كما قلت في خواطر يوم الاربعاء 71 أغسطس الماضي تحت عنوان »هل تخلي الوفد عن مبادئه« فإنه لم يكن طبيعيا ولا معقولا ان يكون هناك تحالف بين هذا الحزب العريق في حياة مصر السياسية وحزب جماعة الإخوان المسلمين. إن مباديء هذه الجماعة كما نعرفها قامت أساسا علي نشر الدعوة الاسلامية الا انها جنحت الي خلطها مع السياسة تطلعا الي تولي سدة الحكم. تم اللجوء لتحقيق هذا الهدف الي استخدام جانب من الاموال الهائلة التي حققها بعض أعضائها الذين هربوا الي البلاد العربية خاصة السعودية إبان حكم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. وليس خافيا ان التدخل في الشئون السياسية ومحاولة التسلط علي الحكم كان وراء الوقيعة مع النظم الحاكمة. أدي ذلك الي تعرضهم لحملات متتالية من الاعتقال والسجن. واذا ما رجعنا الي تاريخ ما قبل الثورة فقد كان هناك صراع وتنافس شديدين بين حزب الوفد والإخوان المسلمين علي الساحة السياسية وفي الجامعات جوهره التناقض في المباديء والاهداف. استندت شعبية حزب الوفد علي الايمان بالمباديء التي يتبناها. لقد تركزت منذ ايام ثورة 9191 علي الدين لله والوطن للجميع وأنه يجب الفصل لطبيعة مصر التراثية ووسطيتها في تعامله بين الدين والسياسة. من هنا وبعد ان فتحت ثورة 52 يناير ابواب الحرية امام جماعة الاخوان المسلمين التي ظلت محظورة منذ محاولاتهم اغتيال عبدالناصر عام 4591 في ميدان المنشية. وقد انغمست الجماعة في الانشطة السياسية التي اتخذت اشكالا متعددة. في هذا الاطار لجأت الجماعة الي تأسيس حزبها السياسي »الحرية والعدالة« باعتباره ذراعها لتحقيق اهدافها وتطلعاتها السياسية. ولانها تفتقر الي خبرة الممارسة السياسية فقد سعت الي استخدام تسلطها الديني من خلال تنظيماتها السرية والعلنية لاغراء العديد من الاحزاب الاخري حتي التي لا تتوافق مناهجها مع اتجاهاتها من اجل تحقيق المزيد من النفوذ والمكاسب في الانتخابات التشريعية. لقد كان حزب الوفد هو محور جهود الاستقطاب لهذا التحالف والذي وجد فيه رئيسه الدكتور السيد البدوي أملا في الاستفادة الشعبية. الأغرب من هذه الخطوة التي كانت اساسا لتشكيل التحالف الديمقراطي ان يكون من بين اعضائه احزاب ناصرية وليبرالية. من المعروف انها في خصام ايدلوجي مع الجماعة. وبعد بدء عمليات الترشيح واعداد القوائم المشاركة بدأت تتضح الامور وتنكشف لتفضح محاولات من جانب الاخوان المسلمين لاقرارها بالشكل الذي يضمن حصولها علي اكبر عدد من مقاعد الشعب والشوري علي حساب حزب الوفد والاحزاب الاخري. وفي ظل احساس بعملية الخداع الذي وقع فيها الجميع وفي المقدمة حزب الوفد الذي يمثل الرأس الكبير في التحالف فقد كان طبيعيا ان تثور الخلافات والانقسامات. وقد لاقي الفكاك من براثن الاخوان المسلمين ترحيبا كبيرا من رموز الوفد. أدي خروج حزب الوفد من تحالف الاخوان المسلمين الي حالة هرج ومرج وارتباك في مخططاتهم. لقد أرادت الجماعة ان تجعل من حزب الوفد بشعبيته وتاريخه العريق وصيفا مساندا في الانتخابات. ترتب علي ذلك مواجهة الصعوبات في عملية اعداد قوائم حزب »الاخوان المسلمين«. من المؤكد ورغم الهالة الاخوانية المفزعة التي تم الترويج لها علي الساحة السياسية الا ان هناك شعورا بالخوف يسود اوساطهم من موقف الاغلبية الصامتة انهم يخشون حتي فقدان تعاطف قطاعات كثيرة من الشعب اضافة الي وجود احساس لدي الغالبية الشعبية بانهم جندوا كل قواهم بعد أيام الثورة الأولي من اجل خطفها والعمل علي تنحية معظم القوي التي أشعلتها.