عندما كان المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري يتحدث مع الإعلاميين في جولته القاهرية ضمن احتفالات أكتوبر. وقال إن سيناء مؤمنه مائة في المائة. أضاف أحد الحاضرين ولعله كان إعلامياً أن حالة سيناء مطمئنة. فما كان من المشير إلا أن عاد لوصف مائة بالمائة باعتباره أكثر دقة من مجرد الاطمئنان. هذه الواقعة طمأنت الروح لأن سيناء رمز لاستقلال الوطن والعدو الصهيوني يدرك هذا. لذلك وقبل احتفالات المصريين بالنصر قال مسئول أمني إسرائيلي إنهم يخططون لإعادة احتلال سيناء. ولولا أن سفير مصر لدي رام الله التقط الكلام الخطير وأبرزه وصدره لنا لكان قد مر علينا. كلام المشير عن المائة بالمائة في تأمين سيناء يطمئن. ولكن المقلق حقاً وفعلاً ما نراه في أرض الواقع فيما يخص مسألة الاستقلال الوطني. وسأتوقف أمام ثلاثة وقائع. الأولي عندما قالت السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون إن العسكريين الذين يحكمون مصر مؤقتاً لا يعلمون متي ستسلم مقاليد الدولة لحكومة مدنية. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن السفيرة باترسون قدمت تقريراً علي غير المعتاد بشأن الضبابية التي تحيط بمسار الديمقراطية التي انتهجتها البلاد بعد الثورة التي أطاحت بحكم مبارك قبل ثمانية أشهر وأشارت إلي تأكيد باترسون أثناء مؤتمر صحفي عقد مع وزير الدفاع الأمريكي. ليون باتيتا، بعدما قابل القادة العسكريين أن المسئولين الأمريكيين لا يعلمون ما إذا كان المجلس العسكري سيسلم مقاليلد السلطة في مارس المقبل. وقالت: لا أعتقد بكل صراحة أن المجلس يعرف أو أي أحد آخر يعرف مستقبل البلاد بدقة. وسؤالي: ألا يشكل موقف السفيرة تدخلاً في شئون مصر؟ ألم يكن هذا الموقف يستحق إيضاحاً مصرياً برفض التدخل في شئون بلادنا؟. وليت التدخل يقف عند حدود الحكم. ولكن ها هي جماعة الإخوان المسلمين تعترف علناً بإجراء اتصالات مع الأمريكان. فقد قالت قيادات في حزب الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) إن قيادياً في الحزب التقي مساء الاثنين الماضي مسئولين أمريكيين. وذلك عقب يوم واحد من تصريحات نسبت لدبلوماسي أمريكي بثتها "رويترز" عن اتصال الإدارة الأمريكية بقيادات الحزب وهو ما نفاه حينها الدكتور عصام العريان النائب الأول لرئيس الحزب. قال الدكتور سعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة لجريدة الشرق الأوسط إنه استقبل بريم كومار، مدير قسم مصر في الأمن القومي الأمريكي، وإيمي ثيا كاترين، سكرتير أول السفارة الأمريكية في القاهرة في مقر الحزب. وأكد أن اللقاء اتسم بالطابع البروتوكولي وجاء في إطار استطلاع وجهة نظرنا بشأن التحول الديمقراطي في مصر. لقد عبروا عن احترامهم لإرادة الشعب المصري، لكن علي أي حال هناك فارق كبير بين الأقوال والأفعال. واتصالات جماعة الإخوان أو حزبها السياسي برجال الأمن القومي الأمريكاني مرفوض شكلاً وموضوعاً. تبقي قصة الجاسوس الإسرائيلي وملابساتها وسنصدق النفي المصري وسنرفض ما يقوله الصهاينة. ولكن مصدراً قضائياً مهماً قال لي إنه بدون صدور حكم القضاء في هذا الموضوع. فإن الكلام حول الإفراج عنه وتسليمه يعد إهانة لفكرة الاستقلال الوطني المصري. فالجاسوس الإسرائيلي يحقق معه الآن بمعرفة النيابة ولم تتم إحالته للقضاء. ولا بد أن يأخذ الموضوع مجراه حتي صدور الحكم. الصحافة العربية حملت تصريحات لرموز من المعارضة المصرية تتحدث عن مبادلة الجاسوس الإسرائيلي بعدد من مساجين مصر في السجون الإسرائيلية. قال عبد الله السناوي لجريدة الجريدة الكويتية إنه يتمني استبدال الجاسوس الإسرائيلي بعدد من مساجين مصر في سجون إسرائيل. وقال ناجح إبراهيم لنفس الصحيفة إنه يتمني استبدال الجاسوس الإسرائيلي بعمر عبد الرحمن الموجود في سجون أمريكا. أكثر من هذا فإن اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني قد نفي ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بأن السبب وراء فشل صفقة الجاسوس إيلان تشايم جرابيل يعود إلي رفض المجلس العسكري طلب تل أبيب الإفراج عن عودة الطرابين المسجون لدي مصر منذ سنوات بتهمة التجسس لصالح الدولة العبرية. وقال سيف اليزل في تصريحات لجريدة اليوم السابع إن الصفقة لم تفشل وأن المفاوضات ما زالت جارية لاستكمال الصفقة ولكنها تأخذ وقتاً طويلاً في المباحثات خاصة أن هناك 78 مسجوناً مصرياً لدي إسرائيل. بعض هؤلاء المسجونين حكم عليهم في قضايا غير شخصية. بمعني ألا تكون ضمن القائمة أسماء محكوم عليها في قضايا مخدرات أو قتل أو قضايا أحوال شخصية. فهي قضايا لا يطرحها المفاوض المصري مع الطرف الإسرائيلي. وأوضح سيف اليزل أن القائمة المطلوب الإفراج عنها تضم الأطفال الثلاثة المقبوض عليهم بتهمة التسلل عبر الحدود المصرية الإسرائيلية. والمقدمين للمحاكمة في بئر سبع. وحول ادعاءات العدو بأن مصر تطلب مساعدات اقتصادية مقابل إتمام الصفقة. أكد اليزل أن هذا الادعاء ليس له أساس من الصحة. وبالرغم من ذلك فإن هناك طلبات تتصف بطابع السرية خاصة المتعلقة بالأمور العسكرية التي لا يتم الكشف عنها لتغليب المصلحة العليا للبلاد. ألم يعلم سامح سيف اليزل أن صحافة العدو وصفت مصر بأنها قد تكون أسوأ من قراصنة الصومال إن تم الإفراج عن الجاسوس مقابل مطالب مادية؟ إن مجرد الكلام عن الجاسوس والإفراج عنه قبل صدور حكم قضائي في موضوعه يمس اسم مصر وكرامة مصر وسمعة مصر واستقلال مصر.