رغم حدوث ارتفاع في أسعار الألبان بنسبة تتراوح ما بين 5٪ و10٪ بما انعكس علي ارتفاع أسعار منتجات الألبان أيضا، فإن الخبراء يرون أن تلك الزيادة طبيعية ولا تمثل قلقا للأسرة المصرية خاصة في ظل الظروف الاستثنائية والمرحلة الحرجة التي تمر بها مصر، فإن تلك الزيادات تبقي في معدلات ارتفاعها الطبيعي، ولا تنذر بحدوث "أزمة غذاء" في الفترة المقبلة خلال موسم شهر رمضان. أسعار السلع التموينية والغذائية بالمجمعات ومحلات القطاع الخاص أيضا لم تشهد "طفرات جنونية" في أسعارها، بل بقيت عند "الحدود المعقولة".. بينما لجأت العديد من الجمعيات الخيرية إلي إقامة معارض سلع تموينية بأسعار التكلفة للتخفيف عن المواطنين. في البداية يقول سعد عبد الحميد موسي - مشرف المجمع الاستهلاكي بأحمد عرابي بالمهندسين- إن أسعار السلع الأساسية لم تشهد زيادات تذكر في الأسعار، فالزيادة في الألبان ومنتجاتها لا تزيد علي 5٪ فكيلو اللبن زاد 25 قرشا، أما الجبنة البيضاء فسعر الكيلو من 14 إلي 16 جنيها. ويضيف مشرف المجمع أنه بالنسبة للأرز فيتراوح سعر الكيلو بين 425 و475 قرشا، والمكرونة من 150 قرشا حتي جنيهين، والسكر 425 قرشا والدقيق الفاخر 350 قرشا، أما بالنسبة لزيت القلية فيتراوح سعر اللتر ما بين 8 جنيهات و9.25 جنيه، ومن 8 جنيهات حتي 11 جنيها لزيت عباد الشمس، فيما استقرت أسعار الحبوب والبقوليات عند 5 جنيهات لكل من الفاصوليا والفول و7 جنيهات لكيلو العدس. أما عن السمن النباتي فيبدأ من 9 جنيهات حتي 11.50 جنيه للعبوة الكيلو، و22 و24 جنيها للعبوة 2 كيلو. ويشير سعد عبد الحميد إلي أن المجمعات الاستهلاكية لا تزال تلعب دورا مهما في الحفاظ علي توازن الأسعار في السوق ومراعاة البعد الاجتماعي، منوها إلي دور المجمعات في توفير السلع التموينية والغذائية أثناء فترة الثورة. ويشيد بالوعي الاستهلاكي الذي أبداه المواطنون خلال تلك الفترة حيث لم تظهر أية عمليات شراء بكميات ضخمة للتخزين كما أشيع، بل كان كل مستهلك يشتري بالكميات الطبيعية ليفسح المجال لغيره لتأمين احتياجاته من السلع التموينية. علي الجانب الآخر، بدت الأسعار أعلي قليلا في محلات القطاع الخاص، ففي إحدي سلاسل السوبر ماركت الشهيرة بالمعادي، تراوح سعر لتر اللبن من الأنواع المعبأة من 825 قرشا حتي 725 و755 قرشا، حتي وصل إلي 3 جنيهات للعبوة نصف اللتر (450 جراما)! وبلغ كيلو الأرز 6.25 و7 جنيهات للكيلو، وتراوح سعر كيلو السكر ما بين 525 و625 قرشا، في حين يتراوح سعر زيت عباد الشمس بين 11.25 و12.25 جنيه، و10.75 جنيه لزيت القلية، والعدس ب10 جنيهات، بينما سعر المكرونة (350 جراما) 3 جنيهات و4 جنيهات حسب النوع. يقول مدير أحد فروع السوبر ماركت - رفض نشر اسمه- إن الإقبال علي الشراء في معدله الطبيعي، فلم تؤثر الزيادة الطفيفة في الأسعار علي خفض نسب الشراء، كما أنه في الوقت نفسه لم تؤد الأحوال الأمنية غير المستقرة إلي زيادة كميات الشراء، مشيرا إلي أن الزيادة في أسعار الألبان حوالي 5٪ والزيادة في منتجات الألبان حوالي 10٪ أما بقية السلع الغذائية والتموينية فالزيادات فيها متفاوتة. ويضيف أن محلات القطاع الخاص تلجأ لفكرة العروض المجمعة لمجموعة من السلع بأسعار مخفضة لتخفيف العبء عن المستهلكين من جانب، ولتصريف المخزون من تلك السلع من جانب آخر، فهذه العروض المخفضة تعتبر فائدة مشتركة للطرفين. ويختتم بأنه لا يتوقع حدوث أية أزمات في السلع التموينية أو الغذائية خلال الفترة المقبلة قبل موسم شهر رمضان الكريم، فكل السلع متوافرة وبكميات كبيرة، ويري أن الزيادة في الأسعار ستكون خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بسبب زيادة أسعار شحنات الشراء الجديدة. من جهتها، رفعت محلات الألبان سعر كيلو اللبن السائب من 5.30 إلي 6 جنيهات، وارتفع سعر كيلو الجبنة البيضاء من 18 و20 جنيها إلي 24 جنيها، وهو ما يبرره أصحاب المحلات بانخفاض انتاجية المزارع وصعوبات النقل والخوف من الحالة الأمنية غير المستقرة. من ناحية أخري، ساهمت المعارض الخيرية التي أقامتها الجمعيات والمساجد في تخفيف العبء عن المواطنين، من خلال توفير السلع الأساسية والمنتجات التموينية بسعر التكلفة، ويضع منظمو تلك المعارض مجموعة من الضوابط لمنع دخول تجار السوق السوداء للمعرض حيث تفرض حدا أقصي للشراء، ففي بعض المعارض حددت أعلي كمية للشراء ب 5 كيلوجرامات، أو في معارض أخري يكون الحد الأقصي بقيمة شراء لا تتجاوز 100 جنيه، حتي وصلت في معارض أخري بالبيع بصورة البطاقة الشخصية لمنع الشراء أكثر من مرة حتي تصل نسبة الخصم إلي مستحقيها. ومن المناطق التي أقيمت بها هذه المعارض الخيرية؛ عابدين والسيدة زينب وفيصل والهرم وشبرا.. وغيرها. وضع آمن من جانبه، يري الدكتور عبد المطلب عبد الحميد؛ أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الوضع آمن في السوق المصري، ولم يصل إلي حد الأزمة، وكل التخويف والترويع الذي حدث للمواطنين تحت دعوي أن البلد في خطر وأننا علي وشك خطر (المجاعة) كله ذلك (كلام فارغ)، فالسلع متوافرة في الأسواق ولا داعي للقلق إزاء ذلك حتي لو ارتفعت الأسعار قليلا، فهذه الزيادة طبيعية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية وتناقص الإنتاج المحلي. ويوضح د. عبد المطلب أنه نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، فلابد من تبني دعوة لزيادة الوعي الاستهلاكي والبعد عن السلع الكمالية والإسراف، ولتكن البداية من (ياميش رمضان)، باستغلال الوازع الديني عند المصريين وغرس قيمة (العفة) بعدم الشراء والاستهلاك فوق الحاجة. أما الدكتورة زينب عوض الله -رئيس الجمعية القومية لحماية المستهلك- فتري أن السلع متوافرة بكميات كبيرة في الأسواق، وزيادات الأسعار في معدلاتها الطبيعية، وكل من كان يلجأ لتخويف الشعب من الثورة وأن الناس لن تجد طعاما ولا شرابا ولا خبزا كان بدافع الترويع من فلول النظام السابق، أو بدافع الترويج من جانب كبار رجال الأعمال لجذب الناس لشراء كميات ضخمة وتخزينها حتي يتم تصريف الراكد لديهم، لكن الشعب المصري الواعي نجح في تفويت الفرصة علي هؤلاء وأولئك، وقدم صورة حضارية في نمطه الاستهلاكي، كما قدم صورة حضارية في ثورته السلمية، والدليل أن الناس لم تتكالب وتتقاتل علي السلع الغذائية في "عز" اشتعال الثورة والانفلات الأمني.