تجارة البشر قديمة، أو بتعبير أدق الإتجار بالبشر، قطعة واحدة أو قطع غيار. ومنذ فجر التاريخ المعروف لدينا والبشر بضاعة رائجة لبعضهم البعض بدءا من تجارة الرقيق لتداول العبيد رجالا ونساء للعمل في القصور والمزارع وتجارة المرتزقة الذين يقاتلون بالأجر، وتجارة الدعارة التي تقوم علي الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال. وأما التجارة الأحدث فهي تجارة قطع الغيار البشرية حيث تفكك بعض العصابات المتخصصة جسد الإنسان إلي قطع غيار، كبد أو كلي، أو رئة أو قلب وينقلونه إلي حيث المشتري في أي مكان حول العالم بعد أن توصل الطب إلي وسائل حديثة لاستئصال تلك الأعضاء ونقلها صالحة لإعادة الاستخدام في جسد اَخر خلال توقيت محدد. وتقول بعض الروايات إن تلك العصابات تلجأ إلي الاحتفاظ بضحاياها أحياء للنقل منهم مباشرة لدي بعض الزبائن المرموقين في حالات لا يمكن نقل الأعضاء فيها مجمدة أو مبردة. وهذه التجارة تجارة البشر بالبشر لا تقتصر علي الدول الغنية أو الفقيرة وإن كان ضحاياها من الفقراء في كل المجتمعات علي السواء، وحتي في المجتمعات ذات القوانين الصارمة، فإن اختراق القوانين يحدث بقوة المال أو النفوذ وفساد الذمم. ولعل عدم كفاءة القوانين في محاربة هذه الظاهرة يدعونا إلي الاعتقاد بأن تحريك الضمائر وحركة المجتمع المدني حول العالم هو من أفضل الوسائل لمقاومة الاتجاهات التي تستغل النساء والأطفال نتيجة الفقر أو تحت إغراء المكاسب الطائلة. السيدة سوزان مبارك مهتمة جدا بهذا الموضوع وحريصة علي المشاركة في كل حلقات النقاش والمؤتمرات التي تدعم حقوق النساء والأطفال وتوصي دائما بتوفير كل الوسائل لحماية النساء والأطفال من الاستغلال بأي صورة من الصور. وحرصت السيدة سوزان مبارك خلال جلسة خاصة في إطار المؤتمر الاقليمي لمناهضة العنف ضد الأطفال، علي التوجيه بضرورة التعاون بين الدول العربية للتعرف علي الحجم الحقيقي لهذه المشكلة والتصدي للإتجار بالنساء والأطفال وممارسة العنف ضدهم بكل صوره وأشكاله. إن حركة المجتمع المدني في هذا الاتجاه التي ترعاها السيدة سوزان مبارك بكل قوة وتركيز هي السبيل الأمثل لإيقاظ الضمائر وتنبيه المجتمع بكل شرائحه للحيلولة دون وقوعه فريسة الاستغلال الأسوأ في تاريخ البشرية، وهو تجارة البشر بالبشر.