ثمة تجارة عالمية لقطع الغيار البشرية، تكاد تنافس انواعا اخري من التجارة المحرمة كالمخدرات والسلاح والرقيق الابيض.. حجم هذه التجارة يقدر بالمليارات، وهناك شبكات كاملة عابرة للقارات لها قوانينها التي تنتهك كل الحقوق والاعتبارات، تساند تلك المافيات الدولية عصابات محلية واقليمية، مما يعني ان الظاهرة تتسع رغم كل محاولات مكافحتها او حصارها!. الواقع ان إتساع حجم الطلب يؤدي لإقدام مافيات وعصابات الاتجار في قطع الغيار البشرية علي إرتكاب جرائم خطف وقتل بشعة، تفشل معها الجهات العدلية من شرطة وقضاء في الحد من تفاقم الظاهرة. بالمقابل، فإن العلم والعلماء لا يكفون علي السعي لإيجاد البديل الذي يقدم للمرضي فرصة للشفاء الناجع، دون أن يكون ذلك علي حساب أبرياء تتحول أجسادهم في العديد من المراكز الي قطع غيار جاهزة »حسب الطلب«!. سنوات قليلة وتبور تجارة الأعضاء البشرية، ليحل محلها ما تسعي العديد من المختبرات لإنجازه بعد اكتشاف العديد من طرق »نمو« الأعضاء البشرية عبر تصنيعها، وفق آلية تعتمد علي تصنيع العضو المطلوب باستخدام خلايا ميتة من عضو متبرع، وإعادة زرعها مع خلايا حية، تلك إحدي الطرق لتوفير قطع غيار بشرية ضمن ما يربو علي عشرين طريقة تبعد شبح التجارة غير المشروعة في الأعضاء. وبالفعل فان مرحلة التجارب قد بدأت، إذ توصل أكثر من فريق علمي إلي تصنيع مثانة، وقصبة هوائية، ومجري بول، تمت زراعتها في مرضي، وبانتظار ما تسفر عنه التجارب من نتائج ليس هذا فحسب، ولكن هناك ايضا تجربة اسفرت عن تصنيع كبد بشري مصغر باستخدام كبد فأر، واخري تخصصت في تصنيع قلب بشري يخفق و.. و... وتطلعات العلماء لا تتوقف عند أي حدود. فللمرة الأولي تثمر جهود فريق علمي فرنسي عن إنتاج دم صناعي، ليشهد تاريخ الطب صفحة رائعة، من خلال حقن الانتاج الجديد من الدم في شرايين احد المرضي، بدلا من عملية نقل الدم التقليدية التي تعتمد علي المتبرعين بدمائهم. ما يبث الطمأنينة ان نتائج التجربة بشرت بأن خلايا الدم الصناعي، قادرة علي الحياة بذات المعدل المعروف لكرات الدم الحمراء البشرية، وان تتعايش بسلام ودون اثارة أي مشاكل في جسم الانسان الذي يستقبلها لتجري في شرايينه. البشرية علي وشك إقتحام عصر جديد من الفتوحات الطبية، والتي فضلا عن كونها تفتح الباب أمام المرضي الذين يحتاجون إلي نقل اعضاء أو ضخ دماء بصورة متكررة أو دائمة، فانها تقضي علي أحد أخطر أنواع التجارة وأحقرها. لكن هل ينتظر العلماء والاطباء مصاعب اخري، ترتبط بمدي توافق إنجازاتهم أو تعارضها مع رؤية رجال الدين أو خبراء القانون، مما يجعل هناك عقبات اخلاقية تحول دون ان تنعم البشرية سريعا بهذه الاختراقات العلمية؟!.