وزارة الري: فيضان هذا العام أعلى من المتوسط بنحو 25%    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    وكيل أوقاف الفيوم: الواعظات شريكات الأئمة في تحصين العقول وتعميق روح المواطنة    أسعار الأسماك فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    سعر الريال السعودي اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 أمام الجنية المصري    إزالة 5 حالات تعدي على أراضي زراعية ومخالفات بناء بحي شرق ومركز أسيوط    وزيرة التنمية المحلية توجه بإحالة مسئولين بالشرقية للنيابة لوجود مخالفات جسيمة    إسرائيل ترحل 4 إيطاليين ضمن "أسطول الصمود"    بن غفير يهاجم قرار نتنياهو ترحيل نشطاء أسطول الصمود    صحيفة: القوات الأمريكية تستعد لغزو فنزويلا!    وكيل شباب الدقهلية تشهد فعاليات إنعقاد الجمعية العمومية العادية والإجتماع الخاص بنادي جزيرة الورد الرياضي بالمنصورة    الكرة النسائية.. وادي دجلة يتقدم على الزمالك بهدف في الشوط الأول    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    الداخلية تضبط بؤرًا إجرامية بمطروح بحوزتها مخدرات بقيمة 108 ملايين جنيه    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    ضبط مرتكبي واقعة خطف حقيبة سيدة بالقليوبية    "الزراعة": ضبط أكثر من 270 طن لحوم غير صالحة خلال سبتمبر    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    سامح حسين من مهرجان الإسكندرية السينمائي: "فيلم استنساخ حالة فنية استثنائية.. ولدينا جمهور واعي ومثقف"    الليلة.. ختام وإعلان جوائز الدورة ال21 من مهرجان مسرح الهواة بالسامر    وزير الخارجية يشيد بدعم مندوبة كوبا الدائمة لدى اليونسكو لخالد العناني    مايان السيد بمؤتمر فيلم هيبتا: شاهدت الجزء الأول وتمنيت العمل به    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    عاجل- نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود باستخدام المنظار الجراحي داخل مستشفى النصر ببورسعيد تحت مظلة التأمين الصحي الشامل    جولة تفقدية لنائب وزير الصحة بالغربية لمتابعة المنشآت الطبية    ماريسكا: ليفربول الأفضل فى إنجلترا.. وكل فريق لديه نقاط ضعف    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية ب تلا والشهداء    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 3- 10- 2025 في الأسواق الطن ب 4 آلاف جنيه    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    عشان أجمل ابتسامة.. بسمتك دواء مجانى ب 8 فوائد اعرفها فى يومها العالمى    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    لاورا ريستريبو: غزة كشفت سوءات القيم الغربية    البابا تواضروس يدشن كنيسة المغارة في دير "العذراء" بدرنكة    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون فى الصين: الأرض بتتكلم عربى

«اطلبوا الحكمة ولو فى الصين» هذا المثل الشعبى الشائع كان يضرب مثلا ببلاد بعيدة للغاية. فى الصين عاشت «المصرى اليوم» تجارب المصريين هناك، ورصدت مشاكلهم وطموحاتهم وطرق تكيفهم مع ذلك المجتمع الجديد.
فى هذا الملف ترصد «المصرى اليوم» كواليس مدن صينية تحولت إلى «حارة مصرية» حقيقية، حيث اللغة العربية هى المسيطرة، والمزاج العربى هو الحاكم، وسط جو من الطموح تمنحه الصين لمن يزورها من أول وهلة. فى مدينة «إيو» الصينية تجولنا، وفى مقاهى «شاى الصين العظيم» جلسنا، وفى الطريق إلى «بلاد التنين» بحثنا عن «أولاد المحروسة» المغتربين.
فى دولة العم ماو: يتعلمون العربية بحثاً عن الرزق
الإجراءات البسيطة كانت وراء استثمار العرب فى الصين، لكن حاجز اللغة يظل عائقا بين البائع الصينى والتاجر العربى. فى مدن الصين خاصة «أيو» مكاتب تجارية تقوم بتسهيل عمل العرب داخل «أكبر سوبر ماركت فى العالم»، ويعتمد كل مكتب على عدد من المترجمات الصينيات فى عمله، «شياوتشن شى» واحدة من هؤلاء اللائى يعتمد عليهن أحد المكاتب هنا فى الصين، أتت إلى «أيو» من مقاطعة «هونان»، التى تبعد عنها حوالى 20 ساعة بالقطار لتعمل فى مجال التجارة عن طريق ترجمتها من الصينية إلى الإنجليزية والعكس، وذلك عن طريق أحد المكاتب المصرية، قالت شياوتشن « معظم التجار الذين يأتون إلى المدينة من العرب، بسبب رخص أسعار المنتجات» كثرة العرب فى المدينة ربما يكون السبب الذى دفع «شياوتشن» لتعلم العربية إلى جانب الإنجليزية والصينية لغتها الأم: «أحاول الاستفادة من هذا الانتشار التجارى العربى».
ككل شىء فى الصين، تكون الساعة الخامسة هى الساعة الفارقة فى الحياة اليومية لتلك المطاعم والمقاهى، حيث ينتهى العمل وتغلق الأسواق، الأمر الذى لا يجد معه العرب القادمون للمدينة أفضل من التجمع على تلك المقاهى العربية، التى يتركز معظمهم فى منطقة «سماو تشى» فى قلب المدينة، ليتسامروا ويستمعون للقنوات الفضائية العربية أو للأصوات العربية الأصيلة مثل أم كلثوم.
الوجود العربى الضخم فى المدينة، والذى يبلغ حوالى ربع مليون شخص، فرض عليها وعلى ثقافتها العديد من الأشياء، فاللغة العربية هى اللغة الثانية فى «إيو» بلا منازع بعد اللغة الصينية. تستعملها الفنادق والمطاعم والشركات والمكاتب التجارية وغيرها فى لافتاتهم، بل ويتنافس الكثير من الفنادق فى عدد القنوات الفضائية العربية التى تقدمها، ويتضح ذلك من خلال إعلانات هذه الفنادق عن نفسها والتى تذكر فيها عدد القنوات العربية التى تعرضها.
لم يقتصر تأثير الوجود العربى على هذا فقط، وإنما امتد إلى الحد الذى جعل تعلم اللغة العربية فيه أمراً من ضرورات العمل فى المدينة، وليس لدواعى الرفاهية. «أنس» واحد من هؤلاء الذين أتوا من مقاطعة «شينجيانغ» للعمل فى «إيو»، لم يدرس «أنس»- وهو الاسم العربى ل«تشين دونج»- اللغة العربية فى الجامعة وإنما درسها فى المسجد، والحقيقة أن الهدف لم يكن لأهداف إيمانية بحتة، وإنما كان أيضاً بغرض الحصول على فرصة عمل جيدة.
حينما حضر «أنس» إلى «إيو» لم تكن لغته العربية قوية بالقدر الذى يجعله يعمل بها فى مجال التجارة، يقول «أنس» ل«المصرى اليوم»: «عملت فى البداية فى أحد المطاعم العربية، كنت أحاول التحدث إلى الزبائن أطول فترة ممكنة، وكنت أتعرف على العديد منهم لأجلس معهم فى وقت الفراغ لأتحدث باللغة العربية وأتعلم كلمات جديدة، حتى بدأت لغتى العربية تقوى، وبدأت فى استخدامها فى العمل كوسيط تجارى بين التاجر العربى والصينى»، ويرى «أنس» أن إجادته للغتين الصينية- باعتبارها لغته الأم- والعربية باعتبارها لغة تعلمها، هو رأسماله الوحيد فى عمله، حيث إن عمله مستمر بشكل شبه يومى، وذلك لأن التجار العرب الذين يحضرون إلى «إيو» يزدادون يوماً بعد يوم كما يؤكد «أنس».
فى الطريق إلى بلاد التنين: رحلة البحث عن تأشيرة
فى الطريق إلى الصين يبدو كل شىء مرتبا ومزدحما، تبدأ الرحلة بالبحث عن تأشيرة، وكى تحصل على تأشيرة سريعة عليك أولا أن تراقب الحركة الاقتصادية فى الصين. فى بلد قدم معجزة اقتصادية متكاملة نقلته من الماركسية إلى الرأسمالية دون أن يتغير نظامه الحاكم. عندما ذهبت إلى السفارة الصينية للحصول على تأشيرة لأول رحلة لى إلى الصين، كنت أفعل ذلك من باب العشم، فالصين هى الدولة التى وصلت حتى غرفة نومى بمنتجاتها، اعتقدت أن بلاد التنين سوف ترحب بزيارتى من أول نظرة، خاصة أننى قد أكون واحداً ضمن مجموعة صغيرة جداً من المصريين، اتخذت قرار السفر إلى أقصى بلاد الشرق، فالسفر إلى هناك يعنى الطيران فوق نصف العالم فى 13 ساعة طيران. اتخذت القرار، بحثت عن عنوان السفارة الصينية فى القاهرة اتجهت إليه فى شارع بهجت على بالزمالك.
لم يكن الشارع يختلف عن أى من شوارع حى الزمالك، شارع هادئ به عدد من السفارات، وسكانه من أبناء الأرستقراطيين القدامى، شيء واحد يربك حسابات الشارع الهادئ، فهناك أمام مبنى السفارة طابور طويل بلا نهاية يقف فيه المصريون أمام باب حديدى مغلق، وفى يد كل منهم جواز سفر ومجموعة من الأوراق وبعض الحقائب. أنا الآن أمام بوابة منح التأشيرات فى السفارة الصينية، واحد ضمن حشد من البشر يسعى كل منهم للحصول على التأشيرة، توجهت إلى الحارس وطلبت منه دخول السفارة، فأشار بإشارة حازمة إلى الطابور.
نظرت خلفى لأجد الطابور ينتهى بمجموعة من النائمين على رصيف السفارة فى انتظار التأشيرة وهناك عرفت كيف تكون الليلة الأولى فى الطريق إلى الصين. انتابتنى خيبة أمل كبيرة، وقفت بعيداً فى نهاية الطابور، تبادلت أطراف الحديث مع عدد من الواقفين، علمت بعدها أن هذا العدد الضخم من طالبى تأشيرات الدخول للصين ليس غريباً فى هذا التوقيت، حيث سيبدأ معرض كانتون فى مدينة جوانزو الصينية. الوقوف –أو المبيت- أمام السفارة ليلاً والانتظار حتى فتح بابها صباحاً كان هو الطقس المعتاد فى «مواسم التجارة الصينية».
أخبرنى بعض الواقفين بأن بعض مكاتب السياحة توفر على المسافرين النوم على رصيف السفارة مقابل مبلغ مالي، ذهبت بالفعل إلى أحد المكاتب المعروفة فى وسط القاهرة، لتطالبنى الموظفة بضعف ثمن التأشيرة مقابل الخدمة «الجليلة» التى سوف يقدمها المكتب. رفضت منطق المكتب، وابتعدت عن «سماسرة التأشيرات» المنتشرين حول السفارة، وقررت المبيت فى الشارع، قضيت وقتاً طويلاً على مقاهى وسط البلد، ثم توجهت إلى السفارة الصينية مرة أخرى فى الزمالك حوالى الساعة الثالثة فجرا، لم يكن يوجد أحد أمام السفارة بعكس ما كنت متوقعاً، ذهبت إلى الحارس الموجود، وطلبت منه كتابة اسمى فى ورقة ليحجز لى مكاناً، ثم عدت إلى وسط المدينة مرة أخرى وكلى ثقة من حصولى على التأشيرة.
فى الصباح وجدت اسمى ليس ضمن أول عشرة يحصلون على التأشيرة، سألت بعصبية كيف؟ فأنا أول من أتى للسفارة ليلا؟ كان الرد جاهزا أن هناك دائما آخرين ينتظرون فرصة السفر إلى الصين فى مقهى «مرتجل» فى مدخل إحدى العمارات القريبة من السفارة. على هذا المقهى يبدأ الراغبون فى الحصول على التأشيرة الصينية فى التوافد ليلاً، وأول من يحضر يكون هو الشخص المسؤول عن «تنظيم الدور» فيحضر ورقة ويكتب اسمه وبجوارها رقم 1 ثم يعطى الورقة لكل من يأتى بعده وهكذا حتى يكتمل العدد. وبعد ثلاثة أيام من الليلة التى قضيتها فى الشارع حصلت أخيرا على التأشيرة لتبدأ رحلتى إلى الصين.
«إيو» .. «العتبة الصينى»
قبل 10 سنوات فقط، لم يكن ما يطلق عليه اليوم «أكبر سوبر ماركت فى العالم»، سوى قرية صغيرة فى جنوب الصين، أهم ما كان يميزها هو هجرة أبنائها للعمل فى المدن المحيطة هرباً من الفقر، اليوم، وبعد هذه السنوات العشر، انقلبت الآية، وتحولت القرية الطاردة لأبنائها لواحدة من أكثر المدن الصينية جذباً للسكان من الصين وخارجها. إيو التى اختزلت المعجزة الصينية تقع على بعد 300 كيلومتر من شنغهاى العاصمة الاقتصادية للصين، وتحديدا فى مقاطعة تشجيانغ.
كانت البداية حينما قررت الحكومة الصينية تخفيف عبء الفقر عن سكان «إيو» الذين كان يعمل من تبقى منهم فى القرية فى الزراعة. وبدأت الحكومة فى مشروع لبناء عدد من الأسواق فى المدينة، وتحويل منتجات المدن الأخرى إليها، وبدأت المصانع فى أنحاء الصين فى إرسال عينات من بضائعها للعرض فى مدينة «إيو» وخاصة بعد تأسيس مركز التجارة العالمى فى المدينة سنة 2002، وهو المركز الذى تبلغ مساحته أكثر من مليون متر مربع، ويحتوى على أكثر من ربع مليون صنف، وتُشحن منه أكثر من 1000 حاوية بضائع يومياً.
«إيو»، التى كانت قرية طاردة لسكانها، باتت اليوم أشبه بمدينة متعددة الثقافات والجنسيات، حيث التجار الذين يأتون من كل مكان فى العالم، هناك تستطيع تذوق طعام أى مطبخ فى العالم من خلال المطاعم المنتشرة على جانبى الطريق، والتى تعرض طعاماً عربياً. وبشكل عام يبدو الطابع العربى هو الغالب على المدينة، فمعظم لافتات المحال والمصانع والفنادق وغيرهم مكتوبة باللغة العربية جنبا إلى جنب مع اللغة الصينية.
فى كافيتريا ومطعم السندباد فى إيو، جلس محمود عمران، المهندس الذى فضل الاستثمار فى الصين عن بقائه فى الشركة التى أقامها فى مصر ليحكى قصته: «لم أكن أفكر فى زيارة الصين فى أى يوم من الأيام، حتى طلب منى أحد الأصدقاء مصاحبته فى رحلة إلى الصين». أضاف عمران «لم أستطيع السفر فى المرة الأولى رغم حصولى على التأشيرة، وفى المرة التالية لزيارة صديقى أصر أن أسافر معه، فسافرت على مضض، حتى إننى لم آخذ معى من المال سوى ما يكفى لأسبوع واحد».
«أعجبت جدا بأيو، وبدأت أدرس فكرة الاستثمار فيها، وفى أسبوع واحد أسست شركة، هنا كل شىء بسيط وحتى الضرائب بسيطة وغير مجحفة، وكل شىء له نظام محدد ومعلن».
الحياة البسيطة وسهولة الاستثمار أبهرت عمران، فلم يكتف بالثلاثة أشهر التى قضاها فى الصين فى زيارته الأولى، بل عاد فى نفس العام، وابتداء من عامه الثانى بدأ يقسم وقته بين الصين ومصر، بواقع ثلاثة شهور لكل منهما، وفى هذه الفترة أسس شركة استيراد وتصدير وشحن برأس مال 5 ملايين يوان صينى، ثم توسع فى العام الثالث وبدأ يعمل مع تجار مصريين وخليجيين. ولم يمر سوى عام حتى أنشأ مصنعا للملابس فى الصين مع شريك مصرى، ثم افتتح كافيتريا ومطعم السندباد.
يعيش محمود عمران فى إيو منذ سبع سنوات، لم يشعر يوماً بالغربة لأن «العرب والمصريين فى كل مكان»، لم يواجه محمود عمران وغيره من الأجانب المقيمين فى إيو أى مشاكل فى استخراج الإقامات منذ سنوات، أما الآن، وقد أصبحت المدينة تستوعب هذا العدد الضخم، أصبح الحصول على إقامة أمراً ليس باليسير.
يعلق محمد على مشاكل المصريين فى إيو قائلا: «السفارة فى واد والمصريون فى واد آخر، وكل مصرى يواجه مشكلة عليه أن يحلها حتى لو خسر»، وأضاف محمد «كان هناك اتجاه لإنشاء رابطة للمصريين هنا، لكن المصالح الشخصية أفسدت كل شىء.
«محمد صالح»، تاجر مصرى، وأحد الذين لا تنقطع زياراتهم لهذه المدينة، يقول: «مدينة إيو سهلت عملنا بشكل كبير، فى البداية كنا نسافر أكثر من مدينة صينية لشراء البضاعة وتجميعها فى مكان واحد لشحنها، أما اليوم فإن كل ما يمكن أن تتخيله له سوق خاصة به فى مدينة إيو وهو ما يوفر علينا مشقة ومصاريف السفر ويضيف محمد: «العلاقة بينى وبين إيو لم تعد علاقة تجارية فحسب، وإنما علاقة روحية، حيث ارتبطت جداً بهذه المدينة التى لا يمكن أن أتخيل عاماً يمر دون أن أقوم بزيارتها أكثر من مرة، متمنياً أن تكون هناك ولو قرية واحدة مثلها فى أى بلد عربى».
معظم التجار العرب يتعاملون مع مكاتب ترتب لهم الصفقات، «م. ع»، صاحب أحد المكاتب المصرية، والذى طلب عدم نشر اسمه شرح العلاقة بين المكتب والتجار قائلا: «تتلخص العلاقة فى أن المكتب يتولى حجز الفندق ويساعد على تخطى حاجز اللغة عبر توفير مترجم سواء للغة العربية أو الإنجليزية للتجار، والمترجم هو نفسه دليل التاجر فى السوق، كما أنه يقوم بكتابة الطلبيات على الأوراق الخاصة بالمكتب، وكل هذه الخدمات مقابل عمولة يحصل عليها المكتب قدرها 5% على قيمة الفاتورة».
إلا أن الاستيراد ليس بهذه الصورة الوردية التى رسمها «م. ع» فهناك أيضاً من المكاتب من يمارس عمله بشكل مختلف، يقول ياسر عبدالكريم العامل بأحد المطاعم المصرية بمدينة إيو «هناك مكاتب تتفق مع التاجر الصينى على رفع السعر ويحصلون على عمولة مزدوجة من التاجر الصينى مرة والتاجر الوافد مرة، مما يزيد سعر المنتج».
أتى ياسر من محافظة الشرقية إلى مدينة إيو بناء على اقتراح من أحد أصحاب المكاتب التجارية المصرية هناك ليعمل براتب شهرى قدره 4500 يوان (700 دولار) فيما يعتمد بشكل كبير على صاحب المطعم العراقى الذى يعمل به، والذى يوفر له السكن والطعام.
شاى الصين العظيم
«شاى العصارى» المصرى يختلف جذريا عن «شاى الصين» ليس فقط فى نوعية المشروب ولا طريقة تحضيره، فالشاى هنا «مشروب متاح ورخيص»، أما فى الصين فهو «مشروب وطنى بنته أسطورة». تقول الأسطورة إن السيد «وو لونج» عاد إلى منزله بعد أن قطف بعضاً من أوراق الشاى، واصطاد غزالاً، نسى السيد «لونج» الشاى فى سلته حتى تخمر فى اليوم التالى، بعدها فكر فى طريقة لتجفيف الشاى، فسكب عليه الماء المغلى ليكتشف «الشاى المعتق».
والشاى فى الصين لا غنى عنه فى أى بيت ولا أى مكان، فالمقولة التى يرددها الصينيون دائماً تقول إن بيت الصينى لا يخلو من سبعة أشياء، الحطب، الأرز، الزيت، الملح، صلصة فول الصويا، الخل الشاى، والأخير لا يقتصر وجوده فقط على البيوت، فالشاى هنا فى الصين أسلوب حياة، هو إحياء لتراث يأبى الصينيون أن يندثر، لذا يتبارى الصينيون فى دعوة ضيوفهم على أمسيات الشاى التى يقيمونها فى منازلهم، أو فى مقاهى الشاى التى تنتشر فى كل مكان فى الصين، وأشهرها مقهى «لاو شه» فى بكين.
تنقسم بيوت الشاى فى الصين إلى أربع مدارس، هى المقهى البكينى، ويشرب الشاى فيه على أنغام الموسيقى والحكى الشعبى، ويعد هذا النوع قبلة للأدباء والمثقفين، أما المقهى الجوانج دونجى، نسبة إلى مقاطعة جوانج دونج، فيتم شرب الشاى فيه أثناء الطعام، وفى هذا المقهى، يدفع الشخص مبلغاً كبيراً للشاى، فى حين يكون هناك بوفيه مجانى فهو مكان للأثرياء، أما المقهى السيتشوانى، نسبة إلى مقاطعة سيتشوان، فيشرب فيه الصينيون الشاى وهم يلعبون الشطرنج الصينى، أما المقهى السوتشوى، فيذهب إليه محبو شرب الشاى وسط المناظر الطبيعية.
فى مقهى «بان تشان مين تشا»، وقفت تان لى توين، تشرح أنواع الشاى الصينى مؤكدة أن هناك المئات من أصناف الشاى الصينى، تختلف فى المذاق، والرائحة، والمنشأ، والألوان، فمنه الأخضر والأبيض والأحمر والأسود، كما تختلف أيضاً بالتأكيد فى السعر، صممت الفتاة الصينية قليلا، ثم أكدت أن هناك 10 أنواع هى الأكثر شهرة فى الصين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.