اليوم..1283 مرشحًا فرديًا يتنافسون على 142 مقعدًا فى «ماراثون النواب»    ترامب: الإغلاق الحكومى فى الولايات المتحدة يقترب من نهايته    مجلس الشيوخ الأمريكي يتوصل إلى اتفاق لإنهاء الإغلاق الحكومي    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب لوقف إطلاق النار    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    اليوم.. العرض الخاص لفيلم «السلم والثعبان 2» بحضور أبطال العمل    التحول الرقمي.. مساعد وزير الصحة: هدفنا تمكين متخذي القرار عبر بيانات دقيقة وموثوقة    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    بالأسماء.. شيكابالا يكشف 12 لاعبًا يستحقون الاستمرار مع الزمالك    شبورة وأمطار.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم 10 نوفمبر    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    قطع التيار الكهربائي اليوم عن 18 منطقة في كفر الشيخ.. اعرف السبب    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    عاجل نقل الفنان محمد صبحي للعناية المركزة.. التفاصيل هنا    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    الاتحاد الأفريقي يعرب عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في مالي    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    لمواجهة ارتفاع الأسعار.. التموين: طرح زيت طعام 700 مللي ب 46.60 جنيه في 1060مجمعا استهلاكيا    قائمة مقررات الصف الثاني الثانوي أدبي ل امتحانات شهر نوفمبر 2025.. المواعيد كاملة    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    متى ستحصل مصر على الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    رعب في بروكسل بعد رصد طائرات مسيرة تحلق فوق أكبر محطة نووية    "مصر تتسلم 3.5 مليار دولار".. وزير المالية يكشف تفاصيل صفقة "علم الروم"    عمرو أديب عن نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك: «معلق المباراة جابلي هسهس»    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    طارق قنديل: الدوري لن يخرج من الأهلي.. وتوروب يسير بخطى ثابتة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    أمواج تسونامي خفيفة تصل شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    الكشف إصابة أحمد سامي مدافع بيراميدز    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    الصحة ل ستوديو إكسترا: 384 مشروعا لتطوير القطاع الصحي حتى عام 2030    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    عمرو أديب عن العلاقات المصرية السعودية: «أنا عايز حد يقولي إيه المشكلة؟!»    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية ب6 أكتوبر    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    نجل عبد الناصر يرد على ياسر جلال بعد تصريح إنزال قوات صاعقة جزائرية بميدان التحرير    فوائد زيادة العضلات بالجسم بعد الأربعين    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    بث مباشر.. صدام النجوم المصريين: مانشستر سيتي يواجه ليفربول في قمة الدوري الإنجليزي    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المسلمون
لم نعد محظورين.. ولا نستجدي الشرعية من أحد
نشر في آخر ساعة يوم 08 - 02 - 2011

الكتاتنى و المرسى مثلا الإخوان فى حوار القوى الوطنية مع نائب الرئيس فتحت الدولة ذراعيها للإخوان المسلمين، فيما ودعت الجماعة ولأول مرة لقب المحظورة الذي لازمها طيلة ستة عقود ماضية..
الجماعة التي طالما دخلت في صدامات سياسية وأمنية عنيفة مع النظام في السنوات الثلاثين الأخيرة جلس اثنان من أبرز قادتها، الدكتور محمد المرسي والدكتور محمد سعد الكتاتني، علي طاولة المفاوضات مع نائب الرئيس، عمر سليمان، خلال حواره الموسع الذي إجراه مع ممثلي القوي السياسية والحزبية وشهده مقر مجلس الوزراء مؤخراً. ما يؤشر لتحول تاريخي ونقلة نوعية في علاقة الدولة المصرية ومؤسساتها الحاكمة مع كيان مثير للجدل كالإخوان المسلمين اعتاد منذ أن تأسس علي يد الشيخ حسن البنا في عشرينيات القرن الماضي علي مواجهة قبضة السلطة الحديدية عبر العمل السري واحتراف المراوغة وخلط الدين بالسياسة. وبالتالي تبقي جميع السيناريوهات مفتوحة مستقبلاً حول شكل التعامل بين النظام والجماعة، هل سيدخل الطرفان في مرحلة جديدة من الود وحسن النوايا، أم أن الأمر لا يتجاوز مجرد هدنة مؤقتة بينهما سرعان ما ستزول لتتحول لصراع وتضاد، لاسيما في ظل تمسك قادة الجماعة وصقورها بمواقفهم الرجعية الخاصة بالدولة المدنية والمرأة والأقباط ورفع شعار الإسلام هو الحل، وغياب أي احتمال لديهم لإجراء أي مراجعات فكرية علي أدبياتهم في القريب العاجل؟!.
بثقة كبيرة وبنبرة متحدية أعلنها القيادي الإخواني المعروف، الدكتور عصام العريان: "لم نعد محظورين.." هكذا كان رد فعل قادة الجماعة علي مشاركتها في الحوار الوطني الذي يجريه نائب الرئيس مع مختلف القوي والتيارات السياسية في الساحة المصرية.. الإخوان اعتبروا دخولهم مجلس الوزراء بدعوة من الرجل الثاني في النظام بمثابة اعتراف رسمي بوجودهم وتأثيرهم في الشارع، وتدشين لمرحلة جديدة يمكنهم العمل من خلالها دون تقييد أو ملاحقة أمنية أو معنوية والأهم من دون أن يصف أحد نشاط الجماعة بالمحظور أو غير القانوني أو غير الشرعي.
ويعود حظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين قانوناً إلي العام 1954 حيث أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قراراً بحل الجماعة في أعقاب تورطها في محاولة فاشلة لاغتياله (حادث المنشية) في السادس والعشرين من أكتوبر من العام نفسه. وكان هذا هو الحل الثاني لأنشطة الجماعة بعد أن كان قد صدر قرار مشابه في حياة المرشد المؤسس حسن البنا عام 1948 قبل أن يتم إلغاؤه من قبل القضاء الإداري بعد ذلك بثلاث سنوات فقط. إضافة إلي أن التعديلات الدستورية الأخيرة التي تم إقرارها عام 2007 أضافت تقييداً شديداً علي نشاط جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات ذات التوجهات أو المنطلقات الدينية، حينما حظرت المادة الخامسة من الدستور بشكل واضح لا لبس فيه ممارسة أي نشاط حزبي أو سياسي علي أساس ديني.
غير أن الدكتور عصام العريان يرد علي مسألة الحظر القانوني للجماعة بالقول إنه "لم تعد هناك حاجة لأن يستجدي الإخوان الشرعية من أحد".. في إشارة منه لطلب النظام رسمياً الحوار معهم، مثلهم مثل باقي القوي والحركات السياسية المعترف بها، وعليه خرج الإخوان من تحت الأرض لفوقها. فضلاً عن اعتماد الإخوان في ردهم القانوني علي عقبة الحظر علي دفوع المفكر الإسلامي، المحامي الدكتور محمد سليم العوا، الذي يؤكد عدم وجود قرار إداري مكتوب بحل الجماعة عام 1954وأن السلطة التنفيذية عجزت عن إحضار نص هذا القرار عام 1984بعدما صدر حكم محكمة القضاء الإداري بعدم وجود قرار رسمي بحلها، ما ينتفي في رأيه معه الحل. ومن ثم تم إقامة دعوي قضائية أمام مجلس الدولة ضد قرار الحظر، فأحالتها المحكمة إلي هيئة المفوضين، التي لم تصدر قرارها ورأيها إلي الآن. هذا فضلاً عن تمسك الإخوان بأن المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع تمنح المشروعية لأنشطتهم، ناهيك عن تأكيد الدكتور محمد المرسي، المتحدث الإعلامي للجماعة، بأن الإخوان ليسوا دعاة دولة دينية أو أحزاب دينية ولايعرفونها، فمثل هذه الأحزاب – حسب كلامه – تتواجد في أوروبا، أما هم فيريدون دولة مدنية إسلامية، علي حد وصفه !!
وبعيداً علي السجالات القانونية فإن دعوة الإخوان للمشاركة في الحوار الوطني القائم للخروج بالبلاد من الأزمة التي فجرتها ثورة شباب 25 يناير يعني أن الدولة، وفق رؤية الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، قد بدأت في عملية احتواء للجماعة لكنها عملية متأخرة لأكثر من 30 عاماً واضطرتها إليها الثورة.. فطيلة تلك الفترة تعامل النظام بعكس "الكتالوج" المعد للتعاطي مع الحركات الإسلامية، حيث تم الاعتماد فقط الحل الأمني بدلاً من دفع الجماعة نحو العمل السياسي بتحفيزها لتأسيس حزب مدني وفصل عملها الدعوي عنه ومن ثم تجبر علي الالنزام بالدستور والقانون والنظام الجمهوري ويتم دمجها في العملية السياسية بشكل طبيعي، ما أبقي الإخوان طيلة هذه المدة جماعة سياسية ودينية في آن واحد. وعليه فالدولة تبدأ الآن من حيث ما كان ينبغي أن تعمل قبل عقود.
وفي السياق ذاته يؤكد النائب البرلماني والناشط السياسي، جمال أسعد، صاحب التجربة الكبيرة مع الإخوان إبان تحالف الجماعة مع حزب العمل في الثمانينيات، إن ثورة الشباب لم تجعل الحكومة مضطرة للتحاور مع كل القوي السياسية بما فيها الإخوان فحسب، وإنما دفعتها إيضاً لجعل الحوار مع الجماعة في العلن، مجزماً بأن الحوار غير المباشر بين السلطة والإخوان لم ينقطع منذ رحيل الرئيس السادات التي شهدت فترة حكمه حالة من الوئام المؤقت بين الدولة وجماعة حسن البنا، وأن هذا الحوار كانت نقاط الاتفاق والاختلاف تتحدد فيه حسب مصلحة كل طرف. بينما يري القيادي الإخواني مختار نوح (جمد نشاطه في الجماعة خلال الفترة الأخيرة، ويعد أحد أهم رموز التيار الإصلاحي فيها) أن الدولة لجأت للتحاور مع الإخوان بعدما لاحظت تواجدها المكثف في الأيام الأخيرة بين المتظاهرين، ما يعني أن تلك الخطوة جاءت بغرض تهدئة الأجواء، مستبعداً في الوقت ذاته أن يخرج الحوار الرسمي مع الجماعة عن إطار الأمور المتعلقة بالإصلاحات العامة وتداول السلطة وحقوق الإنسان، وأنه لن يتم التطرق أبداً لمشكلة الإخوان وموقفهم من مسألة الدولة الدينية، بل إن الإخوان أنفسهم سيكونون أشد حرصاً علي عدم التطرق لأية مشكلات خاصة بهم حتي لا يتهمهم أحد بنقض الثورة والبرجماتية وما شابه، الأمر الذي أكده الدكتور عصام العريان صراحة بالإشارة إلي أن الإخوان لم ولن يتحدثوا عن مطالب خاصة بهم أثناء الحوار مع نائب الرئيس بما في ذلك الحزب السياسي الخاص بهم: "سننحاز فقط لمطالب الشعب المشروعة في حرية تأسيس الأحزاب وتداول السلطة وإنهاء حالة الطوارئ وحرية التعبير وانتخابات حرة ونزيهة بإشراف قضائي".. غير أن النائب البرلماني الإخواني السابق، الدكتور سعد الكتاتني، عضو مكتب الإرشاد، خرج عن هذا السياق نوعاً بالتأكيد أن مطالب الإخوان ستشمل أيضاً الحديث عن النقابات المهنية المعطلة والمحاكمات العسكرية الاستثنائية والملاحقات التي يتعرض لها الطلبة في الجامعات، وجميعها أمور يضار منها الإخوان بشكل أساسي.
ولم يحسم الإخوان رسمياً مسألة اغتنام فرصة اليد الممدومة من قبل الدولة تجاههم، فرهنوا استمرارهم في الحوار حتي النهاية باستبيان جديته وتكافئه، وفي الوقت ذاته أعلن الدكتور محمد المرسي أن مشاركة الجماعة في الحوار جاءت لجس نبض النظام فيما يخص مدي إصراره علي تنفيذ ما وعد به وما تطلبه القوي السياسية والثوار من إصلاحات، لافتاً في الوقت ذاته إلي أن الجماعة تتمسك بمطالب ما أسماه بالجمعية العمومية للشعب المنعقدة في ميدان التحرير برحيل الرئيس..
هذا الغموض في موقف الجماعة يبرره النائب البرلماني، جمال أسعد، بشيوع مناخ من سوء النية وعدم الثقة والتعاون الحذر بين الإخوان والدولة. مضيفاً بأن السياسة البرجماتية النفعية التي تنتهجها الإخوان منذ نشأتها عام 1928 تجعلهم يناورون دوماً بالكر والفر لتحقيق مصالح ذاتية، معتبراً أن ثورة 25 يناير ظرف تاريخي للإخوان لن يتركوه دون أن يستفيدوا منه أياً كانت المعوقات والخلافات الداخلية فيما بينهم.
ويعتبر الدكتور عمرو الشوبكي أن الإخوان غير مهيئين الآن للحوار مع الدولة، خاصة بعدما لم يسمح لهم بتكوين خبرة أو خوض تجربة في العمل السياسي وبالتالي هم يبدأون من الصفر، وذلك علي عكس الحركات الإسلامية المشابهة في الشرق الأوسط كحزب العدالة والتنمية التركي، فقبل أن يصل إلي ما وصل اليوم إليه تطور فكره وتحرك قادته في عدد من الكيانات السياسية ساهمت في نضج تجربته. وعلي المنوال ذاته يعتقد مختار نوح –كمراقب للأحداث وقارئ لها- أن حوار الدولة مع الجماعة لن يستمر طويلاً، علي اعتبار أن الإخوان غير مستعدين لمثل هذه المواقف، معتبراً أن مركزية الإدارة داخل الإخوان تعيق الاستفادة من الحوار، فالجماعة مثلما هو الحال في الكيانات الكبري كانت في حاجة لمركز استشاري مفتوح ولجان متخصصة في التفاوض ولا مانع من الاستعانة بغير الإخوان أيضاً، علي أن يناط بكل هذا التحضير لاتخاذ مثل هذه الخطوات الاستراتيجية الكبري، فمن بحث خوض الإخوان مثلاً الانتخابات البرلمانية هم أيضاً –والكلام لايزال لنوح – من يبحثون تأسيس حزب، ومن يدخلون أيضاً في التفاوض والحوار مع النظام: "قرار خطير كالتفاوض مع الحكومة يحتم وجود أشخاص في الجماعة علي معرفة بعلم التفاوض وأسرار التفاوض وأبعاده، لكن الجماعة لا تبحث عن هؤلاء الأشخاص".. أضف إلي ذلك أن الحوار نفسه الذي يقوده نائب الرئيس، عمر سليمان، وهو شخص شديد الذكاء يجيد فنون التفاوض، هو أقرب لجلسات لفرض الواقع، فمطالب الأحزاب والإخوان والقوي السياسية تعرض لكن أكثرها يرفض.
من جانبه يجزم عضو مجلس شوري جماعة الإخوان المسلمين السابق، الدكتور عبدالستار المليجي، بأن الإخوان رفضوا الاستمرار في الحوار بالفعل، وأنهم في طور الإعلان عن ذلك خلال الساعات القليلة القادمة، مؤكداً أن وفد الإخوان ذهب للقاء نائب الرئيس لجمع المعلومات وتقدير الموقف قبل عرضه علي القيادات، وأن أسماءً بارزة في مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة ومن خارجهما (رفض تسميتهم، وإن أشار إلي وجود الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح علي رأس هذه الأسماء) تتزعم موقف عدم الاستمرار علي طاولة مفاوضات واحدة مع الدولة، وإنما البقاء خلف الصورة ومع مطالب المتظاهرين في ميدان التحرير.
وسواء استمر الإخوان في الحوار مع نائب الرئيس أو قاطعوه قريباً مثلما توحي الأجواء، فإنه لا شك في أنهم قد حققوا عدة مكاسب ستنعكس بالفعل علي مستقبلهم في الساحة السياسية المصرية، وأهمها كما يشير النائب جمال أسعد الاعتراف الرسمي بهم والجلوس مع النظام وبالتالي نزول الشارع والتظاهرات وربما السيطرة عليهم بشكل رسمي، ناهيك عن الاستفادة من تهيئة المناخ الدافع نحو وضع قواعد مرنة للديمقراطية ولتداول السلطة والترشح للرئاسة في المنافسة علي أكبر منصب قيادي في البلاد بعد سنوات أو علي أقل تقدير تأسيس حزب سياسي، وكذلك ومع تصحيح عضوية البرلمان والنظر في الطعون الكثيرة المقدمة في حق أعضائه بدعوي التزوير قد تعود الكثير من الوجوه الإخوانية للساحة النيابية مرة أخري، وهو ما أكده بحزم أيضاً عضو مكتب الإرشاد، والنائب البرلماني السابق، المهندس سعد الحسيني قائلاً: "الإخوان عائدون لمجلس الشعب، لا نشك في ذلك"..
كما يعتبر القيادي الإخواني مختار نوح أن الرهان الأهم للإخوان للاستفادة من الأزمة التي تمر بها مصر حالياً لابد أن يتركز علي نيل المشروعية وتوديع حالة الحظر عبر حزب أو جمعية أو جماعة أو رابطة، لكن الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، يري أنه من الأحري ألا تمنح الدولة حزباً سياسياً للإخوان بتركيبتهم الحالية، ومبرره أن مصر تتشكل بصورة جديدة وأن الجماعة تضم تيارا سياسيا قويا يمكنه الاستفادة من الثورة وهو الشباب، وذلك علي العكس من القيادات التي تتمسك بالقديم، ومن ثم فهو يراهن علي أن كثيراً من شباب الإخوان سيغادرون الجماعة مستقبلاً وأنهم الأولي بتأسيس الحزب.
وفي الوقت الذي يري فيه عضو مكتب إرشاد الإخوان، المهندس سعد الحسيني، أن الإخوان هم أكثر الكيانات السياسية التي لها "نيولوك" دائم مع الاحتفاظ بثوابتهم الخاصة بطبيعة الفكرة الإسلامية الشاملة، فلا يبدو أن هناك نية داخل مكتب الإرشاد لعمل مراجعات فكرية لأدبيات الجماعة المقلقة للشارع والنخب السياسية والمثقفة، حيث أكد الدكتور محمد المرسي، أن رأي الإخوان الرافض للولاية الكبري (تولي الرئاسة) للمرأة والأقباط "نهائي ولا رجعة فيه كما ورد في برنامج الحزب".. وزاد عليه الكتاتني بأنه لا تغيير أو تخلي عن شعار الإسلام هو الحل بدعوي اتساقه مع المادة الثانية من الدستور، موضحاً بحسم أن الإخوان لا يقبلون أن يكون النظام في مصر علماني كما هو الحال في تركيا التي قبل فيها حزب العدالة والتنمية صاحب الجذور الإخوانية الخالصة ذلك الوضع وأيضاً بدعوي أن الدستور يتخذ من الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع وغالبية الشعب المصري تريد ذلك وترفض النظام العلماني، معتبراً أن موقف الإخوان من أية قضية لا يعني أنهم يفرضونه بالقوة أو علي أحد وإنما هو في إطار حرية الرأي، وأن الحديث عن تخوف البعض من آراء الإخوان في عدد من الموضوعات هو نوع من الحرب السياسية التي كانت تتصاعد كلما اقتربت الانتخابات أو ما شابه.
لكن القيادي الإخواني الإصلاحي مختار نوح يري في إصرار الجماعة علي عدم مراجعة أفكارها خطأ كبير، لافتاً إلي أنه "مثلما حدثت ثورة في الدولة سيكون هناك ثورات في الأحزاب والجماعات وحتي في الجمعيات الخيرية ، ولم يعد يقبل أحد التعامل بمفهوم الدولة المتأخرة، وبالتالي إذا ما انفتح المجتمع أمام كل التيارات ستظهر مدارس إسلامية كثيرة تنافس الإخوان إذا أصروا علي البقاء علي حالهم وهو ما لا أتمناه شخصياً".. "جماعة الإخوان وبعد أن شاركت في المظاهرات بقوة عليها أن تقدم نفسها لهذا المجتمع المفتوح ليس بالشعارات وإنما عن طريق التطبيق العملي، بمعني أنه لم يعد هناك مجال لكلمة شأن داخلي أو أن هذا الأمر يخصني وحدي، لأنك حين تقدم نفسك للجماهير فقد أصبحت ملكاً لها ومن حقها أن تراقبك وأن تنتقدك وأن تعزلك أو تقبلك".. قبل أن يؤكد علي ضرورة أن يودع الإخوان السرية والمراوغة وما شابه وإلا تجاوزهم المجتمع: "فمن لم يركب القطار فاته".. وعلي هذا النحو يري النائب البرلماني، جمال أسعد، أن الإخوان أيديولوجيين، ولن يتخلوا عن آرائهم وأفكارهم إلا إذا كان الأمر في إطار تكتيك معين، خاصة أن هدفهم الذي لا يحيدون عنه "وبدون لف أو دوران" يتركز في إقامة الدولة الإسلامية. وزاد: "كما أن الإخوان الآن لن يتخلوا عن أفكارهم الرجعية أو شعاراتهم الطائفية بعدما شعروا أنهم أصبحوا في مركز قوة وأخذوا الشرعية من النظام وباتوا يجلسون مع نائب الرئيس".. بينما أكد عضو مجلس شوري الإخوان السابق، الدكتور عبدالستار المليجي، أن عدم مراجعة الإخوان لأفكارهم "سيكبدهم خسائر كثيرة" واصفاً ذلك الإصرار الإخواني ب"الكبر".. لكنه عاد ليقول: "عملياً هم تقريباً قبلوا بكل الأفكار الإصلاحية المطروحة علي الساحة واندماجهم في ميدان التحرير مع كل القوي والكيانات الموجودة من ليبراليين ويسار وأحزاب وأقباط وغيرهم هي في حد ذاتها مراجعات ولكن مراجعات اضطرتهم إليها الأحداث"..
وعلي ما يبدو أن الإخوان ورغم الفرصة التاريخية التي تنتظرهم عبر الحوار مع الدولة، علي حد وصف نائب الرئيس، لم يتخلصوا بعد من تراث التردد والمناورة لتحقيق أكبر المكاسب أو علي الأقل اختيار التوجهات والوصول لقرارات، وفي هذا الشأن كانت موافقة الجماعة علي الحوار مع الدولة متدرجة بحسب مجموعة بيانات متتابعة للمرشد الدكتور محمد بديع، بدأت بالرفض، ثم الموافقة المشروطة بتحقق التكافؤ والجدية، وأخيراً الموافقة بدعوي "توصيل مطالب الشعب مباشرة للمسئولين الجدد، واختبار جديتهم في الاستجابة لها".. غير أن الملاحظ أن الإخوان لم يذهبوا للحوار إلا بعد تأكد الجميع من سيطرتهم، ولو مؤقتاً علي التنظيم والأمن في مظاهرات واعتصامات التحرير وبالتحديد في الفترة من يوم الأربعاء 2 فبراير إلي يوم جمعة الرحيل في الرابع من الشهر نفسه. فقد منحهم البلطجية ومروعو المتظاهرين ورقة مناورة وضغط خطيرة للغاية قبل الدخول في الحوار مع نائب الرئيس، حيث تمكن شباب الإخوان ونظراؤهم من الإسلاميين من صد الاعتداءات بشراسة وفرض سيطرتهم التامة علي ميدان التحرير، ما منحهم ببساطة شديدة فرصة العمر لاختطاف الثورة ميدانياً وتوجيهها في أمور الأمن والحماية حسب إرادتهم أو إن تحرينا الدقة وفق أهداف الجماعة وانتهازية صقورها. وبالتالي كان طبيعياً حين يعود شباب الثورة الأصلي إلي ميدان التحرير تعاطفاً مع زملائهم المعتدي عليهم أو بعدما اهتزت ثقتهم مجدداً في إمكانية تحقيق مطالبهم أن يجدوا الاعتصام قد اكتسي بصبغة إسلامية نوعاً ما، وأن عبارات التحفيز والتشجيع من شاكلة "مش هانمشي .. هوه يمشي" والتي كانوا يرفعونها منذ اللحظات الأولي للثورة قد زاحمتها عبارات تدغدغ المشاعر حولت الثورة السياسية لحرب دينية مثل "اصبروا وتجلدوا ضد الطغيان".. "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".. "رحيل رأس النظام أو الاستشهاد".. "إن ينصركم الله فلا غالب لكم".. الأمر الذي جسد معاني أخري للثورة من منظور إخواني بدت كشمس أغسطس الحارقة للجميع.
كذلك وبعد اللقاء مع نائب الرئيس رفضت الجماعة التسليم بما جاء فيه بشكل قطعي وظلت تعلق مواصلته بما أسماه الدكتور سعد الكتاتني وجود ضمانات لتحقيق مطالب انتفاضة 25 يناير، وكذلك وحسب آراء الكثير من المراقبين للشأن الإخواني بتحقيق مكاسب تفوق حصولها علي الشرعية بعد سنوات طويلة من الحظر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.