ما ان بدأ المصريون حياتهم عقب عيد الفطر المبارك واحتفالهم به وزيارتهم للاهل والاقارب وصلة الارحام، وهذا اجمل ما في مصر. شعرت بان الحياة ستكاد تتوقف من جديد، اقتصاديا وسياسيا.. وربما في مناحي اخري من الحياة.. ففي المحلة يتجمع 72 ألف عامل هم اعضاء اسرة شركة مصر للغزل والنسج وهي من قلاع الصناعة في مصر، وتجمعهم لم يكن الا للاتفاق علي الاضراب لتنفيذ عدد من مطالبهم وهي مطالب قديمة وتم التباحث بشأنها كثيرا مع المسئولين عن الشركة وعن الصناعة المصرية. انهم يطالبون بضخ استثمارات جديدة في الشركة وتوفير المواد الخام اللازمة للعمل بها وعلي رأسها القطن.. الي جانب تحديد الحد الادني للاجور ورفع الحوافز. ومن الملاحظ ان كل هذه المطالب لا يمكن ان يقدر علي حلها الا الحكومة.. فأين الحكومة؟.. وهذه المطالب مرفوعة من العاملين منذ ايام الثورة الاولي في نهايات يناير وبدايات فبراير الماضيين. هل خرج وزير او مسئول اعلي منه او اقل ليقول ان الوضع الاقتصادي للدولة الان غير قادر علي تلبية كل هذه المطالب. وانه لا يمكن ان يتحقق في ظل هذا الاقتصاد المنهار نتيجة عدم الانتاج الا نصف هذه المطالب او ثلثها.. وساعتها سنقف جميعا كشعب مصري »ايد واحدة« ضد هؤلاء العمال لنقول لهم: كفي اعتصامات وكفوا عن التظاهر وعودوا للعمل حتي تتحقق الارباح التي بها فقط ستتحقق مطالبكم.. اما وان هذا لم يحدث حتي امس الاول.. فلا تعقيب سوي لك الله يا مصر يا بلد المسئولين الصامتين الذين لا يتعاملون مع الاحداث الا بعد ان تقع الفأس في الرأس. مئات الآلاف من المصريين يسافرون كل عام الي الاراضي المقدسة في رجب وشعبان ورمضان لاداء مناسك العمرة.. وطالبنا قبل ذلك عشرات المرات ان يؤدي الانسان العمرة كل خمس سنوات او اكثر، ولا مبرر للسفر الي السعودية كل عام.. ولكن من يسمع، ومن يعي، ومن يتعظ.. اعتقد لا أحد.. المهم.. سافر مئات الآلاف وعند عودتهم تكررت المأساة القديمة المتجددة سنويا وهي ازمة عودة المعتمرين وافتراشهم للارض في مطارات وموانيء السعودية لايام وليال طويلة بحثا عن وسيلة للسفر الي مصر.. واذا كان حظ معتمر منهم حسنا فانه يسافر ثم يكتشف عقب عودته ان حقائبه وامتعته لم تصل فتبدأ مشكلة اخري هي الحقائب وانتظارها يوميا في المطارات والموانيء المصرية اذا عادت اليها.. اللهم لا اعتراض.. بل سخط ونقمة علي كل مسئول في مصر يتعلق عمله بسفر او عودة المعتمرين، ويمتد السخط والنقمة ليشمل كل اصحاب شركات السياحة والمسئؤلين عن الجمعيات الاهلية التي تنظم رحلات العمرة والحج.. واذا بحث المسئولون هؤلاء جميعا عن سبب الكارثة قالوا الاوزان الزائدة التي يعود بها المعتمرون.. والله.. طيب لماذا اذن لا يصدر قرار من الدولة بجعل العمرة والحج لمرة واحدة كل 5 سنوات ويطبق هذا القرار بصرامة حتي نتجنب عار عدم الاهتمام بالانسان المصري وما يسببه ذلك من فضائح في العالم التي يسافر ويصل الي بعض مطارات دوله في العام الواحد 04 و05 مليون شخص ولم نسمع عن مشكلة واحدة، عن عدم وجود اماكن علي الطائرات او ضياع الحقائب.. وللمرة المليون لو تبرع من يعتمر كل عام بربع تكاليف سفره لقضينا تماما علي مشكلة نقص المدارس والمستشفيات في مصر.. وهذا العبء الاكبر يقع علي عاتق وفي رقاب علماء الاسلام الذين يتحدثون في الفضائيات 02 ساعة كل يوم فيما لا ينفع بلدهم ولا أبناء شعوبهم. عندما يُضرب المدرسون وعمال البريد في قنا والغربية وشمال سيناء دفعة واحدة فلن نقول ان هذا مخطط عدائي بل هو استغلال من هؤلاء المضربين لظروف مصر، وتخبط العمل الحكومي فيها، ونقص مواردها الذي نجم اصلا عن كثرة الاضرابات والاعتصامات وقلة العمل.. المسألة ببساطة: ان من يعمل يربح ومن يربح يعيش مرتاحا. وهذا حال الفرد وحال الدول والامم ايضا.. انها منظومة دنيوية، وسنة كونية غير قابلة للنكران.. او عدم الحدوث.