التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    انخفاض ملحوظ بأسعار الدواجن في البحيرة (فيديو)    الفريق أسامة ربيع: قناة السويس جاهزة لاستقبال سفن الحاويات العملاقة    رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات يجتمع بشركات جمع ونقل مخلفات المجازر بالقاهرة    رئيس فنزويلا للشعب الأمريكي: هل تريدون غزة جديدة في أمريكا الجنوبية    تفاصيل اتصال هاتفي بين بدر عبد العاطي وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي    الجيبوتي محمد ديراني حكما لمباراة الزمالك وزيسكو بكأس الكونفدرالية    الموقف الطبي لرباعي الأهلي بعد إصابتهم في المنتخب    طاحونة البودرة وألواح الخشب المفخخة تكشف أخطر حيل تهريب الكبتاجون.. تفاصيل    ضبط قائد تروسيكل يحمل أطفالًا من طلبة المدارس بالجيزة    السجن 6 سنوات وغرامة لمتهم بالاتجار بالمخدرات وحيازة سلاح ناري    تأجيل محاكمة 56 متهمًا بخلية التجمع    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    مهرجان القاهرة يناقش "السينما العربية الصاعدة من المحلية للعالمية"    غياب جماعي مفاجئ.. دراما رمضان 2026 تفقد ألمع نجومها    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    المتحف المصرى بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    توقيع اتفاقيات وتفقد مشروعات وتوسعات جامعية.. الحصاد الأسبوعي لوزارة التعليم العالي    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    قافلة تنموية شاملة من جامعة القاهرة لقرية أم خنان بالحوامدية    الموسيقار هاني مهنا يتعرض لأزمة صحية    المدير التنفيذي للهيئة: التأمين الصحي الشامل يغطي أكثر من 5 ملايين مواطن    سفير فلسطين بالنمسا: هدنة غزة هشة.. وإسرائيل قتلت 260 فلسطينيًا منذ بدء وقف النار    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    مواجهات حاسمة في جدول مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    الأعلى للثقافة: اعتماد الحجز الإلكتروني الحصري للمتحف المصري الكبير بدءًا من 1 ديسمبر    «التخطيط» تطبق التصويت الإلكتروني في انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    انخفاض ملحوظ فى أسعار الطماطم بأسواق الأقصر اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    درجات الحرارة على المدن والعواصم بمحافظات الجمهورية اليوم السبت    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    «رحيل المدفعجي».. وفاة محمد صبري لاعب الزمالك السابق تهز قلوب الجماهير    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لولا حرب اليمن لذهب عبدالناصر لأمريكا
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 31 - 10 - 2009

في حلقات سابقة استعرضنا تجارب واتصالات جون بادو سفير الولايات المتحدة في القاهرة في عهد الرئيس كيندي 1961 إلي 1964 مع القيادة المصرية من الرئيس عبدالناصر إلي علي صبري مدير مكتبه إلي الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية والمشاكل التي اعترضت العلاقات بين البلدين. أشار بادو من قبل إلي التيارات المختلفة في الولايات المتحدة تجاه عبدالناصر ومصر منها من نظر إليه علي أنه شيوعي يخدم أغراض الشيوعية مما يستوجب مقاومته، وآخرون يرون علي العكس أنه خير من يستطيع وقف المد الشيوعي في المنطقة.. وعلق بادو علي مقولة أن بعض المسئولين في الخارجية الأمريكية كانوا يرون في عبدالناصر أنه يمثل المستقبل قائلاً: إنه بالفعل كان هناك من يري ذلك ولكنه عندما التحق بالخارجية قبل تعيينه سفيرا في القاهرة، فإن أصوات ونفوذ هؤلاء كان خافتا بل علي العكس كان يوجد العديدون الذين اعتبروا أن عبدالناصر لا يمثل المستقبل.. وفسر بادو قوله هذا بأنه كان هناك اتجاه آخر في الولايات المتحدة يقول ببساطة أنه لما كانت المصالح الأمريكية تكمن في بترول المنطقة فإن اهتمام واشنطن كان في الدول المحافظة المنتجة له.. لذلك فإن اهتمام واشنطن كان، بالدول المحافظة المنتجة له، ولذلك كانت سياسة الولايات المتحدة أكثر قربا مع دول مثل السعودية منتجة للنفظ وليبيا أثناء عهد الملكية، حيث كانت توجد قاعدة هويلس الأمريكية إلي جانب النفط والمغرب والأردن، إضافة إلي دول أخري.. ولكن هذه النظرية أدت إلي حد إلي أن تكون في مصلحة الروس.
أعتقد أن ما ذكره بادو صحيح، فبالرغم من نواياه الطبيعية تجاه مصر وإعجابه بالرئيس عبدالناصر، إلا أن واضع السياسة في واشنطن كان يتأثر باللوبي النفطي الأمريكي متمثلا في شركات البترول الضخمة العاملة في المنطقة إلي جانب لوبي البنتاجون الذي يركز علي أهمية وجود قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة السعودية- ليبيا- المغرب إضافة بالطبع إلي اللوبي الإسرائيلي الذي كان يحد من نمو العلاقات المصرية الأمريكية مهما كانت نوايا الرئيس كيندي نفسه طيبة في هذا المجال.
لذلك يقول بادو إن الروس استغلوا هذه الأوضاع وصوروا أمريكا في الشرق الأوسط بأنها هي التي تدافع وتدعم الأنظمة القديمة في حين أنهم -أي الروس- هم مدعمو الثوريين، وهو قول صحيح في رأيي لكل متابع لتطورات الأمور في هذه المرحلة خاصة بزوغ حركة عدم الانحياز وتزعم مصر مع آخرين للحركة، والتي اعتبرها الروس أنها في النهاية تصب في مصلحتهم بالرغم أنها تنادي بالحياد بين الغرب والشرق.. ويقول بادو إنه يشارك هؤلاء الذين رأوا أن الأنظمة القديمة التقليدية مصيرها إلي زوال ولكن في نفس الوقت لم تكن قد تبلورت بعد ملامح نظام جديد في المنطقة وهو لم يكن يظن أن الاشتراكية العربية يمكن لها أن تمثل هذا النظام الجديد.. وكان يؤكد -حينئذ- أن علي واشنطن ألا تقصر دعمها للدول ذات الأنظمة التقليدية بل عليها أن تتوسع في علاقاتها مع الدول الجديدة.
وفسر موقف هؤلاء الذين رأوا في عبدالناصر أنه يمثل المستقبل، بالقول إنه حدث بعد انتهاء حرب 1956 مباشرة خرج منها عبدالناصر منتصرا إلي جانب تحقيق الوحدة المصرية السورية، ولكن حدثت اخفاقات فيما بعد حيث انفصلت سوريا من الجمهورية العربية المتحدة قبل شهور قليلة من توليه منصبه في القاهرة.
لا يوافق بادو الرأي القائل بأن سياسة الولايات المتحدة خلال هذه السنوات من عهد إيزنهاور إلي كيندي ثم إلي جونسون الذي خلفه بعد اغتياله كانت تهدف أساسا إلي وقف نفوذ عبدالناصر أكثر من كونها سياسة تهدف إلي تحجيم الدور السوفييتي.. ويضيف أن كيندي لم يسمح بأن تتطور السياسة الأمريكية إلي هذا الوضع، ولكن في عهد جونسون فإن إدارته كانت تسير في هذا الاتجاه، إلا أنه غير واثق لو كان كيندي لم يقتل وظل حيا لما حدث هذا الاتجاه، لأن كيندي من مميزاته أنه كان جريئا وله رؤية واضحة ولكنه عصبي في نفس الوقت.. وقد حدثت بعض الحوادث في القاهرة بعد عودة بادو إلي واشنطن عقب انتهاء فترة عمله منها حرق مكتبة السفارة الأمريكية في القاهرة عام 1964 وإسقاط طائرة شركة ماكون للبترول وخطاب عبدالناصر الشهير اذهبوا واشربوا من البحر فلا شك أن كيندي كان سيتصرف كما فعل جونسون.. انطباع جونسون ووزير الخارجية راسك في ذلك الوقت كان كما يلي: لقد فعلنا كل ما في وسعنا نحو مصر ولكن عبدالناصر لا يستجيب، إذا كان المصريون يريدون علاقات معنا عليهم أن يبدأوا من جانبهم.
وينظر بادو إلي العالم العربي علي أنه عالم متقلب تعتريه تقلبات مفاجئة ولذلك من الصعب الالتزام بخطة محددة تجاهه علي المدي الطويل.. كان يعتقد دائما كما صرح في مناسبات عديدة أن السياسة الأمريكية في المنطقة يتوجب أن تبحث عن المصالح المشتركة، خاصة أن قدرة واشنطن علي التصدي لمشاكل المنطقة قد قلت وفي نفس الوقت (حديثه عام 1969) فإن الروس كانوا يقابلون نفس المشكلة.. ولذلك علي الولايات المتحدة أن تقلل من التزاماتها في المنطقة لكي تتمشي مع مصالحها الفعلية، خاصة أنه كان هناك اتجاه في واشنطن للتوسع دون داع في المنطقة.
عما إذا كانت إدارة كيندي علي مستوي توقعاته كسفير في القاهرة، قال أولاً إن تعيينه بالقاهرة جاء مفاجئا له ولم يكن مهيأ لذلك، ولكنه بصفة عامة فإنه يعتقد أن كيندي كان رجلا صادقا في تصريحاته وحاول أن يقوم ببداية جديدة مع مصر.
في النهاية أبدي بادو أسفه لعدم تمكنه من إقناع عبدالناصر بزيارة واشنطن ومقابلة كيندي، وهو كان يرغب أن تتم هذه الزيارة لسببين الأول هو أنه كانت هناك عدة أمور يتوجب علي عبدالناصر أن يفهمها بوضوح حول السياسة الأمريكية الحقيقية بالنسبة لفلسطين علي عكس ما كان يعتقده عبدالناصر.. فالسياسة الأمريكية لم تكن موالية لإسرائيل إلي هذا الحد الذي يعتقده العرب وليست موالية للعرب كما اعتقد الإسرائيليون.. ويري بادو أنه فعل كسفير كل ما يستطيع ولكن في نهاية المطاف فإن هناك أشياء لا يستطيع أن يفعلها سوي رئيس الولايات المتحدة.. لقد كان يظن أن عبدالناصر في إمكانيته أن يزور البيت الأبيض عصر أحد الأيام ويجلس في جلسة مصارحة مع كيندي ويكون الأخير صريحا معه كما كان في مراسلاته معه.
ومن ناحية أخري، يري بادو أن عبدالناصر لم يكن يعرف كيف يمكن أن يجعل أمريكا تتوافق tick وهي كلمة تعني أن يمتلك المفتاح الذي يمكنه من كسب قلوب وعقول الأمريكيين.. لم يكن يفهم الرأسمالية الأمريكية إذا كان يقارنها برأسمالية يعرفها تقوم علي أساس الخلط بين القطاعين العام والخاص، لذلك فإن زيارته للولايات المتحدة كانت ستتيح له أن يشاهد كيف تعمل أمريكا واقتصادها.. كان بادو يعتقد أنه علي وشك النجاح في إتمام هذه الزيارة لولا حرب اليمن، لأن الزيارة لو كانت قد تمت لم تكن لتؤثر فقط علي علاقات أمريكا بعبدالناصر ولكن علي التطورات الداخلية في مصر نفسها.
في الحلقات الماضية عرفنا رأي السفير بادو في مصر وقياداتها.. ومهما كان رأينا متفقا معه أو ضده، إلا أنه حاول قدر جهده إصلاح هذه العلاقات بين البلدين، خاصة أنه لم يكن غريبا عن مصر إذ خدم لسنوات عديدة كرئيس للجامعة الأمريكية مما مكنه من إقامة علاقات مع العديد من الشخصيات المصرية.. لقد تحدث بإخلاص وأعتقد كصديق محب لمصر وليس كدبلوماسي متعجرف يمثل دولة عظمي في دولة نامية.. في مناسبة قادمة سنتعرض إلي العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من واقع خبرة سفير الولايات المتحدة هناك والورث باربور الذي بدأ عمله في تل أبيب في نفس فترة السفير بادو في القاهرة ولكنه ظل سفيرا لواشنطن في إسرائيل حتي عام 1973، وكان في الواقع سفيرًا لإسرائيل لدي واشنطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.