح لمصر والمصريين، ولو كان مقدم البرنامج عثمانيا لخجل من التلميع الزائد عن الحد لتركيا. المهم ان اذاعة الصين الدولية أخذت علي عاتقها الترويج للسياحة للدولة الصينية وتجشمت عناء دعوة 13 صحفيا من مختلف دول العالم يمثلون 11 دولة هي : المانيا، الهند، النمسا، روسيا، تايلاند، فيتنام، الفلبين، تركيا، منغوليا، ماليزيا، وبالطبع مصر. تم اختيار مؤسسة اخبار اليوم فقط من مصر كي تشارك في مسابقة اختيار أفضل عشر مدن سياحية وثقافية في الصين. طلبت الاذاعة من دار اخبار اليوم نهاية يونيو الماضي إتاحة الفرصة لقراء اصدارات الدار المختلفة المشاركة في استفتاء أفضل عشر مدن صينية من بين 20 مدينة طرحت علي قراء موقع اخبار اليوم علي الانترنت. أدلي 5.6 ملايين قاريء من جميع انحاء العالم باصواتهم في المسابقة التي استمرت حوالي 6 أشهر وبدأت في ابريل الماضي بنشر المسابقة علي موقع اذاعة الصين الدولية علي الانترنت بهدف التعرف علي الحضارة والثقافة الصينية بالاضافة الي مصادر الجذب السياحي هناك، باعتباره هدفا اساسيا لهذه الزيارة .وفي الاول من يونيو دشنت الاذاعة الموقع الرسمي للمسابقة ب 26 لغة عالمية مختلفة، تصدرتها اللغة العربية حيث تعول بكين كثيرا علي السياحة القادمة من المنطقة العربية. وبعد أن اغلق باب التصويت نهاية يوليو الماضي دعت اذاعة الصين مراسل "الاخبار" ليكون علي مقربة من سقف العالم للمشاركة في حفل توزيع الجوائز الذي اقيم في بكين.تم توزيع الجوائز علي المدن العشر الفائزة وهي: بكين وتشنغدو وشيآن ونانجينغ ولاسا ودالي وقوانغتشو وقويلين وبينغياو وتشينغداو.حضر مراسم الاحتفال مسؤولون من مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني ووزارة الثقافة الصينية ومصلحة الدولة الصينية للسياحة وسفراء الدول الأجنبية لدي الصين بالاضافة الي عدد من الخبراء والعلماء الصينيين وعدد كبير من وسائل الإعلام الصينية والأجنبية. تلبستني روح المقارنة طوال الايام ال12 لجولتي في الصين، وبصفة خاصة حرص وسيلة إعلامية صينية علي بذل كل هذا الجهد والمال من اجل الترويج السياحي لبلدها، فقد خصصت علي سبيل المثال مترجما مرافقا خاصا بكل صحفي من الصحفيين ال13 فكانت مترجمتي الي اللغة العربية مسلمة اسمها زينب يوسف( اسمها الصيني ما فونج يا) وعلي نفس المنوال كان هناك مترجمون للغات الهندية والالمانية والتايلاندية وغيرها، وكان من الممكن للاذاعة ان تكتفي بمترجم من الصينية الي الانجليزية لكل الصحفيين باعتبار الانجليزية لغة عالمية، الا انها ارادت ان تشعر كل صحفي انه (شخص مهم جدا). ولم أملك نفسي الا ان اقارن بين الجهد الذي بذله كل مرافق مترجم من الصينيين لابراز الصورة الجميلة لبلاده بين الصحفيين العالميين كي ينقلوها لقرائهم، وبين ما نفعله في اجهزة اعلامنا، فلم نترفق ببلادنا ابدا ولم نرحمها وراح كثير منا يلعن كل شييء في مصر بصورة لو سمعتها او رأيتها"تبقي مجنون لو هوبت ناحية مصر". علي الجانب المقابل حرص جميع المسئولين الذين التقينا بهم في المدن الصينية الاربعة التي زرناها (بكين، شين دو، نانجينج، وسوتشو) علي إظهار مدي جمال هذه المدن ومدي حرص كل مواطن صيني علي حسن معاملة الغرباء والترحيب بهم ومساعدتهم ان استطاع. ويأتي كل ذلك في اطار حملات مكثفة تعتبر وسائل الاعلام الصينية هي رأس الحربة فيها لجذب الملايين من السياح، حتي لا تكون الصين مصنع العالم فقط بعد ان غزت منتجاتها كل بيت ولكن ايضا ملتقي الجذب للسائحين من كل مكان في الدنيا. فقد كشف وانغ تشي فا نائب رئيس مصلحة الدولة للسياحة أن عدد السياح المحليين سيرتفع من 1.39 مليار شخص عام 2006 إلي 2.8 مليار شخص بحلول العام 2015 . ومعدل نصيب الفرد من الزيارات السياحية سيتضاعف إلي مرتين في العام الواحد. أما عدد السياح المغادرين فسيزداد من 34.52 مليون شخص في العام الماضي إلي مائة مليون شخص بحلول العام 2015 . وعدد السياح الأجانب القادمين سيزداد من 49.91 مليون شخص عام 2006 إلي مائة مليون شخص في العام 2015 . وفي نفس الوقت ستشهد الصين نموا لا سيما في سياحة المناظرالطبيعية وسياحة التسلية إذ سيضاف ما يقرب من 10 آلاف من المناطق السياحية الجديدة في عموم البلاد بحلول العام 2015، 50٪ منها للتسلية . انتظروا الصين بلدا سياحيا جبارا سيلتهم اسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول السياحية الكبري ولا تغفلوا دور الاعلام، حتي الوسائل التقليدية منه كالراديو، فما بالك لو دخلت الفضائيات الصينية التي لم يمنعها حاجزاللغة فعلي سبيل يجري بث قناة"سي.سي.تي.في" الصينية باللغة العربية علي القمر الصناعي نايل سات.اطلبوا الاعلام ولو في الصين.