شخص »ليبرالي« مثل السيناتور الشاب: جون كيندي، لم يكن مرحباً به لدي »الصفوة الحاكمة« داخل الولاياتالمتحدة، وخارجها: مثل الاتحاد السوفيتي والدول الدائرة في فلكه، إلي جانب الدول الغربية الرأسمالية الأوروبية الأمينة والحريصة علي ميراثها، وتراثها، الاستعماري. ويذكر للسيناتورالصغير »كيندي« تصريحاته التي هاجم فيها الحرب التي تشنها فرنسا حليفة الولاياتالمتحدة ضد الشعب الجزائري الذي يطالب بحريته واستقلاله مما أثار غضب الفرنسيين وهاجمته صحفهم هجوماً عنيفاً. اختار الناخبون الأمريكيون عام 1960 »جون كيندي« رئيساً للبلاد علي أمل أن يحقق لهم ما وعدهم به من »انفتاح«، و »أنوار« و »خيال« لحاضر مختلف، ومستقبل أكثر أمناً ورخاء. شكل الرئيس كيندي إدارته الجديدة، وكان قائداَ، وملهماً، لكل أفرادها ما عدا جبهتين اثنتين لم يستطع تطويعهما. الأولي يمثلها:»آلان دالاس« مدير جهاز المخابرات المركزية (CIA) الشقيق النجيب لوزير الخارجية المخضرم »جون فوستر دالاس« الذي كرس الوجه الإمبريالي للولايات المتحدة خلال السنوات الثماني التي أدار فيها السياسة الخارجية الأمريكية أما الجبهة المضادة الثانية فكان يمثلها »جي.إدجار هوفر« مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) الذي شغل هذا المنصب الأمني الخطير منذ عام 1929، وأعطي معظم وقته للإيقاع بالرئيس الجديد الذي يريد أن يكون مستقلاً، ومتحرراً من القبضة الأمنية التقليدية! كراهية الحليفين اللدودين: »دالاس« و »هوفر« للرئيس الجديد كانت متبادلة، ومن قبل إقامته في البيت الأبيض. وازدادت الكراهية بعد أن عين الرئيس شقيقه »روبرت كيندي« في منصب »المدعي العام« للولايات المتحدة، والذي لا يقل عنه: انفتاحاً، ورفضاً للقيود التي سيطر بها: »هوفر« و »دالاس« علي مقاليد السياستين: الداخلية والخارجية للولايات المتحدة! و بوصول »روبرت كيندي« إلي قمة السلطة القضائية في البلاد، لم يعد هدف مديري ال (FBI) وال (CIA) مقصوراً علي إفشال، وإقصاء، والإطاحة بالرئيس الجديد »جون كيندي« وإنما أضافوا إليه تربصهما بشقيقه »روبرت كيندي« وبنفس الترصد والإصرار! فلم يكن خافياً علي »إمبراطور« الأمن الداخلي، ((FBI، و »أسطورة« الأمن الخارجي، (CIA)، أن »جون« و»روبرت« كيندي يخططان لإبعادهما عن منصبيهما إن لم يكن خلال مدة الرئاسة الأولي، فخلال مدتها الثانية.. علي أكثر تقدير. و هكذا.. أصبح الصراع بين الجانبين مسألة »حياة أو موت« بكل ما يعنيه هذا التعبير من معني. وبالفعل.. انتهز الأخوان »جون« و »روبرت« الفشل الذريع الذي نسب إلي ال (CIA) في العملية التي عرفت باسم: »أزمة خليج الخنازير« والشعبية الكاسحة التي اكتسبها الرئيس الأمريكي بعد تصديه لها، ونجاحه في إجبار الاتحاد السوفيتي علي سحب صواريخه النووية من كوبا، وتم الإطاحة بمدير ال »سي. آي. إيه« »آلان دالاس« وتعيين »جون ماكون« مكانه. بهذا »الانتصار« علي »أسطورة« جهاز المخابرات المركزية تمكن »جون كيندي« من إحداث »المصالحة« مع الجهاز بإدارته الجديدة، ولكن سرعان ما أكدت الأحداث أن تلك »المصالحة« كانت ظاهرية فقط، وسرعان ما عادت »ريمة إلي عادتها القديمة والذميمة«! ولم يكن الأمر سهلاً مع »امبراطور« ال (FBI) »جو إدجار هوفر« الذي كان يحتفظ ب »مستمسكات«، و »تسجيلات«، و »شائعات«، تسيء إلي أسرة كيندي بدءاً ب »كيندي الكبير« الذي وصل إلي الولاياتالمتحدة مهاجراً فقيراً من إيرلندا بحثاً عن الحلم الأمريكي الذي أوصله بالفعل إلي تكوين ثروة ضخمة فيما بعد، وعثر »هوفر« من متابعتها علي نقاط ضعف نجح في تجسيمها وتضخيمها في ملفاته الخاصة ضد آل كيندي! وهناك ملفات أخطر عن مغامرات عاطفية للرئيس الأمريكي »جون« وشقيقيه: »روبرت« و»تيد«، ولا تخلو أيضاً من إشارة هنا وشائعة هناك تمس من قريب أو بعيد زوجاتهم وشقيقاتهم.. وعماتهم وخالاتهم.. إن وجدن طبعا. الأخطر من هذا وذاك.. أن »إدجار هوفر« أمر بإعداد ملفات تتضمن ما تم ترويجه آنذاك عن »علاقة قوية« ربطت بين »السيناتور« جون كيندي و عتاة العصابات المنظمة المافيا وأن هؤلاء قاموا بتمويل حملته الانتخابية وساعدوه في الحصول علي أصوات انتخابية ساهمت بشكل جدي في كسبه المعركة، والفوز بالإقامة في البيت الأبيض لمدة ألف يوم.. هي الفترة التي أمضاها رئيساً وقبل اغتياله في »دالاس« في 22نوفمبر1963. بهذه »المستمسكات« كلها وغيرها.. كان »هوفر« قابضاً علي عنق الرئيس الأمريكي، إن صح هذا التعبير. .. وللحديث بقية.