استقرار أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري في بداية تعاملات اليوم    لتر الزيت ب 83 جنيها.. قائمة أسعار السلع الأساسية اليوم 29-4-2024    «الضرائب» تؤكد عدم صدور تعليمات بشأن تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية    مدبولي: أي هجوم على رفح سيدفع الفلسطينين للضغط على مصر لعبور الحدود    رضا عبدالعال يكشف مفاجأة بشأن صفقة الزمالك الجديدة    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    خبير: مركز الحوسبة السحابية يحفظ بيانات الدولة وشعبها    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم الإثنين    كلية إعلام بني سويف تنظم ورشة عمل عن الصحافة الاستقصائية    أبو الغيط يدعو أسواق المال العربية لتوطين الذكاء الاصطناعي    الأعاصير تتسبب في مقتل أربعة أشخاص بولاية أوكلاهوما الأمريكية    مدبولي: أكثر من 85% من المساعدات الإنسانية لغزة كانت من مصر    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    رئيس كوريا الجنوبية يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    "عشماوي": الإطار الوطني للمؤهلات يسهم في الاعتراف بخريجي المؤسسات التعليمية    أول رد فعل لاتحاد العاصمة بعد تأهل نهضة بركان لنهائي الكونفدرالية    بفرمان من تشافي.. برشلونة يستقر على أولى صفقاته الصيفية    قبل مشادته مع كلوب.. 5 وقائع مثيرة بطلها محمد صلاح في ليفربول    سبب توقيع الأهلي غرامة مالية على أفشة    «الأرصاد»: منخفض جوي وكتل هوائية أوروبية وراء انخفاض الحرارة اليوم    انطلاق اختبارات المواد غير المضافة للمجموع لصفوف النقل بالقاهرة    مصرع عامل وإصابة آخرين في انهيار جدار بسوهاج    مش عايزة ترجعلي.. التحقيق مع مندوب مبيعات شرع في قتل طليقته في الشيخ زايد    درس الطب وعمل في الفن.. من هو المخرج الراحل عصام الشماع؟    سور الأزبكية في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب    جيش الاحتلال: هاجمنا أهدافا لحزب الله في جبل بلاط ومروحين جنوبي لبنان    أكلة فسيخ وسؤال عن العوضي.. أبرز لقطات برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز في "صاحبة السعادة"    من هي هدى الناظر زوجة مصطفى شعبان؟.. جندي مجهول في حياة عمرو دياب لمدة 11 سنة    لأول مرة.. تدشين سينما المكفوفين في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    وزير الإسكان يتابع مشروعات الخدمات ورفع الكفاءة والتطوير بعدة مدن جديدة    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    ختام فعاليات مبادرة «عيون أطفالنا مستقبلنا» في مدارس الغربية    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    مفاوضات الاستعداد للجوائح العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    سيد معوض عن احتفالات «شلبي وعبد المنعم»: وصلنا لمرحلة أخلاقية صعبة    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    اليوم.. مجلس الشيوخ يستأنف عقد جلسته العامة    أموك: 1.3 مليار جنيه صافي الربح خلال 9 أشهر    تساقط قذائف الاحتلال بكثافة على مخيم البريج وسط قطاع غزة    اتحاد الكرة : عدم أحقية فيتوريا فى الحصول على قيمة عقده كاملا ومن حقه الشرط الجزائى فقط والأمور ستحل ودياً    صحة قنا: خروج 9 مصابين بعد تلقيهم العلاج في واقعة تسرب غاز الكلور    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال نتنياهو؟    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة الاتجار بالبشر ومخاطرها الجسيمة على الشعوب
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 02 - 2008

من التحديات التى تواجه البشرية فى عصرنا الحالى هو جعل الحياة الإنسانية سلعة تتداول بين الناس على مختلف أجناسهم وانتماءاتهم، من خلال تحديد قيمة مالية لحياة الإنسان .. رجل أو امرأة أو طفل، وأن الاتجار بالبشر يرتبط بشكل وثيق بجرائم أخرى مثل الفساد وغسيل الأموال .
والاتجار بالبشر لا يتم فقط عبر الدول والقارات وإنما أيضا فى البلد الواحد مثل الهجرة من الريف إلى المدينة وتعرض النساء والرجال على السواء لكل أنواع الاستغلال الجنسى وغير الجنسى والعمل بأجور متدنية أقرب ما تكون إلى القيام بأعمال السخرة وغير ذلك من الأمور .
تعد هذه الجريمة أكبر نشاط غير قانونى فى العالم، وأنها تنشط من عام لآخر لأن المُهربين يرون فيها عملية تقل مخاطرها عن مخاطر تهريب أخرى كالمخدرات والسلاح وخلافه، وأنها أحد أنواع تجارة العبودية المُعاصرة والتى تشكل تهديداً متعدد الأبعاد على جميع الأمم، فبالإضافة إلى المُعاناة الإنسانية التى يسببها انتهاك حقوق الإنسان، فإنها أصبحت أكثر خطورة على الأمور الصحية للإنسان كالإصابة بالأمراض المُعدية .
ومن العوامل المُساهمة فى تنامى هذه الظاهرة هى الفساد الحكومى، فهو يمثل عائقاً رئيسياً فى مُكافحة تلك الجريمة فى عدة دول، ويتراوح نطاق فساد الحكومات الذى يتعلق بالاتجار بالبشر، من كونه يمكن احتوائه، إلى كونه مستفحلاً، ويتعين على الدول التى تواجه مثل هذا الفساد الرسمى، وأن تطور أدواتها لتصبح فاعلة وتمكنها من مُعالجة المشكلة والقضاء على الفساد وتعزيز مكافحة الاتجار بالبشر التى تم تطبيقها فى دول وسط وشرق أوروبا .
لماذا الاتجار بالبشر:
التجارة من هذا النوع هو الأسهل من بين أنواع التجارة الأخرى، والاتجار فى البشر ليس شيئاً جديداً، ولكنه مشكلة تتزايد بشكل سريع.. فهناك العديد من العوامل التى أدت إلى تزايد هذه المشكلة، مثل المكاسب السهلة التى يتم الحصول عليها من استغلال الأفراد والحرمان المتزايد والتهميش للفقراء والتمييز ضد النساء، فضلاً عن القوانين التى تضع قيوداً على الهجرة وعدم توفر المعلومات عن حقائق وأخطار الاتجار فى البشر .
هذا بالإضافة إلى العديد من الأسباب التى تشارك فى تنامى هذه الظاهرة، حيث تتمحور القضية حول اندفاع الشباب لمُمارسة البغاء، والنظر إلى المرأة على أنها مجرد سلعة إغراء ومصدر للمتعة الجنسية فقط، فى ظل غياب النظر إلى المرأة على أنها كيان إنسانى فاعل فى المجتمع، وتأتى الأسباب الرئيسية فى النقاط التالية :
- استغلال المرأة فى مجال الدعاية والإعلان، حيث يتم الترويج للسلع والمنتجات لها غالبا من منطلق إغرائى نسائى .
- تأخر سن الزواج وزيادة المغريات للشاب تجعله أحياناً يقوم بتصريف طاقاته الغريزية الجنسية من خلال البغايا .
- الاغتراب والعمل فى منطقة بعيدة عن مقر السكن الأصلى، حيث التحرر من القيود والعادات المجتمعية .
- التربية الجنسية الخاطئة أيضاً تلعب دوراً فى ذلك فى ظل غياب التثقيف الجنسى فى الجانب التربوى من جانب الأبوين .
- قضية التركيبة السكانية المختلة لها تأثير مباشر فى القضية .
وهناك عوامل أخرى أدت إلى تنامى هذه التجارة تمثلت فى النقاط التالية :
- الرخاء الذى تعيشه دول الشمال بعد الحرب العالمية الثانية .
- التنامى المُضطرد فى الاستهلاك وتطور السياحة .
- القواعد العسكرية المحلية والأجنبية وما أنشئ حولها من أماكن للترفيه عن الجنود .
- الفقر، والصراعات الداخلية، والكوارث الطبيعية.
- الهجرة الاقتصادية.
- العنف الاجتماعى.
- ازدهار الصناعة الجنسية المحلية والعالمية.
- الفساد فى الأجهزة الإدارية والعسكرية والقضائية.
الجهود الدولية :
وفى سياق الجهود الدولية المبذولة لمُكافحة جريمة الاتجار بالبشر كان قد أطلق مكتب الأمم المتحدة لمُكافحة المخدرات والجريمة مُبادرة فى مارس 2007، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، نوقش فيها تحديد أركان الجريمة وأسباب انتشارها ووضع أطر لكيفية التعامل مع هذه الجريمة .
وفى فيينا إستضافت الأمم المتحدة منتدى يُعد الأول لمُكافحة الاتجار بالبشر من 13-15/2/2008، والذى يأتى لتنامى هذه الظاهرة التى باتت الوسيلة الأسرع للثراء والتى يتم من خلالها إجبار الأفراد على العبودية، وأقيم المنتدى بمُشاركة أكثر من ألف مندوب يمثلون 164 دولة والعديد من المنظمات الإقليمية والدولية بالإضافة إلى ممثلى الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية وممثلى الكيانات التجارية والمؤسسات الدولية، وكانت فعاليات منتدى فيينا لمناقشة المستجدات على الساحة الدولية بشأن قضية الاتجار بالبشر .
وعلى هامش المنتدى تم طرح إحصائيات تقديرية للمنظمة الدولية للهجرة، تشير إلى أن حوالى 2.5 مليون شخص، من بينهم نساء وأطفال، لكن معظمهم شباب بين 18 و 24 عاماً يقعون ضحايا للاتجار بالبشر فى أنحاء العالم سنوياً، ويتم الاتجار بهم للعمل بالسخرة، والاستغلال الجنسى، وبتر أعضاء وأجزاء من الجسم، والزواج بالإكراه، وتبنى الأطفال، والتسول، وتجنيدهم للحرب، وعلاوة على ذلك، يُعانى 95% من الضحايا من العنف أو الاعتداء الجنسى، وأن الاتجار بالبشر أصبح ثالث أكبر مورد للمال للمنظمات غير القانونية .
وكان من بين الأهداف الرئيسية للمنتدى بصفة عامة هى التنسيق لكافة الجهود الدولية لمُكافحة هذه الجريمة بالإضافة إلى الأهداف التالية :
- زيادة الوعى تجاه ما يتعرض له حوالى 3 ملايين شخص فى العالم للاتجار سنويا 80 % منهم من النساء والأطفال .
- تيسير التعاون وإقامة الشراكات بين مختلف الأطراف المتخصصة والداعية فى مجال مُكافحة الاتجار بالبشر .
- إعطاء إهتمام خاص لبروتوكول الأمم المتحدة المُتعلق بمنع وقمع ومُعاقبة مرتكبى هذه الجريمة التى باتت تؤرق الضمير العالمى .
- مناقشة مختلف جوانب تلك الظاهرة ومخاطرها، من خلال البحث عن كيفية الحد من إستضعاف ضحاياها وإنقاذ المزيد منهم وتحسين أساليب حمايتهم وتحقيق نجاحات أكبر فى قمع ومعاقبة جرائم الاتجار بالبشر .
- مناقشة عدة محاور رئيسية تتناول العمالة القسرية والاستغلال الجنسى والوقاية المُسبقة وتقليل المخاطر وتوفير الحماية، وتعميق التعاون الدولى فى مكافحة الاتجار بالبشر، ورسم سياسة عالمية واضحة المعالم لتحجيم هذه الجريمة .
- تطوير القوانين والتشريعات الرادعة التى تمكن الجهات المُنفذة من مُناهضة هذه الظاهرة إلى جانب دور وسائل الاعلام فى تطويرها ، وكذلك دور القيادات النسائية فى مكافحة الاتجار بالبشر والتعاون الدولى فى هذا المجال .
- دور البرلمانيين والنساء والقادة والشباب والفن والقطاع الخاص والمجتمعات المدنية فى مكافحة الاتجار بالبشر .
كما أقيمت سلسلة من الندوات حول جرائم الاتجار بالبشر، وتم عرض فيلم وثائقى بإشراف ممثلة هوليود السينمائية " إيما تومبسون " يتضمن مشاهد واقعية من المآسى الإنسانية التى يُعانيها ضحايا جريمة الاتجار بالبشر، وقد ساهم فى إنتاج هذا الفيلم مكتب الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات ومنع الجريمة بالتعاون والتنسيق مع منظمة العمل الدولية، والمنظمة الدولية للهجرة واليونيسيف والمفوضية العُليا للأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، بالإضافة إلى قيام مجموعة الدول العربية المُشاركة فى المنتدى بطرح خطة العمل العربية التى أعدتها اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية وناقشها مجلس الجامعة العربية الذى عقد الاسبوع الماضى على مستوى المندوبين الدائمين، تتضمن ضرورة تعزيز التعاون العربى الدولى لمُكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر التى تعد إنتهاكاً صارخاً لقيم ومبادىء حقوق الإنسان .
وفى آخر تقرير لها، قدرت منظمة العمل الدولية أرباح إستغلال النساء والأطفال جنسياً بحوالى 28 مليار دولار سنوياً، كما قدرت أرباح العمالة الجبرية بحوالى 32 مليار دولار سنوياً، وتؤكد المنظمة أن أغلبية ضحايا الاستغلال التجارى الإجبارى للجنس هم النساء والفتيات .
وتعد ظاهرة الاتجار بالبشر التى تنتشر فى معظم دول العالم، إن لم تكن كلها، نوعاً حديثاً من الرق والعبودية المُعاصرة ورغم عدم توفر أرقام نهائية عن عدد ضحايا الاتجار بالبشر إلا أن هناك على الأقل 27 مليون نسمة فى العالم يتم المُتاجرة بهم كسلع رخيصة ولا تعطى غالبية الدول أرقاما حقيقية أو بيانات نهائية عن جرائم الاتجار بالبشر التى تساهم ظاهرة العولمة وشبكة الانترنت فى تغذيتها على نطاق عالمى أوسع .
كما يعد الفقر والحاجة الماسة والبطالة والعنف والحروب الأهلية من أبرز الأسباب والعوامل التى تدفع إلى الاتجار بالبشر ويتم من خلال هذه الجريمة إجبار الضحية من البالغين على مُمارسات مقاربة للعبودية .
ويستخدم بعض الأطفال كجنود فى الصراعات وغالبية الضحايا يتكتمون ما حدث لهم خجلاً وهرباً مما سيلحق بهم من عار وهو ما يجعل مهمة الكشف عن العصابات الإجرامية التى تمارس هذه الجريمة أكثر صعوبة بالاضافة إلى صعوبة حماية حقوق الضحايا .
وقد أتاحت المُشاركة فى منتدى فيينا الفرصة للاطلاع على الجهود الدولية فى مجال مناهضة الاتجار بالبشر، الذى يُعد عملاً إجرامياً بكل أشكاله وتحدياً عالمياً كبيراً فى القرن الواحد والعشرين ، مما يستلزم وضع تصور شامل وخطة عمل متكاملة تربط الجهود المحلية والعالمية بمُشاركة كافة الدول والمنظمات غير الحكومية
الجهود المصرية لمُكافحة الاتجار بالبشر:
توجد فى مصر 8 قوانين لتجريم التجارة بالبشر، خصوصاً النساء والأطفال، بالإضافة إلى انضمام مصر إلى 15 اتفاقية دولية لمُكافحة هذه الظاهرة، بالإضافة إلى تضافر جهود الدولة بالتنسيق مع كافة المؤسسات الحكومية والأهلية فى مواجهة هذه الظاهرة التى تعترض مشوار التنمية فى مصر .
وفى إطار الجهود المبذولة فى مصر حيال هذه القضية قامت حركة " سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام " بطرح مبادىء أسفرت عن تنظيم حملة عالمية بعنوان [أوقفوا الاتجار بالبشر الآن ] وذلك عام 2006، تدعو إلى القضاء على هذه الجريمة وتبنى سلسلة من المبادىء الأخلاقية التى أطلق عليها إسم مبادىء " أثينا الأخلاقية" والتى أعلنت بناء عليها الشركات وممثلو مجتمع رجال الأعمال إلتزامهم بسياسة عدم التسامح مع عمليات تهريب البشر .
تعريف الاتجار بالبشر وأشكاله:
يُعرف برتوكول الأمم المتحدة الخاص بمنع وحظر ومُعاقبة الأشخاص الذين يتاجرون بالبشر وخاصة النساء والأطفال " الاتجار بالبشر " بأنه تجنيد ونقل وإيواء أو استقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد أو استخدام القوة أو غيرها من أساليب الإكراه والاختطاف والتزوير والخداع وسوء استخدام السلطة أو موقف ضعف أو إعطاء أو استلام دفعات مالية أو خدمات للحصول على موافقة الشخص على أن يسيطر عليه شخص آخر من أجل استغلاله، ويتضمن الاستغلال فى حده الأدنى، استغلال الأشخاص للعمل فى البغاء أو أية أشكال أخرى من الاستغلال الجنسى، أو الإكراه على العمل أو الخدمات .. العبودية .. أو ممارسات مُشابهة للعبودية .. الأشغال الشاقة الإجبارية .. أو إزالة الأعضاء، ويتم الاتجار بالبشر ضمن حدود البلاد أو خارجها وفى نفس القارة أو خارجها .
وهناك صور أخرى للاتجار بالبشر مثل عملية تطويع الأشخاص ونقلهم، من خلال التهديد باستخدام العنف، أو استغلال سلطة منصب مهم، أو باستغلال الظروف الخاصة بالضحايا - على سبيل المثال كما يحدث مع بعض النساء الروسيات أو الأوروبيات الشرقيات أو الفليبينيات - أو بالخدعة، أو بعمليات إكراه أخرى، وذلك لاستغلال هؤلاء البشر جنسياً أو اقتصادياً [ الإجبار على الخدمة – الاسترقاق- الاستعباد - سرقة الأعضاء ]، لمصلحة أشخاص آخرين لديهم القدرة المالية ويريدون شراء الأشخاص أو أعضائهم .
وفى سياق تعدد طرق التأثير تقوم عصابات بإغراء نساء أوروبا الشرقية بالعمل فى ملاهى أوروبا الغربية وحاناتها، ثم تسوقهن إلى شبكات الدعارة المُنظمة، أيضاً تحت تهديد تسليمهن إلى الشرطة باعتبارهن "مهاجرات غير قانونيات"، أو السيطرة عليهن بدفعهن إلى الإدمان على المخدرات، أو إلى سوق أفلام الدعارة (البورنو) وغيرها، وتقوم عصابات أخرى بخطف الأطفال وشرائهم من أهلهم المُعدمين فى بعض مناطق جنوب آسيا وأمريكا الجنوبية، واستخدامهم فى شتى صور الانحراف الجنسى .
ويقسم الاتجار بالبشر إلى نوعين:
الأول : هو الاتجار بالبشر المرتبط باستغلال الضحايا وإجبارهم على مُمارسة البغاء ولا يمكن القضاء عليه، وذلك عبر الاستغلال للسلطة أو الخداع أو القسر .
والثانى : تهريب المُهاجرين الذى يحدث طوعاً عبر تهريب الأشخاص من دولة إلى أخرى .
وقد أخذت هذه التجارة أبعاداً عالمية أخرى، فأسباب توسعها مُتعددة ابتداء من اختلال ميزان توزع الثروات فى العالم لصالح دول العالم المتقدم، مما يؤدى إلى الفقر والبطالة، فى دول الجنوب ودول أوروبا الشرقية وبعض الدول الآسيوية، وانتهاء بترابط منظمات الجريمة العالمية التى تعمل على التنسيق فيما بينها، والتى انتقلت من التجارة المحلية إلى التجارة العالمية، مع استخدام كل الأساليب الجديدة المُمكنة فى العمل، من التكنولوجيات المختلفة والعلوم وتطبيقاتها، إلى الوسائل الإعلامية بأشكالها التى تعمد إلى تصوير الحياة فى الدول المُتقدمة على أنها الجنة مُحققة على الأرض، وإلى غياب التحديات المدنية بما فيها الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العوالم الفقيرة .
عصابات التهريب ومصادرها:
عمليات التهريب تتم عن طريق قيام عصابات نظامية فى بعض البلدان مثل أوكرانيا، وألبانيا، والفلبين، وتايلاند، والمكسيك، ونيجيريا، وغيرها من بُلدان العالم الثالث، ويتزايد معها أعداد النساء الآسيويات العاملات خارج أوطانهن - سواء إقامة نظامية أو غير نظامية - من عام لآخر خاصة وأنها أصبحت أكثر ربحاً من تجارة الأسلحة والمخدرات أيضاً .
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، هناك نحو أربعة ملايين شخص يهربون سنوياً رغماً عنهم، كما تشير بعض الدراسات أن معظم النساء الآسيويات اللواتى يعرضن أنفسهن الآن لمُمارسة الدعارة، قد دخلن السوق بغير إرادتهن، وتقول دراسة أخرى أجريت حول العاملات فى تجارة الجنس أن [ 3% من النساء قد باعهن أصدقاؤهن الرجال - 4% اغتصبن وبعن - 5% اغتصبن من قبل أزواج أمهاتهن ومن ثم بعن - 32% خدعن من قبل أشخاص خارج عائلاتهن ومن ثم بعن - 8% بعن من قبل عائلاتهن لتسديد الديون - 4% يذهبن إلى المُدن لإيجاد عمل ] ، وهناك عدد كبير من الكوريات، والتايلانديات، والبعض الآخر من جنوب شرق آسيا من اللواتى يعملن فى بيوت الدعارة، أو فى المصانع غير المُرخصة، فى لوس أنجلوس أيضاً بأجور متدنية وشروط صحية سيئة.
الاتجار بالبشر فى العالم العربى:
ومن ناحية أخرى تشهد المنطقة العربية فى الآونة الأخيرة أشكالاً متنوعة من عمليات الاتجار بالبشر، خاصة فى ظل عمليات الاحتلال فى بعض الدول، وفى إشارة إلى التعتيم العام على المشاكل التى تعتبر من المحظورات ومنها مشكلة الاتجار بالبشر، وكلها تعتبر من الأسباب التى تؤدى إلى تفاقم المشكلة، ومما يزيد الأمر خطورة هو عدم وجود إحصائيات أو قاعدة بيانات لرصد حجم المشكلة ومداها مما يزيد الانحدار بشكل سريع نحو الكارثة.
ومن أنواع الاتجار بالبشر الزواج، حيث يقوم أثرياء العرب ورجال الأعمال عند السفر إلى بعض البُلدان، فيحتاج الرجل منهم إلى امرأة لتقوم بأعمال التنظيف والطبخ والخدمة الجنسية، فيتزوج الرجل وبعدها يتم الطلاق .. فتظهر هناك العديد من المشاكل كالحمل وما يستتبع ذلك من مسئوليات على الرجل .
ومن أنواع الاتجار بالبشر والذى يأخذ شكل العبودية، وهو نظام " الكفيل " القائم فى دول الخليج، حيث يتحول العامل/العاملة إلى عبد يستجيب فقط لطلبات كفيله، تصادر أوراق العامل المكفول، ويضطر للقبول بكل المطلوب منه، وفى حال عدم رضا الكفيل عن المكفول، يطرد الأخير، وأحياناً كثيرة يُتهم بالسرقة أو خلافه، مما يعرضه للسجن أو للتنازل عن رواتبه ومستحقاته ليتمكن فقط من الخروج من البلاد .
الانعكاسات السلبية للاتجار بالبشر:
- الاتجار بالبشر يؤدي للتفكك الاجتماعى
- الاتجار بالبشر يدعم الجريمة المُنظمة
- الاتجار بالبشر يحرم الدول من القوى البشرية
- الاتجار بالبشر يُتلف الصحة العامة
- الاتجار بالبشر يفسد سلطة الحكومة
- الاتجار بالبشر يفرض تكاليف اقتصادية باهظة
المشاكل الصحية التى يُعانى منها ضحايا الاتجار بالبشر :
- سوء التغذية وما يعقبه من مشاكل صحية أخرى .
- التشوهات التى تحدث من جراء استعمال العنف الجسدى أو من جراء القيام بأشغال شاقة ولساعات طويلة .
- الأمراض النفسية من جراء التعرض للتعذيب والترهيب.
- الأمراض الجنسية بما فيها الإيدز.
- الحمل جراء الاغتصاب أو البغاء، أو انعدام الخصوبة نتيجة لعمليات الإجهاض المتكررة.
- الوقوع تحت طائلة الإدمان بكافة أشكاله، وتعرض الضحايا للقتل .
كيفية التصدى لظاهرة الاتجار بالبشر :
فى ظل تنامى الظاهرة وانتشارها عبر القارات أصبح هناك حاجة مُلحة لتغيير الإجراءات والقوانين لتوفير الرعاية اللازمة للأشخاص المهربين عند اكتشافهم، ولابد من لفت الأنظار على المستوى العالمى لخطورة هذه الظاهرة على مستوى تقدم ورقى الشعوب والمجتمعات، فهناك استراتيجيات فعالة يتعين اتباعها فى مكافحة الاتجار تستهدف ثلاثة جوانب فيها [ جانب العرض - جانب الإتجار- وجانب الطلب ] .
فيما يتعلق بالعرض، يتعين مُعالجة الظروف التى تؤدى إلى انتشار الاتجار بالبشر من خلال برامج تهدف إلى توعية المجتمعات لأخطار الاتجار بالبشر، وتحسين ظروف التعليم ونظام المدارس، وخلق فرص عمل، والترويج للمساواة فى الحقوق، وتثقيف المجتمعات المستهدفة بحقوقها القانونية وخلق فرص حياة أوسع وافضل.
أما فيما يتعلق بتجار البشر، يجب على برامج تطبيق القانون أن تعرف طرق الاتجار بالبشر ومنعها، توضيح المصطلحات القانونية، وتنسيق مسئوليات سلطات تنفيذ القانون، ومواصلة مُحاكمة المتاجرين بالبشر ومن يقدم المُساعدة لهم ويحرضهم .
ومن جانب الطلب يجب التعرف على الذين يستغلون ضحايا الاتجار بالبشر وملاحقتهم وتقديمهم للعدالة، ويجب نشر أسماء الذين يستخدمون عمالة مجبرة أو يستغلون ضحايا الاتجار بالبشر لأغراض جنسية وإلحاق الخزى بهم، والعمل على تنظيم حملات لزيادة الوعى فى البلد المقصود من أجل جعل الاتجار بالبشر صعباً .
هذا بالإضافة إلى ضرورة تنسيق برامج مُكافحة الاتجار بالبشر محلياً وإقليميا ودولياً، لتتمكن الحكومات من خلال جلب انتباه الشعوب إلى المشكلة من زيادة مخصصات مصادر مُكافحة الاتجار بالبشر، وتحسين فهم المشكلة وتعزيز مقدراتها على تطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة هذه التجارة، وضرورة تحسين المعرفة الخاصة بالاتجار بالبشر، وتعزيز جهود شبكة منظمات مكافحة هذه التجارة، وحفز المؤسسات الدينية، والمنظمات غير الحكومية، والمدارس، والجمعيات المحلية على المُساهمة فى مواجهة هذه الظاهرة .
وهناك أيضاً بعض التدابير الهامة لمواجهة هذا الخطر الجسيم يجب مراعاتها وذلك على النحو التالى :
- ضرورة رصد عمليات الاتجار بالبشر وتقييم حجمها.
- تدريب رجال القضاء ومسئولى الهجرة للتعرف على الضحايا وكيفية التعامل معهم .
- المطالبة بعدم سجن إو إيقاف الضحايا أو معاقبتهم على أنهم ضحايا تهريب أو حتى على طبيعة عملهم، مع توفير الرعاية القانونية لهم واسترداد حقوقهم وتسهيل عودتهم إلا بلادهم، بل وتوفير الحماية اللازمة لعدم العودة مرة أخرى .
- ضرورة وجود إرادة سياسية وطنية لتعزيز سُبل مُكافحة الاتجار بالبشر، عبر مكافحة فساد الأجهزة الإدارية والقضائية والعسكرية، وشفافية التعامل فى المصارف والمؤسسات المالية .
- التصديق على الاتفاقات الدولية دون أى تحفظ .
- إنشاء لجنة دولية لمُناهضة الإتجار بالبشر على أن يكون لها صلاحيات واسعة فى المتابعة داخل البلدان المعنية .
- تضافر الجهود الدولية والمحلية فى توفير حملات توعية للحد من الظاهرة، والعمل على نشر ثقافة بديلة تحترم المرأة كإنسان كامل الحقوق، وكذلك تمكين المرأة فى شتى مجالات الحياة .
- العمل على تفعيل التعاون بين مؤسسات الدولة، ووضع خطة عمل وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر من جهة .
- التعاون الإقليمى والدولى من خلال إنشاء قاعدة معلوماتية مشتركة .
- تفعيل دور المجتمع المدنى ومشاركتهم فى وضع خطط عمل واستراتجيات وإقامة دورات تدريبية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.