أعلنت أمس »وثيقة الحوار الوطني« التي انبثقت عن الحوار الوطني المصري في جلساته المنعقدة في مايو الماضي برئاسة الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الاسبق. تناولت الوثيقة التوصيات في 5 محاور رئيسية هي الديمقراطية وحقوق الانسان التنمية البشرية والاجتماعية التنمية المالية والاقتصادية والثقافة وحوار الاديان مصر وعلاقاتها مع الخارج بعد الثورة. وقد تم اجماع توافقي علي عدة مبادئ أساسية لتحقيق الطريق الي الديمقراطية تشمل: سرعة اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية، وتدشين شرعية جديدة تجسد أهداف الثورة من خلال تشريعات وسياسات عامة، واجراء الاصلاحات الدستورية خلال فترة زمنية محددة، واصلاح الخلل في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحد من تغلغل السلطة التنفيذية علي حساب التشريعية لذلك فان مشاركة اعضاء البرلمان المنتخبين في وضع الدستور الجديد يمثل تفعيلا لدور المؤسسة التشريعية تمهيدا للقيام بدورها الاصيل في التشريع والرقابة، تطوير نظم الانتخابات لتعميق مشاركة الناخبين، وتشكيل لجنة عليا للاشراف علي الانتخابات باختلاف مراحلها منذ اعلان الكشوف الانتخابية وحتي اعلان النتائج وتتمتع بصلاحيات قانونية وحيادية سياسية وكفاءة ادارية علي نحو يمكنها من وقف كل صور سرقة الصوت الانتخابي. وقد عرضت الوثيقة المبادئ الحاكمة للتطور الديمقراطي والسياسي في مصر وتعكس ان مصر دولة ديمقراطية، يشارك الشعب في تقرير مصيره من خلال نظام سياسي يقوم علي التعددية الحزبية والانتخابية الحرة والمساواة بين المواطنين ويرعي حقوق الانسان الواردة في المواثيق الدولية.. وأن مصر دولة يحكمها نظام يقترح ان يجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي، تحد فيه سلطات رئيس الجمهورية علي نحو لا يجعله يتحول الي »ديكتاتور مستبد« وان مصر دولة تقوم علي المساواة الكاملة بين مواطنيها، لا تمييز لفئات علي حساب فئات أخري.. وبالتالي يقترح الغاء النسبة المقررة للعمال والفلاحين وكوتة المرأة في البرلمان.. حتي لا تعطي »وضعا تمييزياً« فئات أخري مثل الشباب، وممثلي النقابات والمنظمات المدنية والاتحادات الاهلية.. وإعادة النظر في وضع مجلس الشوري خاصة في ضوء الازدواجية القائمة بينه وبين المجالس القومية المتخصصة.. هناك من يري الغاء الشوري توفيرا للنفقات وفي المقابل تطوير المجالس القومية المتخصصة لتتحول الي جهاز علمي يضم مفكرين وعلماء وخبرات بشرية تفيد القائمين علي عملية التشريع ووضع السياسات العامة.. ومصر دولة مدنية تحكم بالشريعة الاسلامية باعتبار انها المصدر الرئيسي للتشريع، وللمواطنين من غير المسلمين العودة الي شرائعهم ونظمهم الخاصة في الاحوال الشخصية، ونظامهم الديني في ضوء المساواة الكاملة بين المواطنين وان وثيقة الازهر قد تكون بداية لوضع ميثاق وطني توافقت عليها العديد من طوائف المجتمع المصري. دولة القانون واكدت الوثيقة ان مصر دولة تقوم علي حكم القانون، بما يقتضي المساواة بين المواطنين، وكفالة الاستقلال الكامل للسلطة القضائية دون تدخل السلطة التنفيذية. وان مصر دولة عصرية تعتمد علي البحث العلمي وتطبق التكنولوجيا المتقدمة، ويتطلب ذلك الارتقاء بنظم التعليم باختلاف مراحله والقضاء علي الامية الأبجدية والثقافية.. واقترحت الوثيقة اعادة النظر في مجانية التعليم العالي مع الحفاظ علي حق المتميزين من غير القادرين علي مواصلة التعليم وتشجيع القطاعين الاهلي والخاص علي اقامة المعاهد العليا والجامعات التكنولوجية.. وان مصر دولة نظامها الاقتصادي يعتمد علي الجمع بين المقومات الرأسمالية العادلة (اقتصاد السوق والملكية الخاصة والتعاونية) والاشتراكية بما تقدمه من برامج لتحقيق العدل والتكافل والتضامن الاجتماعي.. وان مصر دولة توفر متطلبات مواطنيها في اطار ما يعرف بحد الكفاية وتعمل علي تمكين الفقراء والمهمشين وسكان العشوائيات وقد يكون من الضروري في المرحلة الراهنة اعطاء قضية محاربة الفقر أولوية في كل برامج التنمية المستدامة والتكافل الاجتماعي. عودة السلام وأكدت الوثيقة ان استقرار الامن وعودة السلام الي الشارع المصري يمثل اولوية في قائمة التحديات.. واقترحت تطوير الهيكل الاداري لأجهزة وزارة الداخلية بحيث تنفصل قضية الحراسة والأمن الشرطي عن بعض الاعمال المدنية التي يمكن تكليف جهاز مدني بها ضمن اختصاصاته استخراج جوازات السفر وبطاقات الرقم القومي وتراخيص القيادة. وبالنسبة للعبور الاقتصادي والتنمية البشرية والاجتماعية.. أكدت الوثيقة ضرورة الإفادة من الموقع الاستراتيجي لمصر وخلق مجموعة من المناطق الحرة التي تمثل حلقات الاتصال بين مصر والعالم الخارجي وقد تكون سيناء مركز »الترانزيت« في الشرق الأوسط بين مصر والعالم الخارجي وأن مصر تحتاج الي منظومة تعليمية ومهنية راقية تراعي الخصائص السكانية والجغرافية وتتحول بموجبها هذه القوي البشرية الي طاقة منتجة ويقترح أن توضع خطة قومية ذات برنامج زمني للقضاء علي الأمية الأبجدية وتحتاج المرحلة القادمة الي تشكيل مجلس أعلي للتنمية البشرية يتصدي لكل ما يتعلق بالقوي العاملة والتأهيل والتدريب والتحديث والإفادة من كل الطاقات البشرية. مصر دولة ذات موارد طبيعية علي رأسها الأرض والمياه والبترول والغاز والشمس والرياح والطاقة النووية، كلها مقومات الطاقة التي تحتاجها كل برامج التنمية المستدامة، ويحتاج الأمر الي اعتماد سياسة للإنتاج تحقق أما الاكتفاء الذاتي لبعض المنتجات وعلي الأخص ما يتعلق منها بالاستهلاك الآدمي (القمح والحبوب واللحوم) والملابس أو تطبيق سياسة تعتمد علي إنتاج وطني يحل محل الواردات. وطالبت الوثيقة التركيز علي دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة سواء من ناحية الحوافز أو إتاحة التمويل الميسر أو المنح أو المعونات واستغلال الطاقات العاطلة في الاقتصاد المصري وتوفير الاحتياجات التمويلية أو البشرية أو التكنولوجية . العمل الثقافي وبالنسبة للثقافة والإعلام وحوار الأديان طالبت الوثيقة لوضع استراتيجيات واضحة لمضمون العمل الثقافي والإعلامي والتي يجب ان تتضمنها المواثيق الخاصة بكل قطاع. والاتفاق علي الآليات التي يجب استخدامها لرفع كفاءة الانجاز وقد اتفق الجميع علي ضرورة تشكيل مجالس عليا لكل من هذه القطاعات يكون من اختصاص كل منها وضع الاستراتيجية واقتراح البرامج التنفيذية لما يتم الاتفاق عليه ثم تفعيل دور الرقابة الموضوعية علي الأداء بحيث تعود مصر الي تبوؤ مكانتها في العالم بصفة عامة وفي الوطن العربي بصفة خاصة ووضع البرامج التنويرية في مجالات الاعلام والثقافة والتركيز علي دور منظمات وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني . أوراق العمل ونظرا لما تضمنت أوراق العمل من توصيات تفصيلية يصعب إدراجها في هذا البيان لذلك نري أن وثيقة التوصيات التي تضم كل ما اقترحته مجموعة العمل تعتبر جزءا أساسيا من وثيقة الحوار الوطني التي سوف تصدر ختاما للحوارات التي تمت وقد يكون شعار المرحلة القادمة - »عمل وإنتاج«، »تكافل وتضامن«، »سلوك أخلاقي وحضاري«، »سلام ورفاهة«. وحتي يتحقق الهدف من الحوار الوطني نري أن تكلف الحكومة لجنة مصغرة تجمع بين ممثلي الحكومة والمجتمع المدني وممثلي القيادة العسكرية ومركز العقد الاجتماعي بمجلس الوزراء لوضع برنامج تنفيذي لكل التوصيات التي قدمتها اللجان وما احتوته وثيقة الحوار الوطني علي ان تستمر الأمانة العامة للحوار في وزارة التنمية الإدارية تقديرا للجهد المتميز الذي قاموا به.. والله الموفق